شهدت محافظة حضرموت تطورات متسارعة عقب عودة الشيخ عمرو بن حبريش العليي، رئيس حلف قبائل حضرموت، رئيس مؤتمر حضرموت الجامع، ووكيل أول المحافظة، من زيارة رسمية ناجحة إلى المملكة العربية السعودية، قابلتها الإمارات بتحركات مفاجئة طالت كبار القيادات العسكرية ذات الانتماء القبلي لقبيلة الحموم، في ما وُصف بأنه محاولة لتفجير الأوضاع في ساحل حضرموت.

 

زيارة ناجحة ولقاءات استراتيجية

 

الشيخ بن حبريش عاد إلى سيئون قادما من الرياض ظهر الخميس 27 رمضان 1446هـ، يرافقه اللواء مبارك أحمد العوبثاني، قائد قوات حماية حضرموت، حيث جرى لهما استقبال رسمي وشعبي حافل في مطار سيئون الدولي. وكان في مقدمة المستقبلين قيادات من حلف قبائل حضرموت، ومؤتمر حضرموت الجامع، إلى جانب جمع من المشايخ والمقادمة والوجهاء وأفراد من القوات الأمنية والعسكرية.

 

وخلال زيارته للمملكة، عقد الشيخ بن حبريش سلسلة من اللقاءات رفيعة المستوى، أبرزها مع خالد بن سلمان وزير الدفاع السعودي، والفريق الركن فهد بن حمد السلمان قائد القوات المشتركة، حيث جرى بحث قضايا تتعلق بالأمن والاستقرار في اليمن، وسبل تعزيز التعاون لتلبية الاحتياجات الخدمية والتنموية لأبناء حضرموت.

 

حملة اعتقالات مفاجئة

 

بالتزامن مع عودة بن حبريش، تفجرت الأوضاع في المكلا، حيث أقدمت جهات مدعومة إماراتيًا على تنفيذ حملة اعتقالات طالت قيادات بارزة في المنطقة العسكرية الثانية، معظمهم من قبيلة الحموم التي تشكل أحد أبرز مكونات حلف قبائل حضرموت.

 

وأكد الناشط الحضرمي سالم بن جذنان النهدي عن مصادر عسكرية اعتقال العميد محمد عمر اليميني، أركان حرب المنطقة العسكرية الثانية، في ظروف غامضة. وتوالت الأنباء عن اعتقال العقيد سالم عوض النموري، قائد لواء النخبة، ضمن حملة منظمة تستهدف الضباط الحضارم الرافضين للهيمنة الإماراتية.

 

وفي تصعيد جديد، اعتُقل أيضًا العميد ركن غيثان البحسني، قائد لواء الأحقاف، بعد اتهامات وُصفت بالواهية، حيث جرى اتهام العميد اليميني بالانتماء لجماعة الحوثي، رغم تاريخه العسكري المعروف.

 

واعتبر مراقبون هذه الاتهامات محاولة مفضوحة لشرعنة حملة الاعتقالات وإسكات الأصوات الوطنية والمعارضة للإمارات في المحافظة.

 

ردود وتحذيرات

 

مصادر قبلية وعسكرية حذّرت من أن الاستهداف الممنهج للقيادات الحمومية بالمحافظة، مؤكدة أنها محاولة لزعزعة الاستقرار وإشعال فتنة داخلية في حضرموت، وتمثل استهدافًا مباشرًا لحلف قبائل حضرموت بعد تنامي دوره ونجاح قيادته في تعزيز الحضور السياسي والوطني في المحافل الإقليمية.

 

وتأتي هذه التحركات في وقت تتزايد فيه الدعوات لتمكين أبناء حضرموت من إدارة شؤونهم بعيدًا عن التدخلات الخارجية، وسط مطالبات بسرعة الإفراج عن المعتقلين ووقف العبث بأمن المحافظة.

 

فيما يرى مراقبون أن حملة الاعتقالات الأخيرة تمثل تحديًا صارخًا لإرادة أبناء حضرموت، واختبارًا حقيقيًا لمدى التزام القوى الإقليمية بدعم استقرار اليمن ووحدته. في المقابل، يبدو أن التفاف القبائل حول قيادة الشيخ بن حبريش يعكس استعدادًا لمواجهة أي محاولات لفرض الوصاية أو زرع الفوضى في المحافظة.


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: حضرموت المكلا الامارات حلف قبائل حضرموت بن حبريش حلف قبائل حضرموت بن حبریش

إقرأ أيضاً:

حضرموت بين مطرقة الانفصال وسندان الحكم الذاتي

عدن- في خضم تعقيدات الأزمة اليمنية، تبرز محافظة حضرموت كساحة حاسمة لاختبار موازين القوى ومستقبل الوحدة، حيث تتصارع مشاريع الانفصال ومطالب الحكم الذاتي، وسط تنافس محموم من قوى متعددة لفرض نفوذها على هذه المحافظة الحيوية التي تُعد شريان الاقتصاد اليمني ومفتاح استقراره.

تحظى حضرموت بأهمية إستراتيجية بالغة، إذ تمثل 36% من مساحة البلاد، وتضم موانئ رئيسية كميناءي المكلا والشحر، إضافة إلى ميناء الضبة النفطي، وتنتج نحو 80% من نفط اليمن، فضلا عن امتلاكها أكبر احتياطي نفطي ما يجعلها بوابة اقتصادية وسياسية يتنافس الجميع للسيطرة عليها.

وتشهد المحافظة تصاعدا حادا في التوتر السياسي في ظل صراع ثلاثي بين الحكومة الشرعية المتمسكة بوحدة اليمن، والمجلس الانتقالي الجنوبي الساعي إلى الانفصال، و"حلف قبائل حضرموت" المطالب بالحكم الذاتي والمدعوم بقوى قبلية وتشكيلات مسلحة محلية، ما ينذر بانفجار وشيك.

حلف قبائل حضرموت مدعوم بقوى قبلية وتشكيلات مسلحة محلية (الجزيرة) جذور الصراع

ورغم أن هذا التنافس ليس جديدا، إذ تعود جذوره إلى عام 2013 مع تأسيس "حلف قبائل حضرموت" كإطار شعبي وقبلي يسعى إلى نيل الحقوق وتحقيق شراكة عادلة في السلطة والثروة، فإن التطورات الأخيرة أعادت المحافظة من جديد إلى واجهة المشهد السياسي اليمني.

في منتصف أبريل/نيسان الجاري، تجلى تصاعد التوترات بتنظيم هذا الحلف لتجمعات جماهيرية حاشدة في مناطق نفوذه شرقي المحافظة، رُفعت خلالها شعارات تطالب بـ"الحكم الذاتي" و"تقرير المصير"، ويُعد هذا التحرك الأول من نوعه من حيث الطابع السياسي العلني، بعد سنوات اقتصرت فيها مطالبه على قضايا ذات طابع حقوقي.

وفي تطور جديد، دعا المجلس الانتقالي أنصاره لتنظيم فعالية حاشدة الخميس القادم، في خطوة يُنظر إليها كتحرك مضاد لتحركات الحلف، ما يثير مخاوف من اندلاع صدامات أو موجة عنف مسلح بين الطرفين.

إعلان

وكان "مؤتمر حضرموت الجامع" حذر -في بيان سابق- من دخول أكثر من 2500 مسلح، من محافظات عدن ولحج والضالع، إلى حضرموت خلال الفترة من 11 إلى 14 أبريل/نيسان الجاري، معتبرا ذلك محاولة لفرض أجندات خارجية بالقوة.

وجاء هذا التحذير في أعقاب بيان أصدرته "المقاومة الجنوبية بحضرموت"، وهي إحدى التشكيلات المسلحة التابعة للمجلس الانتقالي، تحدثت فيه عن "تحركات مشبوهة" تهدد مديريات الساحل، وأعلنت استعدادها للتصدي لأي اعتداءات محتملة.

الديني حذر من منزلق خطير يواجه حضرموت (الجزيرة) منزلق خطير

وعلى وقع هذا التصعيد، يصف الصحفي عماد الديني رئيس تحرير صحيفة "أخبار حضرموت"، الوضع الراهن في المحافظة بأنه أصبح ينذر بوقوع كارثة وشيكة، وقال للجزيرة نت إن الصراع دخل مرحلة غير مسبوقة، وقد يدفع بالأمور نحو منزلق خطير، محملا السلطة المحلية مسؤولية ما يحدث.

واعتبر أن التصعيد جاء ردا على ما وُصف بـ"محاولات فرض الوصاية والهيمنة" من أطراف سياسية، في إشارة إلى زيارة رئيس المجلس الانتقالي عيدروس الزبيدي إلى المكلا، والتي فجرت موجة من التوترات.

وكان الزبيدي قد وجّه انتقادات لاذعة للمكونات المحلية في حضرموت خلال زيارته إلى المحافظة منتصف مارس/آذار الماضي. وفي أواخر الشهر ذاته، أعلن عن تشكيل لجنة تحضيرية لكيان جديد تحت مسمى "مجلس شيوخ الجنوب العربي".

ورغم الاستقرار النسبي الذي شهدته حضرموت منذ عام 2015 مقارنة ببقية المحافظات اليمنية، فإنها لم تكن بمنأى عن الاستقطابات السياسية والعسكرية، فخلال السنوات الماضية ظهرت تكتلات محلية وقبلية وسياسية، سعت إلى استغلال حالة الضعف التي تمر بها الحكومة اليمنية لتثبيت حضورها في أي ترتيبات سياسية مقبلة.

الجريري يرى أن المطالب التي يرفعها حلف القبائل تعبّر عن هموم الشارع (الجزيرة)

اليوم، تتقاسم 3 قوى رئيسية النفوذ في المحافظة:

إعلان الحكومة الشرعية التي تسيطر على وادي حضرموت وعاصمته سيئون. المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يهيمن على الساحل وعاصمته المكلا. حلف قبائل حضرموت الذي يطالب بالحكم الذاتي مدعوما بقوات "حماية حضرموت"، ويتمتع بنفوذ متزايد في كل من الساحل والوادي.

ويُظهر الشارع الحضرمي تفاعلا لافتا مع هذه التحولات المتصاعدة في ظل تدهور الأوضاع المعيشية، حيث ينسجم كثير من السكان مع مطالب الحلف، لا سيما فيما يخص الحكم والإدارة الذاتية والتمثيل العادل.

يرى الناشط الحضرمي عبد الجبار الجريري أن المطالب التي يرفعها "حلف القبائل" تعبّر عن هموم الشارع وتراكم طويل من التهميش، مع تصاعد الدعوات لتحسين الخدمات وإنهاء الفساد ومعالجة القضايا التاريخية في المحافظة.

وقال للجزيرة نت إن أبناء حضرموت يرفضون محاولات المجلس الانتقالي لفرض مشروعه بالقوة، وهو ما دفعهم لتبني مشروع هذا الحلف وخيار الحكم الذاتي.

فشل حكومي

ويحذّر مراقبون من أن يؤدي هذا التصعيد إلى واقع جديد يفاقم تعقيدات المشهد اليمني، ويمنح القوى الإقليمية والدولية فرصة أوسع للتدخل، ما يهدد وحدة البلاد واستقرارها.

ويُرجع رئيس مركز أبعاد للدراسات، عبد السلام محمد، ما يجري في حضرموت إلى فشل الحكومة في التنمية، وعجز السلطة المحلية في إدارة الملفات الخدمية. وأضاف للجزيرة نت أن هذا الفشل فسَح المجال أمام التشكيلات المسلحة والمطالب المناطقية المدعومة خارجيا، ما يقوض فرص استعادة الدولة.

وفيما يخص سيناريوهات المستقبل، يرى الباحث أن الخيارات تشمل تدخلا حكوميا لحل الأزمة، أو تصاعد الصراع إلى فوضى وتقسيم فعلي للمحافظة إلى مناطق نفوذ، تهدد الأمن والاستقرار في المنطقة.

بدوره، أكد عبد الهادي التميمي، وكيل محافظة حضرموت لشؤون مديريات الوادي والصحراء، ورئيس اللجنة التحضيرية للمجلس الموحد للمحافظات الشرقية، أن حضرموت تعاني تبعات الأزمة الوطنية الممتدة منذ "انقلاب" الحوثيين، وما رافقها من انهيار اقتصادي وبنى تحتية.

إعلان

وقال للجزيرة نت إن هناك جهودا حثيثة من شخصيات ومكونات محلية بدعم من السلطة، لتخفيف التوتر، مشددا على ضرورة تغليب لغة الحوار والعقل باعتبارها السبيل الوحيد للخروج من الأزمة.

وأشار إلى أن السلطة المحلية تقف على مسافة واحدة من الجميع، وكانت من أوائل المطالبين بتمكين حضرموت من مواردها، مؤكدا أن مطالب المحافظة -كما هو الحال في شبوة والمهرة وسقطرى– تتمثل في نيل شراكة عادلة ضمن دولة اتحادية لامركزية.

مقالات مشابهة

  • العمليات العسكرية اليمنية تطال أقصى شمال فلسطين المحتلة.. الرسائل والدلالات
  • حلف قبائل حضرموت يحيي الذكرى التاسعة لتحرير ساحل حضرموت من الإرهاب غدا الخميس
  • الاحتلال الإسرائيلي يشن حملة اقتحمات واعتقالات واسعة بالضفة الغربية
  • فضيحة مدوية تهز "الشرعية": تسريب يكشف تلقي قيادات بارزة أموالاً من طهران
  • حضرموت بين مطرقة الانفصال وسندان الحكم الذاتي
  • العدو الصهيوني يشن حملة دهم واعتقالات في الضفة الغربية المحتلة
  • سوريا..اعتقال قيادات بارزة في حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية
  • تامر عاشور يشعل أجواء الربيع ويستعد لحفل ضخم في الشيخ زايد بأسعار متفاوتة
  • العدو الصهيوني يشن حملة دهم واعتقالات في الضفة
  • حلف قبائل حضرموت يؤكد السماح بمرور ناقلات الوقود لكهرباء الساحل والوادي