لا قيصر مع بوتين.. هل شرب الطباخ بريغوجين كأس السم الذي صنعه ذات يوم؟
تاريخ النشر: 24th, August 2023 GMT
خبر مفاجئ، لكنه في الحقيقة لم يكن مفاجئا لأحد، هكذا علَّق الكثيرون تفاعلا مع أنباء مقتل "يفغيني بريغوجين"، القائد السابق لمجموعة فاغنر الروسية، في حادث تحطم الطائرة التي كانت تقله رفقة 9 أشخاص آخرين، وهكذا علق البيت الأبيض الذي أخبرنا أن واشنطن سبق أن شاهدت هذه الحلقة المثيرة في المسلسل الروسي المستمر.
تقول المعلومات الأولى إن الطائرة التي أقلعت من مدينة سان بطرسبرغ متوجهة إلى موسكو نحو الساعة السادسة مساء بتوقيت روسيا، اختفت من على الرادار بعد قطع 180 كيلومترا فقط دون معرفة السبب، لتظهر صور حطامها بعد ساعة واحدة فقط دون معرفة أسباب هذا التحطم أيضا. أعلنت السلطات الروسية إثر الحادثة فتح تحقيق حول "احترام شروط سلامة الطيران"، فيما ينتظر الجميع الخبر اليقين الذي قد لا يأتي أبدا حول ما حدث حقيقة.
تناقلت وسائل الإعلام الصور الحية، مشاهد سقوط الطائرة الخاصة التي كانت ملكا لبريغوجين وهي تهوي بشكل عمودي بجناح واحد. انتشرت التكهنات والتخمينات التي غالبا ما كانت تدور حول رواية واحدة ليس لها ما يؤكدها حتى الآن، ألا وهي أن نهاية رجل فاغنر القوي -حسب أشهر الروايات حتى الآن، حيث لم يتأكد خبر مقتله حتى كتابة هذه السطور- بشكل رسمي جاءت بالضرورة بأوامر من رجل روسيا القوي، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، انتقاما من التمرد الذي قاده طباخه السابق قبل شهرين بالتمام والكمال من وفاته، الذي زعزع الجبهة الداخلية الروسية، ما أثر على أداء قواها على أرض أوكرانيا التي تخوض حربا فيها منذ 24 فبراير/شباط 2022.
ملأ المنزل مالا
"كلما زادت معرفتي بالبشر، زاد حبي للكلاب".
فلاديمير بوتين، الرئيس الروسي
قبل غزو روسيا لأوكرانيا، لم يكن بريغوجين وجها معروفا بشدة كما هو الآن، رغم أنه كان يقوم على دعم المصالح الروسية عبر تزعم مجموعة المرتزقة الشهيرة "فاغنر"، التي كانت تشارك بجندي واحد من أصل كل 5 جنود وضعوا أقدامهم في أوكرانيا بأوامر من الكرملين، كما لا يخفى على الجميع الدور الكبير الذي لعبه رجال فاغنر في مناطق أخرى مثل أفريقيا وسوريا وليبيا على سبيل المثال لا الحصر.
شكَّلت الحرب الأوكرانية الحلقة الأخيرة في مسلسل العلاقة القريبة جدا التي جمعت ذات يوم بريغوجين ببوتين، بعد أن خرج (2) الأول في أحد المقاطع غاضبا من قيادات الجيش الروسي ومن بوتين نفسه (رغم عدم تصريحه بذلك)، بسبب عدم مدّه بالأسلحة والذخيرة الكافية، وهو ما جعله يقدم رجاله المقاتل تلو الآخر كخشب للنار المندلعة في أوكرانيا وأوروبا. لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل تواصل التصعيد ليصل إلى تمرد بريغوجين وقواته إلى درجة أنهم أصبحوا على مرمى ساعتين فقط من العاصمة موسكو، قبل أن تنتهي الأزمة بوساطة من الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو الذي ضمن لبريغوجين اللجوء إلى بلاده مقابل سحب قواته.
كان بريغوجين غاضبا من الطريقة التي تعاملت بها موسكو مع قواته، وهي التي تمكنت من السيطرة على مدينة باخموت التي ظلت عصية على الجيش الروسي بسبب مقاومة الجيش الأوكراني المدعوم غربيا، لكنه في الأخير ظهر مبتسما في سيارته كأنه تمكن من لي ذراع بوتين، أو كاد. لم يكن هذا هو الخطأ الوحيد القاتل الذي اقترفه بريغوجين، الأدهى منه والأمر هو التشكيك (3) في الرواية الرسمية الروسية التي قالت في البداية إن الدخول إلى أوكرانيا يأتي للدفاع عن موسكو من النازيين الذين باتوا يهددونها، وهو ما تساءل قائد فاغنر عن مدى صحته، معتبرا أن روسيا تواجه أحد أقوى الجيوش في العالم، مُبديا تشاؤمه من المستقبل الذي لا يبدو مشرقا لموطنه الذي قد ينتهي به المطاف منهكا وضعيفا ومستنزفا.
أظهرت العديد من الصور حضور بريغوجين بوصفه طباخا للرئيس حين استقبال الأخير للرؤساء والشخصيات المهمة. (الصحافة الروسية)إذا كانت هذه النقطة هي حلقة النهاية بين بوتين وبريغوجين، فإن حلقة البداية تعود إلى سنوات التسعينيات، حينما التقى الرجلان لأول مرة بينما كانت روسيا تشهد الأيام الأخيرة للاتحاد السوفيتي، قلعة الشيوعية في العالم. ينحدر الرجلان من المدينة نفسها -لينينغراد سابقا- التي أصبحت تحمل الآن اسم "سان بطرسبرغ"، حينها كان بريغوجين يبحث عن طريق يحقق به الوعد الذي قطعه على نفسه أمام والدته بأن يملأ بيتها مالا، فيما كان بوتين يشغل منصب عمدة المدينة.
أمضى بريغوجين قبل ذلك مدة 9 سنوات في السجن بتهم الاحتيال والسرقة واستعمال قاصرات في الدعارة (4)، وخرج إلى عالم ما بعد السجن مفتتحا كشكا لبيع النقانق، لكنه بقدرة قادر، تحول إلى أحد ملّاك مطاعم علية القوم، الذين يأتون لأكل الأطباق اللذيذة وتذوق الخمور العتيقة، في هذه المطاعم التقى بعدد من رجال الدولة الروسية الذين ساعدوه بعد ذلك على مد جذوره الاقتصادية، وتقول بعض المصادر إن بوتين كان أحد زبائنه، وهنا حدث اللقاء. (5)
طرق الغنى باب بريغوجين بعد تمكن شركته "كونكورد" من الحصول على العديد من العقود العمومية لتقديم الوجبات للمدارس العامة، بالإضافة إلى تقديم التموين الغذائي للجيش الروسي نفسه (6)، والأهم من كل ذلك الإشراف على تحضير وجبات طعام المناسبات في القصر الرئاسي الروسي "الكرملين"، حيث أظهرت العديد من الصور حضور بريغوجين بوصفه طباخا للرئيس حين استقبال الأخير للرؤساء والشخصيات المهمة. تمكن طباخ بوتين من جمع الكثير من المال من هذه المشاريع، فقد كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" أن الرجل تمكن من كسب 3.1 مليارات دولار خلال السنوات ما بين عام 2013 وعام 2018. (7)
سكين سويسري كرر بوتين في أكثر من مرة وأكثر من مناسبة أنه لا علاقة لسوريا بفاغنر، وأن المرتزقة الروس لا يمثلون بلاده ولا يدافعون عن أجندتها ولا يخدمون مصالحها. (رويترز)
"ليس هناك أي شخص يمكن الحديث معه منذ وفاة مهاتما غاندي".
فلاديمير بوتين، الرئيس الروسي
خارج حدود المطبخ، حاول بوتين تجنب الظهور برفقة بريغوجين طيلة سنوات، منذ أن ترك الأخير التمويل الغذائي وتوجه للحروب والسلاح عبر قيادة عدد من الشركات العسكرية الخاصة التي تُوظف "المرتزقة"، وآخرها فاغنر التي كانت تُعَدُّ حتى أسابيع قليلة ماضية الجيش غير الرسمي لروسيا، الذي يقوم بـ"العمل القذر" الذي لا يرغب الرئيس الروسي أن يتورط فيه جيشه النظامي، خصوصا أن بريغوجين خريج سجون، يتحدث ويتصرف كالسجناء السابقين، وهو ما مَكَّنه من اقتحام السجون، والاستعانة بالسجناء أنفسهم للتجنيد في فاغنر، والاستفادة من ماضيهم الإجرامي في مناطق النزاع مقابل المال.
كرر بوتين في أكثر من مرة وأكثر من مناسبة أنه لا علاقة لروسيا بفاغنر، وأن المرتزقة الروس لا يمثلون بلاده ولا يدافعون عن أجندتها ولا يخدمون مصالحها، بل إنهم غير قانونيين في روسيا، لكن واقع الحال يقول عكس ذلك تماما، ففاغنر متورطة في العديد من البقاع التي قاتل فيها الروس من أوكرانيا إلى أفريقيا الوسطى مرورا بليبيا والسودان.
بجانب صور المقاتلين في كل هذه النقاط، هناك أمور أخرى تثبت علاقة بوتين ببريغوجين، من قبيل الوثائق التي وصلت إليها قناة "آرتي" الفرنسية ـ الألمانية التي كشفت عن أجندة مواعيد زعيم فاغنر في الفترة ما بين عامي 2012-2021، حيث سجل بريغوجين (8) خلال هذه الفترة على مفكرته 37 موعدا من "الكرملين"، و6 مواعيد مع بوتين شخصيا، و62 موعدا مع "ديميتري بيسكوف"، الناطق الرسمي لبوتين، بجانب 27 موعدا مع "سيرغي شويغو"، وزير الدفاع الروسي، و9 مواعيد مع "فاليري غيراسيموف"، رئيس الأركان الروسي ومدير عمليات حرب أوكرانيا. وللمعلومة أيضا، يُعَدُّ جيراسيموف صاحب الحبل السُّرِّي الذي يُبقي فاغنر على قيد الحياة، وهو أحد الرجلين اللذين نالا نصيبا وافرا من سباب بريغوجين في الفيديو الشهير، كما أن بعض التسريبات أكدت أن القائد الروسي كان قد بدأ بالفعل التفكير في عملية تحجيم فاغنر في أبريل/نيسان 2016، لكن الحرب الأوكرانية بعثرت الأوراق وجعلت فاغنر أكثر أهمية بكثير.
"فاليري جيراسيموف" قائد القوات الروسية ومدير عمليات حرب أوكرانيا. (الأناضول)شكَّل بريغوجين، بجانب كل ما هو عسكري، نظاما كاملا خاصا بفاغنر، نظاما يضم مخابرات داخلية تهدف إلى مراقبة أعضاء المجموعة والتدخل في حال التجاوزات، كما سبق أن حدث في عام 2017 حينما تسرب فيديو يقوم خلاله مقاتلو فاغنر بتعذيب مواطن سوري والتنكيل به قبل الإجهاز عليه وتهشيم رأسه بمطرقة اتخذها بريغوجين وفصيله بعد ذلك رمزا لهم (9). حينها تحركت المخابرات الداخلية لفاغنر ليس من أجل معاقبة الفاعلين، ولكن من أجل معرفة طريقة تسريب الفيديو، الأمر نفسه سيتكرر في بلدان أخرى من قبيل السودان وأفريقيا الوسطى حينما حاول رجال بريغوجين خنق فضائح اغتصاب قام بها المقاتلون عبر رشوة الأسر لشراء الصمت. (10)
وبينما نحن نتحدث عن المصالح الروسية، لا يمكننا نسيان إحدى أهم القضايا التي يُتهم بريغوجين بالتورط فيها، ألا وهي التدخل في نتائج الانتخابات الرئاسية لعام 2016 التي أتت بالرئيس الأميركي دونالد ترامب. وتقول التحقيقات الأميركية إن بريغوجين قاد حملة سرية على وسائل التواصل الاجتماعي تروج لدونالد ترامب وتهاجم منافسته حينها هيلاري كلينتون. (11)
فاغنر الحقيقي
"الغفران للإرهابيين هذا دور الله، أما إرسالهم إليه فهذا دوري".
فلاديمير بوتين، الرئيس الروسي
بعيدا عن بريغوجين، وبالقرب منه أيضا، وبالقرب من بوتين بالمناسبة، حملت لائحة قتلى تحطم الطائرة اسما مهما للغاية هو "ديميتري أوتكين"، صديق قائد فاغنر، والرجل الذي تعتبره بعض المصادر القائد الحقيقي للتنظيم الذي يحمل التنظيم اسمه في الحقيقة، لأن لقبه على أراضي القتال هو "فاغنر". (12)
يفغيني بريغوجين قائد فاغنر (يسار) و"ديميتري أوتكين" صديق قائد فاغنر (يمين). (الفرنسية)عندما يُذكر اسم أوتكين، فنحن لسنا بصدد الحديث عن رجل عادي، بل عن ضابط سابق في الاستخبارات العسكرية الروسية، ومعجب حد الثمالة بالرايخ الألماني الثالث وبقائده الشهير أدولف هتلر، يظهر هذا الإعجاب خلال الأوشام التي تكسو جسده، حيث نجد رمز قوات الأمن الخاصة النازية (S.S) بجانب النسر النازي الشهير. (13)
وُلد أوتكين في مدينة أسبست بمنطقة سفيردلوفسك، ودخل مدرسة كيروف العليا لقيادة الأسلحة المشتركة، وشارك في الحرب الروسية الشيشانية الأولى ثم الثانية. أُرسل إلى الحدود الروسية الإستونية للعمل في سلك المخابرات، لكنه طيلة 10 سنوات كان يحس بأن هذا العمل لا يناسبه، لأنه مقاتل يحب الميادين والدماء والبارود. سيأتي له ما أراد في عام 2013، حينما التحق بالفيلق السلافي الذي توجه للقتال في سوريا رفقة قوات الأسد، وبعد إنهاء مهمته هناك عاد المقاتل الروسي إلى بلاده قبل أن يجد عملا آخر في أوكرانيا هذه المرة خلال الحرب الروسية الأوكرانية في عام 2014، بعد أن كانت روسيا في حاجة ماسة إلى أيادٍ مقاتلة تدعم "الانفصاليين" في إقليم الدونباس. (14)
سيختفي أوتكين اختفاء كاملا ما بين العامين 2014-2016، لدرجة ستدفع زوجته للخروج في برنامج تلفزيوني لطلب المساعدة في البحث عنه. لكن في مارس/آذار 2016، سيظهر المقاتل في سوريا تحت راية مجموعة "فاغنر" لـ"مساعدة القوات السورية في مواجهة التنظيمات المسلحة" وعلى رأسها تنظيم الدولة الإسلامية، وبعد 9 أشهر، سيعود أوتكين إلى روسيا، هناك حيث سيستقبله الرئيس الروسي مقلدا إياه وسام الشجاعة، ليختفي بعدها مجددا. (15)
سيظهر اسم "فاغنر"، الشخص لا التنظيم، في عام 2023 في ثلاث مناسبات؛ الأولى حينما سيرد اسمه ضمن لائحة العقوبات الأميركية الموجهة لمقاتلي فاغنر، ثم الثانية حينما سيكون القائد الميداني لرجال فاغنر المتوجهين نحو الكرملين، ثم الثالثة حينما هوت طائرة من السماء كانت تقله مع 9 أشخاص آخرين، معلنة وفاته على أرجح الروايات حتى الآن، رفقة رفيق دربه بريغوجين، لتُنهي هذه الوفاة مسيرة جزء من تاريخ فاغنر، وتفتح الباب لأسئلة كثيرة حول حقيقة ما حدث، إلا أن شيئا واحدا يتأكد يوما بعد يوم: في روسيا لا مكان لقيصر ثانٍ مع بوتين.
—————————————————————————————————
المصادر:(1) Selon la Maison Blanche, la mort de Prigojine ne "serait une surprise pour personne"
(2) Menaces, insultes : le patron de Wagner s’en prend violemment à l’armée russe
(3) Evgueni Prigojine, chef du Groupe Wagner et dynamiteur de l’Etat russe
(4) Yevgeny Prigozhin, Russian Oligarch Indicted by U.S., Is Known as ‘Putin’s Cook’
(5) Prigojine, le meilleur ennemi de Poutine ? | ARTE
(6) من هو رئيس فاغنر يفغيني بريغوجين الذي جذب الأضواء ثم انطفأ؟
(7) Yevgeny Prigozhin, Russian Oligarch Indicted by U.S., Is Known as ‘Putin’s Cook’
(8) Sources – Les nouveaux territoires de l’information | ARTE
(9) المصدر السابق
(10) المصدر السابق
(11) Yevgeny Prigozhin, Russian Oligarch Indicted by U.S., Is Known as ‘Putin’s Cook’
(12) Groupe Wagner : que vont devenir les lieutenants de Prigojine après la mutinerie ?
(13) L’autre disparuDmitri Outkine, le fan du IIIe Reich qui a donné son surnom à «Wagner», donné mort avec Prigojine
(14) المصدر السابق
(15) المصدر السابق
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: فلادیمیر بوتین الرئیس الروسی المصدر السابق قائد فاغنر العدید من التی کانت فی عام
إقرأ أيضاً:
من هو كمال عدوان الذي سُمي مستشفى غزة باسمه؟
يتعرض مستشفى كمال عدوان منذ بدء الاحتلال الإسرائيلي اعتداءه على قطاع غزة، لقصف عنيف وكثيف وغير مسبوق، وكان آخر قصف للاحتلال أمس عندما شن الاحتلال غارات عنيفة وتسبب في سقوط الكثير من الشهداء والجرحى، فمن هو كمال عدوان الذي سُمي مستشفى غزة باسمه، بحسبما ذكرت شبكة «سكاي نيوز» البريطانية
من هو كمال عدوان الذي سُمي مستشفى غزة باسمه؟وفي التقرير التالي نكشف مَن هو كمال عدوان الذي سُمي مستشفى غزة باسمه، وأيضًا لماذا سُمي المستشفى الذي يخدم جزءا كبيرا من سكان القطاع باسمه؟
يحمل مستشفى كمال عدوان في شمال غزة هذا الاسم تخليدًا لذكرى الشهيد كمال عدوان، أحد قادة منظمة التحرير الفلسطينية البارزين، الذي استشهد عام 1973 وهو من أبناء المحافظة.
وُلد كمال عدوان، القيادي البارز في حركة فتح وعضو لجنتها المركزية، في قرية بربرة قرب عسقلان عام 1935، وعاشت عائلته النكبة عام 1948، ما أدى إلى انتقالها إلى قطاع غزة، وفقاً لما وثقته مؤسسة «خليل الوزير».
ويُشير مركز الناطور للدراسات والأبحاث الفلسطيني إلى أن والد كمال عدوان، وهو مقاول من وجهاء بربرة، هاجر مع عائلته إلى قطاع غزة إثر نكبة عام 1948، ومكثت العائلة في رفح لمدة ستة أشهر قبل الاستقرار في غزة، حيث توفي والد كمال عام 1952.
وبدأ كمال عدوان مسيرته التعليمية في مدرسة بربرة الابتدائية، بعد انتقال عائلته إلى غزة، التحق بمدرسة الرمال الإعدادية التابعة لوكالة الأونروا، ثم بمدرسة الإمام الشافعي الثانوية، وفي عام 1954، واصل تعليمه العالي في جامعة القاهرة، حيث درس الهندسة، تخصص بترول ومعادن.
وبعد مغادرته غزة عام 1955، سافر عدوان إلى مصر ثم إلى قطر، حيث عمل مدرسًا لمدة عام، وانتقل بعدها إلى السعودية عام 1958، ليعمل مهندسًا متدربًا في أرامكو بالدمام.
كمال عدوان لعب دورًا في تأسيس حركة فتحولعب كمال دورًا رائدًا في تأسيس حركة فتح، وشارك في المجلس الوطني الفلسطيني منذ دورته الأولى في القدس عام 1964، واستقال من عمله في قطر عام 1968 ليتفرغ للعمل في حركة فتح مسؤولًا عن الإعلام، مُقيمًا مقره في عمان، حيث أسس جهازًا إعلاميًا متطورًا.
وبعد أحداث أيلول الأسود، انتقل كمال عدوان إلى دمشق وبيروت حيث أعاد بناء جهاز إعلام حركة فتح، شارك في تأسيس وكالة الأنباء الفلسطينية «وفا»، وانتخب عضوًا في اللجنة المركزية لحركة فتح عام 1971، مُكلفًا بمسؤولية قطاع الأرض المحتلة (القطاع الغربي).
ويُصف مركز الدراسات والأبحاث الفلسطيني كمال عدوان بأنه مناضل كبير وواعٍ، استشهد عام 1973 في شقته بشارع فردان ببيروت، حيث قاوم مهاجميه حتى النهاية، مُصيبًا وقتلًا عدداً منهم قبل استشهاده.