انتقدت منظمة "هيومن رايتس ووتش" النظام الاجتماعي في ألمانيا، مشيرة إلى فشله في حماية الحقوق الأساسية لكثير من الفئات الضعيفة، خاصة النساء والأسر ذات العائل الوحيد. ودعت المنظمة الحكومة الألمانية الجديدة إلى اتخاذ خطوات عاجلة لمعالجة الفقر وعدم المساواة بين الجنسين.

وأوضحت المنظمة في تقرير لها اليوم يحمل عنوان "يمزقك إربًا: الفقر والجندر في نظام الضمان الاجتماعي الألماني" أن العديد من الأسر في ألمانيا تعاني من فقر مدقع، خاصةً الأمهات العازبات وكبار السن من النساء.

وعلى الرغم من أن ألمانيا تُعد ثالث أغنى دولة في العالم، فإن فجوات الضمان الاجتماعي ما زالت واسعة، مما يحرم الملايين من مستوى معيشي لائق.

وأشار التقرير إلى أن الإحصاءات الرسمية تكشف عن أن 14.4% من سكان ألمانيا يعيشون تحت خط الفقر، مع تعرض 18% من كبار السن لخطر الفقر أو الإقصاء الاجتماعي، حيث تتفاقم هذه المشكلة بشكل خاص لدى النساء المسنات بسبب انخفاض المعاشات التقاعدية.

دعوات للتغيير:

وحثت "هيومن رايتس ووتش" الأحزاب السياسية التي تجري محادثات لتشكيل الحكومة الجديدة على إعطاء الأولوية لتعزيز نظام الضمان الاجتماعي، والعمل على إزالة العوائق الهيكلية التي تعيق تحقيق المساواة بين الجنسين. وأشارت المنظمة إلى أن تحسين مستوى دعم الضمان الاجتماعي وتوفير حماية أفضل للفئات الضعيفة يجب أن يكون على رأس جدول أعمال الحكومة الجديدة.

شهادات واقعية:

وتضمن التقرير شهادات مؤثرة لأشخاص يعانون من ظروف معيشية صعبة. حيث قالت سيدة تبلغ من العمر 71 عامًا تعيش بمفردها: "أنا متقاعدة، والدعم الحكومي لا يكفي. في المنزل، أبقى تحت بطانية وأشرب الحساء لأشعر بالدفء". وأفادت أمٌّ عاملةٌ عزباءٌ لثلاثة أطفال بأنها تعاني من صعوبة توفير الطعام لأطفالها بنهاية الشهر.

#ألمانيا: إخفاقات الضمان الاجتماعي مصحوبة بعدم المساواة الهيكلية بين الجنسين تترك العديد من الناس في ألمانيا غارقين في الفقر، وخاصة الأسر وحيدة الوالد والنساء المسنات.
الرابط بالإنغليزية: https://t.co/L8Emz02kC3 pic.twitter.com/QM8VJj0vIG — هيومن رايتس ووتش (@hrw_ar) March 28, 2025

يأتي هذا التقرير بعد أن أقر الائتلاف الحكومي السابق بعض الإصلاحات في نظام الضمان الاجتماعي، إلا أن تأثيرها ظل محدودًا. ويعكس التقرير الحاجة إلى مزيد من التدخلات الحكومية لمعالجة المشكلات البنيوية في النظام الاجتماعي، خاصةً مع توقعات بأن الأولويات المالية للحكومة الجديدة ستتركز على الدفاع والبنية التحتية على حساب نفقات الرعاية الاجتماعية.

ومع استمرار المفاوضات لتشكيل الائتلاف الحاكم الجديد، شددت "هيومن رايتس ووتش" على ضرورة التزام الحكومة بضمان الحقوق الأساسية لجميع المواطنين. ودعت إلى رفع مستويات الدعم الاجتماعي بشكل يضمن حياة كريمة للفئات الأكثر ضعفًا، مع الالتزام بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان التي تعهدت بها ألمانيا.


المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة دولية هيومن رايتس ووتش تقرير اقتصاد المانيا هيومن رايتس ووتش تقرير المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الضمان الاجتماعی هیومن رایتس ووتش

إقرأ أيضاً:

الفقر ليس تهمة .. القيادة بالخبرة والمعرفة والذكاء.

بقلم : ضياء ابو معارج الدراجي ..

في أروقة مؤسسات الدولة، حيث الحواسيب المتهالكة تصارع لتبقى على قيد التشغيل، وحيث لا دعم لوجستي يُذكر سوى أوراق موقعة وأختام خاوية، هناك وُلدت تجربتي التي لا تُشبه غيرها لا في الشكل ولا في المضمون، فمن داخل مكتب رئيس الوزراء عام ٢٠٠٧، حيث تُصنع القرارات وتُنسج السياسات، بدأت رحلتي مع البيانات، لكن ليس كأي مبرمج يُمسك بلوحة مفاتيح وينتظر نتائج محفوظة في كُتبٍ أجنبية، بل كنت أُصارع القيود، الحرفية منها والإدارية، وأُقاتل بفكرة ضد حائطٍ من الجهل والإهمال.

كانت التحديات كبيرة جدًا امنية ومادية وسياسية واخلاقية، كيف لا وأنا أُطالب ببناء منظومات تتعامل مع أكثر من ثلاثين مليون قيد، باستخدام حواسيب لا تقوى على تشغيل حتى متصفح الإنترنت بشكل سلس؟ لم تكن هناك خوادم متطورة، ولا بيئة تدعم قواعد البيانات الضخمة مثل Oracle أو SQL Server أو DB2، هذه البرامج التي تحتاج إلى مراكز بيانات وسعة تخزين وسرعات اتصال لم نكن نحلم بها، ناهيك عن إدارتها، ولم تكن حتى تُطرح على طاولة النقاش، لذلك الواقع فرض علينا مايكروسوفت أكسس، هذا البرنامج البسيط الذي بالكاد يُحتمل عشرة آلاف قيد قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة.

لكنني لم أستسلم، ولم أكن يومًا ممن ينتظرون “موافقات” كي يُنتجوا، بل حفرت في قلب هذه البيئة المحدودة نظامًا جبّارًا، مزجت فيه بين البرمجة الكيانية بلغة Visual Basic وجُمل SQL، واستحدثت أسلوبًا خاصًا في معالجة البيانات، لا يعتمد على استدعاء كل ما في القاعدة، بل على تنبؤ ما يجب أن يُستدعى وفق منطق التحليل الخوارزمي المسبق. أفرغت الذاكرة من الزوائد، وأخفيت الأكواد خلف أوامر ذكية، وصغّرت الأحجام عبر ضغط منطقي وفلترة فكرية وليس رقمية فقط.

فصنعت بيئة يُمكنها استدعاء الأسماء والنتائج والبيانات خلال جزء من الثانية، بعد أن كانت تستغرق أكثر من خمس دقائق الى ربع ساعة في سابق عهدها، بل وذهبتُ لأبعد من ذلك، حين أدخلت نمطًا بسيطًا من الذكاء الاصطناعي قادر على التعرّف على الأسماء المكتوبة خطأً، لا بالاعتماد على التصحيح الإملائي التقليدي، بل بتحليل الحروف وتوقّع البنية الصحيحة، وهذا كله في Access، وعلى جهاز من نوع Pentium 4، وذاكرة RAM لا تتجاوز 2 GB، وفي بيئة تخلو من الدعم، وتخنق كل مبادرة.

ظلّت هذه الانظمة الالكترونية تعمل لسنوات، واعتمدت عليها فرق التحقيق والتدقيق والمراجعة، وكان يشهد لي كل من تعامل معها أنها تسبق زمنها، بل ويدتغني الدولة عن استيراد أنظمة بمئات آلاف الدولارات، دون أن يُعرف أن من بناها كان واحدًا من موظفي الدولة المتواضعين الذين لم يسعَ لمنصب، ولا حملَ واسطة، ولا نطقَ بحزبية.

حتى جاء عام 2015، وحينها لم أُحاسب لأنني أخطأت، بل عُوقبت لأني أبدعت، وأُبعدت عن مهامي بأمر من رئيس الوزراء آنذاك الدكتور حيدر العبادي، ضمن حملة لم تُفرّق بين من يُنتج ومن يُعرقل، وخرجتُ دون أن يُسأل عني أحد، لكن الانظمة الالكترونية التي صنعتها بقت، لأنها ببساطة، لا أحد استطاع أن يفهمها أو يطوّرها، فبقت تعمل عندهم وكأن يدي لا تزال تحركها.

اليوم، أكتب هذه القصة ليس من باب التفاخر، فالكفاءة لا تحتاج إلى ضجيج، بل لأنني سمعت حديثًا للأخ هادي جلو مرعي، يتكلم فيه عن “خبل المناصب” حين تولاها الفقراء، ويقترح إعطاءها للتجار بدلًا منهم، كأن الدولة تُدار بثمن لا بفكر، وكأن الخلل في الفقر لا في الجهل.

وهنا أقول، ليس الفقر من خرّب الدولة، بل الجهل والتسلق، والإبعاد المتعمّد للكفاءات، الكفاءات التي تستطيع أن تُحوّل أدوات بسيطة إلى أنظمة سيادية، وتوفّر على الدولة ملايين الدولارات بخوارزميات وطنية. إن العشرات، بل الآلاف، من هذه الكفاءات تم تهميشها لصالح حملة شهادات مدفوعة الثمن لا يعرفون كيف تكتب جملة SQL واحدة، لكنهم وصلوا، لأنهم يعرفون كيف يُجيدون مسح الأكتاف.

إن إصلاح الدولة لا يكون بتبديل فقير بتاجر، ولا باستيراد مسؤول من السوق، بل بإعادة الاعتبار للعقل، وتقدير المُنتج الوطني، والبحث عن العقول التي أثبتت نفسها في أصعب الظروف، وكرّست قدراتها لخدمة بلدها لا حساباتها. هؤلاء هم من يبنون الدول، لا من يُبدّدون ميزانياتها في ورش عملٍ لا تُنتج سوى المزيد من الخطط العقيمة.

سيبقى الإبداع متّهمًا ما دام الجهل هو الحاكم، وستظل الكفاءة في قفص الاتهام ما لم نُعد الاعتبار للعلم والاختصاص والخبرة، لا للاسم والحزب والعشيرة والكتلة.

ضياء الوكيل

مقالات مشابهة

  • هيومن رايتس: يجب إجبار “إسرائيل” على رفع الحصار وإعادة إعمار غزة
  • هيومن رايتس تتهم الإمارات بإدراج معارضين وأقاربهم على قوائم الإرهاب
  • استيراد ثقافة الفقر بين الفجر النقي وواقع مؤلم
  • الضمان الاجتماعي.. هل هناك فئات تستثنى من التمكين؟ 
  • آخر موعد للتقديم على شقق الإسكان الاجتماعي الجديدة 2025
  • تصاعد الغضب القبلي يفشل ضغوط الحوثيين على مشايخ صنعاء للتبرؤ من أبنائهم المقاتلين مع الشرعية
  • دعاء سورة قل هو الله أحد.. ردده ولن يعرف الفقر والنكد عنوانك
  • حلقة عمل إقليمية في مسقط حول أنظمة الضمان الاجتماعي
  • ترانسبرنسي تطالب بفتح تحقيق في الهجوم السيبراني على صندوق الضمان الاجتماعي
  • الفقر ليس تهمة .. القيادة بالخبرة والمعرفة والذكاء.