الأزمة الليبية.. هل يعي الليبيون ما حدث؟
تاريخ النشر: 27th, March 2025 GMT
ليبيا دولة غنية بالمكونات الجغرافية والديمغرافية والاقتصادية، إذ تمتلك ثروات هائلة من النفط والغاز، كما تتميز بقطاعات واعدة في التجارة والزراعة والثروة السمكية والحيوانية. إلى جانب ذلك، تمتلك ليبيا تاريخًا طويلًا وتراثًا حضاريًا ونضاليًا متميزًا، بالإضافة إلى التنوع السكاني، وارتباطها بالإسلام والمذهب المالكي الذي كان له دور في تشكيل هويتها الثقافية.
المراحل السياسية في ليبيا
العهد الملكي (1951-1969):استقلت ليبيا عام 1951، وشهدت مرحلة تأسيس الدولة الحديثة خلال العهد الملكي الذي استمر 18 عامًا. ورغم التحديات الاقتصادية والاجتماعية، نجح هذا العهد في وضع أسس الدولة وتوحيد البلاد تحت مظلة النظام الملكي.
مرحلة النظام الجماهيري (1969-2011):بعد عام 1969، بدأت ليبيا مرحلة سياسية جديدة بزعامة معمر القذافي. ومع تصدير النفط، شهدت البلاد تدفقًا كبيرًا للعائدات المالية، ما دفعها إلى تبني مشاريع تنموية كبرى. إلا أن السياسات المتبعة، مثل تعطيل القوانين في 1973 والتوجه نحو ما سمي بـ”سلطة الشعب”، أثارت جدلًا واسعًا بين مؤيدين رأوا فيها تحريرًا من الهيمنة الأجنبية، ومعارضين من داخل السلطة والنخبة المثقفة.
الاقتصاد الليبي بين التأميم والانهيار
تأميم القطاع الخاص:في الستينيات والسبعينيات، كان الاقتصاد الليبي متنوعًا، حيث نشطت الشركات الخاصة في بناء الاقتصاد الوطني. لكن الحكومة قررت تأميم القطاع الخاص وتحويله إلى القطاع العام، مما أدى إلى سخط رجال الأعمال الذين فقدوا ممتلكاتهم.
تداعيات النظام الاشتراكي:بعد التحول إلى النظام الاشتراكي، أُنشئت مؤسسات وشركات عامة وأسواق شعبية، إلا أن هذه الخطوة لم تحقق النجاح المطلوب، فشلت المشاريع الاقتصادية، وانتشر الفساد الإداري، ما أدى لاحقًا إلى عودة بعض القطاعات إلى الملكية الفردية.
أزمة القطاع العام:مع تكدس القطاع العام بوظائف غير منتجة، سادت المحسوبية والرشوة، وتراجعت جودة الخدمات الأساسية والتعليم، ما أدى إلى ارتفاع معدلات البطالة والفقر.
التحديات السياسية والاقتصادية في الثمانينيات والتسعينيات
الصراع مع الغرب وتأثيراته الاقتصادية:شهدت ليبيا في الثمانينيات صراعًا سياسيًا مع الدول الغربية، انعكس سلبًا على اقتصادها، خصوصًا مع فرض الحصار الأمريكي، مما أدى إلى توقف العديد من المشاريع التنموية.
السياسات الخارجية:كان للنظام الليبي دور بارز في دعم حركات التحرر في العالم، إذ ساند القضايا العربية والإفريقية، مثل القضية الفلسطينية، ودعم دول المواجهة ضد الكيان الصهيوني، بالإضافة إلى تقديم الدعم لحركات التحرر في أمريكا اللاتينية وأوروبا.
متغيرات الألفية الجديدة: مشروع ليبيا الغد والانقسامات الداخلية
مع بداية الألفية، ونتيجة للتغيرات في العلاقات مع الدول الغربية، طُرح مشروع “ليبيا الغد” تحت إشراف سيف الإسلام القذافي، بهدف إجراء إصلاحات اقتصادية وسياسية. لكن المشروع واجه معارضة شديدة من داخل النظام، حيث رأى البعض فيه محاولة لاختراق النظام القائم، وانقسمت الآراء بين مؤيد ومعارض، ومع تصاعد الخلافات الداخلية، توقف المشروع، وأدى ذلك إلى تفاقم الأوضاع التي ساهمت في سقوط النظام لاحقًا.
ليبيا بعد 2011: فوضى وانقسام
انهيار الدولة ودخولها في الفوضى:بعد سقوط النظام في 2011، دخلت ليبيا في حالة من الانقسام والصراع الداخلي، مما أدى إلى تعطيل جهود بناء دولة ديمقراطية، رغم إجراء الانتخابات في 2012 و2014، ومع زيادة التدخلات الإقليمية والدولية، تعقدت الأزمة أكثر.
الفساد ونهب الثروات:منذ 2011، شهدت البلاد نهبًا واسعًا للموارد، وتكررت الأزمات الاقتصادية نتيجة افتقار الحكومات المتعاقبة للاستثمار في مشاريع تنموية حقيقية، ما أدى إلى زيادة الاعتماد على مؤسسات دولية مثل البنك الدولي، رغم الإمكانات الاقتصادية الهائلة لليبيا.
الخاتمة: من يتحمل المسؤولية؟
لقد أضاعت ليبيا سنوات من التنمية، حيث لم تُستثمر الثروات لصالح الشعب، بل أُهدرت في مشاريع خارجية لم تفد البلاد بعد 2011، في الوقت الذي استمر فيه الفساد وتعطلت التنمية، خاصة في المنطقة الغربية، شهدت بعض مناطق الشرق والوسط تطورات محدودة.
في النهاية، لا يمكن تحميل المسؤولية لطرف واحد فقط، بل إن الوضع الحالي هو نتاج تراكمات طويلة من الفساد وسوء الإدارة طيلة 50 عاما، ولن تستقر ليبيا ما لم يدرك الشعب الليبي الأسباب الحقيقية للأزمة، والأهم أن يركوا بأن البلاد بحاجة لإعادة بناء أو مشروع شامل، للالتحاق بالمراحل التي ضاعت، بأن الظروف الاقتصادية والفساد سوف يدخل البلاد في المؤسسات الدولية ، في ظل متغيرات إقليمية ودولية، ولا يعول على التجارب والفاشلة، والديمقراطية التي لن تتحقق في الواقع والتحديات الأمنية والتي تمثل اهم العقبات في سبيل بناء دولة!.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
المصدر: عين ليبيا
كلمات دلالية: ما أدى إلى
إقرأ أيضاً:
أكد أنه يحقق التوازن بين العرض والطلب.. وزير البلديات: تعديل نظام رسوم «البيضاء» يرفع كفاءة القطاع العقاري
البلاد – الرياض
رفع وزير البلديات والإسكان ماجد بن عبدالله الحقيل، الشكر لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولسمو ولي عهده الأمين- حفظهما الله- بمناسبة صدور موافقة مجلس الوزراء على تعديل نظام رسوم الأراضي البيضاء.
وأكد أنَّ التعديلات التي تمت على النظام جاءت إنفاذًا لتوجيهات سمو ولي العهد-حفظه الله- التي صدرتْ مؤخرًا ضمن حزمة التوجيهات؛ الهادفة إلى تحقيق التوازن في السوق العقاري، ويُسهم النظام بتعديلاته الجديدة في رفع كفاءة استخدام الأراضي والمباني غير المستغلة، وتحقيق التوازن بين العرض والطلب في السوق العقاري، وتحفيز الاستخدام الفعّال للأصول العقارية، ويُسهم في تحفيز تطوير الأراضي البيضاء، وتوفير المعروض العقاري بشكل عام والسكني بشكل خاص. وأشار إلى أنَّ صدور الموافقة الكريمة على التعديلات تُشكل خطوة مهمة للرفع من كفاءة القطاع في المملكة، وتعزيز التطوير العقاري ورفع جاذبيته الاستثمارية، إضافة إلى دوره في تحقيق مستهدفات برنامج الإسكان- أحد برامج رؤية المملكة 2030. ويجري العمل على إصدار اللائحة الخاصة بنظام الأراضي البيضاء خلال (90) يومًا من تاريخ نشر النظام في الصحيفة الرسمية، وستصدر اللائحة الخاصة بالعقارات الشاغرة خلال عام من تاريخ النشر. يأتي ذلك امتدادًا لمنظومة التشريعات العقارية، التي تُسهم بشكل فاعل في تحقيق مستهدفات الرؤية والمبادرات والبرامج المنبثقة منها، التي تهدف إلى تطوير البيئة التشريعية والتنظيمية للقطاع العقاري وتواكب الحراك الاقتصادي والاستثماري في المملكة.
وجاءت أبرز التعديلات في نسبة الرسم ومساحات الأراضي وأنواع الاستخدام ومراحل التطبيق وشموليته للعقارات الشاغرة، التي عرَّفها النظام بأنها (المباني الجاهزة للاستخدام والمُعدَّة للإشغال داخل النطاق العمراني وغير المستغلة لفترة طويلة دون مسوغ مقبول، والتي يؤثر عدم استخدامها، أو عدم استغلالها في توفير معروض كافٍ في السوق العقارية)، وفرضت التعديلات الجديدة رسومًا على العقارات الشاغرة داخل النطاق العمراني المعتمد بنسبة من أُجرة المثل (الأجرة السنوية)، بما لا يزيد على 5 % من قيمة العقار؛ وفقًا لما تحدده اللوائح.
وشملت التعديلات رفع الحد الأعلى لنسبة الرسم السنوي، بما لا يتجاوز (10 %) من قيمة العقار، وإعادة النظر في المساحات المفروض عليها الرسم في الأراضي البيضاء، على ألا تقل مساحة الأرض أو مجموع الأراضي داخل النطاق الخاضع للتطبيق عن (5) آلاف م2؛ وفقًا لما تحدده اللوائح.
ويأتي تطبيق الرسوم بعدالة وشفافية بناءً على قواعد بيانات موحدة ودقيقة، وفقًا لما تحدده اللوائح مع توفير آليات واضحة للاعتراض والتظلم، على أن يشمل تطبيق النظام جميع مناطق المملكة.