مشاهد رمضانية في ميزان النقد!
تاريخ النشر: 28th, March 2025 GMT
يعتبر النقد بمثابة الأداة السلوكية التي تقوم بتوجيه المجتمع، والنقد مهم سواء على الصعيد الشخصي أو المجتمعي، وتتنامى أهمية النقد الذاتي، على الصعيد الشخصي وفاعليته بمدى توظيف الشخص لنتائجه في الحياة العملية وهو ما قاله الكاتب أسامة اليماني في أحد مقالاته الإلكترونية، والذي يعتبر أن النقد هو استدراك للأخطاء وتصحيحها، والمباشرة في المضي بخطوات واثقة نحو مسار ناضج، وقويم، والغاية من النقد تقويم السلوك، والفكر، والارتقاء بمستوى الخدمة وتطويرها، وتصحيح المسار ورفع الفعالية بكل أبعادها.
إذن نحن نتفق معه على أننا كبشر بحاجة ماسة إلى النقد على الصعيد المجتمعي، وذلك بجعل النقد جزءا من مناهجنا التعليمية والتوجيهية في كل المستويات وأفرع الحياة بشكل عام.
إذن دعونا نسلط الضوء النقدي على ما يحدث في شهر رمضان الفضيل من خلال رصد بعض الظواهر التي أصبحت نمطا سلبيا يؤثر على روحانية الشهر الفضيل في كل عام.
في الحقيقة لم أستطع تحريك بوصلة الحديث نحو زاوية واحدة وأختصرها، بل ظهرت أمامي عدة زاويا جعلتني أسلط الضوء حول عدد منها، لعل في ذلك تنبيه وتذكير، ومراد خير ونصيحة محب لمجتمعه.
أولى الزوايا تبدأ لحظة انطلاق السباق الرمضاني في إنتاج المسلسلات والبرامج التلفزيونية والحصول على الكم الهائل من الإعلانات التجارية خلال بث الحلقات من خلال كم هائل من القنوات الفضائية على اعتبار أن هذا الشهر فرصة لتجمع العائلات وإشغال أوقاتهم دراميا دونا عن بقية أشهر السنة.
ولذا أصبحت المائدة الرمضانية «متخمة بالأعمال الدرامية» تدر ربحا وفيرا على شركات الإنتاج سواء كان مسلسلا دراميا تمتد حلقاته على مدار الشهر الفضيل، أو برامج المسابقات، أو برامج المقالب وغيرها من الإنتاج التلفزيوني السنوي الذي يغذي خارطة البث التلفزيوني على مدار الساعة.
هناك مفارقة عجيبة تم رصدها هذا العام بشكل أكثر من غيره، فمن الملاحظ أن هناك حالة من التذمر والسخط لدى مجموعة كبيرة من المشاهدين لبعض المسلسلات التلفزيونية واتهامها بعدم ملامستها احتياجات المشاهد العربي في هذا الشهر المبارك، وبالتالي تجعل المشاهد لا يجد منها أي قيمة أخلاقية أو دينية، خصوصا وأن بعض المسلسلات -كما يصفها الجمهور- لا تتناسب مع حرمة الشهر الفضيل لاحتواء بعضها على المرادفات والمشاهد غير المناسبة، وأحيانا تتضمن بعض المسلسلات «عبارات خارجة» لا تليق بهذا الشهر الفضيل، ولكن العجب العجاب أن مثل هذه الملاحظات حول هذه المسلسلات بالذات «تحقق نسبة عالية» من المشاهدات اليومية، ترى ما هو السر في ذلك!.
الزاوية الثانية: أصبحت الكثير من الأسر تتحمل أعباء مالية كبيرة من أجل توفير مستلزمات المائدة الرمضانية العامرة بما لذ وطاب على مائدة الإفطار اليومي، والتي تضغط كثيرا على موارد الأسرة من الناحية المالية، فتكثر في هذا الشهر أصناف الطعام، وتنشط التجمعات العائلية والتي تسمى بـ«العزومات»، وقائمة من الأطباق اليومية يطول ذكرها، وللأسف هناك إسراف كبير في إعداد الطعام الذي تمتلئ به سلال المهملات.
من جهة ثانية، تلعب إعلانات الفطور في المطاعم والوجبات اليومية دورا في استقطاب الصائمين خلال الشهر الفضيل، فالإعلانات الترويجية تعج بها وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات التفاعلية بشكل ملفت للنظر، فإفطار ليوم واحد في مطعم معين لعائلة واحدة مكونة من خمسة أفراد على سبيل المثال يكلف مبلغا ماليا كبيرا، علما بأن الإنسان بعد الإفطار يشعر بالشبع تلقائيا!.
الزاوية الثالثة والمحورية: وهي كثرة عدد المتسولين وزوار المنازل في شهر رمضان على وجه التحديد، وهي ظاهرة تحدث عنها الكثير من الناس ونبهت لها الجهات الرقابية والفرق المسؤولة عن مكافحة هذه الظاهرة، إلا أن هناك إصرارا واضحا على الاستمرار في « التسول».
من المؤسف حقا أن نقول بكل أمانة إنه لاتزال هذه الظاهرة تشكل مظهرا غير حضاري أو ديني لواجهة الوطن، وأمام العطاء المتواصل، جعل من «التسول» مهنة معتمدة يمتهنها بعض الناس، تؤذي الآخرين وتسبب لهم الحرج، بينما يغنم المتسولون أموالا طائلة، فمن خلال أسبوع واحد يجمع بعض المتسولين مئات الريالات، أما الحصيلة في نهاية الشهر الفضيل فتصل إلى آلاف الريالات وربما يتم استخدامها وتوجيهها إلى أمكان خطرة!
جميعنا يدرك قيمة وأهمية الإنفاق والصدقات وتقديم المساعدات، لكن مع هذا الخلط ما بين «المحتاج والمحتال» يضيع الثواب، ويبخس المحتاج المتعفف عن التسول، وأيضا الأموال التي تمنح كصدقة أو مساعدة لا توجه إلى مستحقيها بل تضيِّع على المحتاجين حقا من حقوقهم الإنسانية، وهذا أمر محزن للغاية.
إن تعمد استيقاف الناس في الطرقات، واستعطاف المصلين في فناء المساجد والجوامع، وطرق الأبواب على الآمنين فيها، أصبح مصدر إزعاج يومي، وأمرا ملفتا للنظر، ويعطي انطباعا سيئا عن المجتمع الذي نحن نسيجه.
الزاوية الرابعة: بعض الشباب حتى هذه اللحظة لا يدركون قيمة المحافظة على الصلاة في المساجد، وأيضا لا يستغلون أوقات رمضان في قراءة القرآن أو القيام بأي أعمال تعود عليهم بالنفع والفائدة، بل أصبح رمضان يمثل لهم شهر السهر والنوم والكسل وهذه نقطة بالغة الأهمية يجب درؤها واستغلال رمضان بالأعمال الصالحة، فرمضان شهر الطاعات والعمل والنشاط وليس عكس ما نراه من بعض الشباب الذين يقلبون ليلهم نهارها ونهارهم ليلا، ولله الحمد هذا العام كانت الأجواء الرمضانية جميلة.
أخيرا نسأل الله تعالى أن يتقبل منا صالحات الأعمال، وأن يعيد علينا هذا الشهر الفضيل وطننا الغالي يرفل بالأمن والأمان.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الشهر الفضیل هذا الشهر
إقرأ أيضاً:
دعاء وداع رمضان.. ردد هذه الأدعية قبل الإفطار اليوم
ها هو رمضان يشرف على الرحيل، واليوم السبت هو آخر أيام الصيام في هذا الشهر الكريم، لحظات الوداع دومًا تحمل مشاعر مختلطة بين الحزن على انتهاء أيام الرحمة والمغفرة، والرجاء في أن يمنّ الله علينا ببلوغه العام المقبل، لنعيش أجواءه الروحانية مرة أخرى، ونتقرب إلى الله بالصيام والقيام والدعاء.
وقد اعتاد المسلمون في آخر أيام رمضان على ترديد الأدعية التي تعبر عن مشاعر الوداع، آملين أن يكونوا من عتقاء هذا الشهر الفضيل، وأن يغفر الله لهم ذنوبهم، ويكتب لهم القبول.
أوضحت دار الإفتاء المصرية أن هناك العديد من الصيغ التي يمكن للمسلمين ترديدها في ختام هذا الشهر المبارك، ومنها:
«اللهم لا تجعله آخر العهد من صيامنا إياه، فإن جعلته فاجعلني مرحومًا ولا تجعلني محرومًا، الحمد لله على التمام، الحمد لله على البلاغ، الحمد لله على الصيام والقيام، اللهم اجعلنا ممن صام الشهر إيمانًا واحتسابًا وأدرك ليلة القدر وفاز بالأجر».
«اللهم اغفر لنا ذنوبنا، واجعلنا من المقبولين، اللهم إني أستودعك رمضان، فاجمعني بمن أحببتهم فيك، وأحبني فيك، وجميع المسلمين، نسألك يا ربنا في ختام هذا الشهر الكريم بركة الدعاء، وطهارة النفس، وصدق النية، وصفاء الباطن والظاهر، ونور الختام لشهر الصيام، يا الله، الحمد لله على التمام، الحمد لله على عظيم المن والإنعام، اللهم أعده علينا ونحن في أحسن حال».
«اللهم إنها أيام تمضي بسرعة، فاجعل لنا فيها نصيبًا من الرحمة والمغفرة والعتق من النار، اللهم اجعلنا من المقبولين الذين استجبت لهم، وبشرتهم بجنتك، وحققت لهم كل ما يتمنونه، الحمد لله على التمام، الحمد لله على البلاغ، الحمد لله على الصيام والقيام، اللهم اجعلنا ممن صام الشهر إيمانًا واحتسابًا وأدرك ليلة القدر وفاز بالأجر، اللهم لا تدع لي أمرًا إلا ويسرته، ولا حلمًا إلا وحققته، ولا أمنية إلا وأسعدتني بالعيش في جمال واقعها، ولا دعاء إلا وأثلجت قلبي بقبوله».
«يا الله، أتمنى ألا ينتهي شهر رمضان إلا وقلبي مطمئن، وعقلي هادئ، وأفكاري مرتبة، وخططي واضحة، ولدي طاقة جديدة لمواصلة السعي. أتمنى أن تعمر هذه الأجواء الطيبة الفراغ الذي بداخلنا، وأن تملأ حياتنا بالسعادة والفرح، وعسى أن نجد أمنياتنا في هذا الشهر، وأن نخرج منه بنفوس راضية وقلوب مجبورة، آمين».
«اللهم أعِده علينا أعوامًا مديدة، وتقبل فيه صيامنا وقيامنا وصالح أعمالنا، اللهم اختم لنا رمضان بالعفو والمغفرة والعتق من النار، واجعلنا من الفائزين برضوانك، استودع الله أيامًا انصرفت من هذا الشهر، اللهم لا تخيب سعينا».
«يارب، قبل وداع ومغادرة شهر رمضان، عافِ كل مريض، وارحم كل ميت، واشرح صدورنا، ويسر أمورنا، واجعل هذه الأيام فرجًا لكل صابر، واستجابة لكل دعاء. اللهم اجعلني من الذين تدبَّر فرحتهم في السماء، وأمانيهم أوشكت أن تتحقق، اللهم اجعل لي نصيبًا في سعة الأرزاق، وتيسير الأحوال، وقضاء الحاجات، اللهم أخرجني من حولي إلى حولك، ومن تدبيري إلى تدبيرك، ومن ضعفي إلى قوتك».
«اللهم إنا عبدناك كما أمرتنا، فاستجب لنا كما وعدتنا، ليس لنا سواك ربّ نرجوه، يا عفو، اعف عنا، وارحمنا، وأعد علينا رمضان أعوامًا مديدة ودهورًا عديدة، الحمد لله على الكمال».
ويقول الفقهاء في اللحظات الأخيرة من الشهر الكريم، لا تنسوا الإكثار من الدعاء والاستغفار، فإنها ساعات مباركة يُستجاب فيها الدعاء، ونسأل الله أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال، ويعيد علينا رمضان أعوامًا عديدة وأزمنة مديدة، ونحن في أحسن حال.