مسلسل شهادة معاملة أطفال الحلقة الثلاثون .. خطوبة ألحان المهدي وخالد أنور
تاريخ النشر: 29th, March 2025 GMT
شهدت الحلقة الثلاثون والأخيرة من مسلسل “شهادة معاملة أطفال” العديد من الأحداث الطريفة والتى من أبرزها خطوبة إنجي عبد الستار الكف (ألحان المهدي) على وحيد (خالد أنور) .
وفى مشهد اخر، يقرر عبد الستار الكف (محمد هنيدي) ان يزور المحامي سعد الحامي (صبري فواز) ويقرر ان يدافع عنه حتى يحصل على البراءة.
وفى ظهور مميز للفنان صلاح عبدالله الذى جسد شخصية عبد الحليم الجهجهوني يخبر عبد الستار الكف (محمد هنيدي) بأنه تكفل بجميع مصاريف المستشفي خلال فتره دخوله فى الغيبوبة.
القنوات الناقلة لمسلسل شهادة معاملة أطفال
يعرض مسلسل شهادة معاملة أطفال عبر القنوات والمنصات التالية: قناة «cbc» فى تمام الساعة السادسة والنصف مساء والإعادة ١ صباحا، ويعرض ايضا على قناة cbc drama فى تمام الساعة السابعة والنصف مساء والإعادة ٣ صباحا .
وعلى قناة «dmc» ١١ مساء والإعادة ١٠ ونصف صباحا، بجانب عرضه على منصة watch it.
أبطال مسلسل شهادة معاملة أطفال
مسلسل "شهادة معاملة أطفال" من بطولة محمد هنيدي وصبري فواز وسما إبراهيم ومحمود حافظ ونهى عابدين ووليد فواز وعلاء مرسي، من إخراج سامح عبدالعزيز وتأليف محمد سليمان عبدالمالك.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: مسلسل شهادة معاملة أطفال ابطال مسلسل شهادة معاملة أطفال محمد هنيدي المزيد مسلسل شهادة معاملة أطفال
إقرأ أيضاً:
100 عام من مهاتير محمد صاحب نهضة ماليزيا الذي لم يفلت من قسوة التاريخ
وصل الجدل حول شخصيته إلى حد التشكيك في كونه مسلما ومن أصول ملايوية، أي أنه لم يكن ماليزيّا أصليا، رغم أنه أكد مرارا أنه "يفتخر بكونه ملايويا"، وقد قيل إن أباه محمد بن إسكندر كان هندوسيا واعتنق الإسلام ليتمكن من الزواج من وان تمبوان أم مهاتير، وكان هذا الموضوع يثير نقاشا حاميا مع كل درجة يصعدها في سلم القيادة.
كان يمكن للجدل حول الرجل أن يكون مختصرا لو أن مهاتير محمد ترك مسرح السياسة حين غادر منصبه في رئاسة الوزراء أول مرة عام 2003، فقد كان عمره 78 عاما، كان بإمكانه أن يركن إلى حياة هادئة يستمتع بما قدم لبلاده، ويراقب المشهد من بعيد، كما يقول كثيرون.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2هذا هو البابا الفقير الذي تكرهه إسرائيلlist 2 of 2ماذا تعرف عن عصابة "تران دي أراغوا" التي يهاجمها ترامب بشراسة؟end of listلكن الطبيعة البشرية أبت إلا أن تشده مرة أخرى إلى حيث الصخب، فعاد والأضواء ساطعة مسلطة على كل حركة له وسكنة، فظهر بعض ما خفي، وسرى لحن فيه بعض نشاز أفسد شيئا من سيمفونية مبدعة عزفت لعشرات السنين، وكتب نهاية سياسية باهتة لتاريخ صاخب ساطع.
ومع كل هذا الجدل، لا يمكننا إلا القول إن سفينة الرجل وافقتها الرياح، ليُصنع على عين القدر في لحظة فارقة من تاريخ بلاده. ولا ينكر هو ذلك، فقد تحدث طويلا في كتبه عن كيف خدمته الأقدار وصعدت به إلى سدة الحكم، رغم أنه لم ينتم إلى نخبة الملايو، ولم يكن من أبناء سلاطين الولايات، وكان أبوه مدرسا يتقاضى راتبا تقاعديا قدره نحو دولارين.
نحن أمام شخصية متمردة ثائرة بامتياز، رجل يصف نفسه بأنه "صانع مشاكل"، تفرد واستقل وكان بلا سند، ولكنه واصل حتى وصل، وقاد السفينة كربان حاذق وسط أمواج بحر متلاطم.
إعلانقدم رئيس وزراء ماليزيا الأسبق وزعيم نهضتها، كما يعرفه العالم، نموذجا يحتذى به للقائد الذي جمع بين العلم والحكمة والفطنة السياسية، لكن هذه المسيرة لم تخل من الإخفاقات في أحيان كثيرة، كما لم تخل شخصية قائدها من الانتقادات.
اختلفت بشأنه الآراء، خصوصا في ظل حضوره المتواصل لعقود طويلة في المشهد السياسي في ماليزيا وعلى مستوى العالم، وكُتب عن الرجل الكثير، كما أنه تحدث هو نفسه عن تجربته كثيرا، لكن شخصيته تغري الكاتب والقارئ بسبر أغوارها، والبحث عن جوانب خفية منها.
لقد منح مهاتير محمد بعض رفاقه في نهضة بلاده حقهم، وفي المقابل يقول البعض إنه استأثر بالنجاح وبقي في بقعة الضوء ودفع كل من أسهم في نجاح التجربة إلى غياهب الظلمات، بل إنه زج ببعضهم في السجون.
لكنه في حديثه عن دوره في نهضة بلاده، في سيرته الذاتية التي نشرها في كتاب حمل عنوان "طبيب في رئاسة الوزراء"، يقول "سأكون مقصرا إن لم أنسب إلى من سبقوني فضل التقدم الاستثنائي لماليزيا، فهم وضعوا الأساس، وأنا بنيت عليه فحسب، ولولا حكمتهم البالغة وبصيرتهم الواعية، لكانت مهمتي أصعب بكثير".
في سن الرابعة والأربعين، أي عام 1969، طرد مهاتير من المنظمة الوطنية الماليزية المتحدة (أمنو) التي كانت الحزب الحاكم، وكان من الممكن أن تكون هذه نهاية مبكرة لمشواره السياسي.
عاد إلى المنظمة بعد ذلك بسنوات قليلة بدعم شخصي من رئيس الوزراء آنذاك تون الحاج عبد الرزاق بن داتو حسين، ولم يكن سجله الثوري يؤهله لتولي مناصب رفيعة في الحزب الحاكم، لكنها الأقدار التي حملته للمنصب، ولولا أنه ذكر كيف كان ذلك في كتابه عن سيرته، لكان صعبا التصديق به.
يقول مهاتير إن عبد الرزاق حسين كان ينظر له بعين المحبة والرضا، وكأنه توسم في ذلك الشاب شيئا، فمنحه فرصة لتجاوز مراحل سياسية كثيرة ليحصل على منصب وزير بحقيبة مباشرة بعد فوزه في الانتخابات عام 1974.
إعلانيتحدث مهاتير عن الفرص التي سنحت له ليتقدم الصفوف، يشير إلى ظروف ساقها القدر له على طبق من فضة، بين وفاة وسجن ومرض بعض خصومه ومنافسيه، وعجزهم عن خوض جولات الانتخابات المتتالية على كل درجة من درجات سلم القيادة، وحتى تلك المؤهلة لاحقا لمنصب نائب رئيس الوزراء.
ثم كيف مرض رئيس الوزراء نفسه آنذاك تون حسين عون، ليعلن فيما بعد استقالته وترشيح مهاتير ليكون خلفا له في منصب رئاسة الوزراء، وقد كان، حيث فاز بالتزكية.
يقول عن نفسه إن حلم تسلمه منصب وزير أو حتى رئيس الوزراء ظل يراوده منذ صغره، على الرغم من الفقر والحياة الصعبة التي عاشها، لكنه طوّع الظروف فلانت له، واستثمر الفرص فظفر منها بحظ وافر.
في رحلته الطويلة وتجربته المريرة التي خاضها قبل تسلمه منصبه، وبشكل أكيد بعد ذلك، وضع مهاتير لنفسه قاعدة في كيفية تعامله مع صراعاته السياسية، تقوم على تقليل أعداد الخصوم.
يقول مهاتير معلقا على الهجوم الياباني على بيرل هاربر الذي عايشه خلال الحرب العالمية الثانية: "تعلمت من الهجوم الياباني المتهور درسا مصيريا نفعني كثيرا في السنوات اللاحقة عندما دخلت معترك السياسة، إياك أن تضيف إلى معسكر خصومك مزيدا من الأعداء، وإذا وجبت عليك مواجهة عدو آخر، فلا تفعل حتى تفرغ من الأول".
كانت اللحظة التي تحقق له فيها الحلم يوم 16 يوليو/تموز 1981 حين وقف أمام الملك ليؤدي اليمين بوصفه رابع رئيس للوزراء في ماليزيا، ولينتقل الطبيب "من علاج أمراض الماليزيين إلى علاج أمراض بلدهم" كما يقول، ولتبدأ رحلة لم تنته بعد.
وخلال سنوات، انتقل أبناء وبنات المزارعين وصيادي السمك الذين عاشوا على الكفاف إلى العمل على إنتاج أدق التقنيات من صنع أيديهم.
إعلانفي الكتابة عن مهاتير محمد، من الراجح أن يظن الباحث أن خيوط القصة قد اكتملت في حياة الرجل الذي سيكمل في يوليو/تموز القادم عامه المئة، لكن مهاتير محمد ليس رجلًا عاديًّا، فها هي صورته على غلاف كتاب جديد من تأليفه، يحمل عنوانا مثيرا.
رجل على مشارف المئة يؤلف كتابا بعنوان "التقاط الأمل: الكفاح مستمر من أجل ماليزيا جديدة". تقول دار النشر عن الكتاب إن قصته بدأت من تقاعد مهاتير، وهو ما منحه أخيرا بعض الوقت لمتابعة قضايا قريبة من قلبه مثل "محنة الشعب الفلسطيني، وتجريم الحرب"، لكن مشاكل ماليزيا سحبته سريعا إلى دوامة المواطن.
قبل توليه السلطة بنحو 11 عاما، وتحديدًا عام 1970، أصدر مهاتير محمد كتابا بعنوان "معضلة الملايو" انتقد فيه بشدة شعب الملايو، واتهمهم بالكسل والرضا بأن تظل بلادهم دولة زراعية متخلّفة، رغم توفر الإمكانات للتقدم والازدهار.
ويقول في بعض لقاءاته "بعد 23 عاما من وجودي في رئاسة الوزراء، أدركت أن المشكلات الأساسية التي يعاني منها الملايو -والتي أوضحتها في كتابي معضلة الملايو- لا تزال على حالها، وبعضها ليست أقرب إلى الحل الآن منها حين بدأت الحديث عنها".
حين تسلم مهاتير رئاسة الوزراء، كان عليه أن يواجه ملفات معضلة، فبلاده تئن تحت وطأة أوضاع اقتصادية متردية، يعيش فيها نحو 70% من السكان تحت خط الفقر، وتضطرب في موج متلاطم من خلافات العرق واللغة والثقافة والدين، وتعصف بها خلافات الحكم والسياسة.
وكأن الرياح وافت أشرعة الربان فانطلق كالسهم ليحقق أهدافه، حيث كان الشعار "إن تعثرتْ خطوةٌ لحقت بها أخرى تُقيلها".
أدرك مهاتير أن شخصية رئيس الوزراء هي الأقوى في النظام السياسي الماليزي، وقد سعى لتثبيت ذلك، من خلال فرض حضوره في شتى القرارات والمتابعات، حتى في أدق الأمور، من أجل أن يكون ذلك منهج عمل لباقي المسؤولين.
إعلانويشير في مذكراته إلى أنه تعلم ذلك من اليابانيين الذين اهتموا بأدق التفاصيل من أجل الخروج بأفضل النتائج، ويؤكد أن ذلك سيكون مؤثرا بشكل سلبي في سرعة سير العمل، لكن السرعة تأتي مع مزيد من الإتقان.
كما يذكر كيف أنه تدخل في أمور تفصيلية ربما تبدو غير مهمة، لكنه -وهو الأعرف بالشخصية الملايوية- كان يريد أن يمنحهم دروسا في حب المبادرة وتحمل المسؤولية، وقد تدخل مرة في إصلاح أعمدة الإنارة بالعاصمة، بعد أن وجدها مهملة لا تؤدي المأمول منها، كما تدخل في ترتيب بسطات الطعام، بعد أن وجدها تشوه منظر شوارع المدينة.
في المقابل، وحتى لا تطل الثقافة الإقطاعية برأسها، فقد أظهر عدم رضاه عن التملق لرئيس الحكومة وعدم معارضته في قراراته، وحظر إطلاق اسمه على أي من الشوارع والمنشآت الحكومية.
كما كان لقيمتي التسامح والاحترام أهميتهما الخاصة عند مهاتير، ويقول إنه عندما أصبح في المسؤولية لم ينقل أحدا من الموظفين لسوء عمله -كما هو متبع بعالم السياسة- وإنما حملهم على فعل ما يريد من خلال كسب ولائهم.
ويتابع في هذه النقطة قائلا إنه لا مفر من الأخطاء، لذا فإن تغيير الفريق ليس ضمانة بأن الموظفين الجدد سيكونون أفضل، وليس ضمانة لعدم الوقوع في الخطأ مرة أخرى.
هوية ماليزيا الإسلاميةشكّل الإسلام الهوية القومية لشعب الملايو في ماليزيا، وارتبط الإسلام بالدولة الماليزية ارتباطا وثيقا، إذ نصّ دستورها على أن الإسلام هو "دين الدولة، وأن جميع أبناء العرقية الملايوية هم مسلمون".
عرّف الدستور الإنسان الملايوي بأنه "المسلم الذي يتحدث لغة الملايو، ويمارس عاداتهم وتقاليدهم"، وشكل الإسلام الوعاء لثقافة الملايو، وأصبحت ممارسة العبادات والشرائع الإسلامية مثل الصلاة وارتداء الحجاب سلوكا يوميا طبيعيا للغالبية العظمى من مجتمع الملايو.
انطلق مهاتير محمد من هذا المعتقد المتين، ليقول في فصل من مذكراته تحت عنوان "الإسلام والأسلمة" إن "لدينا كل الحق في وصف ماليزيا بأنها دولة إسلامية، وإن الإسلام وأسلمة الإدارة الماليزية لم يكونا محل نزاع من قبل".
إعلانويضيف أنه في الفترة التي تبنت فيها ماليزيا القيم الإسلامية وأعلنت أنها دولة إسلامية، ساد السلام والاستقرار وتطورت البلاد ونمت على نحو لم يسبق له مثيل.
فمع قدومه للحكم عام 1981، سعى مهاتير إلى تقديم نموذج يقوم على أساس تعزيز القيم الإسلامية ودمجها في الحياة العامة، كما سعى إلى توثيق الروابط مع المؤسسات والمنظمات الإسلامية الدولية، التي أقامت عددا من المشاريع التعليمية والاقتصادية الثقافية في ماليزيا.
وخلال فترة حكمه، توسعت الحكومة في إنشاء البنوك والشركات الإسلامية، ونشطت الولايات المختلفة في بناء المدارس الدينية، وسن البرلمان كثيرا من القوانين التي تتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية.
لكن ومع كل هذا، فقد كرر الزعيم الماليزي أن حكومته لا تطبق ما تنص عليه الشريعة في كل حالة، لكنها تتبع تعاليم الإسلام من خلال دفاعها عن توفير العدالة للجميع في هذا البلد المتعدد الأديان، ومن خلال إبقائه بعيدا عن الصراع وانعدام الأمن.
لكن وصف البلاد بأنها إسلامية اكتسب في فكر مهاتير بعدا قِيميا وليس تشريعيا، وغلب عليه الاهتمام بجوهر الإسلام ومضمونه ومنظومة قِيَمه الأخلاقية والثقافية، مع استيعاب واسع لتركيبة المجتمع الماليزي الذي يدين أكثر من ثلث سكانه بغير الإسلام.
وفي المقابل، عبر مرارا عن خيبة أمله من بعض التفسيرات التي كان يقدمها بعض العلماء لأحكام الدين. وكان يرى أن بعضهم متحمسون لفرض القوانين الإسلامية على غير المسلمين "بالقوة إذا أمكن، وهذا لا يحبب الإسلام إلى غيرهم"، ويقول إن ذلك قاده -مع انخراطه في العمل السياسي- لدراسة الدين وفهم نصوصه من أجل التصدي لهذه الأفكار التي كانت تطرح على نطاق واسع.
إعلانيفرد مهاتير فصلا كاملا في مذكراته للحديث عن نشأته وهو إنسان مسلم في مجتمع مسلم، ويشير إلى أنها تضمّنت فترة امتحن فيها قلبه بالشك والارتباك بشأن الإسلام وتعاليمه، لكنها كانت مقدمة -كما يصف- لإيمان عميق أدرك من خلاله سمو هذا الدين وعظمته.
وعرض خلال هذا الفصل بشكل دقيق تفاصيل حياة المجتمع الماليزي وارتباطه بتعاليم الدين، لكنه في الوقت ذاته استرسل في الحديث عن فهمه الخاص للإسلام وواقع المسلمين.
واعتبر أن "الوضع البائس" الذي يعيشه المسلمون اليوم راجع جزئيا إلى عدم قيامهم بشيء، أو قيامهم بشيء ضئيل للغاية، ويشدد على أن الأمة مطلوب منها أن تبذل كل جهدها في مساعدة نفسها، ثم بعد ذلك تلجأ بالدعاء إلى الله تعالى بالنصر والتمكين والعون.
لم يقدم رئيس الوزراء الماليزي الأسبق في أدبياته أو خلال ممارسته للحكم، مشروعا للحكم الإسلامي في مفهومه المباشر، وإنما اهتم بتفعيل منظومة قيم الإسلام وأخلاقه وركز على مفاهيمه الإستراتيجية، وكيف يمكن تطبيقها عمليًّا في حياة مجتمع متعدد الأعراق والديانات، مع وعي كامل للظروف الإقليمية والاتجاهات السياسية العالمية.
نهضة ماليزيا والتحدي الأكبرخلال سنوات قليلة من حكم مهاتير محمد، أصبحت ماليزيا واحدا من نمور آسيا، وتضاعف دخل الفرد فيها عدة مرات، إذ زاد دخل الفرد السنوي من ألف إلى 16 ألف دولار، وانخفضت نسبة الفقر إلى أقل من 4%، وكذلك نسب البطالة إلى ما دون 3%، وارتفع حجم الاحتياطي النقدي من 3 مليارات إلى 98 مليارا، وقفز حجم الصادرات من نحو 15 مليارا إلى 200 مليار.
بنى مهاتير خطته لنهضة ماليزيا بالتركيز على 3 محاور بصفة أساسية هي: التعليم، والتصنيع، ويأتي في خدمتهما المحور الاجتماعي.
ويدعم هذه المحاور عقد قيَمي يقوم على تطهير البلاد من الفساد، ورفع الكفاءة والتحلي بالأمانة، وتبع ذلك استقرار سياسي ومجتمعي، شكل حاضنة حقيقية لهذه النهضة.
إعلان السر في التعليمبنى مهاتير فلسفته في التعليم، على أنه ليس منحصرا في الحصول على المعرفة، بل إنه أساس في بناء الشخصية الجيدة، التي تتمتع بالثقة بالنفس والسمات القيادية.
خصصت الحكومة للتعليم ميزانيات هائلة، قدرت في بعض السنوات بربع الميزانية العامة، وهو الأمر الذي حافظت عليه الحكومات التي أعقبت حكومات مهاتير محمد. ففي ميزانية عام 2025، بلغ ما خصصته الحكومة الماليزية للتعليم حوالي 65 مليار رينغت ماليزي (أي 14 مليار دولار)، وهو أكثر من ثلاثة أضعاف الميزانية التي خُصصت للدفاع والجيش، وتبلغ 4.3 مليارات دولار لهذه السنة.
اهتمت حكومة مهاتير بمحو الأمية وتعلم اللغات، وفتح المجال للبعثات التعليمية والمنح الدراسية على نفقة الدولة، وابتعث مئات آلاف الطلاب إلى الجامعات الغربية بهدف الاستفادة من تجارب الغرب ونقلها إلى بلادهم.
إلى جانب ذلك، اهتمت الحكومة بالتدريب والتأهيل الحرفي والمهني والبحث العلمي، وقويت العَلاقة بين مراكز البحوث والجامعات وبين القطاع الخاص، فاشتركت الحكومة مع المصانع والمؤسسات المالية والاقتصادية في دعم كل الأنشطة البحثية.
ورغم النجاحات التي تحققت في مجال التعليم في ماليزيا، فإن مهاتير عبر كثيرا عن خيبة أمله في عدم وصول كثير من أبناء الملايو إلى درجات عليا في التحصيل العملي، وعبر عن أسفه "لعدم تغيير الملايويين، وتشكيل الملايوي الجديد، وتسليحه بالمعرفة والمهارات اللازمة لينجح في حياته وينال المكانة التي يستحقها في بلاده".
وعزا مهاتير ذلك إلى تحديات جمة واجهته في تطوير العملية التعليمية، كان من أبرزها موضوع اللغة المعتمدة في العملية التعليمية، وقد خاض معارك كبيرة مع القوميين الملايويين من أجل إدخال الإنجليزية في مناهج تدريس الرياضيات والعلوم.
كما واجه تحديات في كيفية التعامل مع التعليم الديني، الذي كان يشرف على وضع مناهجه في المدارس "المركز الديني" الذي كان يشرف على جميع الأنشطة والفعاليات الدينية في البلاد، وقد ولّد ذلك خلافات كبيرة مع وزارة التعليم حول الآلية التي يجب أن تدرس بها تعاليم الإسلام في المدارس.
ولعل أبرز التحديات التي واجهت مهاتير في العملية التعليمية هو كون ماليزيا دولة متعددة الأعراق بشكل يتطلب سياسة متوازنة ودقيقة. فماليزيا تضم المالايو بنسبة تقترب من 70٪ من السكان، والصينيين الماليزيين (22.4٪ من السكان)، والهنود الماليزيين (6.5٪ من السكان). وكل عرق من هؤلاء له لغته ودينه وثقافته وتقاليده الخاصة؛ لذا كانت المعضلة في كيفية جمع أبناء هذه العرقيات تحت سقف واحد في المنشآت التعليمية، ليتلقوا منهاجا تعليميا واحدا، وقد استطاع مهاتير محمد وسياساته فعل ذلك.
ولأعراق ماليزيا المتنوعة قصة متعلقة بالاستعمار. فقد عملت بريطانيا خلال فترة استعمار ماليزيا على العبث بالتركيبة الديموغرافية للبلاد التي كانت غالبيتها العظمى من المسلمين، إذ جلب الاستعمار جاليات من الصين والهند بأعداد ضخمة للعمل في ماليزيا.
إعلانومع الاستقلال عام 1957 وُجِد أن المجتمع الماليزي أصبح يتشكل من 3 عرقيات أساسية، هي الملايو المسلمون وكانت نسبتهم تتجاوز 55% من السكان، بينما شكل الصينيون أكثر من 30%، وبقية المجتمع كان من الهنود الذين جُلبت غالبيتهم من ولاية تاميل نادو جنوبي الهند.
كان على قادة الملايو المسلمين في تلك الفترة أن يستوعبوا شكل مجتمعهم الجديد لدولتهم الناشئة، فشكلوا نظاما سياسيا يرتكز على التعاون بين الأعراق المختلفة في البلاد، ونص فيه الدستور على أن دين الدولة الإسلام، لكن ذلك بطبيعة الحال لا يعني تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية، إلا في الأحوال الشخصية للمسلمين كما هو الحال في باقي الدول العربية والإسلامية.
رفض الحزب الإسلامي الماليزي "باس" (PAS) هذا الشكل من نظام الحكم، وطالب بتطبيق الشريعة الإسلامية، لكنه لم ينجح في فرض رؤيته على الدولة، وحتى في الولايات التي سمح له النظام السياسي الفدرالي بحكمها بعد أن فاز بالانتخابات كولايتي تيرينغانو وكيلانتان، لم يستطع الحزب تمرير رؤيته، لأن الحكومة الفدرالية عملت على إفشالها.
وبقي الحزب في صفوف المعارضة، ولم يشارك في الحكومة إلا في فترات محدودة، ونتيجة لظروف سياسية عاصفة تمكن الحزب خلالها من تحقيق بعض النجاحات نحو تطبيق الشريعة مرّر بعض الأحكام والقرارات، كمنع إعلانات الخمور، وزيادة عدد المدارس الإسلامية.
التوجه نحو التصنيعقاد مهاتير ثورة صناعية جديدة، ومع تسلمه مهامه كانت هناك آلية حكومية تشرف على التصنيع ممثلة في إنشاء "شركة ماليزيا للصناعات الحكومية" (هيكوم).
كانت نظرية مهاتير تقوم على مبدأ هو "النظر نحو الشرق"، وهو ما تبناه منذ 1982. كذلك سعى مهاتير إلى البدء من الصناعات الثقيلة، لأن الدولة تمتلك إمكانات بهذا المجال، ولديها تعهدات بتوفر الدعم من الدول الصديقة، كما أن الدول المتقدمة أصبحت أقل كفاءة بهذا المجال، خصوصا مع ارتفاع أسعار الأيدي العاملة لديها.
إعلانوبدأ تطبيق هذه السياسة بإنشاء 4 مصانع ضخمة للفولاذ والإسمنت وللتعليب وصفائح القصدير، ومصنع للسيارات نجح في إنتاج أول سيارة ماليزية خالصة باسم بروتون. وتقوم هذه السياسة وفلسفتها على ضرورة مشاركة الملايويين في صياغة مستقبل البلاد، وقد استوعبت هذه المصانع وتفرعاتها 40% من العمالة المحلية.
ومما تذكره بعض التقارير أنه خلال تلك الفترة أُنشئ أكثر من 15 ألف مشروع صناعي برأس مال إجمالي وصل إلى 220 مليار دولار، وفّرت مليوني فرصة عمل للشعب الماليزي.
دائما ما تحيل مثل هذه القفزات النوعية الهائلة إلى تساؤلات عن محفزاتها، ولماذا حقق هذا القائد دون غيره الإنجاز؟ هل هناك مؤامرة ما؟ وهل كان للرجل دور خفي في المعادلة الدولية؟ وهل تطلب ذلك دعما خارجيا للبقاء في السلطة لخدمة أهداف جهة ما؟
التفكير في المؤامرة ليس جديدًا على منتقدي مهاتير محمد، فكما قلنا إن الجدل حول شخصية مهاتير طال كل حياته، وبدأ منذ لحظة ظهوره في المشهد السياسي ولم ينته حتى الآن، وطرح خصومه كثيرا من التحليلات التي تشكّك في حقيقة ما أنجزه لصالح بلاده.
وهنا لا بد من الإشارة إلى طرح يتلخص في أن نهضة ماليزيا في عهد مهاتير ما كانت إلا سنّا في ترس الحرب الباردة بين الشرق والغرب.
وفي رأي البعض ما كان هذا النجاح -الذي حققه مهاتير- إلا مخططا غربيا من أجل لجم أطماع الصين في المنطقة، حيث دفعت الولايات المتحدة حلفاءها في المنطقة إلى ضخ أموال الاستثمارات في السوق الماليزية، وحثتهم على نقل تجارب النجاح ومصانع الشركات الكبرى إلى ماليزيا.
لكن ماليزيا لم ترم بثقلها في المعسكر الغربي، إذ كانت طرفًا في مجموعة دول عدم الانحياز، مع الحفاظ على علاقات دبلوماسية بكلا الكتلتين الغربية والشرقية. فقد كانت الدولة الأولى في جنوب شرق آسيا التي تبني علاقات دبلوماسية مع الصين منذ عام 1974.
وهنا نعود إلى نقطة طرحت بداية الحديث عن اهتمام مهاتير بالتعليم دون الجيش والدفاع، وهي نقطة يلج منها معارضو الرجل، لإثبات صحة نظريتهم في أن نهضة البلاد كانت على عين الراعي الغربي الذي لم يسمح لماليزيا بتطوير سلاحها وجيشها، وترك المهمة للوجود الأميركي في المنطقة.
إعلانوهو ما أكده مهاتير في إحدى حلقات برنامج "شاهد على العصر" حين قال إنهم اكتشفوا أن الولايات المتحدة باعتهم طائرات "إف 16" بدون الشيفرات الأساسية وبدون البرمجة الكاملة التي تتيح لماليزيا الانتفاع بكافة قدرات تلك الطائرات، بما فيها القتالية.
وأضاف أنه تبين لهم أنه لا بد من العودة للولايات المتحدة إذا أرادوا أن يستخدموا الطائرة لغايات قتالية ضد أي دولة، مشددا على أن قرار استخدامها قتاليا يظل مرهونا بإرادة الأميركيين، وأنه أمام هذا الواقع، وجد الماليزيون أن الفائدة الوحيدة التي يمكن أن يجنوها من هذه الطائرات هي استخدامها في العروض العسكرية فقط.
لذلك فقد سعت ماليزيا إلى تعزيز علاقتها وتنسيقها الأمني والعسكري مع الصين من خلال محادثات سنوية وزيارات متبادلة عالية المستوى، بل بدأت منذ عام 2015 إجراء تدريبات عسكرية مشتركة، وكذلك شراء منظومات دفاعية وأسلحة صينية بحذر.
في عام 1982 قبل أنور إبراهيم دعوة من رئيس الوزراء مهاتير محمد للانضمام إلى المنظمة الوطنية الماليزية المتحدة وحكومته. وأثبتت تلك الخطوة أنها قرار سياسي حكيم، إذ صعد إبراهيم بسرعة على السلم السياسي، وتقلد مناصب وزارية متعددة، قبل تعيينه وزيرا للمالية ونائب رئيس الوزراء بين 1993 و1998.
وفي عام 1998، صنفت مجلة "نيوزويك" الأميركية أنور إبراهيم على أنه الرجل الأول في شرق آسيا، حيث كان يتمتع بمكانة مرموقة وشعبية كبيرة داخل ماليزيا وخارجها. غير أنه خلال الأزمة المالية الآسيوية عام 1997، اختلف مع مهاتير محمد بشأن تنفيذ إجراءات التعافي الاقتصادي.
في سبتمبر/أيلول عام 1998، أقيل أنور إبراهيم ووجهت إليه تهم عدة، بينها الفساد الإداري والمالي، نفاها في المحاكمة المثيرة للجدل التي أعقبت ذلك، معتبرا أنها تهم ذات دوافع سياسية، هدفها إنهاء حياته المهنية.
إعلانلاحقًا حكم عليه بالسجن 6 أعوام بتهمة الفساد، وبعد عام حكم عليه بالسجن مدة 9 سنوات بسبب اتهامات في قضية أخلاقية. وفي أواخر عام 2004، أي بعد عام من تنحي مهاتير محمد عن منصب رئيس للوزراء، ألغت المحكمة العليا في ماليزيا الحكم الأخير، وأطلقت سراح أنور إبراهيم.
لكن بعد عودته للسياسة، أعيد سجنه في عهد رئيس الوزراء السابق نجيب عبد الرزاق 2009-2018. وفي المرتين، كانت التهمة هي "التورط في قضية أخلاقية"، في حين يؤكد أنور أن الدوافع وراء سجنه كانت دوما "سياسية"، واستأنف أنور حياته السياسية، وترشح لمقعد في البرلمان وانتخب في أكتوبر/تشرين الأول 2018.
إن تناول العلاقة بين مهاتير محمد وأنور إبراهيم أمر محفوف بالمخاطر، فالعلاقة بين الرجلين تقلبت بين محبة مفرطة إلى عداوة وبغضاء، ثم غفران وتسامح وتحالف من جديد، ثم فراق فرضته إكراهات السياسة.
خصص مهاتير فصلين من كتابه "طبيب في رئاسة الوزراء" للحديث عن أنور إبراهيم، الأول فصل فيه عن انضمامه للحزب الحاكم "أمنو" وأسهب كثيرا في ذكر مؤهلات أنور الشخصية والمعرفية، وقال إن له "هالة" وإنه صاحب كاريزما قوية.
ووصفه بأنه "واسع الاطلاع، وقادر على الاستدلال بأقوال عدد من الفلاسفة، وهو يجيد اللغة الملايوية إجادة كاملة، كما أنه مولع باستخدام اللغة الأدبية في خطاباته. ومع أن أغلبية المصطلحات التي يستعملها دفعت الناس إلى الرجوع للقواميس، فقد أعجبوا كثيرًا بأسلوبه الخطابي. واستطاع الاختلاط بالأكاديميين داخل البلاد وخارجها".
وأسهب في الحديث عن غريمه، وقال إنه "رسم لنفسه صورة مدهشة على الساحة العامة، كما أدهش الصحفيين الأميركيين والغربيين بأفكاره التي تبدو ليبرالية، ورتب أمر زيارة أعضاء في مجلس الشيوخ ومجلس الكونغرس إلى ماليزيا كل سنة، فاعتقد هؤلاء أنه سياسي ليبرالي وديمقراطي فأحبوه.. واحتفظ في الوقت ذاته باتصالاته مع عدد من الناشطين الإسلاميين في العالم الإسلامي".
إعلانتحدث عن قدرة أنور على استمالة الناس، وقال إنه استطاع الظهور بمظهر براق وساحر للغاية، وكان باستطاعته أن ينال استحسان الجميع.
ولم يمنعه هذا الإطراء من التعريض بأنور في أكثر من مكان، فمثلا قال إن عددا من المسلمين أصروا على تصديق روايته فيما يتعلق بالاتهامات الموجهة إليه والمرتبطة بالشذوذ الجنسي، فأنور لديه قدرة مدهشه على الإقناع واستطاع أن يقنع هؤلاء الناس بأنه صادق.
ثم عرّض به في مكان آخر وقال إنه كان يبدو في نظر عامة الناس غاية في التقى، واستطاع جمع أتباع مسلمين كثر على الساحة الدولية حتى قبل انضمامه إلى الحزب.
ذكر مهاتير أن كثيرا من المحيطين به كانوا يحذرونه من طموح أنور وأنه يحاول أن يبني شعبية شخصية على حسابه، وأنه كان يقوم بزيارات متعددة لفروع الحزب وأقسامه ويتقرب إلى المسؤولين، ثم قال "ازداد وضوح مساعي أنور لإرغامي على التنحي، رغم أني لم أقلق كثيرا، وتوترت علاقاتنا".
تحدث مهاتير في فصل آخر من كتابه عن ملابسات قضية اتهام نائبه بالشذوذ الجنسي، وقال إنه لم يكن مصدقا لولا تضافر الأدلة التي دفعته لاتخاذ قرار حاسم بفصله وتقديمه للمحاكمة.
وقال بمرارة "أنور رجل كاريزمي بلا شك، ويعرف كيفية إغراء الناس بدعمه، وكل ما فعلته من أجله في الماضي طواه النسيان. تصور البعض أني ضحيت به وألقيته في السجن، كما لو أنه لم يمثل أمام المحكمة، وما من مرة يُذكر فيها اسمي في كتاب أو مقالة إلا ووُصفت بأني رئيس الوزراء الذي ألقى مساعده في السجن ولا يأتي ذكره حقيقة بأنه اتُّهم وحوكم".
لم يكن مهاتير رفيقًا بأنور إبراهيم عند خلافه معه، فقد سأله صحفي أميركي بعد إطلاق سراح أنور عام 2004، عما إذا كان أنور إبراهيم يمكنه أن يصبح رئيسًا للوزراء في ماليزيا، فأجاب مهاتير ساخرًا: سيكون رئيس وزراء ممتازا لإسرائيل!
إعلانفي المقابل، يتحدث أنور عن أسباب تقلب العلاقة بينه وبين رئيس الوزراء الأسبق مهاتير محمد، فيُرجعها إلى خشية مستشارين لمهاتير من الخطر في حال تمكنه من تولي منصب رئيس الوزراء عندما كان يعمل نائبا له، لكنه أقر بأن مهاتير ومهما كانت أخطاؤه فقد كان له دور كبير في نهضة ماليزيا.
وقال إنه كان قريبا جدا من مهاتير ودعمه، ثم إن الأخير هاجمه باستمرار، لكنه قال إن "الخلافات بينهما يجب ألا تتحول إلى عداوة".
يذكر الماليزيون انتخابات مايو/أيار 2018، التي جمعت الرجلين مرة أخرى معا ضد خصم واحد هو رئيس الوزراء نجيب عبد الرزاق، إذ منحت تلك الانتخابات المعارضة الممثلة بتحالف الأمل الذي قاده مهاتير محمد 113 مقعدا من مجموع 222.
في نظر بعض المراقبين أن مهاتير محمد شعر أن فئات من الشعب خصوصا الشباب، تحمله مسؤولية ما آلت إليه أوضاع البلاد خصوصا فيما يتعلق بقضايا الفساد في عهد نجيب، وكان ينبغي له أن يدفع الثمن.
في المقابل، كان مهاتير يفكر في كيفية استعادة صورته ومكانته والنأي بنفسه عما اقترفه أسلافه من الفشل والفساد، اعترض كثيرا على سياسات الحكومة، لكنه قوبل بالتهميش، ولعله شعر بالإهانة فقدم استقالته من حزب أمنو فردّ نجيب بقسوة وحجّمه وأقصى أنصاره.
في مقابلة مع مجلة تايم قبيل الانتخابات قال مهاتير إنه رأى عام 2003 أن الوقت قد حان لتقاعده من العمل السياسي، فاختار عبد الله بدوي لخلافته، لكنه حاد عن الطريق "حينها تركت الحزب الحاكم وقمت بحملة ضده حتى تم إسقاطه، وخلفه نجيب الذي ظننت أنه سيكون كوالده عبد الرزاق الذي كان زعيما متفردا، لكنه للأسف كان مختلفا تماما عنه، وظن أنه يستطيع فعل أي شيء بالمال، ولأنه لم يكن يملك هذا المال فقد قام بسرقته، وحاولت نصيحته وتوجيهه مرارا لكن دون جدوى، فلم يكن أمامي من خيار سوى التصدي له".
إعلانشعر أن إرثه السياسي في خطر كبير، فحول أشرعته بكل قوة وعاد كالعنقاء للساحة السياسة، وقاد وهو في سن الثالثة والتسعين احتجاجات المعارضة، وعقد العزم على الثأر من نجيب حتى لو كان ذلك بالتحالف مع غريمه السابق أنور إبراهيم.
من مخاض هذه المرحلة، ولد "تحالف الأمل" الذي ضم حزب عدالة الشعب بقيادة أنور إبراهيم، وحزب العمل الديمقراطي الصيني، وحزب الأمانة الإسلامي، وحزب وحدة أبناء الأرض الذي أسسه مهاتير.
عاد مهاتير من جديد إلى رئاسة الوزراء، لكن هذه المرة كان في عنقه دين لغريمه السابق، تمخض عن اتفاقية تحالف مع المعارضة على أنه في حال الفوز بالانتخابات سيتولى مهاتير الحكم عامين ثم يسلم الحكم لأنور، لكنه حفظ لنفسه خط الرجعة عندما قال إن ذلك سيكون "عندما أنتهي من مهمتي التي جئت من أجلها".
تحققت المخاوف وأخل مهاتير بقواعد تداول السلطة، وبدأ قادة التحالف التململ، حتى كانت اللحظة الحاسمة والقشة التي قصمت ظهر البعير في فبراير/شباط عام 2020، حيث استقال مهاتير وانهار التحالف ودخلت البلاد في فترة غير مسبوقة من الاضطرابات السياسية.
خلال هذه الفترة عادت المنظمة القومية الملايوية المتحدة إلى السلطة من جديد، وعُين محيي الدين ياسين رئيسا للوزراء، وفي ذروة تفشي فيروس كورونا، استقال محيي الدين بعد أشهر مضطربة قادت إلى خسارته دعم الأغلبية في البرلمان.
وفي أكتوبر/تشرين الأول عام 2022، أعلن خليفته، إسماعيل صبري يعقوب، تنظيم انتخابات مبكرة، كانت إيذانا بسقوط مدوٍّ لصانع النهضة، إذ خسر مقعده الانتخابي لأول مرة منذ 53 عاما، وحل رابعا من بين خمسة مرشحين في معقله الانتخابي، ولم يفز حزبه بأي مقعد، في الوقت الذي أصبح فيه أنور إبراهيم رئيس الوزراء العاشر لماليزيا بعد نجاح مدوّ.
في الختام، أعجبني اقتباس لأحد الكتاب قال فيه "كتب وينستون تشرشل مرة: سيكون التاريخ رفيقًا بي، ذلك أنني أنوي كتابته بنفسي"، وفعلًا كتب تشرشل تاريخه قبل موته، فأنصف نفسه وبرر أخطاءه، أما مهاتير فقد امتد به العمر ليرى قسوة التاريخ معه.
إعلان