تقع دارفور في مجال جيوبوليتكي هام وحاسم من جيرانها في الغرب (تشاد وأفريقيا الوسطى وجنوب السودان) ومن الشمال (ليبيا) ومن علاقتها بالسودان من الشمالية وكردفان. يعطي التكوين الإثني تحديد وضعها الجغرافي والتاريخي وتكوين السلطنة. من أقصى الشمال تحدد قبيلتي الميدوب في حدود دارفور مع الشمالية والزغاوة في الركن الشمالي الغربي ولها امتداد غربي في تشاد تسيطر على الدولة هناك.
تحتل قبائل الزرقة ثلثي دارفور وتعيش القبائل العربية في الثلث الأخير قريبا من بحر العرب وتضم الرزيقات شرقا متداخلة مع المسيرية في كردفان والمعاليا والفلاتة العرب كما يسمون انفسهم في منطقة تلس والتعايشة على حدود إفريقيا الوسطى وحاضرتهم رهيد البردي والسلامات على الحدود مع تشاد وجزء منهم هناك متداخلين مع السودان. في الركن الجنوبي مع جبل مرة توجد قبائل الرزيقات الشمالية وهي قبائل ترعى الجمال وهي الهبانية والماهرية والنوايبة. تعيش هذه القبائل على حدود تشاد وهناك تداخل حدودي وهو ما يفسر جنسية حميدتي التشادية
بعكس كردفان والتي تجد قبائل البقارة طريق رحلتها الصيفية لمراعيها مفتوحة من بحر العرب وحتى حمرة الشيخ، فبقارة العرب وابالتهم في دارفور يجدون طريق رحلتهم مغلقة بالقبائل الزراعية المستقرة خاصة الفور لانتشارهم الواسع في منتصف دارفور، خاصة مع الرزيقات الشمالية الإيالة الذين يسلكون طريق جبل مرة في رحلتهم من اجل الكلأ. وشكلوا دائما توترات في رحلتهم.
كل قبائل الزرقة أصبحت مسلحة و مقاتلة مع حمل السلاح عبر الحركات المسلحة المتعددة. رغم الصراعات القديمة فقد أججت الإنقاذ هذه الصراعات اولا باعتمادها على الزرقة في بدء وصولها للحكم (أربعة من خمسة من مجلس الشوري كانو من الزرقة) وأعتقد ان الشيخ الترابي كان هو مهندس هذا الخيار. ومع تمرد بولاد في منتصف التسعينات بدات اعادة النظر في هذا التوجه.
بدأ التفكير الانقاذي جديا في التغيير الديمغرافي وإحلال عرب الشتات في مكان الفور خاصة وقام الجنجويد بهذا منذ ٢٠٠٣ وحدثت الكوارث الكبرى من القتل الذي بلغ ٣٠٠-٤٠٠ الف (حسب تقديرات دراسة الأمم المتحدة) وتهجير اكثر من ٣-٤ مليون وحرق القرى والاغتصابات وغيرها مما ادى لاتهام عمر البشير وثلاثة من معاونية لدي المحكمة الجنائية الدولية واجراءات عديدة متنوعة ودخول اليوناميد. لم يكن اعتداءات الجنجويد تشمل الزرقة فقط فقد امتدّت يدهم احيانا لعرب دارفور ومهاجمة قراهم والاعتداءات عليهم كما حدث في الهجوم على مرابض موسى هلال واعتقاله وغيرها.
ان قبائل الزرقة تختزن الكثير من الجرائم والقتل والاغتصابات وغيرها التي ارتكبت بحقهم، والان هم مسلحون والدولة من خلفهم في هزيمتهم وطرد المغتصبين من أراضيهم ومن حلالهم ومن كافة دارفور في معركة الجنجويد الأخيرة هناك. ان تحرك الجنجويد لغزو داخل السودان حيث القبائل المستقرة والسلميّة لم يكن عشوائيا لكن لأنها تعلم ان قبائل دارفور ستكون لها بالمرصاد وسوف تذيقها الهزيمة.
على القبائل العربية في دارفور، إذا كانت ترغب في ان تعيد علاقاتها مع جيرانها ومواصلة حياتها، اعباءاً كثيرة من توضيح موقفها وادانة الجنجويد وإعادة المسروقات والمنهوبات، وإعادة تثقيف الحكامات لإيقاف الاستفزاز والشحن، وإيقاف مثقفيها المتماهين مع الجنجويد والتنصل منهم وإخراسهم وجعلهم يعتذرون للشعب السوداني ( قال عنهم د. تكنة انهم يمتطون ظهور قبائلهم للحصول على مكاسب سياسية في المركز) وغيرها مما يعيد الثقة.
في المجال التنموى فإنني سوف أعالج كيفية استيعاب مجتمعات عرب دارفور عن طريق توطين الرحل وجعل مناطقهم ضمن المجال الحضري (التحضر بدل البداوة) وسوف أتناوله للحوار في مقال آخر.
Dr. Amr M A Mahgoub
omem99@gmail.com
whatsapp: +249911777842
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
يديعوت أحرونوت: هناك خطط إسرائيلية لاغتيال السنوار والضيف قبل السابع من أكتوبر
كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، أنّ المؤسسة الأمنية الإسرائيلية كانت تمتلك خطة محكمة لاغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، يحيى السنوار، وقائد كتائب القسام، محمد الضيف، قبل السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، إلا أنه تم تأجيل تنفيذها عدة مرات.
وأوضحت الصحيفة، عبر تقرير لها، أنّ: "الخطة العملياتية المتقدمة، التي طُوّرت بتعاون بين جهاز الشاباك والاستخبارات العسكرية وسلاح الجو الإسرائيلي، عُرضت خلال عام 2023 على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، لكنها لم تُنفّذ، حيث علّق حينها بالقول: حماس مردوعة".
كذلك، أفادت بأن: "هذه الخطة وُضعت بعد فشل محاولات اغتيال سابقة للسنوار، الذي أشير إليه بالرمز "إس"، والضيف الذي أطلق عليه اسم "الملك" خلال عملية: حارس الأسوار".
في المقابل، نفى مكتب رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي أن تكون هذه الخطة قد عُرضت على نتنياهو خلال عام 2023، وتحديدًا قبل أحداث السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، مشددًا على أنّ: "أي خطة لاغتيال قادة حماس في غزة لم تُعرض على رئيس الحكومة، بل على العكس، فقد أوصت الأجهزة الأمنية بعدم تنفيذ مثل هذه العمليات".
وفي 17 تشرين الأول/ أكتوبر 2024 أكّد جيش الاحتلال الإسرائيلي، مقتل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، يحيى السنوار، خلال اشتباكات دارت في جنوب قطاع غزة.
من جانبه، أعلن المتحدث باسم كتائب القسام، أبو عبيدة، في 30 كانون الثاني/ يناير الماضي٬ في كلمة مصورة، استشهاد قائد هيئة أركان القسام، محمد الضيف، إلى جانب عدد من كبار قادة المجلس العسكري للحركة.
وفي بيان رسمي، قال جيش الاحتلال الإسرائيلي إنّ: "قواته نفذت عمليات ميدانية في جنوب قطاع غزة استنادًا إلى معلومات استخباراتية تفيد بوجود قادة بارزين في حماس داخل المنطقة".
وأوضح الجيش أن وحدة من اللواء 828 اشتبكت مع ثلاثة مقاتلين، ما أسفر عن مقتلهم، مشيرًا إلى أنّ: "الفحوصات اللاحقة كشفت أن أحدهم كان يحيى السنوار".
وفي سياق متصل، أفادت إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي بأن الاشتباك وقع في منطقة تل السلطان برفح، حيث كان السنوار يرتدي سترة عسكرية، برفقة قيادي ميداني آخر. كما أكد المتحدث باسم جيش الاحتلال أن الجنود لم يكونوا على دراية مسبقة بوجود السنوار داخل المبنى الذي شهد تبادل إطلاق النار.
وفي 18 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، نعت حماس قائدها السنوار، وأكدت استشهاده في مواجهة مع جنود إسرائيليين، وذلك بعد يوم من نشر الجيش الإسرائيلي وجهاز الشاباك بيانا مشتركا أعلنا فيه قتل 3 أشخاص في عملية نفذها الجيش في قطاع غزة كان من بينهم السنوار.
ويعتبر الاحتلال الإسرائيلي السنوار مهندس عملية "طوفان الأقصى"، التي نفذتها فصائل فلسطينية بغزة، بينها حماس و"الجهاد الإسلامي"، ضد مستوطنات وقواعد عسكرية إسرائيلية محاذية للقطاع في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، ما تسبب في خسائر بشرية وعسكرية كبيرة لتل أبيب، وأثر سلبا على سمعة أجهزتها الأمنية والاستخباراتية على المستوى الدولي.