نشرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، مقالا، أعده الزميل البارز ومدير برامج سوريا ومكافحة الإرهاب والتطرف في معهد الشرق الأوسط بواشنطن، تشارلس ليستر، قال فيه إنّ: دولة الاحتلال الإسرائيلي تصعد حربها في سوريا.

وأضاف المقال الذي ترجمته "عربي21" أنّ: "ردها على سقوط نظام بشار الأسد، في 8 كانون الأول/ ديسمبر 2024، كان واضحا عندما شنّ الطيران الإسرائيلي 600 غارة  أنحاء  سوريا، استمرت 10 أيام بعد رحيل الأسد".



وتابع: "في الوقت الذي ضرب فيه الطيران الإسرائيلي كل قاعدة عسكرية في البلد، اجتازت القوات الإسرائيلية الحدود إلى سوريا، واحتلت المنطقة المنزوعة السلاح التي أقيمت عام 1974 ضمن اتفاق وقف الإشتباك بين سوريا وإسرائيل، ومزقت فعليا الإتفاق الطويل".

وبحسب المقال نفسه، فإنه: "منذ ذلك الوقت توغلت القوات الإسرائيلية مسافة 12 كيلومترا في العمق السوري، وزرعت ألغاما وعبدت طرقا جديدا وأدت لتشريد السكان. فيما دعا رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه، إسرائيل كاتس، لجعل الجنوب السوري منطقة منزوعة السلاح وبالكامل. وعبرا عن تصميم لحماية دروز سوريا من تهديدات مفترضة".

وأردف: "قد تمظهرت هذه السياسة من خلال شكلين، ركزت الأولى على حادثة وقعت في أوائل آذار/ مارس، عندما هددت قوات الاحتلال الإسرائيلي بتدخل عسكري للدفاع عن مسلحين دروز في ضاحية جرمانا جنوب دمشق". 

"جاء هذا التهديد بعد أن أطلقت ميليشيا درزية محلية، مؤلفة من مقاتلين سابقين في نظام الأسد، تعرف محليا باسم "الشبيحة" النار على جندي من الحكومة المؤقتة، ما أدى لمقتله أثناء محاولته زيارة أقاربه في مناطقهم، وتسبّب في مواجهة" أكد المقال، مردفا أنّه: "في الوقت الذي كانت إسرائيل تطلق فيه تهديداتها، سافرت أقوى الميليشيات الدرزية شمالا من قواعدها في السويداء إلى جرمانا للتفاوض وتنفيذ اتفاق، تم بموجبه تسليم المسلحين المشتبه بمسؤوليتهم عن القتل للمحاكمة ووضع جرمانا تحت السيطرة الكاملة للحكومة المؤقتة".


واسترسل: "أما الشكل الثاني الذي تمظهرت فيه السياسة الإسرائيلية الجديدة، فقد جاء من خلال تشكيل ميليشيا درزية جديدة عرفت باسم "المجلس العسكري الأعلى للسويداء"، مردفا: "بحسب أربعة من كبار الشخصيات العسكرية والسياسية والدينية الدرزية في السويداء، والذين تحدثوا مع الكاتب بشرط عدم الكشف عن هويتهم، فإن المجلس العسكري الأعلى للسويداء يضم ثلاثة جنرالات سابقين في نظام الأسد بين قياداته العليا، وقد سلح نفسه من مخازن الجيش السوري السابقة".

وأكّد: "من المعروف لدى دروز سوريا أن المجلس العسكري الأعلى للسويداء، يحافظ على علاقات مع قوات الاحتلال الإسرائيلي من خلال الدروز هناك. ومن  اللافت للنظر أن علم المجلس العسكري الأعلى للسويداء يشبه إلى حد كبير علم قوات سوريا الديمقراطية، شريكة الولايات المتحدة في الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية، والتي أبدت أحيانا انفتاحا على العلاقات مع دولة الاحتلال الإسرائيلي".

ومضى بالقول: "كان عناصر المجلس العسكري الأعلى للسويداء هم من رفعوا العلم الإسرائيلي في مركز مدينة السويداء خلال المواجهات في جرمانا، ليقوم الأهالي بعد دقائق بإزالته وإشعال النار فيه". فيما يقول ليستر إنّ التصعيد  الأخير في سوريا يمثل لحظة خطيرة للغاية، وهي لحظة غير ضرورية على الإطلاق.

ويضيف ليستر أنّ: "سقوط نظام الأسد كان ضربة للمصالح الإستراتيجية الإيرانية وشلّ سيطرتها على سوريا تماما وأجبر كامل بنيتها التحتية العسكرية والتابعة لها على الفرار من البلاد وتسريح قواتها. ومنذ سقوط الأسد قبل نحو أربعة أشهر، لم تتعرض إسرائيل لأي هجوم نشأ من داخل سوريا".

وأبرز: "خلال تلك الفترة، اعترضت قوات الأمن التابعة للحكومة المؤقتة في البلاد ما لا يقل عن 18 شحنة أسلحة كانت متجهة إلى حزب الله في لبنان، وصادرت وفككت ما لا يقل عن ثمانية مواقع لإطلاق الصواريخ كانت مرتبطة سابقا بإيران".

وأكد: "منذ توليها السلطة في كانون الأول/ ديسمبر كانت الحكومة المؤقتة واضحة في موقفها الساعي لبناء علاقات مع الجيران والمجتمع الدولي خالية من المشاكل"، مبرزا: "رغم تعرضها للإنتقام العسكري لأكثر من عقد الزمان، تجري السلطات الجديدة في دمشق الآن حوارا منتظما ومثمرا بشكل متزايد مع روسيا، التي لا تزال قواتها متمركزة في قواعدها الجوية والبحرية على ساحل البحر الأبيض المتوسط".

ويعلق ليستر أنّ: "البراغماتية المطلوبة لإحداث مثل هذا التحول الدبلوماسي قد تكون مثيرة للإعجاب بالنسبة للسياسيين المحترفين،  ولكن في سوريا، تأتي هذه البراغماتية من الإسلاميين الذين اكتسبوا خبرة قتالية كبيرة ويسعون الآن إلى تحقيق الاستقرار في سوريا وإعادة دمجها في المجتمع الدولي".


ومنذ أواخر كانون الثاني/ يناير قدّمت تركيا مقترحا عسكريا كبيرا للحكومة  المؤقتة يتضمن نشر طائرات مقاتلة وأنظمة دفاع جوي في قاعدتين جويتين (الشعيرات وتي فور) في وسط سوريا في محاولة لفرض السيادة على المجال الجوي السوري.

ومن الواضح، فإنّ: "هذا المقترح يمثل تحد تركي مباشر لحرية دولة الاحتلال الإسرائيلي الحركة في الاجواء السورية. ونظرا لأهمية التصعيد الإسرائيلي الأخير، فقد نكون الآن على وشك توقيع مثل هذا الاتفاق الدفاعي، وفقا لمسؤول كبير في الحكومة المؤقتة في دمشق، تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته".

ويحسب للرئيس المؤقت، أحمد الشرع، ووزير الخارجية المؤقت، أسعد الشيباني أنهما أجّلا، الالتزام بمقترح تركيا، لعلمهما التام بأنه سيثير أزمة خطيرة، إن لم تكن وجودية، على العملية الإنتقالية الهشة. لكن مسار الأحداث الجارية يجعل هذه البراغماتية غير قابلة للتطبيق على نحو متزايد.

ووفقا للمقال فإنّه: "من المفارقات إلى حد ما، أنه بالإضافة إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي، فإن الحكومة الوحيدة الأخرى في العالم التي يبدو أنها تسعى إلى زعزعة استقرار سوريا هي إيران. ففي الأسابيع الأخيرة، واجهت الحكومة المؤقتة تمردا مناهضا لها. واتسم بقوته وقدراته وعدوانيته المتزايدة. واستند هذا التمرد على قادة سابقين في فرقة النخبة الرابعة لنظام الأسد، الحليف العسكري الرئيسي لإيران".

وأكد: "كانت حملة منسقة، واشتملت على عشرات الهجمات شبه المتزامنة، شنها مقاتلوهم في اللاذقية وطرطوس. وهي الشرارة التي أشعلت موجة من عمليات القتل الانتقامية الواسعة على مدى عدة أيام، بدأت في 7 آذار/ مارس".

"أدّت المداهمة التي قامت بها قوات أمن الحكومة المؤقتة على مقرات عمليات هذه الفرقة للكشف عن خرائط جديدة التقطتها الأقمار الإصطناعية وصناديق من الدولارات الأمريكية ومعدات اتصالات بعيدة المدى، وذلك نقلا عن مسؤولين كبيرين تحدثا إليى الكاتب. وهي أدلة اختارت الحكومة المؤقتة عدم نشرها، على حد قولهما" أشار المقال ذاته.

ويقول الكاتب إنّ: "إدارة ترامب، ربما لديها مخاوفها وشكوكها بشأن الحكومة المؤقتة في سوريا، ولكنها تدرك أيضا الفرصة التاريخية والاستراتيجية التي قدمها رحيل الأسد، وهزيمة إيران الاستراتيجية في قلب الشرق الأوسط ولاغتنام هذه الفرصة وتحويلها إلى استقرار إقليمي تحويلي، يجب على إدارة ترامب أن تستخدم علاقاتها ونفوذها مع إسرائيل للضغط من أجل خفض التصعيد".


وختم بالقول: "في مساره الحالي، يخاطر العدوان الإسرائيلي بتحقيق نبوءة ذاتية التحقق، حيث قد ينتهي الأمر بسوريا الجديدة، التي رفضت سابقا إظهار أي نية عدائية، إلى خيار وحيد هو الرد إذا استمر هذا العدوان غير المبرر والقاتل في التفاقم".

واستطرد: "ربما حمّلت إدارة ترامب أملا في انضمام سوريا ما بعد الأسد إلى الاعتراف رسميا بدولة الاحتلال الإسرائيلي من خلال التوقيع على اتفاقيات إبراهيم. لكن ذلك لن يكون ممكنا إلا إذا أوقف الاحتلال عملياته العسكرية واحتلاله غير القانوني للأراضي السورية".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة دولية سوريا الاحتلال ترامب سوريا الاحتلال ترامب المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة دولة الاحتلال الإسرائیلی الحکومة المؤقتة إدارة ترامب نظام الأسد فی سوریا من خلال

إقرأ أيضاً:

مفتشو أسلحة كيميائية يزورون مواقع في سوريا

قالت مصادر، اليوم الجمعة، إن سلطات تصريف الأعمال في سوريا اصطحبت مفتشي أسلحة كيميائية إلى مواقع إنتاج وتخزين لم يزرها أحد من قبل تعود إلى عهد بشار الأسد الذي أطيح به قبل ثلاثة أشهر.

وزار فريق من منظمة حظر الأسلحة الكيميائية سوريا بين يومي 12 و21 مارس (أذار) للتحضير لمهمة تحديد مواقع مخزونات نظام الأسد غير المشروعة وتدميرها، وزار المفتشون خمسة مواقع، بعضها تعرض للنهب أو القصف.
وقالت المصادر إن من بينها مواقع لم تصرح بها حكومة الأسد للمنظمة، وأضافت المصادر التي تحدثت شريطة عدم الكشف عن هويتها أن الفريق حصل على وثائق ومعلومات مفصلة عن برنامج الأسد للأسلحة الكيماوية.
وقالت الوكالة في ملخص للزيارة نُشر على الإنترنت "قدمت سلطات تصريف الأعمال السورية كل الدعم والتعاون الممكنين خلال إشعار قصير"، وأضافت أن مرافقين أمنيين صاحبوهم و"تمكنوا من الوصول إلى المواقع والأشخاص دون قيود"، ولم تعلن أي تفاصيل إضافية.

بعد سقوط الأسد..سوريا تتعهد بالتخلص من مخزون الأسلحة الكيميائية - موقع 24شدد وزير الخارجية السوري أسعد حسن الشيباني اليوم الأربعاء، على التعهد بالتخلص سريعاً مما تبقى في البلاد من أسلحة كيميائية بعد سقوط حكومة بشار الأسد، وناشد المجتمع الدولي تقديم المساعدة في ذلك. ويشير هذا التعاون إلى تحسن كبير في العلاقات مقارنة بالعقد الماضي؛ حين كان المسؤولون السوريون في عهد الأسد يعرقلون مفتشي المنظمة.
وقال مصدر دبلوماسي مطلع على الموضوع إن الزيارة توضح أن السلطات السورية المؤقتة تفي بوعدها بالعمل مع المجتمع الدولي لتدمير أسلحة الأسد الكيميائية.
وجاء في تقرير لوكالة رويترز يوم الثلاثاء، أن تدمير أي أسلحة كيميائية متبقية كان في قائمة البنود التي اشترطتها الولايات المتحدة على سوريا إذا أرادت دمشق أن تحظى بتخفيف للعقوبات.
وخلصت ثلاثة تحقيقات إلى أن قوات الحكومة السورية في عهد الأسد استخدمت غاز الأعصاب السارين وبراميل الكلور في أثناء الحرب الأهلية مما أدى إلى مقتل وإصابة الآلاف. وجرت التحقيقات الثلاثة عبر آلية مشتركة للأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، وفريق التحقيق وتحديد الهوية التابع لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، وتحقيق للأمم المتحدة في جرائم الحرب.


وانضمت سوريا بقيادة الأسد إلى المنظمة بموجب اتفاق أمريكي-روسي في أعقاب هجوم بغاز السارين عام 2013 أسفر عن مقتل المئات. وتم تدمير نحو 1300 طن من الأسلحة الكيماوية والمركبات المستخدمة في إنتاجها.
ويعتقد خبراء في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية أنه لا تزال هناك مخزونات غير معلن عنها ويريدون زيارة أكثر من 100 موقع يُعتقد أن قوات الأسد خزنت أو أنتجت فيها أسلحة كيماوية. وتستعد منظمة حظر الأسلحة الكيميائية لفتح مكتب ميداني في سوريا، حيث أدى تصاعد العنف في الآونة الأخيرة إلى زيادة المخاوف الأمنية.
ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية هي وكالة تشكلت بناء على معاهدة مقرها لاهاي وتضم 193 دولة عضو، وهي مكلفة بتنفيذ اتفاقية الأسلحة الكيميائية لعام 1997.


مقالات مشابهة

  • الاحتلال الإسرائيلي يسيطر على مناطق جديدة في سوريا
  • سوريا والتحديات الداخلية والخارجية
  • الإعلامي الحكومي بغزة: نأمل تشكيل الإدارة المؤقتة لقطاع غزة في أقرب وقت
  • استقالة رئيسة جامعة كولومبيا المؤقتة.. قدمت تنازلات لإدارة ترامب
  • استقالة رئيسة جامعة كولومبيا المؤقتة بعد تنازلات لإدارة ترامب
  • كيف نزع ترامب القناع عن عملية التغليف التي يقوم بها الغرب في غزة؟
  • مفتشو أسلحة كيميائية يزورون مواقع في سوريا
  • ماكرون بعد لقائه الرئيس اللبناني: لا مبرر للقصف الإسرائيلي على بيروت والهجوم يخدم مصالح حزب الله
  • عون يتابع التصعيد الإسرائيلي في لبنان من باريس
  • نازحون في غزة يعيشون ظروفا صعبة مع عودة التصعيد العسكري