التأسيس لقانون الغاب على أنقاض القانون الدولي
تاريخ النشر: 29th, March 2025 GMT
آخر الأخبار تعزز ما لم نتوقعه من انقسام العالم ونحن في سنة 2025 إلى فسطاطين: فسطاط القانون الدولي بوصاياه العشر السخية المعروفة وفسطاط القانون الأمريكي ـ الإسرائيلي المفروض والمرفوض إنسانيا بسبب وحشيته وضربه بالأخلاق عرض الحائط! ومن آخر مؤشراته ما وقع خلال الأسبوع الماضي من قصف إسرائيلي موسع لقطاع غزة خلف أكثر من 400 ضحية مدنية بريئة جلهم من الأطفال، وهو ما فاجأ العالم بعد اعتقاد حماس أن هدنة عقدت بين الطرفين.
والغريب أكثر من جنون (ناتنياهو) هو ما صرح به الناطق باسم ترامب من أن تلك الضربات جاءت بالتشاور بين الحليفين الإسرائيلي والأمريكي وأن ترامب تحمس لها وشجع عليها! وكذلك المكالمة الهاتفية المطولة بين ترامب و بوتين يوم الأربعاء لتقرير مصير أوكرانيا بدون زيلنسكي وبدون أوروبا!
وحول هذه الانقلابات "الترامبية" السريعة حذر الكاتب الأمريكي البارز توماس فريدمان في مقاله الأسبوعي بصحيفة نيويورك تايمز من أن ولاية الرئيس دونالد ترامب الثانية لن تحقق شعاراته التي لوح بها أثناء حملته الانتخابية..
ويتناول مقال الرأي المعنون "انهيارٌ كبيرللولايات المتحدة دولتنا العظمى يجري على قدم وساق"، يتناول بشكل نقدي عهدة ترامب الثانية مشددًا على طبيعتها الفوضوية وما يميزها من أنانية.. ويؤكد فريدمان بأن سياسات ترامب تفتقر إلى التماسك، بل إنها مدفوعة بسعي شخصي للانتقام من "مظالم مزعومة تعرض لها هو شخصيا".. واختيار فريقه الحكومي ومستشاريه حسب معيار الولاء له شخصيا وليس الكفاءة أو المقدرة على تسيير دواليب الدولة.
وفي المقال الحافل بالانتقادات اللاذعة لترامب يقول فريدمان: إن ترامب هو وحده دون أي شخص آخر من يتحمل الأخطاء التي ترتكبها إدارته في شتى القضايا من التعامل مع أوكرانيا وأزمة الشرق الأوسط وفرض الرسوم الجمركية والرقائق الإلكترونية ومجالات أخرى فشلت تماما.. ومرد كل تلك الإخفاقات وفقا لفريدمان هو أن ترامب لم تكن لديه رؤية متماسكة لمجريات الأمور في عالم اليوم وكيفية توافق أمريكا معها على أفضل وجه حتى يتحقق الازدهار المنشود في القرن الحالي.
إن ترامب هو وحده دون أي شخص آخر من يتحمل الأخطاء التي ترتكبها إدارته في شتى القضايا من التعامل مع أوكرانيا وأزمة الشرق الأوسط وفرض الرسوم الجمركية والرقائق الإلكترونية ومجالات أخرى فشلت تماما..ويضيف الكاتب: إن ترامب عاد مرة أخرى إلى البيت الأبيض حاملا في جعبته هواجسه وحقده القديم نفسيهما إزاء تلك القضايا وعزز إدارته بعدد غير عادي من الأيديولوجيين الهامشيين الذين استوفوا معيارا أساسيا واحدا وهو الولاء الدائم له ولأهوائه قبل الدستور والقيم التقليدية للسياسة الخارجية الأمريكية أو القوانين الأساسية للاقتصاد.. والنتيجة ـ وفق المقال ـ هي ما يشهده العالم اليوم من مزيج غريب من رسوم جمركية تُفرض ثم تنقض لتفرض مرة أخرى، ومساعدات تُقدم لأوكرانيا ثم توقف وتستأنف من جديد، وإدارات حكومية وبرامج داخلية وخارجية تتقلص ثم يعاد بها العمل ثم تتقلص من جديد عبر مراسيم متضاربة ينفذها جميعا وزراء وموظفون في الحكومة يجمعهم الخوف من تغريدة هنا وهناك ينشرها حليفه الملياردير (إيلون ماسك) أو الرئيس نفسه عنهم على وسائل التواصل الاجتماعي إذا ما حادوا عن أي خط سياسي يرسمه لهم!
ومضى فريدمان إلى القول: إنه ما من أحد في العالم يمكنه أن يكون حليفا لأمريكا أو أن يكون شريكا تجاريا لها على المدى الطويل إذا كان الرئيس الأمريكي يهدد أوكرانيا مثلا ويتوعد روسيا ثم يسحب وعيده ويلوّح بفرض رسوم جمركية ضخمة على المكسيك وكندا ثم يؤجل سريانها ويضاعف الرسوم الجمركية على الصين وينذر أوروبا وكندا بفرض المزيد منها ثم التهديد بضم كندا وغرين لاند الى ممتلكات الولايات المتحدة!! والإعلان عن تغيير اسم خليج المكسيك إلى خليج أمريكا!
التصنيف "الترامبي" للأعداء غيّر قائمة أسمائهم ولم تعد روسيا هي العدو القديم المعروف بل أصبح بوتين حليفا وتحول حلف الناتو إلى خانة الأعداء المحتملين مع الاتحاد الأوروبي وطبعا الصين المنافس الأول لواشنطن!!ووفقا للمقال فإن أكذوبة ترامب الكبرى ادعاؤه بأنه ورث اقتصادا خرِبا عمن سبقوه في رئاسة الولايات المتحدة مدعيا أن "الرب" أرسله لإصلاح تلك الأوضاع، وهذا طبعا محض هراء برأي الكاتب. ومع أن فريدمان يرى أن ترامب كان محقا في اعتقاده بأن هناك حاجة لمعالجة الخلل التجاري مع الصين إلا أنه يرى أنه كان بإمكان الرئيس الأمريكي أن يقوم بذلك من خلال زيادة الرسوم الجمركية على بكين بالتنسيق مع حلفائنا خاصة الإتحاد الأوروبي واليابان.
وخلص الكاتب إلى القول: "إذا كان ترامب يريد أن يحدث تحولا جوهريا في الاتجاه المعاكس فهو مدين للبلاد بأن تكون لديه خطة متماسكة تستند إلى اقتصاد سليم وفريق يمثل الأفضل والأكثر ذكاءً وليس الأكثر تملقا من اليمينيين المتطرفين.
في نفس السياق ولو نثير أزمة البحر الأحمر ودخول الجيش الأمريكي عبر حاملة الطائرات (يو أس أس هاري ترومان) لقصف المدنيين اليمنيين بدعوى الرد "المشروع" على الحوثيين أنصار الله الذين لم يترددوا منذ حرب الإبادة الإسرائيلية ضد شعب غزة في مساندة أشقائهم الفلسطينيين وقيامهم بواجب الاعتراض على مرور بواخر إسرائيلية وأمريكية وبريطانية قادمة من أو متجهة إلى موانئ إسرائيلية يعتبرها الحوثيون عدوة ومساهمة في قتل الأبرياء.. وحتى هذه الأيام الأخيرة تتواصل حرب البحر الأحمر وهو ما يؤكد قيام ترامب منذ عودته إلى البيت الأبيض بتغيير العقيدة العسكرية الأمريكية التقليدية وتهديد العالم باستعمال القوة النووية الأمريكية ضد كل من يهدد الأمن الأمريكي مهما كان حسب تصريحات ترامب ووزيره الجديد للدفاع (بيت هيغسيت) الذي صرح يوم الأربعاء الماضي لقناة فوكس نيوز" بأن بلاده مستعدة لخوض أي حرب ضد الصين وذلك ردا على بيان سفارة الصين في واشنطن الذي جاء فيه "إن بكين مستعدة لأي نوع من الحرب ضد الولايات المتحدة الأمريكية بسبب ممارسات إدارة واشنطن بفرض الرسوم الجمركية الجائرة على صادراتها.
وأكد (هيغسيث) أن الولايات المتحدة "لا تريد الحرب" لكنها "مستعدة" لأي حرب محتملة مع الصين. وأضاف: بأن من يريد السلام يجب أن يكون مستعدا للحرب وأن واشنطن يجب أن تكون قوية كي تكون رادعة ضد الصين أو أي دولة أخرى.
والغريب في هذا المجال أن التصنيف "الترامبي" للأعداء غيّر قائمة أسمائهم ولم تعد روسيا هي العدو القديم المعروف بل أصبح بوتين حليفا وتحول حلف الناتو إلى خانة الأعداء المحتملين مع الاتحاد الأوروبي وطبعا الصين المنافس الأول لواشنطن!! مع الملاحظة أن جرائم إبادة الأبرياء الغزاويين عادت أعنف من ذي قبل وأن ناتنياهو يلعب بأرواح الفلسطينيين كورقة للبقاء في الحكم لا غير بينما مظاهرات إسرائيلية ضخمة تطالب بمفاوضات تعيد الرهائن لعائلاتهم! وأن اجتماعا لوزراء الدفاع الأوروبي انعقد مؤخرا ببروكسل وقرر الترفيع في ميزانيات الدفاع وتعزيز القوة النووية ب700 مليار يورو إضافية لمواجهة الأخطار الروسية و الأمريكية المتحالفة!!!
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه قضايا وآراء ترامب الرأي سياسات امريكا رأي سياسات ترامب قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة الرسوم الجمرکیة
إقرأ أيضاً:
ستارمر ينفي تعرضه للتلاعب من ترامب ويؤكد السعي لتخفيف الرسوم الجمركية
نفى رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، المزاعم التي تشير إلى تعرضه للتلاعب من قبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مؤكدًا أن اتفاقية تجارية مستقبلية بين المملكة المتحدة والولايات المتحدة قد تسهم في التخفيف من تأثير الرسوم الجمركية الأمريكية المقرر فرضها قريبًا.
مفاوضات تجارية لتقليل التأثير الاقتصادي
في مقابلة أجراها مع شبكة "سكاي نيوز"، أوضح ستارمر أن بلاده تعمل على التوصل إلى اتفاقية اقتصادية جديدة مع واشنطن، مشيرًا إلى أن مثل هذه الصفقة قد تتيح لبريطانيا الحصول على بعض الإعفاءات من الرسوم الجمركية التي ستُفرض اعتبارًا من الغد.
وأضاف:"نحن نتفاوض بالطبع على اتفاقية اقتصادية، آمل أن تُخفف من وطأة الرسوم الجمركية."
وأشار ستارمر إلى أن المفاوضات الاقتصادية عادةً ما تستغرق أشهرًا أو حتى سنوات، إلا أنه أكد أن التقدم في المباحثات الحالية تم بسرعة كبيرة، حيث قال:"في غضون أسابيع، قطعنا شوطًا كبيرًا في تلك المناقشات."
علاقة وثيقة مع الولايات المتحدة رغم التحديات
ورداً على سؤال حول ما إذا كان ترامب قد تلاعب به، شدد ستارمر على أهمية العلاقات الاستراتيجية بين بريطانيا والولايات المتحدة، قائلاً:
"الولايات المتحدة هي أقرب حليف لنا. دفاعنا وأمننا واستخباراتنا مُرتبطة ببعضها البعض بشكل لا يُقارن بأي دولة أخرى."
وأكد أنه من مصلحة بريطانيا الحفاظ على هذه العلاقة القوية، التي تمتد لعقود طويلة، والعمل على استمراريتها مستقبلاً.
استعداد لمواجهة الرسوم الجمركية
أقرّ ستارمر بأن المملكة المتحدة ستتأثر سلبًا بالرسوم الجمركية الجديدة، مشيرًا إلى أن الحكومة تعمل بشكل مكثف مع القطاعات الأكثر تضررًا للحد من التداعيات الاقتصادية لهذه الإجراءات. وأوضح قائلاً: "نحن نعمل بوضوح مع القطاعات الأكثر تأثرًا بوتيرة سريعة في هذا الشأن."
كما أكد أن بلاده لا تسعى إلى تصعيد النزاع التجاري مع الولايات المتحدة، لكنه شدد على أن جميع الخيارات مطروحة لمواجهة أي تداعيات سلبية.
وقال:"لا أحد يريد أن يرى حربًا تجارية، ولكن عليّ أن أتصرف بما يخدم المصلحة الوطنية."
وتُعد العلاقات التجارية بين المملكة المتحدة والولايات المتحدة من الأكثر تعقيدًا وتشابكًا في العالم، حيث تمثل الولايات المتحدة أحد أهم الشركاء التجاريين لبريطانيا. ورغم انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، سعت الحكومات البريطانية المتعاقبة إلى إبرام اتفاقيات تجارية مستقلة مع واشنطن لتعزيز التعاون الاقتصادي.
ومع تولي دونالد ترامب الرئاسة الأمريكية، شهدت العلاقات الاقتصادية بين البلدين بعض التوترات، خاصة في ظل السياسات التجارية الحمائية التي تبناها ترامب، والتي تضمنت فرض رسوم جمركية على بعض الواردات البريطانية. ومن هنا، تسعى حكومة ستارمر إلى التفاوض على اتفاق يضمن استقرار التجارة بين البلدين، ويحد من التأثير السلبي للرسوم الجمركية الجديدة على الاقتصاد البريطاني.
ويعكس موقف كير ستارمر التوجه البريطاني نحو تعزيز التعاون مع الولايات المتحدة، مع التأكيد على ضرورة حماية الاقتصاد الوطني من أي تداعيات سلبية للقرارات التجارية الأمريكية. وبينما تستمر المفاوضات بين البلدين، يبقى السؤال مفتوحًا حول مدى نجاح بريطانيا في تقليل آثار الرسوم الجمركية الجديدة وتحقيق اتفاق تجاري متوازن يخدم مصالحها الاقتصادية.