لجريدة عمان:
2025-04-25@07:14:05 GMT

رحم الله نفوسًا تائهة وأبدانًا أعياها المرض

تاريخ النشر: 27th, March 2025 GMT

رحم الله نفوسًا تائهة وأبدانًا أعياها المرض

في لحظة وهم خادع، يشعر الإنسان بأنه يملك الدنيا وما فيها، ولديه من القوة والصلابة ما يكفيه لدرء الضرر عن نفسه وأهله، عاش متخيلًا نفسه كصقر طائر أو جبل تعلوه زرقة السماء، يحلف أغلظ الإيمان بأنه سد منيع وحاجز لا يمكن تجاوزه، بل أكثر من ذلك أن ليس في الأرض وغيرها شيئًا يمكن أن يزحزحه من مكانه.

قادر على مواجهة العواصف والرياح العاتية حتى وإن جاءت من آخر الدنيا إليه، ولكن ما الذي يهين مثل هذا الإنسان ويضعف قواه؟

الجواب به شرح مستفيض: عندما تتلبد السماء بغيوم لمرض وتتشكل مزن الوجع في أجزاء الجسد، عندها فقط يدرك الإنسان ضعفه، ويحدد مكانته التي حاد عن تحديد موقعها بدقة خاصة عندما كان بيده زمام الأمور كلها، الآن لا ينفع الندم أو التباكي على الماضي، فمن كان بالأمس قويًا ها هو اليوم يبدو شخصًا آخر غير الذي كانت الناس تعرفه، أو حتى هو ذاته يعرفها، فكم من تلال تهاوت وتساوت مع أديم الأرض، وكم من جبروت إنساني أقعده المرض فأصبح شخصًا تشفق عليه عندما تراه أو تسمع أنين شكواه.

في زمن الأنا وتضخم الذات، كم من أناس صنعوا مجدًا واهِمًا تجاوز حدود المعقول، وعاشوا سرابًا اعتقدوا بأنه ماء في صحراء قاحلة، نشوة القوة والقدرة والتملك غلبت عليهم وجعلتهم جلادين يبطشون بالآخرين من حولهم سواء في ساحات «السلم والحرب»، نجحوا في قيادة المجادلات والمشاحنات بالصوت المرتفع، لكن ها هو المرض يهزمهم في سباق الحياة ويجعلهم ما بين تمني الحياة والشفاء من المرض.

في غمرة وباء كوفيد-19 تعلمت البشرية دروسًا كثيرة، رأينا كيف كانت الأجساد التي كنا نعتقد بأنها قوية كيف تهاوت من حولنا في فراش المرض، وكم كانت حناجرهم تسمعنا صراخهم وأنينهم من شدة البلاء الذي ألمّ بهم في تلك النكبة الصحية العالمية.

لقد أثبت الوباء قوته وسطوته على أرواح الناس في كل مكان، لذا لم نستغرب أبدًا حينما سقطت الأقنعة واختفت الوجوه التي كنا نظنها قوية بما يكفي لدرء الجائحة.

في جنح الظلام، أصبحت النفوس المتألمة أكثر إحساسًا بالوقت، فبدأت الحياة تتضاءل أمام عيونهم، فالسراج المنير قد انكسر زجاجه والرياح أطفأت شعلته وبقي المرضى يأملون العيش حتى الصباح، بعضهم لم يكتب لهم الصمود فذهبوا إلى أماكن يكثر فيها الغياب وصمت القبور، أخذتهم أقدارهم نحو الفناء الأبدي، رحلوا تاركين وراءهم علامات استفهام كبرى وتخمينات عن المصير الذي هم يغرقون فيه الآن.

تقول الشاعرة أمل الشيخ: «أيها الموجوع صبرًا إن بعد الصبر بشرى .. أيها المكسور قل لي هل يديم الله كسرًا .. يا عزيز القلب مهلا .. إن بعد العسر يسرا»، الإنسان وبما أوتي من قوة يقف أمام المصائب عاجزًا عن رد الأذى عن نفسه خاصة عندما يتعمق الأذى في جسده، ويصبح الداء رفيقًا لا يتركه، والألم يملأ ثنايا جسده بغبار التعب، تتهاوى أركان جسده، ليصبح مع الوقت شخصًا آخر معبأ بـ«الألم والخوف والتعب»، ثم يتحول مع الوقت إلى حالة أخرى غير التي كان يألف نفسه فيها.

في شدة التعب والمرض، يرفع بعض المرضى «رايات الاستسلام» سريعًا، فيما يحاول البعض الآخر التشبث بقشة النجاة مما يعانوه من سقم قد يطول مع الزمن، ينهار البعض سريعًا ويصبح ليس لديه طاقة للصمود أو تحمل شدائد المرض خاصة في بعض الأمراض المزمنة، وهنا يكون الإنسان محتاجًا إلى طاقة أخرى يستمد منها قوته المنهوبة، ويد تدعوه إلى التحمل والتجلد من أجل أن يصارع كل آلامه المبرحة، ويتآلف مع سهر الليالي الطوال في فراش لا يسمع أنينه إلا نفسه أو من يعيش معه.

فكم من أبدان كانت مفتولة بالعضلات والقوة، لكنها أصبحت اليوم تعاني بأس المرض وتغيرت أحوالهم جسديًا ونفسيًا، وكم من نفوس منكسرة مستثقلة كل هذه الأوجاع الصعبة تتمنى أن تتخلص من معاناتها إما بالشفاء أو الموت.

وأمام بوابات المرض، ليس هناك أفضل من رفع الأيدي بالدعاء والتوسل إلى الله تعالى بالشفاء والصبر والتحمل وطلب الثواب الجزيل. في لحظات المرض تنتاب البعض هواجس الموت، ويشعرون بنوع من الأسى عندما تخفت الأصوات والأنوار الساطعة من على وجوههم، عندها فقط يصبح للرجاء طعم آخر، فالمريض يتمنى أن يشفى سريعًا ليعود إلى حياته من جديد، أما الذي يصارع الموت ويوقن بأن وجوده في الحياة ليس طويلًا فهو يتمنى أن يفارق الدنيا بدون وجع أو ألم، أما من فقد عزيزًا عليه فالقوة هنا تكمن في كيفية تحمل صدمة الفراق، والابتلاء، ثم التعود على العيش بدون ذكريات تشعل فتيل الوجع النفسي.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

إسحق أحمد فضل الله يكتب: البحث عن البحث

وكنفاني يكتب عن رجل ينقل الماء بالصهريج .. عبر حدود غزة مع إسرائيل …
وغيره ممنوع من العبور
وللعبور الرجل يجعل مجموعة من الشباب داخل الصهريج …. وفيه ما يكفي من الهواء حتى يعبروا
لكن الجنود الإسرائيليين/ أصدقاء الفلسطيني صاحب الصهريج/ يركبونه بالدعابة والهزل … وكلما أراد العبور حبسوه أكثر
ثم يفلت
ويفتح الصهريج ليجد أنهم قد ماتوا
كنفاني يحذر من أي تعامل مع العدو…
ولا تفرح .. فنحن لا نسمع الصايحة
…….
ومن فلسطين ذاتها حكاية حقيقية عن شقيقين
الأصغر منهما يقارب الجنود الصهاينة على الحدود ويخدمهم
وذات يوم يحذرهم من أن أحد الشباب سوف يقوم بتهريب أسلحة
وأن الشاب هذا هو شقيقه
وبالفعل يضبطون الشقيق ويعدمونه
كان هذا بالاتفاق بين الشقيقين
والهدف هو كسب ثقة الجنود
والشقيق يكسب الثقة
وبعدها الشقيق / الذي ما عادوا يفتشونه/ يقوم بتهربب شحنة من المتفجرات
هي ما استخدمها الشقيق هذا لنسف بص مشحون بالجنود داخل تل أبيب
…….
وجندي من جيشنا يقاتل الدعم عند بوبة سلاح المهندسين .. وزملاؤه الخمسة يستشهدون لكنه يقاتل وينسف خمس ناقلات للدعم .. ويهربون
…..
بطولة؟ نعم لكن لا تبتهج فنحن لا نشارك إلا بالهتاف….
……
وعالم التفاهات هو….
من نعجب بهم هم نجوم الكورة…الغناء….نجوم الكذب….نجوم ال….ال
..والنموذج هو.. نجوم قحت..
و ضجيج الحرب يحذفهم .. ثم؟
ثم يعودون …. فالآن نجوم الدرهم الإماراتى يطلون بأعناقهم مجددًا… ويتسللون إلى اللجان التى تقوم بالتنظيم والإعمار….
واقرأ كتابات وفيديوهات من يزعمون أنهم يدعمون الجيش
والبحث عن البحث…عنوان الحديث نعني به أن الحاجة الأعظم الآن هي…غربال…. نفرز به جراثيم الخراب هذه…
ما نبحث عنه ليس هو روشتة العلاج…. ما نبحث عنه لبناء السودان القادم هو…..معرفة ( المرض ذاته)
المرض الذى جعلنا نطرب لقحت…. ونطرب للإعتصام…ونطرب لخمس حكومات مابين 2020 و 2023
ونطرب للسفه الذى يهتف ما عندنا جيش
ونطرب لحل جهاز الأمن ونطرب لحل شرطة المجتمع … ونطرب لإعلان الشذوذ الجنسى ووزيرة ووزارة لذلك
وأحد المثقفين حين يحدثه أجنبي عن ضرورة الشذوذ والحرية يقول له
: لكن ما قلت لى أنت راجلك منو
وأنت متوقع تلد قريب؟

إسحق أحمد فضل الله

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • بعد تصدره تريند جوجل.. ماجد المصري يروي اللحظة الأصعب في حياته: ابنتي كانت بين الحياة والموت
  • 150 عاما من الحياة: تكنولوجيا خارقة تعيد تشكيل مصير الإنسان
  • النور حمد (نموذجاً): عندما يتحدث النخبوي عن نفسه بصفة (نحن عملاء)
  • يساعدك في اتخاذ القرار.. كيف يغيّر الذكاء الاصطناعي صورة الإنسان عن نفسه؟
  • ما المقصود بقول الله تعالى كتب على نفسه الرحمة ؟.. علي جمعة بوضح
  • قنوات المشروع تحتاج إلى 100 سنة لكي ترجع إلى ما كانت عليه قبل دخول الدعم السريع للجزيرة
  • المستشار محمود فوزي: مراجعة ملف حقوق الإنسان في مصر كانت ناجحة ومثمرة
  • الحياة الانعزالية للحيوانات تبوح بأسرارٍ عن طبيعة الإنسان الاجتماعية
  • روبن دي لاريد.. نجم ريال مدريد الذي أوقف المرض مسيرته
  • إسحق أحمد فضل الله يكتب: البحث عن البحث