مصالح متبادلة.. لهذا تكثف الولايات المتحدة مفاوضاتها مع السعودية وإيران
تاريخ النشر: 24th, August 2023 GMT
سلط الباحث في الجامعة العسكرية الأمريكية، إيلان فوكس، الضوء على المفاوضات التي تجريها الولايات المتحدة الأمريكية مع السعودية وإيران وتداعياتها على الشرق الأوسط، في إطار استهداف الرئيس الأمريكي، جو بايدن، لتحقيق بعض الإنجازات في الشؤون الخارجية قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة.
وذكر فوكس، في تحليل نشره بموقع الجامعة وترجمه "الخليج الجديد"، أن المفاوضات تشير إلى أن البيت الأبيض أدرك أن الصين حققت تقدمًا في الشرق الأوسط، وأن تعاون الطرفين اقتصاديا بوابة لتعاون سياسي لاحق.
وأضاف أن العلاقات بين السعودية والولايات المتحدة توترت بعد اغتيال الصحفي، جمال خاشقجي، على يد المخابرات السعودية عام 2018 وإدانة بايدن العلنية للجريمة، وعدم وجود رد أمريكي على هجوم مسيرات حوثية، مدعوم من إيران، على حقول النفط السعودية، مشيرا إلى أن الرياض تعيد حسابات علاقتها مع الولايات المتحدة.
لكن اتفاق التطبيع الإيراني السعودي بوساطة صينية دفع ذلك بايدن إلى التراجع عن موقفه المناهض للمملكة، وأجبره على إعادة الانخراط بطريقة أكثر جدوى مع دول الشرق الأوسط.
وتأتي المفاوضات الأمريكية المكثفة بعد أن التقى ولي العهد السعودي الأمير، محمد بن سلمان، قبل أسبوعين، مع جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي الأمريكي، بجدة في محاولة لتسريع المحادثات حول تفاصيل المطالب السعودية من الولايات المتحدة نظير التطبيع مع إسرائيل، وعلى رأسها دعم تطوير برنامج نووي مدني وتقديم ضمانات أمنية صارمة.
وتركز هذه المفاوضات على التزام الولايات المتحدة بالأمن السعودي، وتريد الرياض أن تكون واشنطن واضحة بشأن هذا الالتزام، خاصة بعد الصمت الأمريكي تجاه الهجوم الحوثي على حقول النفط السعودية، والذي تم تنفيذه بدعم وموافقة إيرانية.
كما تتضمن المحادثات المساعدة الأمريكية في إنشاء برنامج نووي مدني وأخيراً التوصل إلى اتفاق سلام مع إسرائيل، على افتراض أن إسرائيل ستقدم تنازلات للسلطة الفلسطينية.
ويبدو أن هذا الطريق يكتسب زخما، حسبما يرى فوكس، مشيرا إلى أن موقع أكسيوس أورد أن بايدن يدرس عقد اجتماع مع بن سلمان خلال قمة مجموعة العشرين، التي ستعقد في نيودلهي الشهر المقبل.
اقرأ أيضاً
موقع: تقارب السعودية وإيران.. الصين انتصرت على أمريكا في غرب آسيا
تفاهم غير رسمي
وفي المقابل، ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أن محادثات سرية جرت بين إيران والولايات المتحدة، مشيرة إلى الاقتراب من "تفاهم غير رسمي" بدلاً من الاتفاق النووي (خطة العمل الشاملة المشتركة) لعام 2015، الذي أعلن الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، انسحابا أحاديا منه.
وبحسب الصحيفة الأمريكية، فإن التفاهم يشمل التسامح مع تخصيب إيران لليورانيوم بنسبة 60% وفك تجميد أموال عائدات النفط الإيرانية المجمدة في حسابات البنوك الكورية الجنوبية، وتبادل للمعتقلين، يتضمن إطلاق سراح عدد من الإيرانيين الأمريكيين المحتجزين بسبب اتهامات بالتجسس.
وتقوم قطر بتيسير المحادثات بين الولايات المتحدة وإيران، فيما بعثت إقالة روبرت مالي، المبعوث الأمريكي السابق لإيران، من هذه المحادثات، برسالة إلى طهران مفادها أن إدارة بايدن ستكون أقل ودية مع المطالب الإيرانية في المستقبل، بحسب فوكس.
وأسفرت النتيجة المباشرة للمناقشات عن إطلاق سراح 5 سجناء إيرانيين أمريكيين ووضعهم رهن الإقامة الجبرية. وبافتراض استمرار تقدم المحادثات، فقد يُسمح لهؤلاء السجناء بالعودة إلى الولايات المتحدة.
تجميد الأموال
وتصل قيمة الأموال الإيرانية المجمدة إلى 6 مليارات دولار، "كانت موجودة في حساب مقيد في كوريا الجنوبية"، وستصبح، حال إبرام التفاهم، متاحة بسهولة أكبر لـ"التجارة غير الخاضعة للعقوبات" لسلع مثل المواد الغذائية"، أو نقلها إلى "حساب مقيد في بلد آخر".
وسبق أن أوردت شبكة CNN أن "مصدرا أمريكيا قال إن هذا لن يمنح أموالا جديدة لإيران، مشيرا إلى أن هذه الأموال موجودة حاليا في حسابات كوريا الجنوبية ويمكن استخدامها لأغراض إنسانية وتجارة غير خاضعة للعقوبات".
ومن المتوقع أن يكون هناك مقابل لتبادل المعتقلين في الصفقة المحتملة، على الرغم من أن المصدر الأمريكي قال إنه "لن يتم إطلاق سراح أي سجناء محتجزين في الولايات المتحدة مقابل انتقال المعتقلين الأمريكيين إلى الإقامة الجبرية".
اقرأ أيضاً
الوساطة الصينية الناجحة بين السعودية وإيران تضع أمريكا باختبار صعب
أهمية التفاوض
وهنا يشير فوكس إلى أن أحداث السنوات القليلة الماضية غيرت من مكانة الولايات المتحدة، وبعد الانهيار الكارثي للحكومة المدعومة من الغرب في أفغانستان واستمرار الخطاب الانعزالي الذي حظي بشعبية كبيرة في الخطاب السياسي الأمريكي، رأت روسيا والصين في هذا التغيير فرصة لاكتساب المزيد من النفوذ على الساحة العالمية.
وأضاف أن روسيا حاولت اكتساب المزيد من الهيمنة العالمية من خلال غزوها لأوكرانيا، ودفعت ثمنا باهظا مقابل ذلك.
وعلى النقيض، كانت الصين أكثر حذراً، وأصبحت بكين أكثر عدوانية، من الناحية السياسية، تجاه تايوان، ونشطت في ساحات إقليمية جديدة، بما في ذلك الشرق الأوسط.
لكن التوصل إلى حل مع كل من إيران والسعودية سيمنح البيت الأبيض العديد من الإنجازات قبل انتخابات عام 2024.
فمن شأن الاتفاق مع السعودية أن يوازي اتفاقيات إبراهيم، التي اعتبرها ترامب إنجازا لعهده، وربما يمنح بايدن جائزة نوبل للسلام، في توقيت مهم انتخابيا.
ومن شأن ذلك أن يُظهر للناخبين الأمريكيين أن الفشل النسبي للغرب في وقف حرب الاستنزاف في أوكرانيا سيقابله تهدئة التوترات في الشرق الأوسط من قبل الإدارة الحالية.
كما يرى فوكس أن التفاوض مع إيران والسعودية من شأنه أن يسمح للولايات المتحدة أيضا بالحفاظ على تدفق أرخص أكثر استقراراً للنفط الخليجي، كما أنه سيحد من نفوذ الصين المتزايد في المنطقة.
ومع ذلك، ينوه فوكس إلى أهمية فهم أي تفاهم غير رسمي مع إيران باعتباره "ذي صلاحية محدودة"، إذ يظل تردي الأوضاع في النظام الديني الإيراني محتملا، مشيرا إلى أن "هذا النظام أثبت أنه مستعد لمواصلة جهوده النووية وتجاهل التزاماته بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة".
ويخلص فوكس إلى أن الخطاب الشعبوي حول ضرورة انعزال الولايات المتحدة عن قضايا الشرق الأوسط لم يكن واقعيا، وأن استقرار الدولار، باعتباره الحاكم للاقتصاد العالمي، يعني أن الولايات المتحدة لديها مصالح عالمية ويجب عليها حتماً العمل المشترك مع دول أخرى مثل السعودية وإيران.
اقرأ أيضاً
تركي الفيصل: أمريكا ليست وسيطا نزيها لتأمين صفقة بين السعودية وإيران
المصدر | إيلان فوكس/الجامعة العسكرية الأمريكية - ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: السعودية إيران جو بايدن دونالد ترامب الاتفاق النووي الولایات المتحدة السعودیة وإیران الشرق الأوسط
إقرأ أيضاً:
ليبيا تختتم رئاستها لمؤتمر «إنشاء منطقة شرق أوسط خالية من الأسلحة النووية»
اختتمت ليبيا رئاستها للدورة الرابعة لمؤتمر إنشاء منطقة الشرق الأوسط الخالية من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل الأخرى، حيث سلم مندوب ليبيا السفير طاهر السني رئاسة المؤتمر إلى موريتانيا وذلك في جلسة شارك فيها رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، فليمون يانغ، والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ووكيلة الأمين العام لشؤون نزع السلاح إيزومي ناكاميتسو.
وقالت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، “إنه رغم التحديات التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط طوال العام، عملت ليبيا، من خلال فريق بعثتها الدائمة لدى الأمم المتحدة، على تعزيز جهود المؤتمر بإدخال تحديثات جوهرية على آليات مجموعات العمل، كما قادت نقاشات موضوعية حول الاستخدام السلمي للطاقة النووية وسبل التحقق النووي، في إطار دعم تحقيق أهداف نزع السلاح وضمان الأمن الإقليمي”.