ما حكم الشرع في كتابة الأب ثروته للبنات؟
تاريخ النشر: 24th, August 2023 GMT
تنازل الأب عن ثروته لبناته في حال حياته تظل معركة متجددة في كل وقت وحين، وبخاصة في محافظات الصعيد، بسبب الرغبة التقليدية لغالبية عائلات الصعيد في حرمان بناتهم من الاستحواذ على ثروة الأب أو الحصول على ميراثهن الشرعي بخاصة إذا كان هذا الميراث أرضًا زراعية وأن بنات هذا الأب متزوجات بغرباء فتنتقل هذه الأرض إليهم وهو ما يرفضه أبناء العائلات والقبائل في عموم الصعيد وهو رفض يخالف ما أجمع عليه فقهاء الشريعة الإسلامية التي تعطي الأب الحق في كتابة ثروته وتنازله عنها وتسجيلها لبناته حتى لو بعقود صورية على سبيل العطية أو الهبة أو المحاباة وهو ما أفتى به فضيلة الدكتور علي جمعة وأيده في فتواه الدكتور أحمد كريمة والدكتور مجدي عاشور، وصاحب هذه الفتوى نوع من الجدل حسمته دار الإفتاء المصرية أخيرًا.
يروى في إحدى قرى الوجه القبلي أن رجلًا كون ثروة كبيرة من الأراضي الزراعية والفضاء والعقارات وغيرها بمساعدة بناته الثلاث وزوجته اللاتي كن دوما تواصلن العمل إلى جانبه في سبيل تكوين هذه الثروة حتى أصبح أكثر مالا من إخوته وأولادهم الذين كانوا يعايرونه بإنجابه للإناث من دون الذكور، وعندما تقدم الأب في العمر وتزوج البنات الثلاث، وظلت الزوجة تقوم على خدمته وتعتني به في مرضه رأى أنه من العدل والإنصاف كتابة كل أملاكه وثروته لبناته وزوجته اللاتي تعبن معه ومن أجله، وأنه لم ير من إخوته وأولادهم طوال حياته خيرًا سوى معايرتهم له ومضايقته طوال الوقت بخلفة البنات، فقرر الذهاب إلى جهات التوثيق وكتب عقودا صورية بكل ثروته لبناته الثلاث وزوجته خوفا عليهن من غدر الزمان بعد وفاته بخاصة بعد معاناته مع إخوته بسبب إنجابه لهؤلاء البنات، وأيقن أن كتابة أملاكه لبناته أولى وأفضل تأمينا لحياتهن ومستقبلهن، الشىء الذي أغضب إخوته وأولادهم وأوغر صدورهم عليه بمزيد من الحقد والرغبة في الانتقام، فزادت محاولاتهم للاعتداء عليه وعلى بناته، وعند وفاته رفضوا أن يسيروا في جنازته غيظا وكمدا بسبب حرمانه لهم من الميراث.
يعلق د. عبد الفتاح العواري عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر على هذه الواقعة بأنه لا يجوز اعتراض الأقارب على كتابة الأب ثروته وكل أملاكه لبناته؛ حيث تذهب بعض الآراء الفقهية إلى ضرورة مساوة الذكر بالأنثى في العطية من جانب الأب امتثالا لقول النبي صلي الله عليه وسلم: (سووا بين أولادكم في العطية فلو كنت مفضلا أحدًا لفضلت النساء).
خلال الفترة الماضية شهد المجتمع المصري جدلا واسعا حول مدى جواز كتابة الأب أملاكه وثروته لبناته وزوجته في حال حياته بخاصة إذا ما كانت خلفته من البنات من دون الذكور وعدم توريث أقاربه في ثروته بخاصة إذا ما كانوا يعايرونه بخلفة البنات من دون الذكور، وبادر عدد من العلماء لإبداء الرأي الشرعي حول هذا الموضوع كان على رأسهم فضيلة الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف الذي أكد أنه يجوز للأب في حياته منح بناته كل ثروته وأملاكه والتنازل لهن عنها حتى يتسنى لهن ضمان حياة مستقرة وسبل معيشة هادئة وكريمة، شرط ألا يكون الأب قد فعل ذلك بنية حرمان من يحق لهم الحصول على أنصبة من ثروته على سبيل الميراث ويتفق مع هذا الرأي الدكتور مجدي شحاتة مستشار مفتي الجمهورية الذي أكد أن الأب له الحق في كتابة ثروته وأملاكه لبناته كيف يشاء مادام متحريا لسبل الحلال ومن دون إسراف، وواصل قوله: هؤلاء البنات ربما في حاجة إلى هذا المال للاستعانة به في حياتهن على العيش الكريم والإنفاق على تكاليف التعليم أو الزواج وغير ذلك من مستلزمات الحياة، بخاصة أن الظروف الحالية في العالم على الصعيد الاقتصادي أصبحت من الصعوبة أن تحصل البنت على مساعدات أو إعانات من ذوي القربى للإنفاق على احتياجاتها.
وأضاف: والأب الذي يكتب ويتنازل عن ثروته لبناته إذا كانت ذريته من البنات دون أن يكون ذلك بنية حرمان الأقارب من الميراث في ثروته إنما يخشى على بناته وهن أقرب الناس إليه الحاجة والعوز بعد وفاته وهنا يجوز شرعا أن يعطيهن ما يشاء من ثروته وأملاكه في حياته مادام متحريا للحلال في ذلك ويتفق مع هذا الرأي الدكتور أحمد كريمة أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر ويرى أن الأب لديه الحرية الكاملة في كتابة أملاكه وثروته لبناته حتى لو كانت هذه الكتابة عقدا صوريا، معتبرا منع أو حجب البنات من الميراث في بعض المجتمعات نوعا من صور الجاهلية مؤكدا أن المساواة بين الذكور والإناث في العطية أو الهبة أمر مستحب شرعا لقول النبي صلي الله عليه وسلم: «لو كنت مؤثرا أحدا لآثرت النساء على الرجال»، وأبدى بعض أساتذة الفقه جامعة الأزهر اعتراضا على بعض المسائل في مدى جواز كتابة الأب ثرواته وأملاكه لبناته في حال حياته خشية عدم توريثهن أو مشاركة أقاربهن فيما تركه هذا الأب من ثروة إذا ما كانت كل ذريته من الإناث وحاولت دار الإفتاء المصرية حسم هذا الجدل الدائر بين بعض الفقهاء حول جواز كتابة الأب ثروته لبناته في حال حياته ونشرت على صفحتها الرسمية: «أن الشخص الواهب قد يعطي بعضا من أولاده عطاء زائدا على الآخرين نظرا لحاجته إلى هذه الزيادة كالإنفاق على مرض أصابه أو لكثرة عياله أو لصغر سنه أو لمساعدته على تكاليف التعليم أو الزواج وغير ذلك من الأمور التي تستدعي الزيادة في العطاء والهبة وفي هذه الحالة يكون الأب غير مرتكب لظلم ولا إثم عليه في ذلك لأنه تصرف فيما يملك حسبما رآه محققا للمصلحة».
وتذهب إحدى الفتاوى الشرعية إلى أنه يجوز للرجل أن يهب أملاكه وثروته لزوجته وبناته أو يبيعه لهن بيعا صوريا في حال صحته ولو مات الرجل بعد ذلك ليس لورثته المطالبة بشىء منها، وقد اتفق الفقهاء على أن بيع المحاباة من الصحيح غير المريض مرض الموت ولكنه إذا قصد الرجل بالهبة أو بيع المحاباة حرمان بقية الورثة فإنه يأثم ولكن هذا الإثم لا يبطل الهبة أو بيع المحاباة.
ويعلق الشيخ محمود صلاح من علماء الأزهر الشريف على حكم تنازل الرجل لزوجته وبناته عن تركته في حال حياته بقوله: أجاز الشرع تصرفات كل إنسان عاقل مؤهل للتصرف في ملكه فيهب ممتلكاته كيفما شاء ما لم يضر بمن ينفق عليه ومع ذلك أوجب على الأب العدل بين الأبناء ويجوز للأب أن يهب لبنات أخيه ما شاء من ماله إن كانت الهبة نافذة وليست معلقة بالموت ولم يقصد حرمان الورثة من نصيبهم الشرعي، ويجوز تقسيم الأب لماله بين بناته في حياته بالمساواة من دون أن يقصد حرمان بقية الورثة ويصبح هذا المال ملكهن في حياة الأب إذا ما تمت حيازته لهن لأن هذه الحيازة تعني قبض الهبة من الأب، وقبض العقارات يكون بتخلي الأب عن العقار، وقبض المال يكون بنقله من الأب إلي الشخص الموهوب له ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى ( 29/20) والمقصود من العقود إنما هو القبض والاستيفاء.
بوابة الأهرام
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: فی حیاته بناته فی فی کتابة من دون إذا ما
إقرأ أيضاً:
“السلام يفرض أحيانا بالقوة”.. ترامب: قتلنا زعيم داعش بالعراق وانتهت حياته البائسة
شبكة انباء العراق ..
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، اليوم السبت، عن تصفية زعيم تنظيم “داعش” الإرهابي في العراق، فيما نشر الجيش الأمريكي فيديو يوثق عملية الاغتيال.
وقال ترامب في منشور على منصة “تروث”: “اليوم قتل زعيم داعش الهارب في العراق. تمت مطاردته بلا هوادة من قبل مقاتلينا الشجعان”.
وأضاف: “انتهت حياته البائسة، إلى جانب عضو آخر في داعش، بالتنسيق مع الحكومة العراقية والحكومة الإقليمية الكردية”.
وشدد ترامب على أن “السلام يفرض أحيانا بالقوة”.
في غضون ذلك، نشرت القيادة المركزية الأمريكية “سنتكوم” فيديو يوثق عملية الاغتيال، وقالت في بيان على منصة “إكس”: “تمكنا من تحييد قائد العمليات الخارجية في تنظيم داعش والذي كان يشغل منصب الرجل الثاني في التنظيم”.
وأضافت: “بالتعاون مع قوات الاستخبارات والأمن العراقية، ضربة جوية دقيقة في محافظة الأنبار بالعراق، أسفرت عن مقتل الرجل الثاني في تنظيم داعش، وقائد العمليات وأمير اللجنة المفوضة، عبدالله مكي مصلح الرفاعي، المعروف باسم أبو خديجة، بالإضافة إلى أحد عناصر داعش”.
وأشار البيان إلى أنه “بصفته أمير اللجنة المفوضة، التي تعتبر أعلى هيئة لاتخاذ القرار داخل تنظيم داعش، كان أبو خديجة مسؤولا عن العمليات واللوجستيات والتخطيط التي ينفذها التنظيم على المستوى الدولي، كما كان يدير جزءا كبيرا من تمويل أنشطة داعش حول العالم”.
وأوضح البيان أنه “بعد الضربة الجوية، تحركت قوات القيادة المركزية الأمريكية والقوات العراقية إلى موقع الاستهداف، حيث تم العثور على جثتي عنصرين لداعش. وكان كلا الإرهابيين يرتديان أحزمة ناسفة غير منفجرة، وكان بحوزتهما عدة أسلحة وتمكنت القوات من التعرف على أبو خديجة عبر تطابق الحمض النووي الذي تم جمعه خلال مداهمة سابقة كان قد نجا منها”.
من جهته، قال الجنرال مايكل إريك كوريلا، قائد القيادة المركزية الأمريكية: “كان أبو خديجة أحد أهم قادة داعش على المستوى الدولي للتنظيم. سنواصل القضاء على الإرهابيين وتفكيك تنظيماتهم التي تهدد وطننا وأفرادنا من القوات الأمريكية، والحلفاء، والشركاء في المنطقة وخارجها”.
وهنأ وزير الدفاع الأمريكي بيت هغسيث القيادة على تصفية قائد “داعش” عبر منصة “إكس” قائلا: “أحسنتم دائما تصيبون الهدف”.
user