*وانتصرنا*
معز عمر بخيت
وانتصرنا
كان قول الحق نبراساً وجيش..
كان فتح النصر نجوى
والمدامع بين أفراح
تجر الموت من رمق وعَيْش..
وانعتقنا
من جحيم الغدر من كفارهم
فالجاهزية جاهلية
والأشاوس من وساوس
والثعابين الفوارس
كلها طين وأدمغة من
أتربة وخيش..
واهتدينا
من عهود ظلامهم
من غيهم وخوائهم
مذ قوم عاد
مذ ثمود ومذ قريش.
ان نصر الله فتح
شامخ شعب وجيش..
ذكر أصيل ساطع
نسب كريم من عليش..
***
يا هذه الأرض استقي
ماء العذوبة وارتوي
بالنور شمساً ساطعة..
وابقي على شط الأصائل
في حنايا الضوء
ايماناً عميقا بالسماء الشاسعة
سنعود للوطن المقدس
نفتديه ونرتجيه ونحتويه
نعمر البنيان فيه
حضارة جذلى دروباً ناصعة
مجداً وايماناً عميقا
وارتقاءً واسعا
وطني العظيم محبتي لك
من صميم القلب من كل الشرايين
المشبعة اشتهاء من وريد الشوق
من رئة العطاء ومن دماء يانعة
صلى عليك الحق يا وطني سماحاً
واستفاق العز من رهق المواجع
واحتدام الفاجعة
وانسابت الخرطوم من جرح الأسى
وتفجر النيلان دمعاً دافئاً
حتى الصحاري والجبال
وكل غابات النخيل الرائعة
المجد للجيش العظيم لشعبنا
ونسائنا ورجالنا
أطفالنا والبحر والنجمات
والقمح الموزع في الحقول مزارعا
مجد القبيلة في ثياب الخير يرفل
والدجى يتوشح الشمس القديمة
والجداول لم تزل عطشى
وكل سحابة فوق المداخل جائعة
تباً لأوباش غزوا هذي الديار
ودمروها عنوة
وسبوا الحرائر والأزاهر والبيادر
واستباحوا الأرض والنهر لمبارك
والجزائر والمدائن والقرى
حتى القلوب الخاشعة
نهبوا الغني ومزقوا ثوب الفقير مذلة
ثم عاثوا في البلاد مفاسداً
ومآخذاً متسارعة
والآن ينهض شعبنا والجيش أخضر
والديار عزيزة والصبح أبلج
والأماكن يا بلادي راجعة
حتما نعود وها هنا
سيظل تاريخ الشموخ عليك يا وطني
أصيلاً باتعا.
معز عمر بخيت إنضم لقناة النيلين على واتساب
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
أيزنهاور وانتصار الحق: حين أنقذ موقف أمريكا حلم عبد الناصر في استعادة قناة السويس
في كل لحظة مفصلية تعصف بالأمة العربية، يحضر اسم جمال عبد الناصر وكأنه ظل لا يفارق مشهد الأزمات، نستدعيه بكل شموخه حين نبحث عن معنى للكرامة، ثم لا نلبث، في اليوم التالي، أن نجلد صورته ونحاكمه بمعايير عصر لم يكن عصره، في ازدواجية مألوفة تكاد تختصر مأساة وعي شعوبنا.
ومع ذلك، يظل عبد الناصر، برغم تناقضات الأحكام عليه، الحاضر الغائب في كل منعطف مصيري، رمزًا لحقبة حلمت بالتحرر والكرامة رغم قسوة التحديات.
من هنا تبدأ قصة قناة السويس، ورجل آمن بأن السيادة الوطنية لا تقبل التجزئة. في 26 يوليو 1956، أعلن عبد الناصر تأميم القناة، متحديًا القوى التقليدية التي رأت في مصر مجرد رصيف آخر على طريق الإمبراطوريات. جاء الرد عنيفًا، فاندلعت نيران العدوان الثلاثي في أكتوبر من العام نفسه.
كان يمكن لمصر أن تخسر معركتها أمام آلة الحرب البريطانية الفرنسية الإسرائيلية لولا متغير لم يكن في الحسبان: موقف الولايات المتحدة الأمريكية، بقيادة دوايت أيزنهاور.
رغم أن بريطانيا وفرنسا كانتا شريكتين لأمريكا في انتصار الحرب العالمية الثانية، رفض أيزنهاور تواطؤهما في مغامرة عسكرية ضد دولة ناشئة تطالب بحقها المشروع. بإصرار أخلاقي واستراتيجي، تمسّك أيزنهاور بتطبيق قرارات الأمم المتحدة، مطالبًا بانسحاب القوات المعتدية دون قيد أو شرط.
وبالفعل، تحقق انسحاب القوات البريطانية والفرنسية من منطقة قناة السويس في 23 ديسمبر 1956. ومع أن مصر احتفلت بعيد النصر، بقي استكمال التحرير ناقصًا بسبب تمسك إسرائيل باحتلال غزة وسيناء، محاولة فرض أمر واقع يخدم مصالحها المستقبلية.
هنا جاء التحرك الأمريكي الحاسم: كتب أيزنهاور إلى دافيد بن غوريون رسالة تهديد واضحة في نوفمبر 1956، لوّح فيها بوقف المعونة المالية الأمريكية - التي كانت تقدر بمئة مليون دولار - ومراجعة طبيعة التحالف الأمريكي الإسرائيلي الوليد.
قال أيزنهاور بنبرة لا تحتمل اللبس: "أحثك على الامتثال لقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وأن تجعل قرارك بالانسحاب معروفًا فورًا. سيكون أمرًا في غاية الأسى لكل مواطني بلدي لو أن السياسة الإسرائيلية جاءت عائقًا أمام التعاون الودي بين بلدينا."لم تمضِ أسابيع حتى أجبرت إسرائيل على الانسحاب الكامل، وفتحت قناة السويس للملاحة تحت السيادة المصرية مجددًا، مع ضمان حرية المرور عبر مضيق تيران، إلى أن تبدلت المعادلة عشية نكسة يونيو 1967.حافظ عبد الناصر على تقديره لموقف أيزنهاور، واستقبل نائب الرئيس الأمريكي السابق ريتشارد نيكسون بحفاوة خلال زيارته للقاهرة عام 1963. كما التقى بأيزنهاور نفسه في نيويورك عام 1960، في لقاء حمل بين طياته إدراكًا عميقًا لدروس ذلك الزمن.
واليوم، حين نسمع قادة مثل دونالد ترامب يتحدثون عن "تكاليف الحماية" وضرورة "أن يدفع من تُحتمى دولهم"، ندرك كيف تحولت اللغة السياسية الأمريكية من دفاع عن الشرعية الدولية إلى تجارة بالمواقف والتحالفات.
ترامب لم يكن يستلهم موقف أيزنهاور حين أطلق تهديداته، بل كان يحسب التكاليف بالدولار، لا بمبادئ السيادة والحرية.
ومع ذلك، تبقى قصة عبد الناصر وقناة السويس درسًا خالدًا: أن للحق قوة خفية قد تفرض احترامها، حتى وسط قوى المصالح والصراعات الكبرى، وأن من حقب التاريخ ما يصعب أن يُقاس بمقاييس اللحظة، ، ، !!
محمد سعد عبد اللطيف
كاتب وباحث في الشؤون الجيوسياسية والصراعات الدولية
[email protected]