لجريدة عمان:
2025-03-31@09:39:19 GMT

الدائرة تضيق

تاريخ النشر: 28th, March 2025 GMT

مع اتساع الحلم في بداية النشأة الأولى وتعدد الرؤى والآمال والمطامح والأماني، تتسع الدوائر وتكبر، فما بين مسافة نور تسحبه الشمس رويدًا رويدًا إلى آخر زاوية للظل، تبدأ مسافة الألف ميل تتقلص، وكأن كل ما تم بذله وتحقيقه والمراهنة على بقائه واستمراره يتراجع شيئًا فشيئًا. قال الله تعالى: «الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفًا وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير» (الروم: 54)، فما بين فترة الضعف الأولى وفترة الضعف الثانية، ثمة مسافة زمنية تتسع لذات الأحلام والأماني والطموحات.

تطول هذه المسافة لتستهلك كل القوة التي وهبها الله للإنسان لإعمار الأرض. ومع أنها طويلة جدًا من العمر الأول (مرحلة الصبا) إلى العمر قبل الأخير (مرحلة الشباب والفتوة والرجولة)، هذه المرحلة الثائرة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، تبدأ بعدها المرحلة الأخيرة التي تستجمع ما تبقى من قوى لعلها تسعف هذا الجسم المنهك من الجهد المضني ليُتكئ على رجله الثالثة «العصا».

في هذه الفترة، ثمة تصارع مستمر بين عمري الإنسان: العمر البيولوجي والعمر الزمني. هذا الصراع هو الذي ينهك العمر البيولوجي أكثر من العمر الزمني. فقد يكون عمر الإنسان الزمني (60 عامًا)، ولكن عمره البيولوجي أقل من ذلك انعكاسًا لمجموعة الأمراض التي يعاني منها، ومجموعة الانتكاسات والظروف القاسية التي يمر بها. ومع ذلك، لا يزال يتسلح بأمل «إن غدًا لناظره قريب»، وثمة قرب قد يكون أقسى من سابقه. والإنسان يجاهد حتى لا تضيق به الدوائر التي تحيط به من كل صوب: دائرة الفقر، ودائرة المرض، ودائرة تأزم العلاقات، ودائرة عدم تحقق الآمال والطموحات، ودائرة الصد والرد من القريب والبعيد، حتى يكون قاب قوسين أو أدنى من مرحلة «ثم جعل من بعد قوة ضعفًا وشيبة» حسب نص الآية الكريمة، حيث تعود الحالة إلى مربعها الأول {الله الذي خلقكم من ضعف...}. هنا لم تعد هناك دوائر كثيرة تترك لهذا الإنسان فرصة الاختيار. حيث لا خيارات متاحة، هي دائرة واحدة تضيق أكثر فأكثر. فلا رغبة في جديد تبدأ مرحلة تأسيسه الآن، ولا رغبة في إنشاء صداقة جديدة، فكل الصداقات التي كانت كانت مجرد وسيلة لأمر ما، وقد تحقق هذا الأمر أو تعذر. ولا رغبة في حلم يدغدغ المخيلة، فكل الأحلام أصبحت فراغًا منسيًا. ما يتذكر منه لن يغري بما كان الحال قبل ذلك؛ لأن الشعور الآن هو أننا لا نريد أن ندخل في معترك فقدنا ملكيته بالفعل. فلا القوة هي القوة، ولا الصحة هي الصحة، ولا التفكير هو التفكير، ولا مساحة العطاء الممنوحة لنا من لدن رب العزة والجلال هي المساحة ذاتها كما كان الأمر مع بداية النشأة.

«الدائرة تضيق»، هنا، وحتى لا يُساء الفهم، ليس ثمة يأس يعيشه أحدنا لحالة خاصة، ولكن الأمر سياق طبيعي في حياة كل منا وصل إلى مرحلة «ضعفًا وشيبة». والمجازفة بالشعور خارج هذا السياق تبقى حالة غير مأمونة العواقب، كمن يحب أن يردد «أن العمر الزمني مجرد رقم» فيظل سابحًا في غيه، متناسيًا فيه فضل ربه، ومتجاوزًا بذلك العمر البيولوجي، وهو العمر الذي تقاس عليه الحالة الحقيقية لما يصل إليه الإنسان في مرحلة «ضعفًا وشيبة». ولذلك، فلا مغامرة مقبولة ومستساغة في مرحلة «ضعفًا وشيبة». فهل ننتبه؟ أو ينتبه أحدنا لذلك؟ هنا تكمن المشكلة، ويكمن الحل أيضًا.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

«عقاري الشارقة» تُعزز التكافل المجتمعي بمبادرات إنسانية

أقامت إفطاراً يومياً ووزعت كسوة العيد لترسيخ قيم العطاء
مبادرات إنسانية وخيرية تستهدف مختلف فئات المجتمع
أطلقت دائرة التسجيل العقاري في الشارقة، مجموعة من المبادرات الإنسانية والخيرية التي تستهدف مختلف فئات المجتمع، خلال شهر رمضان المبارك، وذلك بالتعاون مع عدد من الجهات والمؤسسات الخيرية في الإمارة الباسمة.
وتضمنت المبادرات توزيع 1000 وجبة إفطار بالتعاون مع جمعية الشارقة الخيرية في مدينة الشارقة، بمناسبة «يوم زايد للعمل الإنساني»، كما وزعت 100 وجبة إفطار يومياً في خيمة رمضانية أقامتها بالتعاون مع الجمعية في مدينة كلباء، إلى جانب تقديم «المير الرمضاني» للمستحقين.
كما نظّمت الدائرة إفطاراً جماعياً في دار المسنين بالشارقة، ضمن مبادرة «خطار الدار» التي أطلقتها دائرة الخدمات الاجتماعية، وذلك تعزيزاً لقيم الاحترام والتقدير لهذه الفئة الغالية على المجتمع الإماراتي.
وأعدّت الدائرة بالتعاون مع مؤسسة القلب الكبير، مبادرة «فرحة عيد»، التي تهدف لتوفير كسوة العيد لعدد من أطفال الأسر المتعففة، لإدخال الفرحة على قلوبهم.
وأكد عبد العزيز أحمد الشامسي، مدير عام الدائرة، «أن هذه المبادرات تأتي في إطار الحرص على دعم الجهود الإنسانية والخيرية وتعزيز قيم العطاء خلال شهر رمضان، مشيراً إلى أن الدائرة تسعى دائماً للمساهمة في المبادرات المجتمعية التي تعكس التلاحم بين مختلف فئات المجتمع، وتترجم قيم التكافل الراسخة في دولة الإمارات».
وأضاف: «نحرص على أن نكون جزءاً فاعلاً في مسيرة العمل الإنساني والخيري، ونتطلع إلى توسيع نطاق مبادراتنا خلال السنوات القادمة، بما يعزز ثقافة المسؤولية الاجتماعية، ويدعم الفئات المحتاجة في مجتمعنا. معرباً عن شكره وتقديره لكافة موظفي الدائرة».

مقالات مشابهة

  • الإنسان العراقي.. حروب وأزمات مستمرة تدخله مرحلة الانفجار النفسي
  • في محاضرته الرمضانية السادسة والعشرين قائد الثورة: طموح الإنسان المؤمن يجب أن يكون في مرتبة الصالحين
  • بجاية.. وفاة ثلاثيني في حادث مرور بطريق أنفاق خراطة
  • «عقاري الشارقة» تُعزز التكافل المجتمعي بمبادرات إنسانية
  • عودة: مؤسف أن الشياطين التي أفسدت النفوس وخربت البلد ما زالت متغلغلة وتحول دون الإصلاح
  • في محاضرته الرمضانية الرابعة والعشرين.. قائد الثورة:المأزق الحقيقي للإنسان في الذنوب وهي تشكل تهديداً خطيراً على مستقبله الأبدي
  • حزب الوعي: الدولة المصرية ماضية في تأسيس مرحلة جديدة من التنمية
  • المتقون.. من هم وما صفاتهم وثمراتهم؟
  • 642 مصلى وجامعاً لصلاة عيد الفطر في الشارقة