نجحت السعودية في تحويل انتباه العالم إلى المحادثات التي استضافتها جدة لمفاوضات بين أوكرانيا ودول غربية ودول نامية، في  غياب روسيا، ولعب نفوذ الرياض دورا في إضفاء حضور مميز لدول الجنوب العالمي في تلك المحادثات، وهو ما يعكس اهتماما متصاعدا من المملكة بأوكرانيا، على حساب علاقاتها مع روسيا.

ما سبق كان خلاصة تحليل كتبه ديفيد كيريتشينكو ونشرته صحيفة "جيروزاليم بوست" العبرية، معتبرا أن تجمع جدة سلط الضوء على نفوذ المملكة العربية السعودية المتزايد، ويشير إلى الدعم العالمي المتزايد لأوكرانيا.

لم يحدث تورط السعودية في الشؤون الأوكرانية بين عشية وضحاها، وتعود علاقة المملكة مع أوكرانيا إلى عام 1991 عندما حصلت الأخيرة على استقلالها عن الاتحاد السوفييتي.

وفي عام 2000، أبدت السعودية اهتماماً أكبر بتعزيز العلاقات الثنائية، خاصة في القطاعين الزراعي والاقتصادي.

اقرأ أيضاً

مسؤول أمريكي سابق: قمة جدة حول أوكرانيا أزعجت روسيا وأفادت السعودية

الشراكة السعودية الأوكرانية

ويقول الكاتب إن الشراكة الوثيقة مع أوكرانيا تتوافق بشكل جيد مع رؤية الحكومة السعودية 2030، وهي استراتيجية تركز على تنويع اقتصاد البلاد وتعزيز الصادرات غير النفطية.

وتمثل براعة أوكرانيا الزراعية فرصة للمملكة لمعالجة المخاطر المتعلقة بالأمن الغذائي، حيث تعتمد السعودية بشكل كبير على استيراد جزء كبير من إمداداتها الغذائية من الخارج.

ومفتاح ذلك هو الشراكة القوية مع أوكرانيا، التي كانت ثاني أكبر مورد للقمح للمملكة في عام 2021.

والعلاقة مع أوكرانيا أسهل بكثير في إدارتها من العلاقة مع روسيا.

فالأخيرة تحمل الكثير من الأمتعة الدبلوماسية من حربها في أوكرانيا ونقص الإخلاص من الجانب الروسي، خاصة فيما يتعلق بالتعاون النفطي.

اقرأ أيضاً

هل رسمت قمة جدة حدود الصراع في أوكرانيا؟

الأمن الغذائي السعودي

ويرى الكاتب أن الجهود المستمرة التي تبذلها روسيا لحصار صادرات الحبوب الأوكرانية تهدد الأمن الغذائي - ليس فقط بالنسبة للسعودية، بل وأيضاً بالنسبة للملايين من الناس في مختلف أنحاء أفريقيا وآسيا - وهي في مقدمة اهتمامات صناع السياسات في مختلف أنحاء الشرق الأوسط وخارجه.

تعاون عسكري

وهناك أيضا تعاون عسكري طموح بين السعودية وأوكرانيا.

وبحسب ما ورد تم تمويل تطوير الصاروخ الباليستي قصير المدى Hrim-2 في أوكرانيا سراً من قبل السعودية باستثمار قدره 40 مليون دولار، وفي المقابل، حصلت المملكة على إمكانية الوصول إلى تكنولوجيا الصواريخ المهمة التي عززت مكانتها كشريك دفاعي مهم لأوكرانيا، حيث أصبحت المملكة مستوردًا رئيسيًا للأسلحة الأوكرانية.

وبعد أن توحدت السعودية وروسيا في مضمار خفض إنتاج النفط، لدرجة أثارت توترات بين واشنطن والرياض، ظهرت الآن علامات التوتر بين الرياض وموسكو، وتشير التقارير إلى أن روسيا تجاوزت مستويات إنتاج النفط المتفق عليها، مما تسبب في الإحباط والاستياء بين السعوديين.

وعلى مدى السنوات الست الماضية، تعاون قادة البلدين بشكل وثيق لفرض سيطرتهم على سوق النفط العالمية.

وتمحور التحالف النفطي السعودي الروسي حول الأهداف المشتركة المتمثلة في تعزيز أسعار النفط وتعظيم عائدات التصدير.

اقرأ أيضاً

لعبة القوى تتغير.. اجتماع جدة شاهد على صعود الجنوب العالمي

توتر سعودي روسي

لكن الوضع تغير بشكل كبير مع الغزو الروسي واسع النطاق لأوكرانيا في عام 2022، حيث غيرت الحرب ديناميكيات العلاقة بينهما، وتبدو روسيا الآن أكثر استعدادا لقبول انخفاض أسعار النفط لزيادة مبيعاتها من النفط، وخاصة لكبار المستهلكين مثل الصين والهند.

وتعتبر الإيرادات الإضافية ضرورية لقدرة روسيا على تمويل جهودها الحربية المستمرة.

ومن المرجح أن يؤدي هذا إلى مزيد من التوتر في المستقبل بين روسيا والسعودية، يقول الكاتب.

وكانت المملكة العربية السعودية وروسيا أيضًا على طرفي نقيض في الحرب الأهلية السورية، حتى استسلمت الرياض للأمر الواقع وأعادت العلاقات مع بشار الأسد.

ويخلص الكاتب إلى أن الدور المتزايد للسعودية في الشؤون الأوكرانية يشير إلى اتجاه أوسع لدول الشرق الأوسط التي تسعى إلى تنويع تحالفاتها، حيث أدركت دول المنطقة أهمية عدم الاعتماد فقط على شريك مهيمن واحد، مثل الولايات المتحدة. ونتيجة لذلك، فإنهم يحاولون تأمين تحالفات متنوعة، حتى مع الصين، كثقل موازن في تعاملاتهم مع واشنطن.

علاوة على ذلك، تُظهر مشاركة السعودية في استضافة محادثات السلام وتسهيل تبادل السجناء بين روسيا وأوكرانيا رغبتها في توسيع نطاقها الدبلوماسي بما يتجاوز الأدوار التقليدية.

فالمملكة تضع نفسها كوسيط وقوة لعقد اللقاءات، وليس فقط لتسهيل الحوار عبر القنوات الخلفية

المصدر | ديفيد كيريتشينكو / جيروزاليم بوست - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: قمة جدة العلاقات السعودية الروسية الأمن الغذائي النفط مع أوکرانیا

إقرأ أيضاً:

رئيس الوزراء المجري أوربان يلتقي بوتين لإجراء محادثات في موسكو في زيارة نادرة يقوم بها زعيم أوروبي

يوليو 5, 2024آخر تحديث: يوليو 5, 2024

المستقلة/- زار رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان موسكو يوم الجمعة لعقد اجتماع نادر لزعيم أوروبي مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين و ناقش مقترحات السلام بشأن أوكرانيا، الأمر الذي أثار إدانات من كييف و بعض الزعماء و المسؤولين الأوروبيين.

و تأتي زيارة أوربان بعد أيام فقط من قيامه برحلة مماثلة غير معلنة إلى أوكرانيا، حيث التقى بالرئيس فولوديمير زيلينسكي و اقترح أن تفكر أوكرانيا في الموافقة على وقف فوري لإطلاق النار مع روسيا.

و قال أوربان: “إن عدد الدول التي يمكنها التحدث مع الطرفين المتحاربين آخذ في التناقص. تصبح المجر ببطء الدولة الوحيدة في أوروبا التي يمكنها التحدث إلى الجميع.”

و تولت المجر الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي في بداية يوليو/تموز، و في تصريحاته في بداية اجتماعهما و التي تم بثها على التلفزيون، أشار بوتين إلى أن أوربان جاء إلى موسكو كممثل للمجلس الأوروبي. و رفض العديد من المسؤولين الأوروبيين – بما في ذلك زعماء ألمانيا و الدنمارك و إستونيا – هذا الاقتراح، و قالوا إن أوربان ليس لديه تفويض لأي شيء يتجاوز مناقشة العلاقات الثنائية.

رئيس الوزراء المجري، الذي يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه يتمتع بأدفأ العلاقات مع فلاديمير بوتين بين جميع زعماء الاتحاد الأوروبي، قام بشكل روتيني بعرقلة أو تأخير أو تخفيف جهود الاتحاد الأوروبي لمساعدة كييف و فرض عقوبات على موسكو بسبب غزوها لأوكرانيا. و دعا منذ فترة طويلة إلى وقف الأعمال العدائية في أوكرانيا، و لكن دون تحديد ما قد يعنيه ذلك بالنسبة لسلامة أراضي البلاد أو أمنها في المستقبل.

و قد أحبط هذا الموقف حلفاء المجر في الاتحاد الأوروبي و حلف شمال الأطلسي، الذين اعتبروا على نطاق واسع تصرفات روسيا بمثابة انتهاك للقانون الدولي و تهديد لأمن دول أوروبا الشرقية.

و قال أوربان إنه أخبر بوتين أن “أوروبا بحاجة إلى السلام”، مضيفًا أنه سأل بوتين عن أفكاره حول خطط السلام الحالية و ما إذا كان يعتقد أن وقف إطلاق النار يمكن أن يسبق أي محادثات سلام محتملة.

و في بيان بعد اجتماعهما، كرر بوتين مطلبًا سابقًا بأن تسحب أوكرانيا قواتها من المناطق الأربع التي تدعي روسيا أنها ضمتها في عام 2022 كشرط لمحادثات السلام. و قد رفضت أوكرانيا و حلفاؤها الغربيون هذا الطلب، مما يشير إلى أنه يشبه مطالبة أوكرانيا بالانسحاب من الأراضي الأوكرانية.

و شدد بوتين أيضًا على أن روسيا لن تقبل أي وقف لإطلاق النار أو وقف مؤقت للأعمال العدائية من شأنه أن يسمح لأوكرانيا “بتعويض الخسائر و إعادة تجميع صفوفها و إعادة التسلح”.

مرتبط

مقالات مشابهة

  • 31 قتيلًا وعشرات الجرحى في ضربات روسية على مدن أوكرانية بينها كييف
  • السعودية تمنح الجنسية للاعبة سورية.. فمن هي؟
  • روسيا تحبط محاولة أوكرانية لخطف قاذفة قنابل إستراتيجية
  • أوكرانيا تقصف مستودع ذخيرة داخل روسيا بطائرات مسيرة
  • القوات الروسية تواصل تقدمها وكييف تواجه أسوأ المعارك في الجبهة الشرقية
  • لافروف: روسيا تبني موقفها فقط على الإجراءات الملموسة التي يتخذها قادة أوكرانيا
  • كم عدد القتلى؟ تحليل يكشف ما تكبدته روسيا بحرب أوكرانيا حتى الآن
  • الجيش الروسي يسقط عددا من المسيّرات في منطقتين بأوكرانيا
  • الإطلالة السعودية من السرايا: تأكيد استمرار الحضور في لبنان
  • رئيس الوزراء المجري أوربان يلتقي بوتين لإجراء محادثات في موسكو في زيارة نادرة يقوم بها زعيم أوروبي