سودانايل:
2025-03-30@13:13:07 GMT

كيف يتم التوجه للتنمية المستقلة بعد الحرب؟

تاريخ النشر: 27th, March 2025 GMT

بقلم: تاج السر عثمان

١
من ضمن الأسباب التي قادت للحرب الحالية الاستمرار في التبعية الاقتصادية للخارج وعدم السير في نهج التنمية المستقلة التي كانت من أهداف ثورة ديسمبر، وارتباط طرفي الحرب بالمحاور الاقليمية والدولية التي تسلح طرفي الحرب بهدف نهب ثروات البلاد.
أصبح السودان أكثر تبعية بعد انقلاب 30 يونيو 1989م الإسلاموي في السودان، ورغم الشعارات الدينية التي رفعها النظام لتحقيق العدالة، الا ان سياسات النظام التي اعتمدت الخصخصة وسحب الدعم عن السلع والخدمات الأساسية، مما أدت إلى إفقار أغلبية الشعب السوداني حيث بلغت نسبة الفقر 94% م، وتصاعد النشاط الطفيلي وتدهور الانتاج الصناعي والزراعي والخدمي،وتزايدت الهجرة من الأرياف الي المدن وإلى خارج السودان، وتم تبديد الفائض الاقتصادي في الصرف البذخي وتهريبه للخارج كما في عائدات البترول والذهب، والاستثمار في العقارات والمضاربة في الأراضي ونهب اراضي الدولة من خلال تقارير الفساد التي تزكم الأنوف.

الخ، وتم نهب عائدات الذهب. ولم ينعكس استخراج البترول علي حياة المواطنين العادية، بل تم نهب عائداته من قبل الطفيليين الإسلامويين والتي تقدر بأكثر من ١٠٠ مليار دولار، ولم ينعكس البترول على الزراعة والصناعة وتوفير ودعم خدمات التعليم والصحة، بل تدهورت تلك الخدمات إلى درجة الانهيار التام، واي تنمية يمكن تحقيقها بدون تعليم وصحة؟.
هذا الفشل هو إمتداد اشمل واعمق للتجارب التنموية السابقة في البلاد والتي فشلت في تجديد البلاد ووضعها على أعتاب المجتمع الصناعي الزراعي المتطور، رغم عراقة شعب السودان وحضارته القديمة التي كانت لا تقل تطورا عن الحضارات المعاصرة لها، كما تم الفشل في ترسيخ الديمقراطية والسلام ورفع مستويات المعيشة والارتقاء بخدمات التعليم والصحة والكهرباء والمياه والانترنت، وتوفير البنيات الأساسية اللازمة للتنمية، وأصبح السودان في ذيل قائمة الدول الأكثر تخلفا في العالم، ورغم إمكانياتها ومواردها الزراعية والحيوانية البترولية والمعدنية والسياحية، وما زالت مهام التنمية قائمة تنتظر الإنجاز في ظروف عالمية (العولمة) وداخلية معقدة.

٢
بعد قيام ثورة ديسمبر سارت حكومة حمدوك في سياسة التحرير الاقتصادي امتدادا لسياسة النظام البائد ، بعد أن ضرب عرض الحائط بمقررات المؤتمر الاقتصادي وهي التي قادت الي الأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والضائقة المعيشية، اضافة لانفلات الأمن، وعدم المؤسسية، والانحراف عن إنجاز مهام الفترة الانتقالية، وخرق الوثيقة الدستورية "المعيبة"، حتى انقلاب 25 أكتوبر الذي قاد للحرب الحالية.

٣
بالتالي من المهم بعد وقف الحرب الخروج من الحلقة الجهنمية للانقلابات العسكرية، ومن السياسات الاقتصادية التي عمقت الفقر والتخلف الاقتصادي وكرست الفوارق الطبقية. وذلك بالسير في نهج التنمية المستقلة، فماذا نقصد بالتنمية المستقلة؟
عندما نتحدث عن التنمية ننطلق من الواقع في تجلياته وتحولاته المختلفة، كما أن طرق التنمية متعددة ويتم فيها تفاعل بين الأصالة والمعاصرة، كما أنه عندما نتحدث عن تنمية مستقلة،لايعني ذلك الانعزال عن العالم، كما أن طريق التنمية الرأسمالية الذي سارت عليه البلاد منذ الاستقلال كان فاشلا، وان هذا الطريق استند على النظريات الغربية حول مفاهيم التخلف والتنمية، وعجزت تلك النظريات عن تفسير التخلف وأهملت الطبيعة الخاصة للبلاد المتخلفة وتراثها وتقاليدها وظروفها الخاصة، ومن خلال النقد للفكر الاقتصادي الغربي التقليدي وفشل مفاهيمه ومقولاته حول التخلف والنمو وعجزها عن تفسير التخلف، ظهرت دعوات بديلة للتنمية المستقلة على النحو التالي:
1-الاعتماد على النفس في مواجهة الاعتماد فقط علي المعونات والقروض والاستثمارات.
-التوجه الداخلي للتنمية في مواجهة انقسام الاقتصاد الي قسم حديث مرتبط عضويا، وقسم (تقليدي) وتسمى أحيانا تنمية متمحورة حول الذات .
-الوفاء بالاحتياجات الأساسية في مواجهة اثراء الأقلية وفقر الأغلبية.
-التنمية البيئية في مواجهة نهب الموارد الطبيعية حتي الاستنفاد.
-وفي مواجهة النظم الديكتاتورية الشمولية، ظهرت فكرة الديمقراطية ومشاركة الجماهير باعتبارها الشرط لنجاح التنمية. -التكنولوجيا الملائمة في مواجهة الانبهار بأحدث تكنولوجيا العصر.
-بناء قاعدة علمية وتكنولوجية وطنية في مواجهة التبعية الناشئة عن الاعتماد على استيراد تقنيات الانتاج.
-الأصالة والهوّية الثقافية والحضارية في مواجهة الذوبان في الثقافة أو الحضارة الغربية.
- الانفلات الجزئي عن الدوران في مسار او فلك النظام العالمي.
-الاستقلالية بمعنى انتقال مركز صنع القرار من الخارج إلى الداخل. وعندما نتحدث عن التنمية في السودان نأخذ في الاعتبار الآتي:-
أ- السودان دولة متعددة الثقافات والأديان والمناخات والأعراق، ويتميز بمستويات متباينة ومتعددة في أنماط المعيشة قوى الانتاج وعلاقات الانتاج، وهذا الوضع له انعكاسه في بنية المجتمع الفكرية والثقافية والايديولوجية ويؤثر على تطوره السياسي. تأخذ التنمية في الاعتبار هذا الواقع باعتباره مصدر غني واخصاب، وبالتالي يكون النظام السياسي والاجتماعي والثقافي متوافقا مع هذا التعدد، وأن وحدة وتكامل السودان تتم من خلال التنوع واحترام حق كل شعب في تطوير ثقافته وممارسة شعائره الدينية ومعتقداته، وأن يتم التعبير عن ذلك في دستور ديمقراطي يجسد هذا الواقع.
ب- لا يمكن الحديث عن التنمية دون أخذ خصائص وموروثات شعب السودان وتقاليده ودمجها في البناء الثقافي العام، لمساهمته المتميزة في مجرى الحضارة العالمية، تلك الخصائص التي تنطلق من واقع السودان العربي- الافريقي وتعدد دياناته (الإسلام، المسيحية، وكريم المعتقدات )، دون ان يعني ذلك الانغلاق باسم الخصوصية المحلية، ولكن بهدف التطلع إلى الأمام والمستقبل.
ج- اعادة بناء الاقتصاد السوداني على أساس إعطاء الأسبقية للإنتاج الصناعي والزراعي والحيواني، وتشجيع الرأسمالية المنتجة، سواء كان ذلك في قطاع الدولة أو الخاص اوالتعاوني، والقضاء على النشاط الطفيلي الضار بالحياة والمجتمع والفكر والثقافة.
د- بناء الدولة المدنية الديمقراطية التي تكفل الحقوق والحريات الأساسية واحترام المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق وحريات الانسان، وذلك شرط هام للتنمية والسلام وتوحيد الوطن على أسس طوعية وديمقراطية.
ه- لا يمكن الحديث عن التنمية دون الديمقراطية ،وإشراك أوسع قطاعات الجماهير في عملية التنمية نفسها التي تهدف الي نهضة البلاد الاقتصادية والإجتماعية والثقافية وتوفير احتياجات الإنسان الأساسية( تعليم، صحة، كهرباء، مياه،..الخ)، واحداث التنمية المتوازنة بين أقاليم السودان المختلفة.

alsirbabo@yahoo.co.uk  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: عن التنمیة فی مواجهة

إقرأ أيضاً:

جون أفريك: الإمارات والصين وروسيا وإيران.. من يزوّد السودان بالأسلحة؟

باريس- “القدس العربي” تحت عنوان “الإمارات والصين وروسيا وإيران: من يزوّد السودان بالأسلحة في الحرب التي يشهدها؟”، قالت مجلة “جون أفريك” الفرنسية إن سيطرة الجنرال البرهان على العاصمة السودانية الخرطوم تشكّل تحولًا كبيرًا في الحرب التي يخوضها منذ عامين ضد الجنرال حميدتي، لكنها لن تؤدي بالضرورة إلى إنهاء الحرب الأهلية، التي تُغذى بتهريب واسع النطاق للأسلحة والمعدات العسكرية، رغم الحظر الذي فرضته الأمم المتحدة.

الوضع يزداد تعقيدًا، مع تصاعد مخاوف من امتداد النزاع إلى دول الجوار

وأشارت الأسبوعية الفرنسية إلى إعلان عبد الفتاح البرهان، قبل يومين، من القصر الرئاسي عن “تحرير” الخرطوم، قائلاً: “ الخرطوم حرة.. لقد انتهى الأمر”. وأظهرت الصور المتداولة الجنرال البرهان مرتديًا الزي العسكري، محاطًا بمسلحين، وهو يتجول داخل المبنى الذي يحمل آثار المعارك.

وتعد السيطرة على الخرطوم، بعد أسبوع من القتال العنيف، نقطة تحول رئيسية في المواجهة التي يخوضها منذ عامين ضد الجنرال محمد حمدان دقلو، المعروف بـ”حميدتي”. ومع ذلك، شدّدت مجلة “جون أفريك” على أن السيطرة على العاصمة لن تضع حدًا للحرب الأهلية الدامية. فرغم أن قوات البرهان تسيطر الآن، إلى جانب العاصمة، على شرق وشمال البلاد، إلا أن قوات “الدعم السريع” تفرض هيمنتها على معظم مناطق دارفور.

وفي منتصف فبراير/شباط الماضي، أعلنت قوات “الدعم السريع” نيتها تشكيل حكومة موازية، عقب اجتماع في نيروبي، كينيا، مع عدة جماعات مسلحة، من بينها “الحركة الشعبية لتحرير السودان- شمال”، التي تنشط في جنوب البلاد. وردًا على ذلك، حذرت الاتحاد الأفريقي من “خطر تقسيم البلاد”.

ووفقًا لأحدث إحصائيات الأمم المتحدة، فقد أسفرت الحرب الأهلية عن أكثر من 18 ألف ضحية مدنية منذ اندلاعها في أبريل/نيسان عام 2023. وتشير المنظمة إلى أن “المدنيين يتعرضون لقصف مدفعي، وضربات جوية، وهجمات بالطائرات المسيرة”، مضيفة أن “أكثر المناطق تضررًا هي ولايتا جنوب كردفان والنيل الأزرق”.

وفي هذا السياق، يتزايد استخدام الطائرات المسيرة القتالية من قبل الطرفين، مصنوعة في الصين وإيران وصربيا، سواء كانت طائرات عسكرية أو مدنية تم تحويلها لأغراض عسكرية، تتابع مجلة “جون أفريك”، موضّحة أن الوضع يزداد تعقيدًا، مع تصاعد مخاوف من امتداد النزاع إلى دول الجوار.

ففي 23 مارس/آذار الجاري، صرح القائد العام للقوات المسلحة السودانية، التابعة للبرهان، بأن “مطاري نجامينا وأمدجراس أهداف مشروعة”. وهو ما دفع المتحدث باسم وزارة الخارجية التشادية، إبراهيم آدم محمد، إلى التحذير من أن “هذه التصريحات يمكن تفسيرها على أنها إعلان حرب”، مؤكدًا أن “تشاد تحتفظ بحقها في الرد بقوة على أي محاولة اعتداء”.

تتهم قوات البرهان تشاد بلعب دور في نقل الأسلحة والمعدات العسكرية من دولة الإمارات إلى قوات “الدعم السريع”

وتتهم قوات البرهان تشاد بلعب دور في نقل الأسلحة والمعدات العسكرية من دولة الإمارات العربية المتحدة إلى قوات “الدعم السريع”، وهو ما تنفيه نجامينا بشدة، متهمة السودان، في المقابل، بالتدخل في شؤونها الداخلية ودعم التمردات لزعزعة استقرار البلاد.

ومضت مجلة “جون أفريك” قائلةً إنه لدعم قوات حميدتي في مواجهة قوات البرهان، عقدت أبوظبي تحالفًا مع تشاد. ولكن التوترات في نجامينا تدفع الإماراتيين للبحث عن حل آخر في جمهورية إفريقيا الوسطى.

وعلى الرغم من أن الإمارات العربية المتحدة واصلت، في الأشهر الأخيرة، إرسال المعدات عبر نجامينا (بعد أن كانت تفعل ذلك لفترة طويلة عبر أم جرس، في شرق البلاد)، إلا أن محمد إدريس ديبي إيتنو قرر، وفقًا لمصدر أمني تشادي، ورغم تردد بعض مستشاريه، تقليص مستوى تعاونه مع أبوظبي. لذلك، تم الشروع في محادثات بين الإمارات العربية المتحدة وجمهورية إفريقيا الوسطى، المجاورة لتشاد، والتي يمكن أن توفر لهم نفس الإمكانيات اللوجستية لدعم قوات الدعم السريع، وفق المجلة الفرنسية، مؤكدة أن الإماراتيين يرغبون في استخدام مطار بانغي، وكذلك مطار بيراو في شرق البلاد.

   

مقالات مشابهة

  • تفكك داخل الدولة.. القاعدة الأساسية المؤيدة للنظام الإيرانى فى حالة قلق وتمرد ضد خامنئى
  • 29 رمضان الذكرى السادسة لمجزرة فض الاعتصام
  • الأمم المتحدة تحذر من تدخل قوات خارجية في حرب جنوب السودان
  • اعلان تطهير عاصمة السودان بالكامل من فلول المليشيات التي هربت بشكل مخزي
  • القدس المنسية: المدينة التي تُسرق في ظل دخان الحرب الإسرائيلية على غزة والضفة
  • النمسا تؤكد استمرار الدعم لأوكرانيا في مواجهة الحرب الروسية
  • الرئيس اللبناني: لن نسمح بتكرار الحرب التي دمرت كل شيء في بلادنا
  • عقلية الساسة السودانيين والمآلات القادمة- قراءة في أزمة النظام السياسي
  • جون أفريك: الإمارات والصين وروسيا وإيران.. من يزوّد السودان بالأسلحة؟
  • البرهان: القوات المسلحة تعمل على تهيئة الظروف لتولي حكومة مدنية منتخبة