لجريدة عمان:
2025-04-23@07:07:47 GMT

نجم «رأس الغول»

تاريخ النشر: 28th, March 2025 GMT

نجم «رأس الغول»

لطالما كان للنجوم حضور قوي في الثقافة العربية، ولا تزال الكثير منها تحمل أسماء عربية حتى اليوم، وقد ورد ذكرها في القرآن الكريم، حيث قال الله تعالى في سورة الأنعام: «وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ»، وارتبط العرب بالنجوم ارتباطًا وثيقًا، فأطلقوا عليها أسماء ووصفوها بدقة، ولم يقتصر تأثيرها على علم الفلك وحسب، بل امتد أيضًا إلى الشعر والأدب، حيث تغنّى بها الشعراء وحيكت حولها الأساطير، فقد استخدموها لرسم صور خيالية تربط بين النجوم وتوضح مواقعها في السماء ضمن حكايات وقصص مشوقة.

والنجم الذي نتحدث عنه اليوم هو نجم «رأس الغول»، والذي يقع فـي كوكبة نجمية تسمى «حامل رأس الغول» وهذا النجم أحد أكثر النجوم إثارة للاهتمام بين الفلكيين، فهو من النجوم المتغيرة، حيث يتغير لمعانه بشكل دوري، مما جعل الفلكيين العرب يشبهونه بالكائن الأسطوري المنتشر فـي الثقافة العربية القديمة وهو كائن الغول، الذي ورد فـي أشعار العرب وقصصهم منذ العصر الجاهلي، ووصفوه بأوصاف تتمثل فـي أنه يستطيع تغيير أشكاله وألوانه، وهذا الوصف يتطابق مع الملاحظة التي لاحظوها على هذا النجم، فلذلك أطلقوا عليه هذا الاسم بسبب هذا التغير غير المعتاد فـي سطوعه.

كان العرب ينظرون إليه بعين الريبة، إذ لاحظوا تغير لمعانه الدوري، وهو أمر لم يكن مألوفًا فـي عالمهم الفلكي، فهو ليس كغيره من النجوم الثابتة اللمعان، بل يتبدل سطوعه كل بضعة أيام، حتى يبدو كأنه يتنفس نورًا ويخبو مجددًا

ولكن العلم الحديث كشف لنا سبب هذا التغير وهو أن هذا النجم ليس مفردا وأخبرنا أن هذا النجم كونه نجمًا ثنائيًا كسوفـيًا، حيث يدور نجم خافت أمام نجم أكثر لمعانًا، حاجبًا بعضًا من ضوئه عن الأرض، هذا الاكتشاف، الذي تحقق فـي القرن السابع عشر، أكد صحة ملاحظات العرب الأوائل، الذين ربطوا هذا التغير بصفات الغول الأسطوري فـي تراثهم. ويمكن رؤية هذا النجم فـي سلطنة عُمان، فـي السماء الشرقية بعد غروب الشمس فـي أواخر سبتمبر، ويصل إلى أعلى نقطة له فـي السماء «الزوال» حوالي منتصف الليل فـي نوفمبر، ثم يغرب فـي السماء الغربية قبل الفجر. مع تقدم الموسم، يتحرك ظهوره نحو الغرب، ويصبح غير مرئي بحلول أواخر الربيع.

أما من حيث المعلومات الفلكية عن هذا النجم فإن النجم الرئيسي فـي هذه الأنجم الثلاثة يبعد عن الأرض حوالي 93 سنة ضوئية، ويقدر حجم قطره بثلاثة أضعاف قطر شمسنا، بينما تبلغ درجة حرارة سطحه حوالي 12,000 كلفن، وهو أكثر بكثير عن حرارة شمسنا. وقد أورد الشعراء العرب منذ القديم «نجم الغول» فـي قصائدهم، كما أنهم عبروا فـيها عن العلاقة بين الغول الأسطوري وتغير ألوانه وتبدلها، فهذا الشاعر والفلكي العباسي أبو الحسين الصوفـي يقول:

ورأسها كواكب متصله

بالعنق من كواكب المسلسله

وبعدها حامل طويل رأس الغول

صورة شخص مائل طويل

شبيه إنسان طويل القامة

بيده غول عظيم الهامة

وهذا الشاعر العباسي الشهير أبو العلاء المعري يقول فـي «رأس الغول»:

لَو عُدتُ مِن أَسَدِ النُجومِ بِجَبهَةٍ

أَو بُتُّ فـي ذَنَبٍ لِشبوَةِ شائِلِ

أَو كُنتُ رَأسَ الغولِ وَهوَ مُوَقَّرٌ

فـي الشهبِ لَم آمَن تَهَجُّمَ غائِلِ

كانَ الشبابُ ظَلامَ جِنحٍ فَاِنجَلى

وَالشَيبُ يَذهَبُ فـي النَهارِ الزائِلِ

أما الشاعر ابن زقاعة الذي عاش فـي العصر المملوكي فـيقول:

والضيح بالرومي قيل السلحفا

وكذلك اللوزآ فـي الاسمية

برشاوش للغول يحمل رأسه

من تحته فرس طويل القامة

من خلفه العيوق شبهه الذي

يسمى ببطليموس مثل أعنة

ومن الشعراء المشهورين الذين ذكروا «الغول» الشاعر الأموي الأخطل الذي يقول:

وَلَقَدْ تَشُقُّ بِيَ الْفَلاةَ إِذَا طَفَتْ

أَعْلَامُها وَتَغَوَّلَتْ عُلْكُومُ

غُولُ النَّجاءِ كَأَنَّها مُتَوَجِّسٌ

بِاللُّبْنَتَيْنِ مُوَلَّعٌ مَوْشومُ

باتَتْ تُكَفِّئُهُ إِلَى مَحْنَاتِهِ

نَكْباءُ تَلْفَحُ وَجْهَهُ وَغُيُومُ

بينما نجد الشاعر ابن المعتز يقول فـي «الغول» بيتين وهما:

أَيُّها اللَيلُ الطَويلُ

سر وَخَفِّف يا ثَقيلُ

أَينَ ضَوءُ الصُبحِ عَنّي

غالَتِ الأَصباحَ غولُ

فـي حين يقول شاعر الخمريات أبو نواس فـي «نجم الغول»:

أَقولُ وَقَد بَدا لِلصُبحِ نَجمٌ

خَليلِيَ إِنَّ فِعلَكَ بي جَميلُ

أَرِحني قَد تَرَفَّعَتِ الثُرَيّا

وَغالَت جُنحَ لَيلي عَنكَ غولُ

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: هذا النجم

إقرأ أيضاً:

تلاقي الإبداعات الإماراتية والمغربية في أمسية شعرية

الرباط (الاتحاد)

أخبار ذات صلة انطلاق المرحلة التمهيدية لـ«الشارقة للمسرح المدرسي» خبراء: الكتابة للطفل تحتاج إلى فهم احتياجاته العاطفية

واصلت إمارة الشارقة برنامجها الثقافي ضمن مشاركتها ضيف شرف الدورة الثلاثين، لمعرض الرباط الدولي للنشر والكتاب، حيث نظمت هيئة الشارقة للكتاب، أمسية شعرية بعنوان «أصداء»، جمعت بين الشاعر الإماراتي خالد البدور، والشاعرتين أمل السهلاوي من الإمارات، وإكرام عبدي من المغرب، وأدارتها الشاعرة شيخة المطيري، بحضور لافت من جمهور المعرض وعشاق الكلمة.
افتتح الشاعر خالد البدور الأمسية بقراءات من مجموعته الصادرة حديثاً «في هدير عاصفة تقترب»، حيث حمل الحضور إلى فضاءات الصحراء والذاكرة، عبر نصوص اختلط فيها الحنين بالتأمل.
كما استعاد البدور مشاهد الطفولة والحنين عبر نص سردي شاعري عن «يوسف»، ذاك الجار الطيّب الذي بقيت ذكراه حاضرة رغم تغير الزمن.
بدورها، قدمت الشاعرة إكرام عبدي نصوصاً طافحة بالوجد، والبحث عن السكن الداخلي، وفي قصيدة «قط ليلي»، رسمت عبدي مشهداً حزيناً لذكريات العابرين وأحزانهم الصامتة.
أما الشاعرة أمل السهلاوي، فقدمت نصوصاً تنبض بالشجن والأسئلة الوجودية.
وجسّدت الأمسية تلاقي الأصوات الإماراتية والمغربية، ثراء المشهد الشعري العربي المعاصر، حيث اتحد الحنين والحرية والذاكرة في فضاء شعري واحد تحت سماء الرباط. 

مقالات مشابهة

  • عاجل. الرئيس شي جينبينغ يقول إن الرسوم الجمركية تضر بالتجارة الدولية (وسائل إعلام صينية رسمية)
  • ماذا يقول الخبراء عن تزايد معدلات التوحد؟
  • متحف الشاعر قسطنطين كفافيس بالإسكندرية
  • "حد يخبر سهيل"
  • تلاقي الإبداعات الإماراتية والمغربية في أمسية شعرية
  • كبير المفاوضين القطريين يقول إنه "محبط" من وتيرة محادثات غزة
  • "يابخت اللي يقول إنه من بلد شيخ الأزهر".. "ساحة الطيب".. 125 عامًا من العطاء بلا مقابل
  • البعض يتحدث عن وقف الحرب في السودان وكأنه يريد أن يقول (..)
  • “لكل من يقول البنت مكانا المطبخ” .. لقطة كأنها من فيلم لهدف سجلته إحدى الفتيات – فيديو
  • العبارة العجيبة بين لانا نسيبة وشاعر الحقيبة