مأساة السودان المنسية .. مجازر جديدة تعيدها إلى الواجهة
تاريخ النشر: 27th, March 2025 GMT
بغداد اليوم - متابعة
جثامين متفحمة وجرحى ينزفون لغياب الرعاية الطبية، هي ملامح مشهد مأساوي للقصف الجوي الذي نفذه طيران الجيش السوداني على سوق محلي في منطقة طرة بولاية شمال دارفور غربي البلاد يوم الاثنين الماضي، ليروي فصلًا جديدًا من الانتهاكات المروعة بحق المدنيين في هذا البلد العربي المنكوب.
وفي بلدة طرة الصغيرة، بقيت بعض الأنقاض وآثار المحال التجارية يكسوها سواد النيران، لتقف شاهدة على مجزرة بشعة ارتكبها طيران الجيش السوداني خلفت مئات القتلى والجرحى من المدنيين القرويين الذين يتجمعون في هذا السوق مرة واحدة في الأسبوع (كل يوم إثنين) للحصول على احتياجاتهم المعيشية وتبادل المنافع، لكن هذا الأسبوع كان هناك من يتربص بهذا التجمع فكانت المجزرة التي راح ضحيتها أكثر من 1000 مدني معظمهم من النساء وفق مصادر محلية.
وكشف تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية عن تفاصيل المجزرة التي ارتكبها طيران الجيش السوداني في بلدة طرة، واعتبرتها جريمة تضاف إلى فظائع أخرى تم الإبلاغ عنها في دارفور.
وأشار تحليل صحيفة "نيويورك تايمز" للقطات، التي تُظهر عدة جيوب من الأرض المحروقة في أنحاء السوق، إلى وقوع انفجارات متعددة. وفي مقطع فيديو صُوّر في موقع الحادث، قال شاهد عيان إن أربعة صواريخ أصابت السوق، استهدف أحدها مركزه وثلاثة صواريخ أخرى أطرافه.
وذكرت الصحيفة الأمريكية، أن الجيش السوداني اتُهم كثيرًا بقصف عشوائي في المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع؛ ما أدى في كثير من الأحيان إلى مقتل العشرات دفعة واحدة.
ويواجه الجرحى مصاعب كبيرة في تلقي الرعاية الطبية نظرًا لعدم وجود مستشفيات قريبة في المنطقة، وهم يموتون نتيجة لذلك وفق ما ذكرته مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في بيان يوم الأربعاء.
وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك، في بيان إنه "يشعر بالصدمة الشديدة إزاء التقارير التي تفيد بمقتل مئات المدنيين وإصابة العشرات جراء غارات جوية شنتها القوات المسلحة السودانية على سوق مزدحم في قرية طرة، شمال دارفور".
وأضاف "علم مكتبي أن 13 من القتلى ينتمون إلى عائلة واحدة، وأن تقارير أفادت بوفاة بعض المصابين بسبب المحدودية البالغة للحصول على الرعاية الصحية".
ونبه إلى أنه رغم تحذيراته ومناشداته المتكررة لحماية المدنيين بما يتماشى مع القانون الدولي الإنساني، "لا يزال المدنيون يتعرضون للقتل بطريقة عشوائية وللإصابة وسوء المعاملة بشكل شبه يومي، بينما لا تزال الأعيان المدنية هدفًا متكررًا".
من جهتها، أدانت منسقة الأمم المتحدة المقيمة للشؤون الإنسانية في السودان، كليمنتين نكويتا سلامي، الغارة الجوية التي نفذها الجيش السوداني على سوق "طرة" في شمال دارفور.
وقالت في بيان إن الغارة الجوية استهدفت سوق منطقة "طرة"، على بُعد 40 كيلومترًا شمال الفاشر، شمال دارفور، مما أسفر عن مقتل وإصابة مئات المدنيين.
وأضافت أن السوق الذي كان من المفترض أن يكون مكانًا للحياة اليومية ومصدرًا للرزق، تحول إلى مسرح موت ودمار.
وقالت إنها تشعر بالفزع والحزن العميق إزاء الهجمات المستمرة والمتزايدة على المدنيين في السودان.
أشار البيان إلى أن هناك تقارير مقلقة تفيد بأن بعض المصابين يموتون بسبب عدم القدرة على الحصول على الرعاية الطبية في الوقت المناسب في الفاشر، حيث أجبر الحصار المستمر والأعمال العدائية معظم المرافق الصحية على الإغلاق.
وحصدت مجزرة سوق طرة في ولاية شمال دارفور إدانات واسعة من القوى المدنية والحقوقية في السودان، وقال حزب المؤتمر السوداني إن ما حدث في طرة مجزرة جديدة تضاف إلى جرائم الحرب المستمرة طوال عامين.
وأضاف في بيان "ندين هذه الجريمة البشعة التي ولغ فيها سلاح طيران الجيش السوداني، ونرى أنها امتداد لسلسلة جرائم حرب ممتدة يستخدم فيها الطيران الحربي والبراميل المتفجرة التي تستهدف مرافق مدنية، من بينها الأسواق، خلال الحرب، وندعو قيادة القوات المسلحة للكف فورًا عن ارتكاب مزيد من الجرائم".
المصدر: وكالات
المصدر: وكالة بغداد اليوم
كلمات دلالية: طیران الجیش السودانی شمال دارفور
إقرأ أيضاً:
ليتني لم أعد..مأساة أبو العبد الذي فقد عائلته شمال غزة في لحظة
لم يكن أبو العبد يتخيل أن عودته إلى منزله المدمر في حي الزيتون شمال غزة، بعد رحلة نزوح شاقة، ستكون بداية لفصل جديد من المأساة التي يعيشها سكان القطاع في ظل الاعتداءات المتواصلة من جانب الاحتلال الإسرائيلي.
فقد كان يظن أن اتفاق وقف إطلاق النار سيمنحه فرصة لالتقاط أنفاسه بين أحبته، لكن سرعان ما عاد القصف ليحطم كل ما تبقى من حياته، ويحول عائلته إلى مجرد ذكريات.
يعيش أبو العبد اليوم في خيمة، تماما كما كان خلال النزوح، لكن الفرق كبير، ففي المرة الأولى كان يحمل أملا بالعودة إلى بيته، أما الآن فقد استشهدت ابنته وأحفاده في لحظة قاسية لم تمهله حتى لوداعهم.
أبو العبد، يعاني من مرض الكلى، ولم يكن بحاجة إلى مأساة جديدة فوق معاناته اليومية. كما يجد نفسه وحيدا، بعدما خسر كل من كان يشاركه الألم والحديث، قائلا إن "كان لي أخ أجلس معه وأفضفض عن همومي، لكنه استشهد أيضا.. الجميع رحلوا.. أصبحوا مجرد ذكرى".
ويختم أبو العبد كلماته بحسرة "ليتني لم أعد.. كنت في النزوح أعيش في خيمة، والآن أعيش في خيمة أخرى، لكنني فقدت كل شيء".