سيدات الخيام.. كيف تخفي الخيمة مآسي الأمومة المتعبة بغزة؟
تاريخ النشر: 27th, March 2025 GMT
غزة- في خيمتها فوق ركام بيتها المدمر في بيت حانون، كانت أم جود الحويحي تمسك طبقا من حساء العدس، تدسُّ لقمة في فم ولدها، ثم بذات الملعقة تطعم الآخر، تدندن لهما في سباق "فم الأسد" لمن سيفتح فمه على اتساعه لملعقة الطعام التي عبّأتها بعناية.
تنهمك بالغناء غير آبهة بمناشير الإخلاء التي كان قد أسقطها الاحتلال على رؤوسهم صباح ذلك اليوم، فهي لم تلبث وقد شعرت بشيء من الاستقرار فوق بيتها -بعد النزوح لعام كامل في خيام المواصي جنوب القطاع- حتى عاجلها بأمر نزوح جديد.
وبينما هي كذلك إذ بدأ الرصاص ينهمر فوق رؤوسهم ورؤوس من في الخيام حولهم، فاخترقت رصاصة من طائرة مسيرة ذراع ولدها جود، لتضطر للخروج قسرا تحت تهديد النار الإسرائيلية.
قابلت الجزيرة نت أم جود بعد نزوحها من بيت حانون إلى غرب غزة، وهي ترتب حاجياتها القليلة التي تمكّن زوجها من حملها لحظة هروبهم من المكان، تحمل الرصاصة التي انتزعها الأطباء من ذراع طفلها بيدها، وتقول "كانت هذه الرصاصة كفيلة بأخذ قرارنا بالخروج".
حمل أبو جود خيمته من الشمال ونصبها على الرصيف، فلا بديل آخر في ظل اكتظاظ المدارس ومراكز الإيواء، تقول أم جود "أضحت الخيمة وشادر النايلون الذي يقينا الشتاء ثروتنا اليوم وكل ما نملك، وهما يعادلان الروح في أي نزوح لنا".
على الناحية المقابلة، تجلس رباب أمام خيمتها وتضع حفيدها في حجرها، وبعينين كالجمر وذهن شارد تنظر إلى بيت لاهيا حيث رفض أبناؤها الخروج، وتقول للجزيرة نت وهي تشير لأحفادها "هؤلاء أولادهم ونساؤهم، ونحن هنا بلا رجال، فآراؤنا انقسمت بين مؤيد للنزوح ومعارض، إلى أن قرر زوجي البقاء، وخرجنا نحن النساء بأطفالنا الذين لم يتوقفوا عن البكاء خوفا".
إعلانتبكي رباب وهي تقف أمام طوفان من العجز، وتقول "رضينا بالهم والهم ما رضي فينا، لقد رضينا العيش على أكوام من القمامة على ركام بيوتنا، ولكن حتى هذا الوضع لم نستقر عليه، لعن الله الحرب كم أذلتنا وشتّتتنا وأهانتنا".
لا يستجيب الغزيون لمناشير الاحتلال التي تسقطها طائراته المسيرة، ولا يتعاطون معها في غالب الأحيان، وهو الأمر الذي تعرفه إسرائيل، فتضطر لإخراجهم عنوة وبالقوة من خلال قصفها المدفعي أو إطلاقها الرصاص المباشر من الآليات أو المسيرات، أو من خلال رمي قنابل الإنارة عليهم بشكل مباشر.
وهذا ما حدث مع أم أحمد الحويحي، حيث انهالت على خيمتها قنابل الإنارة فاشتعل خوفهم من اندلاع الحرائق فيها، الأمر الذي دفعهم للخروج.
تتعدى تكاليف النزوح البعد المعنوي في نفوس الغزيين إلى حمل هم تكاليفه المادية، تقول أم أحمد "رغم خشيتي من اشتعال الخيمة إلا أنني ترددت في قرار نزوحنا الذي سيكلفنا أكثر من 250 دولارا أميركيا، مقابل استئجار سيارة لنقل الخيام والحاجيات، وهو مبلغ لم نكن نمتلكه حرفيا".
تقاطعها شقيقتها "لقد استخدمتُ المال الذي كنتُ قد ادخرته لشراء ملابس العيد لأطفالي، ودفعته أجرة لنقل مقتنيات النزوح".
في الأروقة بين الخيام ثمة رائحة عطرة تنبعث من إحداها، وهو أمر لافت في هذا الواقع البائس، دخلت الجزيرة نت إليها، كانت أرضيتها مفروشة بالحصير المزركش، ومن الفراش رتبت قعدة أرضية عربية، أغطية مرتبة وملابس مطوية بعناية، وأخرى معلقة على حديد الخيمة، كل زاوية فيها مخصصة لغرض معين، تعلق سيدة المكان "النظيف نظيف أينما حل".
تحدثت أم يوسف للجزيرة نت عن روتين الأمهات في الخيام خلال رمضان، الذي يعد الأقسى عليهن، لتزامنه مع استئناف الحرب بعد شهرين هدأت فيهما قلوبهن من الشعور بالرعب، حيث تكالبت عليهن فيه المجاعة والنزوح والحصار والموت، في وقت يشعرن فيه باستنزاف الروح وإنهاك الجسد كما يقلن.
إعلانتقول أم أحمد "لا شيء نفعله في نهارنا سوى السعي وراء فتات حياة كريمة"، تكمل وهي تفتح كفيها مباعدة بين أصابعها "اهترأت أيدينا من الخَبْز والعجن والطهو على الحطب وغسل الملابس".
وبينما يُعرف رمضان حول العالم بتنوع الأطعمة والأشربة على سُفَره الممتدة، تعتمد عائلات الخيام ومنذ اليوم الأول من رمضان على طعام التكايا، وهو في غالب الأوقات أطباق من الأرز الخالي من اللحوم أو الدجاج، تقول أم أحمد "عافت أنفسنا تناول نفس الطبق ونحن صائمون، صرنا نجد صعوبة في بلعه، حتى إن أبنائي صاروا يرفضون تناوله، فصرت أعد لهم الحمص أو الحساء إن توفر".
لا مقومات للحياةفي الخيام لا تغفل عيون الأمهات ولا تهدأ قلوبهن، وعند سؤال الجزيرة نت عددا منهن عن أكثر ما يخيفهن في حياة الخيمة، توحدت إجاباتهن "الليل، نكره الليل!".
وعددن أسباب ذلك؛ فهن يكرهن فيه صوت الطائرات المرعب، والبرد الذي يلفحهن وأطفالهن، ونبح الكلاب الذي يؤرقهن، ومشاهد اشتعال الخيام التي لا تخبو في ذاكرتهن، وأسئلة تقض مضاجعهن عن طبق السحور، ماذا سيهيّئن له وكيف سيشعلن الحطب فجرا لتحضيره؟
تبدو الرفاهيات في هذا الوسط معدومة، حتى أدنى المقومات الأساسية للحياة الكريمة مفقودة، فالناس يبحثون هنا عما يعينهم على البقاء فقط، ويرضون بالفتات، "لا نعيش كآدميين، لا نحصّل حقّا واحدا من الحقوق المكفولة للبشر، يبدو أن العالم يتعامل معنا كقطيع من البهائم"، تقول أم أنس حمد بكل حرقة.
وتتابع وهي تشير إلى طفلها "عمر أنس (8 أعوام)، بدأت الحرب وهو في الصف الأول، ومن المفترض أن يكون في الصف الثالث، لكنه اليوم لا يفقه شيئا سوى الوقوف على طوابير التكايا وتعبئة الماء وجمع الحطب"، تقاطعها ابنتها ديالا (13عاما) باندفاع "يوم نزوحنا كان من المفترض أن أقوم بتقديم امتحاناتي إلكترونيا، لكن النزوح حرمني فرصة تقديمها، وخسرت الفصل الدراسي كله، فلا كهرباء هنا ولا إنترنت".
إعلانتتساءل ديالا والدموع تملأ عينيها "هل من المنطقي أن أطالب أنا الطفلة باستقرار؟! أريد أن أستقر ولا أريد العيش في الشارع، فمنذ عامين نزحنا أكثر من 18 مرة متنقلين في شمال القطاع وجنوبه"، ثم تنهمر بالبكاء.
اقتربت منها والدتها محاولة مواساتها وهي تحتضنها قائلة "قولي لهم كيف تمكنت من حفظ القرآن كاملا خلال حصار الشمال، قولي لهم كيف صرت ست بيت معدلة"، تتمتم الأم والدموع تنحبس من عينيها "ستفرج يا أمي ستفرج، فدوام الحال من المحال".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات تقول أم أم أحمد
إقرأ أيضاً:
اليوم.. إليسا تحيي حفلًا غنائيًا في ألمانيا
تحتفل إليسا اليوم بأعياد الربيع عن طريق إحياء حفل غنائي بمدينة دوسلدورف بألمانيا، وتقدم خلال الحفل باقة متميزة من أشهر أغنياتها الرومانسية المحببة لدى جمهورها، وذلك ضمن الحفلات التي يحييها نجوم الغناء والطرب في مختلف الدول ضمن حفلات موسم الربيع.
مشاركة إليسا في دراما رمضان
وشاركت إليسا في دراما رمضان الماضي بغناء تتر مسلسل وتقابل حبيب بطولة ياسمين عبد العزيز وحققت نجاح كبير جدًا.
كلمات أغنية وتقابل حبيب
بتتعلق بناس وبتودع في ناس
(وكل مرة تقول خلاص (لقيت النصيب
بتقابل حبيب وتفارق حبيب
تتساب تسيب وبرضو تقول نصيب
بتتعلق بناس وبتودع في ناس
(وكل مرة تقول خلاص (لقيت النصيب
بتقابل حبيب وتفارق حبيب
تتساب تسيب وبرضو تقول نصيب
وآه يا قلبي ما بقيتش عارفة إنت الضعيف ولا العنيد
تحلف ما تعيدش أوجاعك تحلف ما تحبش من جديد
يا متشعلق يا متشعبط بقشاية دفا وإحساس
يا دي الحب اللي بتموت فيه ومن غيره وبيه محتاس
وتقابل حبيب وتفارق حبيب
وتقابل حبيب وتفارق حبيب
أعرف منين لو الدنيا فاضل فيها قلوب لسه بتعرف تحب
لو العالم مكان أصلًا ينفع نعيش فيه بطيبة قلب
لو المكتوب فراق دايمًا ولا في حكاية مكملة
آه يا طيبين متعشمين آه يا أكثر ناس مستحملة
وآه يا قلبي ما بقتش عارفة إنت الضعيف ولا العنيد
تحلف ما تعيدش أوجاعك تحلف ما تحبش من جديد
يا متشعلق يا متشعبط بقشاية دفا وإحساس
يا دي الحب اللي بتموت فيه ومن غيره وبيه محتاس
وتقابل حبيب وتفارق حبيب
وتقابل حبيب وتفارق حبيب.
وكانت أحدث إصدارات إليسا أغنية «أنا سكتين»، التي جمعتها بالفنان تامر عاشور، في تعاون لاقى صدى واسعًا بين الجمهور. فور طرحها، تصدرت الأغنية قوائم الأكثر استماعًا على المنصات الرقمية، وحازت إعجاب محبي إليسا وعاشور بفضل لحنها العاطفي وكلماتها المؤثرة التي عبرت عن مشاعر الحب والصمت في العلاقات.
“أنا سكتين ومش بنتكلم
وقلوبنا دايبة بس بنكابر
ولا حد فينا راضي يسلم
ولا حد فينا عايز يخاطر”
وتتناول الأغنية قصة حب يسيطر عليها الصمت والكبرياء، حيث يعاني الطرفان من مشاعر مترددة بين البوح والاستمرار في الصمت، في أجواء درامية تعكسها الموسيقى والأداء العاطفي لكل من إليسا وتامر عاشور.