القاهرة- تشهد أروقة نقابة الصحفيين المصريين جدلا نقابيا واسعا يتزامن مع انتخابات "التجديد النصفي" لمجلس النقابة، يدور حول قضايا تتعلق بواقعهم المعيشي والحريات والتشريعات النقابية.

على رأس هذه القضايا تأتي زيادة "بدل التدريب والتكنولوجيا"، وهو بمنزلة "أجر" شهري يتقاضاه الصحفيون النقابيون في مصر، تموله الدولة منذ عام 1975، وعادةً ما تدور حوله البرامج الانتخابية النقابية.

عودة الحديث عن الحريات وقيمة البدل المقدرة بـ3900 جنيه (أي أقل من 80 دولارا)، تثير تساؤلات على لسان مرشحين نقابيين وأعضاء بالجمعية العمومية، أبرزها: إلى أي مدى تسبب الواقع المعيشي الراهن للصحفيين في مصر في أن يكون "البدل" محورا مهما في الانتخابات النقابية؟

انتخابات "التجديد النصفي" تجري كل عامين على مقعد النقيب ونصف مقاعد أعضاء المجلس (الجزيرة) خريطة الانتخابات والمرشحين

تُجرى انتخابات "التجديد النصفي" كل عامين على مقعد النقيب ونصف مقاعد أعضاء المجلس (12 عضوا/ دورة كل عضو 4 سنوات)، وكان من المقرر عقدها يوم 7 مارس/آذار الجاري، لكنها تأجلت أسبوعين، ثم إلى 4 أبريل/نيسان لعدم اكتمال النصاب القانوني.

ويتطلب النصاب القانوني حضور 50%+1 من الأعضاء المشتغلين البالغ عددهم 10 آلاف و232 صحفيا في الانعقاد الأول، أو ربعهم في الجولات التالية، وسط مؤشرات على إمكانية إجرائها يوم 2 مايو/أيار، وفق اتفاق "غير معلن" بين المرشحين والجمعية العمومية، مراعاة لشهر رمضان والأعياد الدينية.

في حين يخوض 8 مرشحين الانتخابات على مقعد النقيب، تنحصر المنافسة الفعلية -وفق مؤشرات عدة- بين مرشحين اثنين بارزين، هما:

إعلان النقيب المنتهية ولايته خالد البلشي، يساري معارض، وأحد أبرز قيادات ما يعرف بـ"تيار الاستقلال النقابي" (جبهة تحمل شعار الاستقلال النقابي والحريات). النقيب الأسبق (2017-2019) عبد المحسن سلامة، الذي ينتمي إلى مؤسسة الأهرام (المملوكة للدولة) وتُعد واحدة من أكبر الكتل التصويتية في انتخابات الصحفيين.

أما عضوية مجلس الصحفيين، فتشهد منافسة 43 مرشحا على 6 مقاعد، وكما في الجولات الأخيرة، تنحصر الانتخابات هذه المرة أيضا بين "تيار الاستقلال" وقائمة تصنف نقابيا بأنها "تلقى دعما حكوميا"، وهو ما لم يثبت أن أكدته أو نفته الحكومة المصرية سابقا.

توافق "نادر"

خلال الدورات الانتخابية في العقد الماضي، كانت انتخابات الصحفيين بمنزلة سباق بين تكتل محسوب على الحكومة وآخر يساري ذي توجهات معارضة، الأول يحمل ورقة زيادة البدل، والآخر يحمل رهانات تحقيق هامش من "الحريات والاستقلالية النقابية".

بيد أن انتخابات 2025 تشهد مفارقة ملحوظة، تتمثل في اتفاق غالبية المرشحين على تبني ملف الحريات والصحفيين المحبوسين، إلى جانب الدعوة إلى إجراء تعديلات على القوانين والتشريعات الصحفية، لأغراض تبدو مختلفة.

وهذا التوافق النادر حول "الحريات والصحفيين المحبوسين"، اعتبره البلشي في أكثر من مناسبة "نجاحا لمجلسه المنتهية ولايته في جعل الآخرين يتحدثون عن ملفات ومشاكل كانوا ينكرونها سابقا".

في حين يرى المنافس الأبرز للبلشي، عبد المحسن سلامة، أن "قضايا الحريات لا يمكن تجاوزها في انتخابات الصحفيين، كما لا يجوز لأي طرف احتكارها أو المتاجرة بها انتخابيا".

المؤتمر السادس للصحفيين تناول الواقع المعيشي للجماعة الصحفية (مواقع التواصل) مزايدة البدل

وعادة ما تحمل انتخابات الصحفيين مزايدات نقابية حول البدل، وإن كانت بعض الأصوات الصحفية تشير إلى انتقاله في الدورات الأخيرة من ورقة انتخابية إلى استحقاق نقابي.

إعلان

تعقيبا على ذلك، يؤكد سلامة أن مشكلة البدل تكمن في غياب تشريع واضح ينظم زيادته بشكل دوري وثابت، ومع ذلك، يعتقد أن زيادته تعتمد على قوة النقيب والمفاوض ومكانته وليس على توجهات سياسية معينة.

في المقابل، سبق أن ندد البلشي بهذا الطرح، معتبرا "القول بأن البدل يأتي بقوة النقيب إهانة للجمعية العمومية".

خيوط معقدة ومتشابكة

ممسكا بخيوط "البدل والحريات والمحتوى الصحفي" المعقدة والمتشابكة، يشير الكاتب الصحفي محمد سعد عبد الحفيظ، عضو المجلس المنتهية ولايته والمرشح لدورة جديدة، إلى أن الأوضاع الاقتصادية للصحفيين أصبحت بالغة الصعوبة.

وفي حديث للجزيرة نت، عزا عبد الحفيظ الأسباب إلى "غياب هامش الحرية الكافي الذي يسمح بإنتاج محتوى صحفي جاذب، مما يؤثر سلبا على الإعلانات والإيرادات، وبالتالي ينعكس على الظروف المعيشية للصحفيين".

وشدد على أن "بدل التدريب والتكنولوجيا حق قضائي ثابت وليس منة، وصدر بشأنه أكثر من حكم من المحكمة الإدارية العليا"، موضحا أن أزمة البدل تكمن أيضا في ارتباط زيادته بالمواسم الانتخابية، بدلا من أن تكون زيادة دورية متماشية مع معدلات التضخم أو العلاوات السنوية.

أرقام ومؤشرات

متفقة مع الطرح السابق، ترى الصحفية والمرشحة لعضوية مجلس النقابة، إيمان عوف، أن بدل التدريب والتكنولوجيا أصبح مصدر دخل أساسيا للصحفيين، لكنه لا يضمن الحد الأدنى من الحياة الكريمة التي يفترض أن يتمتعوا بها.

وفي تصريحات للجزيرة نت، استشهدت عوف بـ"مخرجات صادمة" كشفتها نتائج الاستبيان الذي أُجري في المؤتمر السادس لنقابة الصحفيين في ديسمبر الماضي، موضحةً أنها أظهرت أن:

نحو 13% من الصحفيين لا يتقاضون رواتب، مما يعني أنهم يعملون في ظروف أقرب إلى العمل الجبري. تتراوح نسبة من يحصلون على رواتب غير مستقرة بين 13% و17%. يعاني أكثر من 49% من غياب الحد الأدنى للأجور (6 آلاف جنيه) أو وجود لوائح مالية تنظم حقوقهم داخل المؤسسات الصحفية. نحو 65% من الصحفيين ينفقون البدل على متطلبات حياتهم اليومية، بدلا من استثماره في التدريب أو المعدات الصحفية. إعلان جمعية عمومية "أكثر وعيا"

بدوره، يقول الناقد الرياضي بصحيفة الجمهورية، ناصر سليمان، إن انتخابات الصحفيين لن تحسمها وعود زيادة البدل، بعد أن أصبحت الجمعية العمومية أكثر وعيا وإدراكا لما يدور داخل النقابة.

ويشير سليمان إلى جملة من المشاكل التي تعاني منها الجماعة الصحفية، منها: الوضع الاقتصادي المتردي، وتدني رواتب الصحفيين في المؤسسات القومية، وإغلاق عدد من الصحف الخاصة، وتحول "البدل" إلى ملاذ أساسي لجموع الصحفيين.

ويعتقد أن جزءا من مواجهة الأزمة المالية التي يعاني منها الصحفيون يكمن في ربط البدل بالحد الأدنى للأجور.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات رمضان انتخابات الصحفیین

إقرأ أيضاً:

وسط تهديدات «ترامب».. كيف أصبحت أسعار النفط والذهب؟

تراجعت أسعار النفط خلال تعاملات الاثنين المبكرة، متجهة صوب خسائر فصلية طفيفة، على الرغم من تحذير الرئيس الأميركي دونالد ترامب “بفرض رسوم جمركية ثانوية على مشتري النفط الروسي إذا شعر أن موسكو تعرقل جهوده لإنهاء الحرب في أوكرانيا”.

وأفادت وكالة “رويترز” أنه “بحلول الساعة 0330 بتوقيت غرينتش، انخفضت العقود الآجلة الأكثر تداولا لشهر يونيو لخام برنت 30 سنتا أو 0.4 بالمئة إلى 72.46 دولار للبرميل، في حين تراجع خام غرب تكساس الوسيط 33 سنتا أو 0.5 بالمئة إلى 69.03 دولار للبرميل”.

وأضافت “رويترز”، “يتجه الخامان صوب إنهاء الشهر على انخفاض طفيف وتسجيل أول خسارة فصلية على مدى فصلين”.

وقال يوكي تاكاشيما، الخبير الاقتصادي في شركة نومورا للأوراق المالية، “كان من المفترض أن تؤدي تعليقات ترامب إلى تعزيز أسعار النفط، لكن الشكوك حول جدواها وزيادة إنتاج أوبك+ المقبلة بدءا من أبريل تجعل المستثمرين حذرين”.

وأضاف “نتوقع أن يظل خام غرب تكساس الوسيط في نطاق بين 65 و75 دولارا في الوقت الحالي مع تقييم السوق لتأثير الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على إمدادات النفط والاقتصاد العالمي، فضلا عن وضع الإمدادات من الولايات المتحدة وأوبك+”.

ومن المقرر أن “تبدأ مجموعة أوبك+، التي تضم منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفائها بقيادة روسيا، زيادة إنتاج النفط شهريا في أبريل، وذكرت رويترز في الأسبوع الماضي أن من المرجح أن تواصل المجموعة زيادة إنتاجها في مايو”.

وقال متعاملون “إن السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، قد تخفض أسعار خامها للمشترين الآسيويين في مايو إلى أدنى مستوى في ثلاثة أشهر، مقتفية أثر الانخفاضات الحادة في أسعار الخام القياسية هذا الشهر”.

في هذه الأثناء، قال مصدران مطلعان لرويترز “إن محادثات استئناف صادرات النفط الكردي عبر خط الأنابيب العراقي التركي تتعثر بسبب استمرار عدم الوضوح بشأن المدفوعات والعقود”.

وفشلت المفاوضات التي بدأت في أواخر فبراير حتى الآن في إنهاء الجمود المستمر منذ ما يقرب من عامين والذي أدى إلى توقف تدفقات النفط من إقليم كردستان العراق في شمال البلاد إلى ميناء جيهان التركي على البحر المتوسط.

وفي سياق متصل، “تجاوزت أسعار الذهب خلال تعاملات الاثنين المبكرة، حاجز الـ 3100 دولار للأونصة لأول مرة مع موجة جديدة من الاستثمارات في أصول الملاذ الآمن بفعل مخاوف بشأن الرسوم الجمركية الأميركية والتباطؤ الاقتصادي المحتمل، إضافة إلى مخاوف جيوسياسية”.

وبحسب بيانات وكالة “رويترز”، “سجل الذهب في المعاملات الفورية ارتفاعا قياسيا وبلغ 3106.50 دولار للأونصة (الأوقية)”.

وأضاف، “سجلت أسعار الذهب ارتفاعات قياسية متعددة، إذ ارتفعت بنسبة تزيد عن 18 بالمئة منذ بداية هذا العام مستفيدة من مكانتها كوسيلة للتحوط ضد الاضطرابات الاقتصادية والجيوسياسية”.

وفي وقت سابق من هذا الشهر، تجاوز الذهب مستوى 3 آلاف دولار للأونصة للمرة الأولى وهو إنجاز مهم يقول الخبراء إنه يعكس المخاوف المتزايدة بشأن عدم الاستقرار الاقتصادي والتوترات الجيوسياسية والتضخم.

ودفع ارتفاع أسعار الذهب العديد من البنوك إلى زيادة توقعاتها لأسعار الذهب هذا العام.

وقال محللون في أو.سي.بي.سي “في الوقت الحالي، ازدادت جاذبية الذهب كملاذ آمن وتحوط من التضخم في ظل هذه المخاوف الجيوسياسية والضبابية بشأن الرسوم الجمركية. لا نزال متفائلين بشأن توقعات الذهب في ظل استمرار الخلافات التجارية العالمية والضبابية”.

ورفع كل من غولدمان ساكس وبنك أوف أميركا ويو بي إس أسعارهم المستهدفة للذهب هذا الشهر، إذ توقع غولدمان أن “يصل سعر الذهب إلى 3300 دولار للأونصة بنهاية العام، ارتفاعا من 3100 دولار”.

ويتوقع بنك أوف أميركا “أن يُتداول الذهب عند 3063 دولارا للأونصة في عام 2025 و3350 دولارا للأونصة في عام 2026، ارتفاعا من توقعاته السابقة البالغة 2750 دولارا للأونصة في عام 2025 و2625 دولارا للأونصة في عام “2026.

ومنذ توليه منصبه، طرح الرئيس الأميركي دونالد ترامب، خططا لفرض سلسلة من الرسوم الجمركية الجديدة بهدف حماية الصناعات الأميركية وخفض العجز التجاري، بما في ذلك رسوم جمركية بنسبة 25 بالمئة على السيارات وقطع غيار السيارات المستوردة، بالإضافة إلى رسوم إضافية بنسبة عشرة بالمئة على جميع الواردات من الصين.

ويعتزم الإعلان عن مجموعة جديدة من الرسوم الجمركية المضادة في الثاني من أبريل.

مقالات مشابهة

  • بعد نهاية الحرب..أوكرانيا: لا انتخابات رئاسية في البلاد سريعاً
  • ماسك يوزع شيكات بمليون دولار على ناخبي ويسكونسن قبيل انتخابات المحكمة العليا
  • 4 أبريل.. عقد الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين لمناقشة التجديد النصفي وانتخاب النقيب والمجلس
  • وسط تهديدات «ترامب».. كيف أصبحت أسعار النفط والذهب؟
  • 4 أبريل.. الصحفيين تستعد لعقد الاجتماع الثالث للجمعية العمومية لإجراء الانتخابات
  • الإفتاء تحسم الجدل.. قصة حيرة حمزة العيلي في الصيام والإفطار
  • الصحفيين توجه الدعوة الثالثة لعقد الجمعية العمومية الجمعة 4 أبريل
  • المفوصية تنشر إحصائيات التسجيل في «انتخابات المجالس البلدية»
  • حكم تأخير زكاة الفطر.. دار الإفتاء تحسم الجدل