دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- تُهاجر خفافيش الفاكهة بنية اللون التي قد يصل عددها إلى 10 ملايين من جميع أنحاء إفريقيا وتتجمع بغابة مستنقعية في منتزه "كاسانكا" الوطني الواقع في قلب غابة "ميومبو" بزامبيا بين أكتوبر/تشرين الأول وديسمبر/كانون الأول،

يُطلق على هذه الرحلة اسم أكبر هجرة للثدييات في العالم.

تغادر هذه الخفافيش في يناير/كانون الثاني، ويعود الكثير منها إلى مواقع أخرى داخل غابة "ميومبو" الجافة الشاسعة المحيطة بالمنتزه، والتي توفر لهذه الخفافيش موطنًا على مدار العام وإمدادات وفيرة من الفاكهة.

تغطي غابة "ميومبو" مساحة تبلغ 1.9 مليون كيلومتر مربع، ويعادل ذلك مساحة المكسيك تقريبًا، كما تمتد من الأطراف الشمالية لتنزانيا، مرورًا بساحل أنغولا في الغرب، وصولًا إلى جنوب موزمبيق.

تُعتبر غابات "ميومبو" أكبر نظام بيئي للغابات الاستوائية الجافة في العالم.Credit: Natalie Ingle

يُعتقد أنّها توفر سبل العيش والموارد الأساسية لأكثر من 300 مليون شخص، بالإضافة إلى دعمها للعديد من أشهر الحيوانات الضخمة في إفريقيا، بما في ذلك بعض أكبر مجموعات الفيلة المتبقية في القارة.

رُغم أنها تتمتع بأهمية كبيرة، إلا أن غابة "ميومبو" شهدت انخفاضًا في الغطاء الحرجي بمقدار الثلث تقريبًا بين عامي 1980 و2020. مع ذلك، سلّطت الأبحاث الحديثة الضوء على قدرتها في تخزين الكربون، ما قد يعني أنّ من شأن استعادة الغابات توفير قيمة اقتصادية تفوق الأرباح الناجمة عن قطع الأشجار فيها.

تخزين ضعف كمية الكربون تمتد الغابة عبر ما لا يقل عن ثماني دول.Credit: Natalie Ingle

استنتجت دراسة هي الأولى من نوعها، نُشرت في يوليو/تموز من عام 2024، أنّه يُحتمَل أن تحتجز غابة "ميومبو" أكثر من ضعف كمية الكربون فوق الأرض مقارنة بمّا كان يُعتقد سابقًا.

يُعادل هذا الفارق 3.7 مليار طن متري إضافي من الكربون المخزن في جميع أنحاء الغابة، أي أكثر من الكمية التي أطلقتها الصين في الغلاف الجوي بعام 2023.

هذه الغابات توفر موطنًا لأنواع متعددة من الحياة البرية وأعداد كبيرة من السكان المحليين.Credit: Natalie Ingle

أوضح البروفيسور ماتياس ديزني من كلية لندن الجامعية، الذي شارك في تأليف البحث، أنّ العلاقة المُبسّطة للغاية بين قطر الجذع وكتلة الشجرة (التي يُشكّل الكربون نسبة ثابتة منها) المستخدمة في التقديرات السابقة، "تُعتبر نوعًا ما الركيزة الأساسية لكل ما نعرفه عن الكربون والغابات في جميع أنحاء العالم".

بدلاً من الاعتماد على ذلك، تنبأت الدراسة الجديدة بالكتلة الحيوية فوق سطح الأرض في غابة "ميومبو" باستخدام طريقة أكثر تطورًا، أي تقنية "ليدار"، أو الكشف الضوئي، وتحديد المدى.

ونشر الفريق تقنية التصوير من اليابسة عبر طائرات الـ"درون" والمروحيات، في منطقة بمساحة 500 كيلومتر مربع من الغابة في موزمبيق، ومن ثمّ استخدموا بياناتهم لبناء تمثيل ثلاثي الأبعاد أكثر دقّة للغابة.

كما قاموا بتوسيع التقديرات لتحديد كمية الكربون المخزنة في غابة "ميومبو".

يُعد قياس هذا الرقم بدقة مهمًا للغاية، حيث تنص المادة 6 من اتفاقية باريس لعام 2015 بشأن تغير المناخ أنّ الدول تحصل على "أرصدة الكربون" بناءً على أدائها، مقارنةً بأهدافها المتعلقة بالانبعاثات. 

يمكن للدول التي تحقق أداءً أفضل من المتوقع بيع أرصدة الكربون الزائدة للشركات التي ترغب في تعويض انبعاثاتها، أو للدول التي لا تحقق الأداء المطلوب، ما يسمح لها أيضًا بتحقيق أهدافها.

تحالف لاستعادة الغابات مساحة غير ملموسة من غابات "ميومبو" في منتزه "روها" الوطني بتنزانيا.Credit: Natalie Ingle

تأسّس تحالف "Miombo Restoration Alliance"، وهو تعاون بين 11 دولة في جنوب إفريقيا، ومنظمات الحفاظ على البيئة، ومجموعة "Trafigura" العالمية لتجارة السلع، في سبتمبر/أيلول من عام 2024. 

وتُموّل "Trafigura" ما قيمته 500 مليون دولار أمريكي بهذا البرنامج في مشاريع استعادة الغابات، ما يسمح ببيع أرصدة إزالة الكربون بموجب المادة 6.

مع ذلك، تُعتبر تعويضات الكربون بموجب اتفاقية باريس مثيرة للجدل.

تُظهر هذه الصورة نهر "زامبيزي"، الذي يُعتبر الأطول في غابة "ميومبو"، وهو يجري عبر عدّة دول.Credit: Natalie Ingle

قالت مديرة أبحاث وسياسات المناخ في هيئة "Corporate Accountability" الرقابية غير الربحية المعنية بمساءلة الشركات العابرة للحدود الوطنية فيما يتعلق بالممارسات الأخلاقية، راشيل روز جاكسون، إنّ المادة 6 غالبًا ما تُعتَبر "تصريحًا للتلويث بدلاً من طريقة فعلية لخفض الانبعاثات". 

وأضافت أنّ الدول والشركات الأكثر تلويثًا يمكنها في الواقع الاستمرار بالقيام بذلك من خلال دفع الأموال لأشخاص في أماكن أخرى لتعويض انبعاثاتها نيابةً عنها.

شرحت جاكسون أنّها لا تنتقد هذا التحالف تحديدًا، ولكنها أشارت إلى أنّه يجب على الحكومات الابتعاد عن "المشتِّتات الخطيرة مثل التعويضات وأسواق الكربون"، والتركيز على إبقاء الوقود الأحفوري في باطن الأرض بدلاً من ذلك.

فوائد تتجاوز تخزين الكربون

رأى ديزني أنّ أهمية هذه الغابات تحمل أكثر بكثير من مجرد الكربون.

بينما يُعدّ الحفاظ على الكربون مُخزّنًا في الغابات أمرًا بالغ الأهمية من منظور مناخي، لكنه "لا يُعبّر عن التنوع البيولوجي، والغذاء، والموارد، والمأوى، والجمال، والفوائد الصحية (التي تقدمها الغابة) للأشخاص".

المصدر: CNN Arabic

كلمات دلالية: زامبيا أفريقيا أنغولا الاحتباس الحراري البيئة التغيرات المناخية الحياة البرية الحيوانات تنزانيا موزمبيق کمیة الکربون

إقرأ أيضاً:

هرباً من ترامب..أمريكيون يهاجرون إلى المكسيك

هرباً من الرئيس دونالد ترامب وسياساته، ينتقل أمريكيون، بعضهم من أصل مكسيكي، للعيش في المكسيك، في خطوة قد تعدّ هجرة عكسية.

وفي ظلّ تراجع الحقوق، والاقتطاعات المالية، واستشراء التمييز، واشتداد الاستقطاب، قرّر كثيرون مثل تيفاني، وأوسكار، ولي، وجيسيكا العيش في العاصمة المكسيكية التي تستقبل منذ جائحة كورونا، أعداداً متزايدة من الأمريكيين.

ويعيش مليون أمريكي في المكسيك، أي حوالى 20% من الجالية الأمريكية في الخارج المقدّرة بـ5 ملايين، وفق تعداد نشرته في 2023 المنظمة التي تمثّل مصالحهم.

الولايات المتحدة تتراجع 

انتقلت تيفاني نيكول، 45 عاماً، إلى مكسيكو بعد مقتل الأمريكي من أصول إفريقية جورج فلويد على يد الشرطة في مايو (أيار) 2020.وقالت هذه المستشارة المالية: "لم أعد أشعر بالأمان في بلدي لأني من ذوي البشرة السوداء".

وكانت تيفاني تفكّر في العودة إلى شيكاغو لتكون بجانب ابنتها لكن فوز ترامب بدد آمالها. وقالت: "في نوفمبر (تشرين الثاني)، كنت في شيكاغو أنتظر ما الذي سيحدث في الانتخابات. وتسنّى لي أن اجتمع بعائلتي من جديد. أما الآن، فأنا أبحث عن وسيلة لإخراجها من البلد".

وأقرّت نيكول بأن "الولايات المتحدة تتراجع في الحقوق المدنية، ومجتمع الميم. وترتفع أسعار الأدوية ارتفاعاً صاروخياً. والجميع يتأثّر بالوضع".

ومنذ عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، وضعت الإدارة الأمريكية حدّاً لبرامج التنوّع، والإنصاف والشمول التي تؤدّي في نظر الرئيس إلى "تمييز غير قانوني وغير أخلاقي". وطالب ترامب بإزالة الرسم الجداري لحركة "حياة السود مهمّة" في المدنية التي عاد إليها الزخم بعد مقتل جورج فلويد.

اضمحلال الحلم الأمريكي 

في عهد دونالد ترامب، تزايد "العنف ضد السود من أصول أمريكية لاتينية، ومن الدومينيكان ومثليي الجنس"، وفق لي خيمينيز، وهو نيويوركي، 38 عاماً، ومدرّب يوغا ومؤثّر رياضي غادر الأراضي الأمريكية في 2022.

وقال المدرّب الذي تتحدّر عائلته من الدومينيكان: "الآن أصبحت أرى بوضوح الأفعال التمييزية صغيرة النطاق. عدت للتوّ من لوس أنجليس حيث ذهبت مع أصدقاء هم أيضاً سود، ويتعرّضون للتمييز إلى مطعم رائع. جعلونا نجلس في الخلف رغم وجود مكان أجمل".

واتهم خيمينيز ترامب بنسف التدابير المصمّمة لصون التنوّع وحقوق مجتمع الميم.

ووقّع دونالد ترامب فور عودته إلى البيت الأبيض مراسيم للاعتراف بجنسين إثنين لا غير، وتقييد إجراءات تغيير الجنس لمن هم دون الـ19.

وأقرّ المؤثّر الرياضي بأن "المرء يعيش في المكسيك هانئ البال ولم تعد الولايات المتحدة كما كانت عليه، واضمحل الحلم الأمريكي" مؤكّداً "لم أعد أرى مقرّ إقامتي في الولايات المتحدة".

وتعرف مدينة مكسيكو التي يحكمها اليسار منذ 1997 بنهجها التقدّمي.

حياة أفضل

وكان أوسكار غوميز، المستشار في إدارة الشركات، 55 عاماً، يفكّر أصلاً في مغادرة الولايات المتحدة، لكنّ فوز ترامب حضّه على الإقدام على خطوته. ووصل منذ ثلاثة أسابيع إلى العاصمة المكسيكية حاملاً معه 7 حقائب، وكلبه إيغي.

وقال هذا الأمريكي من أصل مكسيكي: "عندما فاز ترامب، قلت في نفسي حان الوقت. فولايته الأولى كانت مرعبة... وعندما أتابع أخبار الولايات المتحدة، أشعر بالارتياح لأني هنا".

وترك الرجل خلفه شقّة تطلّ على منظر رائع في سان فرانسيسكو، بعدما تراجع دخله عندما أنهى ترامب برامج التنوّع التي كان يتعاون معها.

وأضاف غوميز "من سخرية القدر أن أهلي ذهبوا إلى الولايات المتحدة بحثا عن حياة أفضل، وها أنا اليوم أعود إلى المكسيك للسبب عينه".

 استقطاب 

تمضي جيسيكا جيمز الملقّبة بـ"جاي جاي" وقتها بين المكسيك وألاسكا في سياق عملها في الصيد. وأقرّت هذه الأمريكية الأربعينية، بأن ترامب قضى على ما تبقّى لديها من حماسة للاستقرار في الولايات المتحدة. وقالت: "من المحبط أو حتّى الرهيب أن نرى أن هذا العدد الكبير من الناس صوّتوا لترامب".

وولدت جيسيكا في سان دييغو لأم مكسيكية، وترعرت في ألاسكا،  المحافظة التي يحكمها الجمهوريون الذين تعارض مبادئهم.

وأضافت هذه الأمريكية التي تحلم بالجنسية المكسيكية "لم تتغيّر الأمور كثيراً هناك لكن الاستقطاب شديد، على وسائل التواصل الاجتماعي وفي الإعلام".

مقالات مشابهة

  • هرباً من ترامب..أمريكيون يهاجرون إلى المكسيك
  • هلال شوال سيظهر بحجم كبير.. هل حدث خطأ في تحديد بداية عيد الفطر؟
  • أمازون تعطل تخزين التسجيلات المحلي في مكبرات الصوت الذكية
  • صور توثق هول زلزال ميانمار ومسح مناطق كاملة عن الخريطة
  • البليدة.. تسمم 6 أشخاص بغاز أحادي أكسيد الكربون
  • إصابة أكثر من 50 شخصًا في حريق دار مُسنين في ألمانيا
  • المكسيك تحظر الوجبات السريعة بالمدارس.. لهذا السبب
  • المكسيك.. لاعب كرة قدم وحاكم سابق متهم بمحاولة اغتصابه أخته
  • جدّة صينية تستكشف العالم على متن دراجتها وهدفها زيارة 100 دولة
  • في “بسطة خير السعودية”.. الذكريات محفوظة بين غلافي “ألبوم صور”