بغض النظر عن النتائج المترتبة على مواقف صنعاء فيما يتصل بالقضية المركزية الأولى للأمة قضية فلسطين وحق شعبها في استعادة حريته وكرامته وسيادته على وطنه المحتل فلسطين الذي يعيش منذ أكثر من قرن تحت (سنابك خيول) الاحتلال و(جنازير دباباته) بدءاً من (الاحتلال العثماني) إلى (الاحتلال البريطاني) ثم (الاحتلال الصهيوني) الاستيطاني العنصري الإستيصالي، الذي جاء مختلفا عن كل أسلافه السابقين له، ورغم أنه جاء ليمثل المصالح الاستعمارية ويحرس نفوذها الجيوسياسي ويكون رأس حربة لقوى الاستعمار في سبيل إبقاء المنطقة وخيراتها وثرواتها ومكانتها الجغرافية والاقتصادية والروحية والحضارية تحت رحمة المحاور الاستعمارية التي أكثر ما تخشاه وتخاف منه وتراه خطرا على مصالحها هو أن تستقل هذه الأمة بقرارها وتمتلك سيادتها وتبني قدراتها المادية والمعنوية، وتوحد طاقاتها المادية والروحية في مواجهة الهيمنة الاستعمارية، ولهذا كانت فلسطين هدف القوى الاستعمارية التي وجدت نفسها تعيش ذروة التمتع بخيرات الأمة في ظل الوجود (الصهيوني)، الذي منح وجوده في قلب الأمة الحرية للقوى الاستعمارية بأن تمارس عبثها في نهب وتدمير الأمة وتمزيق أواصرها الجغرافية والاجتماعية والفكرية والحضارية والعقائدية، حيث أنه بفضل الوجود (الصهيوني) تمكنت القوى الاستعمارية من تحقيق مخططاتها الاستهدافية بتدمير الأمة واحتواء كل قدراتها وطاقاتها المادية والروحية وتسخيرها في تحقيق أهدافها الاستعمارية.
أن تحتضن -صنعاء- وفي هذا التوقيت الحرج مؤتمرا دوليا لنصرة فلسطين، فهذا دليل على عمق الترابط المصيري بين اليمن وفلسطين، ترابط لا يجب ولا يفترض أن يقف في نطاق اهتمام صنعاء التي قدمت نموذجا يحتذى به في كيفية التعاطي مع القضية الفلسطينية التي لا يجب أن تكون قضية شعبها، بل يجب أن تكون فلسطين قضية الأمة العربية من محيطها إلى خليجها، بدرجة أساسية، ثم هي قضية إسلامية بدرجة ثانية، وهي قضية إنسانية ويجب أن يقف معها كل أحرار العالم الرافضين لبقاء هذا الشعب وحيدا بين كل شعوب العالم يرزح تحت نير احتلال ونحن نعيش في القرن الواحد والعشرين..!
موقف صنعاء يأتي تجسيدا وتأكيدا على أهمية القضية الفلسطينية في ذاكرة النخب اليمنية وقادة صنعاء وأنها ليست مجرد قضية عابرة مدفوعة بتعاطف سياسي عرضي وعابر من باب إسقاط واجب، بل هو تأصيل لموقف صنعاء الثابت الذي عبرت عنه ولا تزال من خلال الميدان والتحامها مع أبطال فلسطين منذ ملحمة (طوفان الأقصى) وما ترتب على الموقف اليمني من تداعيات جعل صنعاء تقف في مواجهة الغطرسة الأمريكية –الصهيونية- البريطانية، في ظل تواطؤ عربي وصمت إسلامي وتآمر متعدد الجبهات يستهدف صنعاء على خلفية مواقفها من القضية الفلسطينية، ليأتي هذا المؤتمر الدولي الذي تحتضنه صنعاء بمشاركة واسعة عربية إسلامية ودولية وتزامنا مع ترقب حلول يوم (القدس العالمي) الذي يحل في آخر جمعة من شهر رمضان المبارك، هذا التفاعل فيه من الأدلة ما يكفي لدحض أجندات المزايدين على مواقف صنعاء سواءً من خلال التشكيك بدوافع ونوايا صنعاء، أو بمحاولة البعض ربط الأمر بالأزمة المحلية، أو كما يذهب البعض للأسف في تقييم مواقف صنعاء وفق جدلية الربح والخسارة، منطلقين في مواقفهم من أوضاع البحر الأحمر والحصار الذي فرضته صنعاء على السفن الصهيونية والحليفة معها والذي ربطته صنعاء بالأوضاع في قطاع غزة، حيث يواجه أكثر من (مليوني عربي فلسطيني خطر الموت جوعا) على خلفية حرب الإبادة والحصار الذي يشنه جيش الاحتلال الصهيوني منذ أكثر من (16 شهرا) في تحدٍ لكل القوانين والتشريعات الدولية والقيم الإنسانية، فيما يقف المجتمع الدولي عاجزا عن لجم الغطرسة الصهيونية بفعل الدعم الأمريكي بوجهه الاستعماري القبيح..!
أعود وأقول إنه وبغض النظر عن نتائج المواقف التي تتخذها القيادة السياسية في صنعاء، فإن من المهم الأخذ بالاعتبار أن صنعاء بكل مواقفها تفضح مواقف وتخاذل الأنظمة العربية والإسلامية وتفضح المجتمع الدولي والنظام الدولي وتسقط عن الجميع بقايا أوراق توت كانت تستر عوراتهم..!
إن مواقف صنعاء السياسية والعسكرية والإعلامية فيما يتصل بالمشهد العربي الفلسطيني، تعد بمثابة (صفعات مهينة) توجه للأنظمة العربية والإسلامية، ورسائل أكثر من مهينة ترسلها صنعاء لأولئك الذين يتحدثون عن (العالم الحر) الذي سقط أخلاقيا وإنسانيا وتجرد من كل القيم التي ظل لعقود يتشدق بها ولكنها سقطت بالضربة القاضية حين تعلق الأمر بفلسطين، حيث داس العدو (الصهيوني) بأقدامه الهمجية على كل الشرائع الأرضية والسماوية، كما داس على القوانين الدولية وعلى كل أنظمة (العالم الحر) التي لم تؤمن يوما بالحرية إلا حريتها في قتل ونهب الآخر الحضاري..!
إن انعقاد مؤتمر فلسطين الدولي في صنعاء في ظل عدوان استعماري إمبريالي همجي تواجهه اليمن وصنعاء والشعب اليمني، فيه من الدلائل ما يدين ويهين كل العالم المتحضر الذي يرى يزعم أن صنعاء محكومة من قبل (جماعة إرهابية)، فيما الإرهاب الحقيقي هو ما يمارسه العدو الصهيوني بحق الأمة وتمارسه العواصم الاستعمارية الإمبريالية في واشنطن ولندن ودول الغرب التي لم تكن يوما إلا دولاً إرهابية ومارست وتمارس كل صنوف الإرهاب والإجرام بحق شعوب العالم ومنها شعوب الأمة العربية.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
مسيرة جماهيرية كبرى بالعاصمة صنعاء تأكيدا على استمرار الصمود في مواجهة العدوان الأمريكي الصهيوني
الثورة نت/..
شهدت العاصمة صنعاء اليوم، مسيرة جماهيرية كبرى تحت شعار “ثابتون مع غزة.. رغم أنف الأمريكي وجرائمه” تأكيدا على الاستمرار في مساندة ونصرة غزة والشعب الفلسطيني.
ورفعت الحشود المليونية في المسيرة، العلمين الفلسطيني واليمني، وشعارات الصرخة والجهاد والمقاومة، والمؤكدة على استمرار الصمود والثبات في مواجهة العدوان الأمريكي الصهيوني، وإسناد غزة حتى تحقيق النصر.
وجددت التأكيد على ثبات الموقف اليمني الداعم والمناصر لغزة، والتفويض المطلق لقائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، في كل ما يتخذه من قرارات وخيارات لردع العدو الأمريكي والصهيوني، دفاعاً عن الوطن ونصرة للشعب الفلسطيني.
وأكدت الجماهير على مواصلة الاستنفار والجهوزية والاستعداد الكامل لمواجهة تصعيد العدوان الأمريكي الهمجي على اليمن.. مرددة شعارات (مع غزة يمن الإيمان.. رغم أنف الأمريكان)، (عهد جميع اليمنيين.. لن نترك شعب فلسطين)، (بالله الحي القيوم.. ولى الأمريكي مهزوم)، (موقفنا أصدق برهان.. لحديث الإيمان يمان)، (الحرب عزيمة وإرادة.. أمة ومسيرة وقيادة)، (أمريكا هزمت وتكابر.. تقصف أسواقاً ومقابر)، (أمر الله وقال نجاهد.. لم يأمر نصمت ونشاهد)، (يا غزة واحنا معكم.. أنتم لستم وحدكم).
وأوضح بيان صادر عن المسيرة المليونية، أنه واستمراراً للموقف اليمني المشرف المساند للشعب الفلسطيني المسلم المظلوم، ورداً على العدوان الأمريكي على بلدنا، خرج الشعب اليمني اليوم في المسيرات المليونية استجابة الله سبحانه وتعالى وجهاداً في سبيله وابتغاء لمرضاته.
وجدد التأكيد بكل قوة على “الثبات في موقفنا الإيماني القرآني الراسخ في نصرتنا لإخواننا في غزة، وأننا لن نسمح بالانفراد بهم من قبل الأعداء، ولن نتفرج عليهم كمن تفرج؛ بل سنواصل جهادنا المقدس ضد مجرمي الأرض – أئمة الكفر أمريكا وإسرائيل بكل جد وعزم حتى يتوقف العدوان عليهم ويرفع الحصار عنهم، مستعينين بالله ومتوكلين عليه وواثقين بوعده سبحانه وتعالى”.
وخاطب الأعداء الأمريكان والصهاينة بالقول: “عبثاً تحاولون تغيير موقفنا وردنا عن إيماننا لنصبح كافرين ومنافقين، وعليكم أن تعلموا بأننا لن نرجع بعد الاستجابة لله مفرطين ومتخاذلين، وبعد عزة الجهاد مهانين ومستسلمين، وعدوانكم علينا أفشله الله على أيدي عباده المجاهدين في سبيله المتوكلين عليه، وأصبح هدفكم فقط هو اقتراف جرائم القتل بحق المدنيين أو استهداف معيشتهم وأسباب رزقهم، بعد فشلكم في إضعاف قدراتنا العسكرية، وهذا أيضاً لن يركعنا، وأنتم أكثر من يعرفنا، وقد جربتم ذلك معنا سابقاً ولم تفلحوا، وعليكم أن تعرفوا بأننا مستعدون بقوة الله أن نواجهكم أنتم وكل منافق يتحرك معكم ويربط مصيره بكم، وسيحقق الله لنا الانتصارات العظيمة وما النصر إلا من عند الله”.
وتوجه البيان، بتحية إجلال وإعزاز وإكبار لإخواننا في قطاع غزة على صمودهم المذهل وصبرهم الملهم برغم جسامة التضحيات وحجم المعاناة التي لا مثيل لها، وأيضاً نوجه تحية الوفاء والفخر والاعتزاز لمجاهدي المقاومة الباسلة التي ما تزال تقاتل بكل ثبات وصبر برغم طول المدة وقلة الإمكانات، ونقول لهم أنتم شرف هذه الأمة، ومن يعاديكم أو يجرح فيكم فهو فاقد للشرف والكرامة.
ودعا إلى الاستمرار بكل قوة في التعبئة العامة والوقفات القبلية وكل الأنشطة الداعمة للشعب الفلسطيني ومنها استمرار وتصعيد المقاطعة الاقتصادية بشكل فعال، ومقاطعة كل تاجر لا يقاطع البضائع الأمريكية أو الإسرائيلية، لأنه يساهم في دفع ثمن الغارات التي تقتلنا وتقتل أبناء غزة.