الحكومة السودانية تفرج عن آلاف الأسرى من سجون الدعم السريع
تاريخ النشر: 29th, March 2025 GMT
أعلنت الحكومة السودانية، أن عدد الأسرى المحررين من سجون ومعتقلات قوات الدعم السريع في الخرطوم تجاوز 4 آلاف.
وفي بيان، أدانت الحكومة "الجرائم والانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها ميليشيا الدعم السريع بحق المواطنين المعتقلين والمحتجزين والأسرى في سجونها ومعتقلاتها".
وأضافت أن "الأسرى يتعرضون لأبشع أشكال التعذيب الوحشي، والتصفية الجسدية بدم بارد، والاغتصاب الممنهج بحق الفتيات".
وتابعت: "تعكس أوضاع الأسرى المحررين من عدة مناطق في الخرطوم، والذين يتجاوز عددهم 4 آلاف شخص، دليلاً دامغاً على وحشية وإجرام هذه الميليشيا الإرهابية".
وأشارت إلى أن "المقاطع المصورة، التي تم تداولها على نطاق واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي المحلية والدولية، تظهر الأسرى المحررين من معتقلات وسجون الميليشيا في الخرطوم، وقد تحولوا إلى هياكل عظمية، نتيجة ما تعرضوا له من تعذيب وحشي وتجويع ممنهج داخل زنازين تفيض بالألم والموت البطيء".
ودعت حكومة السودان "المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان إلى اتخاذ موقف حازم إزاء هذه الانتهاكات الجسيمة، التي ترتكبها الميليشيا بحق الأسرى والمعتقلين، والعمل الجاد على وقف هذه الجرائم ومحاسبة المسؤولين عنها".
وطالبت منظمات حقوق الإنسان بالتحلي بالمصداقية والشفافية في توثيق هذه الانتهاكات الخطيرة.
والخميس، أعلن الجيش السوداني أن قواته "تمكنت من تطهير آخر جيوب مليشيا الدعم السريع في محلية (محافظة) بالخرطوم".
والأربعاء، واصل الجيش السوداني تقدمه في الخرطوم واستعاد السيطرة على المطار ومقرات أمنية وعسكرية وأحياء عدة شرق وجنوب العاصمة، للمرة الأولى منذ أبريل/ نيسان 2023.
ومنذ أبريل 2023، يخوض الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" حربا دامية أسفرت عن مقتل أكثر من 20 ألف شخص، ونزوح أو لجوء نحو 15 مليونا، بحسب تقديرات الأمم المتحدة والسلطات المحلية، فيما قدّرت دراسة لجامعات أمريكية عدد القتلى بنحو 130 ألفا.
وفي الآونة الأخيرة، تراجعت قوات "الدعم السريع" في عدة ولايات، بينها الخرطوم والجزيرة والنيل الأبيض وشمال كردفان وسنار والنيل الأزرق.
ومن أصل 18 ولاية، لم تعد "الدعم السريع" تسيطر سوى على جيوب غرب وجنوب مدينة أم درمان غربي الخرطوم، وأجزاء من ولايتي شمال كردفان وغرب كردفان.
كما تسيطر "الدعم السريع" على 4 ولايات في إقليم دارفور (غرب)، بينما يسيطر الجيش على الفاشر عاصمة شمال دارفور الولاية الخامسة في الإقليم.
المصدر: مأرب برس
إقرأ أيضاً:
كارثة إنسانية غير مسبوقة.. تقرير يرصد الدمار الذي خلفته الحرب في العاصمة السودانية
نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية، مقالا، للصحفية نسرين مالك، قالت فيه إنّ: "عاصمة السودان أُفرغت من مضمونها وجُرّدت أجزاء منها، ودُهس شعبها تحت وطأة صراع لم ينتهِ بعد"، موضحة: "قبل عشرة أيام، وفي نقطة تحوّل رئيسية في حرب دامت قرابة عامين، استعاد الجيش السوداني العاصمة من جماعة "قوات الدعم السريع" التي استولت عليها عام 2023".
وتابع المقال الذي ترجمته "عربي21" أنّه: "ما نعرفه حتى الآن يرسم صورة لمدينة مزّقتها فظائع لا تُصدق؛ حيث أدّت الحرب لانزلاق السودان نحو أكبر كارثة إنسانية في العالم، متسببة في إبادة جماعية في غرب البلاد، ومجاعة هناك وفي مناطق أخرى".
وأضاف: "خاضت قوات الدعم السريع -التي تشكّلت رسميا ووُسّع نطاقها من بقايا الجنجويد- والجيش السوداني، الحليفان السابقان في السلطة، الحرب عندما انهارت شراكتهما. وكان الضحايا هم الشعب السوداني، الذي دُهست حياته تحت وطأة الحرب".
"إن مركزية الخرطوم في الحرب، سواء من حيث ازدهارها أو ما تمثله لقوات الدعم السريع كمقر للسلطة، قد جعلت المدينة عرضة لحملة انتقامية شديدة: فقد استولت قوات الدعم السريع عليها، ثم شرعت في نهبها وترويع سكانها لا حكم المدينة، بل جردت المدينة من ممتلكاتها" وفقا للمقال نفسه.
وأكّد: "يشعر أولئك الذين يغادرون منازلهم مترددين لاستقبال جنود القوات المسلحة السودانية بالجوع والعطش والمرض والخوف. يروون حصارا من السرقة والقتل، بينما أطلقت ميليشيا قوات الدعم السريع النار على من قاوموا مطالبهم. وخوفا من حمل قتلاهم إلى المقابر، دفن الناس قتلاهم في قبور ضحلة في شوارعهم وساحاتهم الخلفية. وفي أماكن أخرى، تُركت الجثث لتتحلل حيث سقطت".
وأبرز: "وردت تقارير عن انتشار العنف الجنسي ضد السكان المدنيين منذ الأيام الأولى للحرب. ويُعد عدم وجود تقدير موثوق لعدد القتلى مؤشرا على الحصار الشامل الذي كانت الخرطوم تعاني منه".
واسترسل: "في مناطق المدينة التي شهدت أشدّ المعارك، فرّ المدنيون، تاركين وراءهم مدينة أشباح. المشاهد مُروّعة. إذ تحوّلت مباني الخرطوم ومعالمها البارزة لهياكل محترقة، واكتست شوارعها بالأعشاب والنباتات. في تجسيد صارخ لقطع شريان الحياة في البلاد، احترق المطار، الذي كان يعمل حتى الساعات الأولى من الحرب، وكانت الرحلات تستعد للإقلاع، حتى تحول إلى هيكل أسود. ولا تزال بقايا الطائرات التي أوقفتها الحرب على المدرج".
ووفقا للتقرير نفسه، فإنّ "الدمار السريع لمطار الخرطوم، يُظهر السمة الأبرز لهذه الحرب -كم كانت مُتسرّعة-. كيف انسلخت السودان من حالتها الطبيعية بسرعة وغرقت في حرب لم تتصاعد بمرور الوقت، بل انفجرت بين عشية وضحاها"، مردفا: "حمل الملايين كل ما استطاعوا من ممتلكاتهم وفرّوا مع تقدم قوات الدعم السريع. وتم نهب ما تركوه وراءهم سريعا".
وأضاف: "ما حدث في الخرطوم هو أكبر عملية نهب لمدينة أفريقية، إن لم تكن لأي عاصمة، في التاريخ الحديث. من التراث الثقافي للبلاد إلى ممتلكات شعبها، لم ينجُ شيء. أُفرغ المتحف الوطني السوداني، الذي يضم قطعا أثرية ثمينة من الحضارتين النوبية والفرعونية. دُمّر ما لم يكن بالإمكان نقله".
"نُهبت المنازل والمحلات التجارية، وسُرق كل شيء من الأثاث إلى المتعلقات الشخصية. حتى الأسلاك الكهربائية لم تسلم: نُبشت وجُرّدت لبيعها. وتُظهر صور من المدينة بقايا سيارات، جميعها بعد إزالة عجلاتها ومحركاتها" وفقا للتقرير نفسه الذي ترجمته "عربي21".
ومضى بالقول إنّ: "حجم السطو والدمار الذي يظهر جليا يُشير إلى نهاية حصار الخرطوم، كلحظة مُبهجة وحزينة في آن واحد. إن التحرّر من آلام الاحتلال الوحشي هو مدعاة للارتياح والاحتفال، لكن حجم الخسائر، وما يتطلبه إعادة البناء، هائل ويمتد لأسس القدرات المادية والإدارية للمدينة".
وتابع: "هناك مسألة بناء الأمة وإنهاء الحرب في جميع أنحاء البلاد. لقد تفكك السودان عسكريا، واحتشد الشعب خلف القوات المسلحة السودانية لاستعادة وحدة أراضي البلاد وتخليصها من قوات الدعم السريع. لكن مسألة إخراج جميع الهيئات العسكرية من الحكم، وهو مطلب أحبطته شراكة القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع بعد ثورة 2019 التي أطاحت بعمر البشير".
وأبرز: "أصبحت معلقة في هذه العملية، ما دفع السودان أكثر نحو الحكم العسكري وتوحيده تحت قيادة القوات المسلحة السودانية. وتمّ استقطاب الوكلاء والمرتزقة وموردي الأسلحة، وأبرزهم الإمارات، التي دعمت قوات الدعم السريع. لقد أطالت هذه الجهات الفاعلة عمر الحرب وغرقت في الكثير من التكاليف في الصراع لدرجة أن مشاركتها ستجعل على الأرجح الانتصارات الكبيرة للقوات المسلحة السودانية غير حاسمة على المدى القصير".
وأكّد: "لقد تخلى المجتمع الدولي عن السودان تقريبا لمصيره، مع مئات الملايين من الدولارات من المساعدات التي تعهدت بها والتي لم تتحقق أبدا وتفاعلا سياسيا بائسا"، مردفا: "انتقلت ميليشيا قوات الدعم السريع الآن لمعقل في غرب البلاد، حيث تسيطر على كل مدينة رئيسية تقريبا".
وختم التقرير بالقول: "بلغ حجم العنف هناك ضد الجماعات العرقية والقبائل غير المتحالفة مع قوات الدعم السريع حد التطهير العرقي والقتل الجماعي الذي يُعيد إلى الأذهان إبادة الألفية الثانية، وتتحمّل القوات المسلحة السودانية، بقصفها المميت، مسؤولية سقوط العديد من الضحايا المدنيين، ولها نصيبها من الاتهامات بارتكاب جرائم ضد الإنسانية".
واستطرد: "ما انتهى في الخرطوم وشرق السودان لا يزال مستعرا، وبشدة أكبر، في أماكن أخرى. ربما تكون قوات الدعم السريع قد فقدت جوهرة تاجها، لكن الحرب لم تنتهِ بعد".
إلى ذلك، أكّد: "في غضون ذلك، فإن القدرة على إحصاء الخسائر، بدلا من معايشتها فعليا، هو أفضل ما يمكن أن نتمناه. وما هذه الخسائر، ليس فقط لسكانها، وليس للسودان فحسب، بل لعالم فقد مدينة جميلة وتاريخية وعريقة. لقد تمزقت الخرطوم وتناثرت أجزاؤها في جميع أنحاء السودان. ما تبقى منها يسكن في قلوب أهلها".