في عالمٍ يتسارع فيه التقدم التكنولوجي بوتيرة غير مسبوقة، تبرز تحديات وتساؤلات جوهرية حول الذكاء الاصطناعي، وتناولت حلقة 2025/3/26 من برنامج "حياة ذكية" 3 محاور أساسية تشكل ملامح المستقبل التقني: الذكاء الاصطناعي وتأثيره على التفكير البشري، وتقنيات المراقبة فائقة الدقة، والحلول السكنية المبتكرة لمواجهة التحديات المستقبلية.

ورغم الفوائد الهائلة للذكاء الاصطناعي في تسريع البحث واختصار الوقت وتقليل الجهد، فإن الجدل يتصاعد حول تأثيره السلبي المحتمل على التفكير النقدي للإنسان.

ومع الاعتماد المتزايد على هذه التقنية، تبرز مخاوف من تراجع القدرات العقلية والتحليلية، إذ بات كثيرون يَقبلون المعلومات التي تقدمها الأنظمة الذكية من دون تمحيص أو تدقيق.

ووفقا للحلقة، كشفت دراسة حديثة -أجراها فريق من الباحثين في شركة مايكروسوفت وجامعة كارنيغي ميلون- عن الأثر الذي يحدثه الذكاء الاصطناعي التوليدي على الفكر النقدي لدى الإنسان.

واستندت الدراسة إلى عينة من العاملين في ميادين المعرفة، منهم المدرسون ومتداولو الأموال ومحللو التسويق، جميعهم اعتادوا استعمال الذكاء الاصطناعي التوليدي في أعمالهم اليومية.

ووجد الباحثون أن طبيعة التفكير النقدي لدى الأفراد تتبدل عند استخدامهم للذكاء الاصطناعي، إذ إنهم لا يعودون إلى جمع المعلومات بأنفسهم، بل يكتفون بالتحقق منها فقط، ولا يعكفون على حل المشكلات، بل يدمجون أجوبة الذكاء الاصطناعي ضمن مسارات عملهم.

إعلان

وأوضحت الحلقة أن الخطر يكمن في أن المشاركين لا يفعّلون ملكاتهم النقدية إلا للتحقق من جودة الأجوبة في نحو 22% فقط من الحالات، وكلما زادت ثقة الفرد بقدرة الذكاء الاصطناعي، قل احتمال تحققه من النتائج.

ولوحظ أن عددا كبيرا من المستخدمين يوكلون للذكاء الاصطناعي المهام التي يرونها بسيطة أو لا تستحق عناءهم، أو لأنهم يثقون تماما بدقته.

ويرى الباحثون أن هذا النمط من الاعتمادية -إن استمر وتفاقم- قد يؤدي على المدى البعيد إلى اتكال مفرط على هذه الأدوات، وإلى تآكل ملكة التفكير وحل المشكلات لدى الإنسان.

تقنية مراقبة متطورة

وفي مجالات تقنيات المراقبة المتطورة، نجح فريق من معهد أبحاث علوم الفضاء في الصين في تطوير تقنية مراقبة بقدرات غير مسبوقة تفوق أقوى كاميرات التجسس والتليسكوبات التقليدية بـ100 مرة.

وأوضحت الحلقة أن هذه الكاميرا المتطورة لا تكتفي بالتقاط صور عالية الدقة فحسب، بل تستطيع التعرف على وجوه الأشخاص من مدار الأرض المنخفض، مستخدمة تقنية تُعرف باسم "ليدار الفتحة الاصطناعية" أو "سنثاتيك أبرتشر ليدار"، وهي تقنية متطورة تستخدم حزم الليزر لاختراق المسافات الهائلة بدقة مذهلة.

وبالمقارنة مع الإنجازات السابقة، حطمت الكاميرا الصينية الجديدة كل الأرقام القياسية، ففي عام سابق، أجرت شركة لوكهيد مارتن الأميركية اختبارا وصلت فيه دقة تصويرها إلى سنتيمترين من مسافة لا تتجاوز 1.5 كيلومتر.

أما الكاميرا الصينية الجديدة، فقد سجلت تفاصيل بحجم واحد 1.5 مليمتر من مسافة تفوق 100 كيلومتر، وهو ما يمثل قفزة تكنولوجية هائلة تضع بكين في مقدمة سباق المراقبة عالميا.

كما أشار البرنامج إلى أن التطبيقات الأولية لهذه التقنية تشمل مراقبة الأقمار الصناعية وفحص مكوناتها بتفاصيل دقيقة، من قراءة الأرقام التسلسلية إلى اكتشاف الأضرار الناجمة عن اصطدام الشهب الصغيرة.

إعلان

ولكن التطبيق الأكثر إثارة للجدل هو قدرتها على مراقبة الأفراد على الأرض من الفضاء، إذ يمكنها التقاط تفاصيل الوجوه بوضوح من الأقمار الصناعية التي تدور على ارتفاع منخفض يصل إلى 170 كيلومترا.

ودفع هذا السباق المحموم نحو تقنيات المراقبة الفائقة مؤسسات -مثل "الجبهة الإلكترونية"- إلى دق ناقوس الخطر والمطالبة بتنظيم عاجل لاستخدام أقمار التجسس، محذرة من أننا نتجه نحو عالم يخضع للمراقبة الشاملة والمستمرة على مدار الساعة.

سكن تحت البحر

وفي الوقت الذي يتجه فيه بعض رواد التكنولوجيا، مثل إيلون ماسك، إلى استكشاف كوكب المريخ بوصفه موطنا مستقبليا محتملا للبشرية، تتجه شركة بريطانية إلى استكشاف عوالم غير مأهولة على كوكبنا نفسه.

فقد أُطلق مشروع طموح يُعرف باسم "ديب" (Deep) يهدف إلى إنشاء مساكن تحت سطح البحر لتأمين وجود بشري دائم في جوف المحيط.

واتخذ المشروع أحد المحاجر القديمة -التي غمرتها مياه السيول- موقعا لتجربة هذه المساكن، إذ تُمثل بيئة آمنة ومثالية لاختبار النماذج الأولية. وقد أُطلق على أول مسكن اسم "فانغارد" (Vanguard)، وصمم ليكون قابلا للنقل ومؤهلا لاستيعاب 3 أشخاص في مهام قصيرة الأجل.

ووفقا للبرنامج، ستُستثمر الخبرة المكتسبة من "فانغارد" في تطوير مسكن أكثر طموحا يُدعى "سنتينيل" (Sentinel)، وهو مُعد لتمكين 6 أفراد من الإقامة في عمق يصل إلى 200 متر، وهو الحد الذي تنعدم بعده قدرة ضوء الشمس على اختراق المياه. ويضم هذا المسكن 6 غرف للنوم، ومطبخا وحجرة للاستحمام، ومكانا مخصصا للبحث العلمي.

ويبقى السؤال الجوهري حول قدرة الإنسان على العيش لفترات طويلة تحت الماء، إذ لا يزال الرقم القياسي في هذا المضمار مسجلا باسم الألماني "رود غيركوخ"، الذي أمضى 14 يوما في عمق 400 متر، متجاوزا بذلك الأميركي جوي دي توري، الذي مكث تحت الماء 31 يوما في عام سابق.

إعلان

غير أن هذه المساكن المرتقبة قد تتيح للإنسان إقامة أطول وأعمق في جوف البحار، في صفحة جديدة من تاريخ المغامرات البشرية، وربما تكون حلا للتحديات السكانية المتزايدة مع توقعات زيادة عدد سكان الأرض بمعدل ملياري نسمة بحلول عام 2050.

الصادق البديري27/3/2025-|آخر تحديث: 27/3/202502:29 ص (توقيت مكة)

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات رمضان الذکاء الاصطناعی

إقرأ أيضاً:

بيل غيتس يكشف عن 3 مهن آمنة في عصر الذكاء الاصطناعي

يشهد العالم اليوم تسارعًا غير مسبوق في تقدم الذكاء الاصطناعي، مما يفتح أمام الصناعات فرصًا جديدة بينما يثير في الوقت نفسه مخاوف بشأن تأثيره على سوق العمل.

العديد من الناس يعبرون عن قلقهم من أن الذكاء الاصطناعي سيؤدي إلى استبدال العديد من الوظائف، مما سيسبب تحولات كبيرة في هيكل سوق العمل العالمي.

وفقاً لموقع "THE TIMES OF INDIA"، أعرب بيل غيتس، الملياردير ورائد الأعمال التكنولوجي، عن رأيه في هذا الجدل المتزايد، محذرًا من أن الذكاء الاصطناعي سيؤدي إلى جعل العديد من الوظائف قديمة خلال السنوات المقبلة.

ومع ذلك، أشار غيتس إلى ثلاث مهن تبقى، حتى الآن، محصنة نسبيًا من الأتمتة التي يدفعها الذكاء الاصطناعي. هذه المجالات، وهي البرمجة، إدارة الطاقة، وعلم الأحياء، تتطلب مهارات إنسانية فريدة مثل القدرة على حل المشكلات، الإبداع، والقدرة على التكيف، وهي مهارات لا يستطيع الذكاء الاصطناعي تقليدها بشكل كامل.

ثلاث وظائف لا يمكن للذكاء الاصطناعي استبدالها وفقًا لبيل غيتس:




المبرمجون: مهندسو الذكاء الاصطناعي


يرى بيل غيتس أن مهنة البرمجة تعد من المهن التي لا تزال في مأمن نسبيًا من التهديدات التي يشكلها الذكاء الاصطناعي. ورغم أن الذكاء الاصطناعي قادر على المساعدة في بعض المهام البسيطة مثل كتابة الأكواد أو تصحيح الأخطاء، إلا أن تطوير البرمجيات يتطلب مهارات معقدة في حل المشكلات، بالإضافة إلى الإبداع وفهم عميق لاحتياجات البشر.

اقرأ أيضاً.. "آخر اختبار للبشرية".. التحدي الأخير أمام الذكاء الاصطناعي لاجتياز قدرات البشر

أخبار ذات صلة المفوضية الأوروبية تستثمر 1.3 مليار يورو في الذكاء الاصطناعي جوجل تطرح ميزات ذكية لرحلات صيفية مثالية


المبرمجون هم من يبتكرون ويصممون الأنظمة التي يعتمد عليها الذكاء الاصطناعي نفسه، وهي مهمة تتطلب أكثر من مجرد قدرات تقنية، بل تتطلب أيضًا فهماً دقيقًا للبيئات المعقدة التي يصعب على الآلات التعامل معها بمفردها.


إدارة الطاقة: قيادة مستقبل الاستدامة


المجال الآخر الذي ذكره غيتس هو إدارة الطاقة. مع التحولات العالمية نحو الطاقة المستدامة، تظل الحاجة إلى الإشراف البشري أمرًا بالغ الأهمية.

يستطيع الذكاء الاصطناعي تحسين استهلاك الطاقة، التنبؤ بالطلب، وإدارة الموارد، لكنه لا يستطيع تفسير البيانات المعقدة واتخاذ القرارات الأخلاقية حول استدامة الطاقة.

 





إضافة إلى ذلك، يلعب الخبراء البشريون دورًا أساسيًا في التعامل مع السياسات التنظيمية والبيئة القانونية المتعلقة بالطاقة، وهي جوانب تتطلب مهارات تفاوض واتخاذ قرارات بشرية لا يمكن للذكاء الاصطناعي محاكاتها.


علم الأحياء: التحديات الإنسانية في الأنظمة البيولوجية


أخيرًا، يسلط غيتس الضوء على مجال علم الأحياء، الذي لا يزال يتطلب المهارات الإنسانية بشكل كبير. رغم أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يساهم في تحليل البيانات البيولوجية الضخمة، محاكاة العمليات البيولوجية، واقتراح العلاجات الطبية، إلا أن إدارة وتعقيد الكائنات الحية، سواء في علم الوراثة أو الطب أو البيئة، يحتاج إلى حدس بشري وفهم دقيق للمواقف التي تتسم بالتحولات المستمرة.

بالإضافة إلى ذلك، يتطلب التعامل مع القضايا الصحية والبيئية اتخاذ قرارات معقدة لا يستطيع الذكاء الاصطناعي اتخاذها بمفرده.

 

اقرأ أيضاً.. عصر جديد يبدأ.. "كيرال" أول نموذج للذكاء الاصطناعي يقرأ العقل


يؤكد غيتس أن الذكاء الاصطناعي سيغير بلا شك ملامح سوق العمل في المستقبل، لكنه يشير إلى أن هناك مجالات وظيفية تظل بحاجة إلى المهارات البشرية الأساسية مثل الإبداع، التفكير النقدي، والقدرة على التكيف.

حتى في المجالات التي يتطور فيها الذكاء الاصطناعي بسرعة، ستظل الحاجة إلى التدخل والإشراف البشري أمرًا حيويًا في المستقبل القريب.


إسلام العبادي(أبوظبي)

مقالات مشابهة

  • استوديو جيبلي وكابوس الذكاء الاصطناعي
  • رغم الدفاع عن نظامها.. بلومبرج تواجه مشكلات مع ملخصات الذكاء الاصطناعي
  • «ChatGPT» يغير قواعد إنشاء الصور باستخدام الذكاء الاصطناعي
  • الذكاء الاصطناعي يشارك.. السعودية تدعو لتحري هلال عيد الفطر
  • بيل غيتس يكشف عن 3 مهن آمنة في عصر الذكاء الاصطناعي
  • «AIM للاستثمار» تستشرف مستقبل الذكاء الاصطناعي
  • الذكاء الاصطناعي يتفوق في رصد تشوهات الجنين
  • الذكاء الاصطناعي يتفوق على البشر بتشخيص مرض السيلياك
  • أخبار التكنولوجيا | 3 وظائف لن يتم استبدالها بالذكاء الاصطناعي.. إيلون ماسك يدمج Grok AI في تطبيق تيليجرام
  • ‏ AIM للاستثمار تناقش مستقبل الذكاء الاصطناعي وتأثيراته على الحكومات