ترامب يربك أوروبا.. أوكرانيا ليست الحالة الوحيدة
تاريخ النشر: 29th, March 2025 GMT
إذا كان تحقيق تقدم في إنهاء الحرب في أوكرانيا يتطلب وحدة بين الحلفاء، فإن هذه الوحدة تبدو شبه معدومة في الوقت الحالي، كما تشير صحيفة "نيويورك تايمز" في تقرير تحليلي.
جولة من المحادثات الدبلوماسية هذا الأسبوع لم تساهم كثيراً في دفع عجلة الهدنة، ناهيك عن تحقيق السلام، بل كشفت عن حالة عدم الانسجام المتزايدة بين أوروبا والولايات المتحدة.
خلال اجتماعهم في باريس، شدد القادة الأوروبيون على أن أولويتهم تتمثل في ضمان أوكرانيا حرة وديمقراطية ومستقرة وقادرة على التصدي لأي عدوان روسي مستقبلي. وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يوم الخميس: "يجب أن نضع أوكرانيا في أقوى موقف تفاوضي ممكن لتحقيق سلام ثابت ودائم."
كيف تواجه أوروبا ضغوط ترامب في أوكرانيا؟ - موقع 24رأى بيل إيموت، رئيس تحرير سابق لمجلة "إيكونوميست" البريطانية، أن الحرب في أوكرانيا باتت تحدياً حاسماً لأوروبا، حيث تختبر وحدتها وعزمها في مواجهة الديناميكيات العالمية المتغيرة.
في المقابل، تتجه إدارة ترامب نحو إنهاء الحرب المستمرة منذ 3 سنوات بسرعة، ولكن بشروط اقتصادية تصب في مصلحة الولايات المتحدة، بما في ذلك استعادة العلاقات مع روسيا، والحصول على تعويضات من أوكرانيا التي تُعتبر من قبل واشنطن غير ممتنة للدعم الأمريكي.
مسارات متباعدةنتيجة لهذا التباين، بدا الحلفاء – إن كان لا يزال بالإمكان وصفهم بذلك – كأنهم سفن تمر ببعضها في ظلمة الليل، حيث يتجه ترامب نحو مكافأة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على غزوه لأوكرانيا، بينما يتمسك الأوروبيون برفض هذه الفكرة تماماً، بحسب الصحيفة.
وفي خطوة تعكس هذا التباعد، تم التوصل إلى اتفاق أمريكي لوقف القتال في البحر الأسود خلال مفاوضات في الرياض، دون مشاركة أوروبية. ومع ذلك، سرعان ما أصبح من غير الواضح ما إذا كان سيتم تنفيذ الاتفاق قريباً، أو حتى تنفيذه على الإطلاق.
طرحت الولايات المتحدة والكرملين ثلاث صيغ مختلفة لشروط الاتفاق، لكن موسكو ربطت الالتزام به برفع العقوبات الاقتصادية، وهو أمر يتطلب موافقة أوروبية لكنه يواجه معارضة شديدة من العواصم الأوروبية.
وفي باريس، حيث اجتمع القادة الأوروبيون دون مشاركة أمريكية، نوقش إرسال "قوة ضمان" لدعم أي هدنة محتملة في أوكرانيا. لكن سرعان ما بدا أن "تحالف الراغبين" أشبه بتحالف المترددين، إذ لم يكن واضحاً أي الدول ستشارك أو أين سيتم نشر القوات. كما حذرت موسكو من أن ذلك قد يؤدي إلى مواجهة عسكرية مباشرة بين روسيا وحلف الناتو.
بعد الاجتماع، أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي حضر المحادثات، قائلاً: "لن يمنح أحد أراضينا لبوتين. هذه هي مواقفنا المشتركة – على الأقل بين الحاضرين اليوم."
في المقابل، ترى الولايات المتحدة أن السلام دون تنازلات إقليمية من أوكرانيا أمر غير واقعي.
ارتباك أوروبي عميقالخلافات بين أوروبا وواشنطن تتجاوز مجرد أوكرانيا، حيث تعيش القارة حالة من الدوار السياسي، غير متأكدة مما إذا كان ترامب يعتبرها خصماً استراتيجياً وأيديولوجياً، وهو تحول قد يعيد تشكيل النظام العالمي، أم أنه فقط يريد منها أن تتحمل مسؤولية دفاعها الذاتي.
ترامب يعيد خلط أوراق اليمين المتشدد في أوروبا - موقع 24عندما اجتمع كبار القادة العسكريين لدول حلفاء أوكرانيا في لندن يوم 20 مارس (آذار) لمناقشة إمكانية تشكيل قوة لحفظ السلام، كان هناك غائب بارز: رئيس أركان الدفاع الإيطالي الجنرال لوتشيانو بورتولانو، الذي أوفد ممثلين أقل رتبة، في خطوة وصفتها مجلة "إيكونوميست" بأنها ذات دلالة.
يقول ميشيل دوكلو، المستشار الخاص في معهد مونتين بباريس: "إعادة تشكيل التحالف التي يريدها ترامب قد تبدو وكأنها نهايته."
لطالما كان حجر الأساس في التحالف عبر الأطلسي هو المادة الخامسة من ميثاق الناتو، التي تنص على أن أي هجوم مسلح ضد أحد أعضاء الحلف يُعد هجوماً ضد جميع الأعضاء، مما يستدعي الرد العسكري. لكن هذا الالتزام أصبح أكثر هشاشة مما كان عليه قبل بضعة أشهر فقط.
مخاوف من تخلي واشنطن عن أوروبالطالما اشتكى ترامب من أن الولايات المتحدة تنفق الكثير على أمن أوروبا، وتعهد بإجبار الدول الأوروبية على زيادة إنفاقها الدفاعي. ومع انتهاء الحرب الباردة، هدد بعدم الدفاع عن دول الناتو التي لا تدفع نصيبها، وهي تهديدات تصاعدت خلال ولايته الثانية.
Russian President Vladimir Putin suggested Ukraine be placed under a form of temporary administration to allow for new elections and the signature of key accords to reach a settlement in the war, Russian news agencies reported https://t.co/lSXPVWHIva pic.twitter.com/n0QgD8KGaF
— Reuters (@Reuters) March 28, 2025هذا الأمر أثار قلقاً واسعاً في أوروبا، حيث تستعد فرنسا الآن لتوزيع "دليل الصمود" على الأسر لمساعدتهم على الاستعداد لمختلف التهديدات، بما في ذلك احتمال نشوب صراع مسلح على الأراضي الفرنسية.
وفي خطوة أخرى، أعلن ماكرون عن خطة بقيمة 2.1 مليار دولار لتحديث قاعدة جوية وتجهيزها لاستقبال مقاتلات "رافال" القادرة على حمل صواريخ نووية تفوق سرعة الصوت.
تحولات في مواقف واشنطنتقول سيليا بلين، رئيسة مكتب المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية في باريس: "ما أصبح واضحاً بشكل متزايد هو أن فريق ترامب يرى في أوروبا حليفاً متطفلاً، بل ويعتبر ديمقراطياتها الليبرالية خصوماً سياسيين وأيديولوجيين."
هذا التحول يتناقض مع كل ما مثلته الولايات المتحدة لعقود، إذ يبدو أن إدارة ترامب لا تسعى فقط إلى تفكيك الاتحاد الأوروبي، الذي وصفه ترامب سابقاً بأنه أُنشئ لـ "الإضرار بالولايات المتحدة"، بل أيضاً إلى تمجيد الأنظمة القومية الاستبدادية مثل المجر.
وقد برزت هذه المشاعر في تسريب حديث لمحادثة بين مسؤولين أمريكيين كبار، حيث وصف وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسيث الدول الأوروبية بـ"الطفيليات المثيرة للشفقة" بسبب اعتمادها على الحماية الأمريكية.
هل تستطيع أوروبا الصمود؟يرى البعض في أوروبا أن إعادة التسلح وبناء قوة عسكرية مستقلة عن الولايات المتحدة قد يكون ممكناً على مدى خمس إلى عشر سنوات، رغم التحديات المالية والانقسامات السياسية. فإعادة التسلح الألماني، على سبيل المثال، من شأنه أن يعيد تشكيل وجه أوروبا بالكامل، وربما يدفع موسكو إلى إعادة تقييم موقفها.
ترامب: أوكرانيا "قد لا تنجو" من الحرب مع روسيا - موقع 24 أثار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب جدلاً واسعاً، بعد تصريحات ألمح فيها إلى أن أوكرانيا قد لا تنجو من الحرب مع روسيا.
لكن ما يبدو غير وارد لدى الكثير من الأوروبيين هو التعامل مع الولايات المتحدة كخصم، سواء فيما يتعلق بالحرب في أوكرانيا أو في القضايا الجيوسياسية الأوسع، مثل الحد من نفوذ الأنظمة الاستبدادية في بكين وأنقرة.
يقول ستيفن والت، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة هارفارد: "إدارة ترامب تتبع تكتيكاً مألوفاً نحو الحكم الاستبدادي: أولاً القضاء على استقلالية القضاء، ثم الجامعات، ثم الإعلام، ثم المحامين. لا توجد قاعدة لا يمكن لترامب تجاوزها."
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: وقف الأب رمضان 2025 عام المجتمع اتفاق غزة إيران وإسرائيل عيد الفطر غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الأوروبيون ترامب الحرب الأوروبيون ترامب أوروبا الحرب الأوكرانية الولایات المتحدة فی أوکرانیا فی أوروبا
إقرأ أيضاً:
"نيويورك تايمز": ترامب أجج انعدام الثقة ودفع حلفاء الولايات المتحدة بعيدا
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أنه بالنسبة للعديد من الدول المتمسكة بالولايات المتحدة الأمريكية، أكدت تصريحات سابقة للرئيس دونالد ترامب والتي أشار فيها إلى أن بعض من الحلفاء الدوليين للولايات المتحدة " قد لا يصبحون حلفاءنا يوما ما"، استنتاجًا مفاده أنه: لم يعد بالإمكان الوثوق بأمريكا، حتى الدول التي لم تتأثر بشكل مباشر بعد، تستطيع أن ترى إلى أين تتجه الأمور، حيث يهدد ترامب اقتصادات حلفائه وشراكاتهم الدفاعية، وحتى سيادتهم.
وقالت الصحيفة في تحليل لها اليوم الإثنين، ترصد فيه مدى ابتعاد حلفاء واشنطن بعيدا وحجم عدم الثقة في ترامب إنه في الوقت الحالي، يتفاوض الحلفاء لتقليل وطأة الضربة تلو الأخرى، بما في ذلك جولة واسعة من الرسوم الجمركية المتوقعة في أبريل المقبل، غير أنهم في الوقت نفسه يتراجعون، وذلك استعدادا لأن يصبح الترهيب سمة دائمة للعلاقات الأمريكية، فيما تحاول هذه الدول اتباع نهجها الخاص.
ودلل التحليل ببعض الأمثلة على ذلك إذ: أبرمت كندا صفقة بقيمة 4.2 مليار دولار مع أستراليا هذا الشهر لتطوير رادار متطور، وأعلنت أنها تجري محادثات للمشاركة في التعزيزات العسكرية للاتحاد الأوروبي.
وفي الوقت ذاته تُعيد البرتغال ودول أخرى في حلف الناتو النظر في خطط شراء طائرات إف-35، خشية سيطرة أمريكا على قطع الغيار والبرمجيات، بينما تسارعت وتيرة المفاوضات بشأن اتفاقية التجارة الحرة والتكنولوجيا بين الاتحاد الأوروبي والهند فجأة بعد سنوات من التأخير، في حين لا تعزز البرازيل تجارتها مع الصين فحسب، بل وتجريها بالعملة الصينية، مهمشة بذلك الدولار.
وأضافت الصحيفة أنه في العديد من الدول بما في ذلك بولندا وكوريا الجنوبية وأستراليا أصبحت المناقشات حول بناء أو تأمين الوصول إلى الأسلحة النووية أمرا شائعا.
وأشارت نيويورك تايمز إلى أنه كان هناك بالفعل نوع من التباعد عن الولايات المتحدة، حيث أصبحت دول أخرى أكثر ثراء وقدرة وأقل اقتناعا بأن الدور الأمريكي المحوري سيكون دائما. لكن الأشهر القليلة الماضية من عهد ترامب الثاني قد عززت هذه العملية.
ومضت الصحيفة تقول إن التاريخ وعلم النفس يساعدان في تفسير السبب، فقد أفسد انعدام الثقة مرارا وتكرارا المفاوضات في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وأبقى على توترات الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي مشتعلة لعقود.
ورأت الصحيفة أن ترامب قد أثار أكثر من مجرد شكوك حذرة، فقد قوبل انعدام ثقته بحلفائه، والذي يتجلى في اعتقاده بأن مكاسب الآخرين خسائر لأمريكا، بالمثل وتمخض ذلك عن دوامة انعدام الثقة.
واستشهدت الصحيفة بما كتبه بول سلوفيك، وهو عالم النفس بجامعة أوريجون، في دراسة رائدة حول المخاطرة والثقة والديمقراطية إذ قال: "الثقة هشة، فهي عادة ما تبنى ببطء، ولكن يمكن تدميرها في لحظة - بحادث أو خطأ واحد".
وأضافت أنه في حالة ترامب، يشير حلفاؤه إلى هجوم مستمر، لافتة إلى أن رسوم ترامب الجمركية على الواردات من المكسيك وكندا -والتي تجاهلت اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية التي وقعها خلال ولايته الأولى- قد أذهلت جيران أمريكا.
وفي السياق ذاته، قالت الصحيفة إن تهديدات الرئيس الأمريكي بجعل كندا ولاية أمريكية وإرسال الجيش الأمريكي إلى المكسيك لملاحقة عصابات المخدرات تدخلات سافرة في السيادة، وهي لا تختلف عن مطالبه بجرينلاند وقناة بنما، مشيرة إلى أن إلقاء اللوم على أوكرانيا في الحرب التي أشعلتها روسيا زاد من نفور الحلفاء.
وأضافت الصحيفة أنه ربما لا توجد دولة أكثر صدمة من كندا، فهي تشترك مع الولايات المتحدة في أكبر حدود غير محمية في العالم، على الرغم من التفاوت الكبير في القوة العسكرية بينهما وذلك لأن الكنديين كانوا يثقون بأمريكا، أما الآن، فقد فقدوا ثقتهم إلى حد كبير.
ونقلت الصحيفة عن مارك كارني، رئيس وزراء كندا، قوله يوم /الخميس/ الماضي إن علاقة بلاده التقليدية بالولايات المتحدة قد "انتهت".
ومن جانبه، قال برايان راثبون، أستاذ الشئون العالمية بجامعة تورنتو: "لقد انتهك ترامب الافتراض الراسخ في السياسة الخارجية الكندية بأن الولايات المتحدة دولة جديرة بالثقة بطبيعتها"، هذا يهدد بشدة المصالح الكندية الأساسية في التجارة والأمن، مما يدفعها إلى البحث عن بدائل.
ولفتت "نيويورك تايمز" إلى أن أوروبا متقدمة أكثر في هذه النهج، فبعد الانتخابات الأمريكية، أبرم الاتحاد الأوروبي اتفاقية تجارية مع دول أمريكا الجنوبية لإنشاء واحدة من أكبر المناطق التجارية في العالم وسعى إلى توثيق العلاقات التجارية مع الهند وجنوب إفريقيا وكوريا الجنوبية والمكسيك.
كما تُعطي اليابان -الحليف الأكبر لأمريكا في آسيا- أولوية للأسواق الجديدة في دول الجنوب العالمي، حيث تقدم الاقتصادات سريعة النمو، مثل فيتنام، عملاء جدد.
وفي الشأن الدفاعي، قالت الصحيفة إن العديد من شركاء أمريكا يعملون الآن معا دون مشاركة الولايات المتحدة، ويوقعون اتفاقيات وصول متبادلة لقوات بعضهم البعض ويبنون تحالفات جديدة لردع الصين قدر الإمكان، فيما أعلن الاتحاد الأوروبي مؤخرا عن خطط لزيادة الإنفاق العسكري، ويشمل ذلك برنامج قروض بقيمة 150 مليار يورو لتمويل الاستثمار الدفاعي، كما يتعاون الاتحاد الأوروبي، المؤلف من 27 دولة، بشكل متزايد مع دولتين غير عضوين -هما بريطانيا والنرويج- في الدفاع عن أوكرانيا وغيرها من الأولويات الدفاعية الاستراتيجية.
واختتمت الصحيفة الأمريكية تحليلها لتنسب إلى الخبراء قولهم " إن الأمر سيستغرق سنوات وسلسلة من جهود بناء الثقة المكلفة لجمع أمريكا مع حلفائها الجدد والقدامى، على المدى الطويل ".
وقالت ديبورا ويلش لارسون، وهي عالمة السياسة في جامعة كاليفورنيا، والتي ألفت كتابً عن دور انعدام الثقة خلال الحرب الباردة: "من الصعب بناء الثقة ومن السهل فقدانها".
وأضافت: "إن انعدام الثقة في نوايا الولايات المتحدة ودوافعها يتزايد يوما بعد يوم".