جريدة الرؤية العمانية:
2025-04-01@09:58:55 GMT

المُجدِّد.. علي عزت بيجوفيتش

تاريخ النشر: 29th, March 2025 GMT

المُجدِّد.. علي عزت بيجوفيتش

 

فوزي عمار

علي عزت بيجوفيتش ليس مجرد سياسي قاد البوسنة نحو الاستقلال؛ بل هو فيلسوف ومفكر إسلامي حاول أن يجد جسرًا بين التراث الإسلامي والحداثة الغربية.

عُرف الراحل بكتاباته العميقة، مثل "الإسلام بين الشرق والغرب" و"البيان الإسلامي"، وهي مؤلفات تناقش إمكانية بناء حضارة إسلامية معاصرة دون انغلاق أو قطيعة مع العصر.

زأحد أبرز أقواله المثيرة للجدل هو: "المسلمون لا يؤمنون بقداسة القرآن كمنهج بل بقداسته كشيء".

وُلد بيجوفيتش في البوسنة، وعايش تحولات القرن العشرين من الحرب العالمية الثانية إلى سقوط يوغوسلافيا. وسُجِن مرتين بسبب دفاعه عن الهوية الإسلامية في ظل النظام الشيوعي؛ مما عمَّق إيمانه بضرورة الجمع بين الفكر والممارسة. لم يكن بيجوفيتش مُفكرًا منعزلًا؛ بل رأى أن الفكر الإسلامي يجب أن يتحول إلى مشروع حضاري قادر على مواجهة تحديات العصر، وهو ما حاول تطبيقه كرئيس بعد الاستقلال.

المنهج القرآني في فكر بيجوفيتش: نحو حضارة إسلامية معاصرة

يرى بيجوفيتش أن القرآن يقدم مبادئ كلية (كالتوحيد، العدل، الشورى، المساواة) قابلة للتطبيق في كل زمان، لكن تطبيقها يحتاج إلى اجتهاد عقلي يتناسب مع ظروف العصر. وهنا يلتقي مع مفكرين إصلاحيين مثل محمد إقبال، والذين دعوا إلى إحياء "الحركة الاجتهادية" لتحويل النص إلى مشروع نهضوي.

وفي كتابه "الإسلام بين الشرق والغرب"، يُقارن بيجوفيتش بين الرؤية الإسلامية والرؤيتين المادية "الغربية" والروحية "المسيحية"، مؤكدًا أن الإسلام يجمع بين "الروح والمادة"، وبالتالي يجب أن يُنتج حضارةً متوازنة. لكن هذا لا يحدث  لأن المسلمين توقفوا عن قراءة القرآن كـمنهج تفكير،

نقد بيجوفيتش الجمود الفكري بين التقديس والتجديد.

لم يكن انتقاد بيجوفيتش للمسلمين سلبيًا؛ بل كان دعوة للصحوة؛ إذ يرى أن الجمود في فهم القرآن أدى إلى تهميش دور الإسلام في تشكيل الحضارة الإنسانية، بينما التاريخ الإسلامي المبكر شهد ازدهارًا عندما تعامل المسلمون مع القرآن كمرشدٍ للعقل والعمل.

وفي "البيان الإسلامي"، يطرح بيجوفيتش رؤيةً لإقامة نظام سياسي إسلامي حديث، يقوم على مبادئ الشورى وحقوق الإنسان، مستلهمًا القرآن كمصدر للإلهام وليس كنصوص جامدة.

وهنا، يظهر الفرق بين التمسك بالشكل دون المضمون والتقديس الفعال (استخراج القيم وتطويرها).

كانت رؤية بيجوفيتش إلى الإسلام أنه رسالة إلى المستقبل؛ إذ إن علي عزت بيجوفيتش لم يكن مجرد فيلسوف؛ بل كان صاحب مشروع أراد إثبات أن الإسلام يمكن أن يكون أساسًا لدولة عادلة وحديثة. وقولته عن القرآن تُلخص أزمة العالم الإسلامي، وأهمها الانشغال بالمظهر على حساب الجوهر. ولا شك أن دعوته إلى تحويل القرآن من "شيء مُقدس" إلى "منهج مقدس" هي إعادة تعريف للتدين نفسه، ليس طقوسًا فحسب؛ بل فعلًا أخلاقيًا وحضاريًا.

وعندما حوصرت العاصمة سراييفو،  كانت الحرب الخيار الأصعب لفلسفته، ولم يتحول بيجوفيتش إلى خطاب الكراهية؛ بل ظل يؤكد أن الحرب "ليست صراعًا بين الإسلام والمسيحية، بل بين الحضارة والهمجية".

هنا، تجلّت قدرته على تحويل المأساة إلى فرصةٍ لتعريف العالم بقضية الإسلام الوسطي، مستخدمًا المنصات الدولية لتوضيح أن المسلمين البوسنيين "يدافعون عن حق أوروبا في التنوع، لا عن تعصب ديني". لقد حوَّل المعاناة إلى رسالةٍ عالمية: الإسلام ليس عدوًا لأوروبا؛ بل جزءًا من نسيجها الإنساني.

اليوم، وفي ظل تحديات العولمة والهويات المتنازعة، تظل أفكار بيجوفيتش منارةً لكل من يبحث عن إسلام يجمع بين الأصالة والابتكار، بين الإيمان وإنجازات العصر.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

الجهاد الإسلامي تشيد بدور اليمن في نصرة غزة

وأكد المتحدث باسم حركة الجهاد الإسلامي، محمد الحاج موسى، أن هذا الإنجاز العسكري يعكس وحدة ساحات المواجهة حيث تمتد معركة الأمة ضد الاحتلال وأدواته من غزة الصامدة إلى صنعاء الحرة مشددًا على أن هذا المشهد يُجسّد مبدأ التكامل بين قوى المقاومة في المنطقة.

وأضاف: "نحيّي اليمن وأبطاله الذين لم ينشغلوا بجراحهم عن نصرة قضايا الأمة، ونجدد التأكيد على أن العدو واحد، والمصير مشترك والمقاومة هي السبيل لتحرير الأرض واستعادة الكرامة".

وكانت القوات المسلحة اليمنية قد أعلنت صباح اليوم الثلاثاء، نجاح دفاعاتها الجوية في إسقاط طائرة أمريكية مسيّرة من طراز MQ-9 وذلك أثناء تنفيذها مهام عدائية في أجواء محافظة مأرب مؤكدةً أن العملية تمت بصاروخ محلي الصنع مناسب.

وأوضح متحدث قوات صنعاء العميد يحيى سريع، في بيان، أن هذه الطائرة هي السادسة عشرة التي يتم إسقاطها خلال معركة "الفتح الموعود والجهاد المقدس” إسنادًا لغزة.

وفي البيان، أدان الجيش اليمني الغارات الجوية الأمريكية الأخيرة على مناطق متفرقة من البلاد والتي أسفرت عن سقوط شهداء وجرحى وتسببت في أضرار بالغة بممتلكات المواطنين.

كما جددت قوات صنعاء تأكيدها على استمرار منع الملاحة الإسرائيلية في البحرين الأحمر والعربي واستمرار دعمها للشعب الفلسطيني حتى وقف العدوان على غزة ورفع الحصار عنها، مشددة على أنها لن تتردد في تنفيذ المزيد من العمليات الدفاعية ضد القطع الحربية المعادية خلال الأيام المقبلة.

مقالات مشابهة

  • الجهاد الإسلامي تشيد بدور اليمن في نصرة غزة
  • التعاون الإسلامي تدين مخططات الاستيطان في القدس المحتلة
  • مشروع أحمد النوفلي.. والظاهرة القرآنية
  • الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يُلقي خطبة عيد الفطر في أكبر جوامع ألبانيا ومنطقة البلقان
  • الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي: العيد يوم للتسامُح وتعزيز أواصر الأخوة والمودة
  • فيديو من مكتبة المفكر الإسلامي الراحل حسن الترابي بعد تحرير منزله بالخرطوم
  • المجدد علي عزت بيجوفيتش
  • مجمع الفقه الإسلامي بالسودان يعلن غدًا أول أيام شهر شوال 1446 هـ
  • يفوق الخيال.. علماء يكتشفون دبورًا من العصر الطباشيري محفوظا بعنبر