تلسكوب جيمس ويب يرصد مجرة قد تغير مجرى تطور الكون
تاريخ النشر: 27th, March 2025 GMT
اكتشف علماء باستخدام التلسكوب جيمس ويب الفضائي مجرة عتيقة وبعيدة تقدم دليلاً على حدوث فترة انتقالية مهمة أخرجت الكون المبكر من "عصوره المظلمة" في وقت أسبق عما كان يُعتقد.
وقال الباحثون إن التلسكوب، الذي يعود بالزمن عبر النظر في مسافات كونية شاسعة، رصد المجرة المسماة (جيدز-جي.إس-زد13-1) على الحال التي كانت عليها بعد حوالي 330 مليون سنة من الانفجار العظيم الذي وقع قبل حوالي 13.
وعلى سبيل المقارنة، يبلغ عمر الأرض نحو 4.5 مليار سنة.
ويُعتقد أن الكون شهد تمدداً ونمواً سريعين في جزء من الثانية بعد الانفجار العظيم.
وبعد أن برد بدرجة كافية، حدثت فترة تُسمى عصور الظلام الكوني عندما كان الكون الوليد مغلفا بضباب كثيف من غاز الهيدروجين في حالة محايدة كهربائياً.
وتلت ذلك فترة تُعرف بعصر إعادة التأين عندما بدأ الكون في البريق. وحصل التلسكوب ويب على أدلة على أن المجرة (جيدز-جي.إس-زد13-1)، إحدى أقدم المجرات المعروفة، انتقلت إلى هذا العصر.
وقال يوريس ويتستوك عالم الفيزياء الفلكية من مركز فجر الكون بجامعة كوبنهاجن ومعهد نيلز بور "في (جيدز-جي.إس-زد13-1)، أكد التلسكوب ويب وجود إحدى أبعد المجرات المعروفة حتى الآن". وويتستوك أحد المعدين الرئيسيين للدراسة المنشورة في دورية (نيتشر) العلمية.
وأضاف ويتستوك "على عكس أي مجرة بعيدة أخرى مشابهة، تُظهر هذه المجرة بصمة واضحة للغاية تشير إلى احتوائها على مصدر قوي للغاية للأشعة فوق البنفسجية عالية الطاقة، وأنها بدأت عملية إعادة التأين في وقت مبكر غير متوقع".
ويُطلق على الفترة التي تشكلت فيها النجوم والثقوب السوداء والمجرات الأولى في الكون اسم فجر الكون. وخلال تشكلها، غيّرت الأشعة فوق البنفسجية المنبعثة منها كيمياء غاز الهيدروجين المتعادل في عملية تُسمى إعادة التأين، مما سمح للأشعة فوق البنفسجية بالتسرب، مما أدى فعليا إلى "إضاءة" الكون.
وقال كيفن هينلاين عالم الفيزياء الفلكية في مرصد ستيوارد بجامعة أريزونا "كان الكون، بعد الانفجار العظيم، خليطاً من الهيدروجين والهيليوم والمادة المظلمة التي تبرد تدريجياً. وفي النهاية، أصبح الكون معتماً تماما للأشعة فوق البنفسجية عالية الطاقة. كان الهيدروجين يطفو في حالة محايدة، أي إن كل ذرة هيدروجين صغيرة كانت مرتبطة بإلكترون". وهينلاين معد مشارك للدراسة.
وأضاف هينلاين "لكن مع بدء تشكل النجوم والمجرات الأولى من غاز الكون المبكر هذا، بدأت الأشعة فوق البنفسجية المنبعثة من النجوم الحديثة والثقوب السوداء الهائلة المتنامية بفصل الإلكترونات عن ذرات الهيدروجين المتعادلة. وعلى مدى مئات الملايين من السنين، تحول الكون من معتم إلى ضوء شفاف ثم إلى ضوء يحمل أشعة فوق بنفسجية، وهو ما نحن عليه الآن".
وقال الباحثون إن الضوء الذي اكتشفه التلسكوب ويب في هذه المجرة ربما يكون مصدره تشكل النجوم بقوة في نواة المجرة، أو وجود ثقب أسود فائق الكتلة ينمو في قلب المجرة ويلتهم المواد المحيطة، أو مزيجا من هذين العاملين.
ويبلغ عرض هذه المجرة حوالي 230 سنة ضوئية، أي أصغر بمئات المرات من مجرة درب التبانة. والسنة الضوئية هي المسافة التي يقطعها الضوء في سنة واحدة، أي 9.5 تريليون كيلومتر.
وبدأ التلسكوب ويب، الذي أطلقته ناسا في 2022 وبدأ تشغيله في 2023، في إتاحة فهم أعمق للكون المبكر. ولم يرصد التلسكوب سوى أربع مجرات يعود تاريخها إلى ما قبل هذه المجرة بقليل، بما في ذلك المجرة التي تحمل الرقم القياسي الحالي، والتي رُصدت بعد 294 مليون سنة من الانفجار العظيم. ولم تُظهر هذه المجرات أي دليل على إعادة التأين.
وذُهل الباحثون عندما اكتشفوا أن المجرة (جيدز-جي.إس-زد13-1) أظهرت مثل هذا الدليل، في صورة فقاعة كبيرة من الهيدروجين المؤين المحيطة بها، لأنه كان من المعتقد أن إعادة التأين بدأت بعد ملايين السنين.
وقال ويتستوك "أثبتت العديد من القياسات المستقلة أن إعادة التأين لم تكتمل إلا بعد أن بلغ عمر الكون حوالي مليار سنة، أي بعد 700 مليون سنة من عمر هذه المجرة، مما يضع هذه المجرة على الأرجح في بداية عصر إعادة التأين. ويُعد التوقيت الدقيق لبداية ذلك العصر أحد أهم الأسئلة التي لم تُجب بعد في علم الكونيات".
المصدر: رويترز
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: تلسكوب جيمس ويب درب التبانة الفلك مجرة الانفجار العظیم فوق البنفسجیة التلسکوب ویب هذه المجرة
إقرأ أيضاً:
تشقق الأرض تحت طهران بسبب تغير المناخ يقلق الإيرانيين
تزايدت وتيرة تشقق الأرض أو الهبوط الأرضي في العاصمة الإيرانية نتيجة الجفاف وتغيّر المناخ، حيث أصبحت الأزمة البيئية الأهم في البلاد خلال السنوات الأخيرة، وشكلت تهديدا خطيرا للبنية التحتية والمواقع الأثرية والأمان العام.
وأشارت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية -في تقرير لها- إلى أن إيران تعاني من أسوأ هبوط أرضي في العالم بسبب الجفاف وتغيّر المناخ وسوء إدارة المياه. وتهدد الانهيارات الأرضية المطار الرئيسي والمواقع الأثرية المدرجة على قائمة اليونسكو، مثل مدينة برسبوليس الأثرية.
اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4"الرخامة الزرقاء".. كيف غيّر نصف قرن من تغير المناخ وجه الأرض؟list 2 of 4الطاقة الزرقاء.. حل واعد لمواجهة تحديات تغير المناخlist 3 of 4تغير المناخ يفاقم المخاطر على الأنظمة الغذائيةlist 4 of 4هل تسببت ظاهرة جوية نادرة بانهيار شبكة الكهرباء الأوروبية؟end of listوتشير الصحيفة إلى أن هبوط التربة بات الآن أزمة وطنية، خصوصا في طهران والمناطق المحيطة بها، حيث تبدو الآثار وخيمة، إذ انحنت خطوط السكك الحديدية، وانحدرت أبراج الكهرباء بشكل خطير، وأصبحت المنازل غير مستقرة، حتى المدارس أُخليت في بعض المدن خوفا من الانهيار.
وأشار التقرير إلى أن دراسة عالمية حديثة أكدت أنّ إيران كانت من بين الدول الخمس الأولى في العالم من حيث وتيرة الهبوط الأرضي ومعدلاته.
وبحسب المركز الوطني الإيراني لرسم الخرائط، فإن جنوب غرب طهران يشهد هبوطاً بمعدل يصل إلى 31 سنتيمترا سنويا، بينما يعتبر معدل الهبوط السنوي البالغ 5 مليمترات مثيرا للقلق وفقاً للمعايير الدولية.
إعلانوكانت وسائل إعلام إيرانية قد أشارت حوالي 8 ملايين وحدة سكنية في جميع أنحاء البلاد بمناطق هبوط معرضة للخطر. ونقلت وكالة مهر الحكومية للأنباء عن مهدي عباسي رئيس لجنة التخطيط العمراني لمدينة طهران، قوله إن الهبوط في طهران قضية خطيرة وأكثر شيوعا وأهمية جنوب غرب العاصمة، حيث إن هذه الظاهرة من شأنها أن تلحق الضرر بالآثار المجاورة للانهيارات الأرضية.
ويحدث الهبوط غالبا عندما يتم استخراج المياه الجوفية بشكل غير صحيح، وتصبح تجاويف تخزين المياه مجرد فراغات. وبمرور الوقت، مع انضغاط طبقات الأرض العليا، تجف تلك الفراغات والمسام. وعندما تقل المياه في مسام الأرض بسبب الاستهلاك المفرط وحفر الآبار، يتم ضغط حبيبات التربة معا.
ويقول نشطاء البيئة والعلماء إن جذور المشكلة تعود إلى سنوات من التنمية غير المستدامة. فقد أدى الإفراط في الزراعة، والتوسع العمراني غير المنضبط، والتوسع الصناعي المفرط، إلى استنزاف طبقات المياه الجوفية وجفاف السدود، لا سيما المناطق الوسطى مثل أصفهان. وهذا لا يقتصر على هبوط الأرض فحسب، بل يُحوّل المناطق الخصبة أيضًا إلى صحراء قاحلة.
ونقلت الصحيفة عن الدكتورة شينا أنصاري مساعدة الرئيس الإيراني ورئيسة منظمة حماية البيئة قولها إن الهبوط الأرضي يُهدد بشكل مباشر 11% من مساحة اليابسة في إيران، وهي المنطقة التي يقطنها نحو نصف سكان البلاد البالغ عددهم 90 مليون نسمة.
وقد تشكلت شقوق أرضية حول مدينة برسبوليس العاصمة الفارسية القديمة وموقع نقش رستم الأثري القريب، وهما موقعان ملكيان قديمان يعود تاريخهما إلى 2500 عام.
وفي أصفهان، بدأت الشقوق تتشكل في مسجد جامع عتيق المدرج في قائمة اليونسكو للتراث العالمي وفي هياكل ساحة نقش جهان، بما في ذلك مسجد العباسي، حيث مالت أعمدته الشرقية والغربية بمقدار 5 و8 سنتيمترات على التوالي.
إعلانوقال مهدي بيرهادي عضو مجلس مدينة طهران "أصبح هبوط الأرض تحديًا هائلاً. سيؤدي غرق الأرض على نطاق واسع إلى تدمير البنية التحتية وتهديد الأرواح" إذا لم تُتخذ إجراءات عاجلة.
وكان الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان قد تحدث خلال الأشهر الماضية عن فكرة نقل العاصمة، مشيرا إلى أن خطورة ظاهرة هبوط الأرض -إلى جانب مشكلة ندرة- تجعلان من طهران مدينة "غير صالحة للسكن".
وفي محاولة لمعالجة الظاهرة، تخطّط طهران لخفض استهلاك المياه في الزراعة والصناعة بمقدار 45 مليار متر مكعب بحلول عام 2032، كجزء من الجهود المبذولة لمعالجة أزمة المياه التي تؤدي إلى تفاقم هبوط الأرض.