لم يكن الواقع المصري يكتفي بالمعاملة القاسية للحمار في الحياة اليومية والتي تنحدر إلى أقصي الدرجات في أحيان كثيرة باعتباره حيوانًا لا يشعر وهو ما يخالف خصائصه ككائن حي!
بل يستدعي الحمار إلى العالم الافتراضي والمنتديات والجلسات ليكون مادة خصبة للتهكم والسخرية بأشكال مختلفة عند كل زيادة في أسعار المحروقات، في حين يبقي الجمل ـ رغم كونه من الدواب المستخدمة كوسيلة نقل وانتقال في الحياة المصرية، في مأمن عن حفلات السخرية الصاخبة والمبتذلة أحيانًا.
ورغم تألف السكان في مصر مع ذلك الحيوان ونفعه في البيئة المصرية في الحضر والريف على حد سواء إلا أنه كان ومازال مستهجنًا لأسباب متنوعة منها السمات الشكلية والصوت والاعتقاد الراسخ كونه كائن لا يشعر ولا يفهم وترسخه في العقلية الشعبية كمدلول للهجاء اسمًا وشكلًا، وربما ساهمت هذه الدلالات في أن يكون الحمار سببًا في مشاجرات وثأر في بلدان الصعيد في أحيان كثيرة.
جرائم بسبب الحمارففي سجلات وزارة الداخلية كم كبير من الجرائم التي ترتكب بسبب ذلك الحيوان والتي تنحصر في الغالب في المشاجرات والمعارك ومنها تعدي الحمار على زراعات الغير والمقصود هنا أن أحد طرفي المشاجرة يعتبر بحث ذلك الحيوان عن الغذاء نوعًا من التعدي عليه من مالكه على أملاك غيره، وهو ما يعيدنا فورًا إلى ذلك الاستهجان المترسخ لذلك الحيوان، ودرءًا للمعايرة أن حمارًا أكل من حقل مزارعًا تنشب المعارك بين الطرفين ويقع مصابون ـ ربما، لإزاحة هذه المكايدة المستقبلية في المجتمعات الضيقة.
وحتي في الحياة الجنسية يكون الحمار بطلًا للتهكم والسخرية في المجتمعات الريفية، يصف المتهكمون شخصًا ما بالحمار في علاقته الحميمة مع شريكته فى إشارات ضمنية مفهومة إلى الفحولة والجنسانية المبالغ فيها.
تسير تلك السخرية الشعبية بالتوازي مع استخدام خصائص الحمار وسماته الشكلية كهجاء ودلالة على عدم الفهم والنهم في الطعام والصوت المرتفع وغيرها.
مهنة تُقابل بالإزدراء
ومن استحضار ذلك الحيوان كسيرة للتهكم على الحياة الجنسية لأحدهم، إلى ازدراء كل المهن المرتبطة به تقريبًا، يأتي قصاّص الماشية في المقدمة، كفرد يعمل بمهنة غير مقبولة اجتماعيًا وتحتجب عنه العائلات في النسب والمصاهرة في القري ويمارس ضده عزلًا اجتماعيًا جبريًا وتوصم عائلته وأحفاده من بعده كونه«حلاق حمير»، ويتوسع تلك النظرة الدونية لتشمل معها الحلاق العادي أو المزين الذي لا يجيد عمله فأنه في مرمي السخرية والتهكم أيضا ويوصف أداءه لعمله أنه قصاّص الماشية، أما صاحب العربة الكارو فهو من الطبقات الاجتماعية غير المقبولة أيضا بسبب مهنته كأجير وتعامله مع ذلك الحيوان.
كيف نظر المصريين القدماء للحمار؟لم يقدس المصريين القدماء الحمار ولم تقدم المثيولوجيا الفرعونية آثار تشير إلى دخول ذلك الحيوان في مجموعة المقدسات من الحيوانات والطيور بإعطائه صفة المعبود كحيوانات أخري عاشت في البيئة المصرية منذ آلاف السنين ومنها القط ورمز له بالمعبودة «باستت» والتمساح «سوبك» والبقرة «حتحور» وغيرها التي تزيد عن 10 معبودات كل منها اختص بأمر ما، سوي تلميحات غير مؤكدة ترجع لعصر الأسرة الأولي الفرعونية وتذهب إلى ترميز الحمار بالمعبود «ست» أحد أبطال ملحمة إيزيس وأوزوريس وكان «ست» يرمز للشر.
ويقول سليم حسن عالم المصريات في مؤلفه «موسوعة مصر القديمة ـ الجزء الثاني» إن الحمار كان يستخدم في حمل الأثقال منذ عهد الدولة القديمة وأن القائد «حرخوف» في عهد الأسرة السادسة الفرعونية استخدم 300 حمار في رحلته إلى بلاد النوبة لجلب البخور والعاج.
ويبدو أن المعاملة القاسية مع ذلك الحيوان ممتدة منذ أيام الفراعنة حيث يوضح سليم حسن في نفس الكتاب، أن النقوش المصرية لم تصور مناظر معاملة سيئة للحيوانات إلا الحمار الذي كان يضرب لعصيانه وجموحه، وتتعدد أشكال المعاملة القاسية من صاحب الحمار أي كان وظيفته ومنها الأحمال الزائدة والضرب باستخدام العصا بأنواعها وغيرها.
أشهر الحوداثوكانت أكثر حوادث المعاملة القاسية للحمار، منذ سنوات، الذي حظي بشهرة ما فعلته «استر فوغت» وهي منظمة رحلات سويسرية الجنسية حيث حررت محضر شرطة ضد مالكه الذي يضربه ضرب مبرح بالمنطقة الأثرية بسقارة بالجيزة و اشترته بمبلغ 300 يورو ـ حوالي 6 آلاف جنيه مصري، وأودعته بعد علاجه بمزرعة مملوكة للسيدة أمينة أباظة سيدة المجتمع وسليلة العائلة الأباظية وهي أبرز المدافعات عن حقوق الحيوان في مصر.
الحمار « سيرافينا» حسبما أسمته منظمة الرحلات السويسرية هو الحمار الثاني ـ سعيد الحظ، في مصر، بعد الحمار الذي اشترته الأميرة ماري ابنة الملك جورج الخامس ملك بريطانيا من الأقصر كهدية لأبنائها وهي الواقعة التي تعود لسنة 1928 من القرن الماضي.
فى الوقت الحالي لم يعد الحمار مثارًا للتهكم بعد غلاء أسعاره، إذ تجاوز سعره فى أسواق الماشية ــ حسب مواصفاته، ألاف الجنيهات، وتبدأ أسعاره من 5 ألاف جنيه إلى ما أعلي!
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الحمار حفلات السخرية بطل غلاء الأسعار
إقرأ أيضاً:
أسعار صرف العملات مقابل الليرة التركية اليوم
شهدت الأسواق المالية في تركيا استقراراً نسبياً في أسعار صرف العملات والمعادن الثمينة، حيث جاءت الأسعار على النحو التالي:
الدولار الأمريكي: 1 دولار = 34.61 ليرة تركية
اليورو: 1 يورو = 36.37 ليرة تركية
الذهب: 1 غرام ذهب = 2,919 ليرة تركية
كما استقر سعر صرف الليرة التركية أمام بعض العملات:
الليرة السورية: 1 ليرة تركية = 442 ليرة سورية
الدينار العراقي: 1 ليرة تركية = 37.89 دينار عراقي
تُظهر هذه الأسعار حركة العملات والمعادن لهذا اليوم، مع توقعات بحدوث تغييرات بناءً على المستجدات الاقتصادية المحلية والعالمية.