الفنان صديق أحمد (هاك آخرة الرسايل وماني داير منك الرد)
تاريخ النشر: 28th, March 2025 GMT
الفنان صديق أحمد (1957-2025)
(هاك آخرة الرسايل وماني داير منك الرد)
أحمد إبراهيم أبوشوك
(1)
الصُّورة أعلاه من أحد اللِّقاءات العابرة مع الفنَّان صديق أحمد، والَّتي لها طعم ومذاق خاصّ في ذائقة الاغتراب، ذلك اللِّقاء الَّذي جمعني به والأديب الرَّاحل الطَّيِّب صالح، والأستاذ محمود صالح عثمان صالح، والصِّحافيُّ محمَّد الحسن أحمد، والسَّفير خالد فتح الرَّحمن في منزل السَّفير عمر صديق بلندن عاصمة الضَّباب، وذلك في 29 يونيو 2008.
(2)
وعندما أنشد بصوته الرَّخيم متعدِّد الطَّبقات "يا قمره. . . صبيُّ السَّنسني الحمرة * * * شوفي أبوي أنا الرَّاجاهو كلو صباح"، جعل مآقي الحضور تذرف دمعًا سخينًا، وفي الخلفيَّة أحيانًا يردِّد الطَّيِّب صالح بنبرات خفيضة "مو زول غربه لكنَّ الظُّروف جابراه * * * ما لو أنَّ كان صبر كلِّ الخلوق صابره * * * والصَّابرات روابح لو يجن قمَّاح." وعلى هذا النَّسق الإبداعيِّ جاءت قصيدةً زينوبة الحفيدة، راسمةً في أذهان الحاضرين صورًا متقاطعةً ومتناقضةً أحيانًا عن الاغتراب ذي الدَّوافع المادِّيَّة الَّتي فرضها ضيِّق ذات الأيدي، وآهات البعاد المعنويَّة المكنونة في صدور المغتربين، عندما يطفح بهم الكيل، ولسان حال كلّ واحد منهم يقول: أخير أرجع لي دار جدِّيّ وأبويّ، وأشراب المويَّة من القلَّة، وأكل الكسرة بالويكة الخضرا من الجروف، وأرقد في حوش الدِّيوان على القفا، وأعاين للسَّماء صافية زيَّ العجب، والقمر يلهلج زيِّ صحن الفضَّة. تلك كلمات معبِّرات ومنقولة بتصرف، نسجها صاحب موسم الهجرة إلى الشمال نثرًا، ونظمها شيخ العاشقين شعرًا، وأنشدها كروان أرقي الملهم بلحنٍ عذبٍ وصوَّتٍ شجيٍّ. وكلماتها تقول:
(3)
يا قمره ... صُبي السنسني الحمره
شوفي أبوي أنا الراجاهو كلو صباح
***
يا زينوبه أبوكي هو أصلو حالو بره
لو قاري العلم هو ولاهو سيد خبره
ومو زول غربه لكن الظروف جابره
مالو إن كان صبر كل الخلوق صابره
والصابرات روابح لو يجن قماح
***
هو أصلو متين نساكم يُمة شان يطره
بيتنفس هوا ذكراكم العطره
رهيف إحساس حنين قلبو بالفطره
نديمو بقت دموعو الديمه منقطره
وأصلو إن ما قعد بينكم ولا بيرتاح
***
جاهو العيد كمان زاد القليب حسره
سادي العبره حلقو ونفسو منكسره
هو لا لمّ القروش لا حصل المسره
بلد ما فيها زول مات من عدم كِسره
فراقكم ليها يا أحباب ولا كان صاح
***
يا أمارتي الما طاعت الأمره
ندماني وبقت محتاره في أمره
بعد قسن الدرادر قصرن عمره
الشوق فاض وعماها الحنين غمره
الشوق للبلد لي بهجتا وسمره
الشوق لي مقيلاً ضما ضل تمره
الشوق لي حديثاً ضما ضو قمره
كان الشوق يخفف والله يبرى جراح
***
مشتاق للبلد جابريتا وكَكُرا
مشتاق للحسيناب أسقه وبِكِرا
مشتاق للقبيل إتربوا فوق حِكرا
مشتاق للدميري ومويتا العكره
مشتاق للجزيري وتُشقا وهكرا
مشتاق لي قطع بحرا ودخول وَكَرا
مشتاق للأبى يفارق الفؤاد ذِكِرا
مشتاق للعلي مشغول دوام فِكِرا
مشتاق للصِّبح ديدن غناي شُكُرأ
وياريت كُت بقدر أسوي شوقي جناح
(4)
هكذا كانت كلمات شيخ العاشقين لها وقع مؤثِّر في نفوس السَّامرين، الَّذين شدِّ المبدع صديق لواعج حنينهم إلى ذلك الوطن بخيره وشرِّه. بحقٍّ كانت جلسة استماع ومؤانسة طيبة ومحفوفة بحضورٍ باذخٍ. وبعدها أتيحت لي الفرصة أن أجلس- سويًّا- مع الأخ صديق أحمد، وأتبادل معه أطراف الحديث عن ذكريات مضت. وكان صديق بين الفنِّيَّة والأخرى يسألني عن أخبار الدُّكتور محمَّد أحمد سيِّد أحمد التُّوم في مدينة بورت ماوس، والدُّكتور محمَّد بادي في العين (الإمارات)، والدُّكتور توفيق الطِّيب البشير في الرِّياض، والدُّكتور ياسين محمَّد ياسين في كاليفورنيا. ثمَّ أخيرًا أشعرني بأنَّه في حالة استعجال لمغادرة بريطانيا، لأنَّه يودُّ زيارة الشَّاعر عبد اللَّه محمَّد خير، الَّذي كان طريح الفراش بقاهرة المعزِّ. فاهتمام صديق بعبد اللَّه أمر طبيعيّ؛ لأنَّ العلاقة بينهما كانت علاقة تكامليَّة، فلولاً الفنَّان المبدع صديق أحمد لما عرف النَّاس أشعار عبد اللَّه، ولولا أشعار عبد اللَّه لما سمَّت قيمة الفنِّ الَّذي قدَّمه الفنَّان صديق أحمد لمستمعيه. فالشاعر عبد الله محمد خير والفنَّان صديق أحمد كانا ثنائيًّا مبدعًا، غرسا في بساتين حياتنا ورودًا فواحة الشَّذِّى وزاهية الألوان.
ولكن قبل أن تكتمل فرحة أهلنا بالسُّودان بتحرير الخرطوم الثَّاني، تناقلت الوسائط الاجتماعيَّة نبأ وفاة الفنَّان صديق أحمد في مستشفًى كريمة بالولاية الشَّماليَّة في يوم الأربعاء الموافق 26 رمضان 1446 ه/ مارس 2025 م، وبذلك توالت أحزانهم في فلتات أفراحهم الضَّامرة. رحم اللَّه الشَّاعر عبد اللَّه محمَّد خير، شيخ العاشقين، رحمة واسعة بقدر ما أبدع، وكذلك الفنَّان صديق، الَّذي جعل من أشعاره مقطوعات تغني في المحافل العامَّة والخاصَّة، لتجلب البهجة في نفوس الحاضرين.
ahmedabushouk62@hotmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: ک را مشتاق عبد الل
إقرأ أيضاً:
أحمد عبد الحميد يكشف تفاصيل الحالة الصحية لابنته
نشر الفنان أحمد عبد الحميد تعليقا عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعى انستجرام يكشف فيه عن تفاصيل الحالة الصحية لـ ابنته ليلى، موضحًا أن هناك مجموعة من أكبر الأطباء بمصر يشرفون على حالتها الصحية ولكنهم عاجزون عن تشخيص الحالة، مطالبا الجمهور بالدعاء لها بالشفاء.
وقال أحمد عبد الحميد : ليلى النهاردة تمت شهرين، شهرين من غير ما احضنها حضن واحد، من غير ذكريات كتير كنت فاكر إني هبنيها معاها مشفتش منها غير وجع قلب بس، مبقتش برد على حد يقولى بنتك عاملة إيه من كثر الإحباط ومن كتر ما بقول إنها مش كويسة ومفيش جديد.
وأضاف أحمد عبد الحميد: شهرين وأهم دكاترة في مصر مش عارفين يشخصوا حالتها عالأقل، وده مش تقصير منهم لكن إرادة إنها حالتها تكون جديدة ومحيرة كده، طرقت كل الأبواب مع ربنا والله وعلى قد ما قدر مقصرتش وهفضل أسعى مع ربنا لعله يجبر بخاطري أنا وأمها.
وأخيرا قال أحمد عبد الحميد: والنبي يا جماعة افضلوا ادعوا لها كل ما تقدروا وبطلوا تسألوني عليها، أفضلوا ادعوا لها وهي أول ما هتكون كويسة أو في أمل أنها تبقى كويسة أنا مش هتردد ثانية إني أفرح بـ ده وأقول للدنيا كلها بنتي خفت وجت في حضني، وإن شاء الله يتقبل دعواتكم ودعواتنا.
من ناحية أخرى عبّر الفنان أحمد عبد الحميد عن سعادته الكبيرة بمشاركته في مسلسل "ظلم المصطبة"، مشيرًا إلى أن ترشيحه للدور جاء في شهر أغسطس الماضي، وأنه شعر بحماس شديد منذ اللحظة الأولى، خصوصًا مع فريق عمل مميز يضم المخرج هاني خليفة والمؤلف أحمد فوزي صالح، الذي وصف كتابته بأنها "عبقرية".
وأضاف أحمد عبد الحميد في لقاء خاص مع الإعلامية شيرين سليمان، ببرنامج سبوت لايت المذاع على قناة صدى البلد، قائلاً: "الدور كان مختلف تمامًا عن أي حاجة قدمتها قبل كده، وفرحت إن في حد شافني بالشكل ده بعيد عن الأدوار الشريرة اللي البعض حصرني فيها".
وأكد أحمد عبد الحميد، أنه يسعى دائمًا للتنويع في أدواره، ويميل للأعمال التي تقدم شخصيات متعددة الأبعاد، "مثل الكوميدي، أو شخص سوي"، مشددًا على أنه لا يحب أن يراه الجمهور كمجرد "أحمد عبد الحميد"، بل يريدهم أن ينسوا اسمه ويصدقوا أنه "الشخصية نفسها".
وأوضح أحمد عبد الحميد قائلاً: "أنا بحب الناس تصدق إن في حد جاي من عالم المسلسل، مش ممثل بيقلد، وده بيخليني أستمتع أكتر بالشغل".
وأشار عبد الحميد إلى أن التلون والاختلاف هو جوهر التمثيل بالنسبة له، وعبّر عن إعجابه العميق بالفنان الراحل أحمد زكي، الذي يعتبره مثله الأعلى، إلى جانب أسماء كبيرة مثل "محمود عبد العزيز، نور الشريف، وصلاح السعدني"، الذين قدموا تنوعًا في الأداء والنتيجة.