زعماء "البريكس" يتطلعون لنظام دولي يُنهي الهيمَنة السّياسية والاقتصادية للغرب
تاريخ النشر: 24th, August 2023 GMT
يعتبر الاجتماع الدولي للقمة الخامسة عشر لـ “بريكس 2023″، في مدينة جوهانسبرغ بجنوب إفريقيا، محطة دولية يلقي فيها قادة المنظمة كلمة تحمل رسائل سياسية ذات أبعاد تبين في المجمل الخلفية الاستراتيجية لطموحات دول “البريكس”، كما تضع في الآن نفسه خريطة تبين توجه مُعسكر يعتبر المنافس الأكبر لهيمنة الغرب.
لا نريد حربا
وفي هذا الصدد، صرّح الرئيس الصيني، شي جين بينغ، أن محاولة تأسيس تحالفات عسكرية ستؤثر سلبا على الاستقرار العالمي، مؤكدا أن بكين لا تسعى لخوض أي صراع مع قوى كبرى.
وأكد الرئيس الصيني، خلال رسالة نقلها عنه وزير التجارة الصيني، وانغ وينتاو، في افتتاح قمة “بريكس”: “أي محاولة لتشكيل تحالفات عسكرية ستؤدي إلى زعزعة السلام والاستقرار العالميين”.
وأضاف وينتاو، نقلا عن الرئيس: “لا نريد حربا باردة جديدة ولا تكتلات تتنازع فيما بينها، وإنما نريد الاستقرار والازدهار وهذا منطق التنمية الإنسانية”.
وأكد أن “الصين لا ترغب بالدخول في صراع مع القوى الكبرى”.
وتابع: “تعلمنا الدروس من الحرب العالمية الثانية والحرب الباردة واخترنا الانفتاح من أجل التعاون مع دول العالم”.
وأشار إلى أن العالم يشهد تغيرات غير مسبوقة، والمجتمع الدولي أمام مفترق طرق والتعاون، والعمل الجماعي يجب أن يتغلبا على الخلافات والنزاعات.
تبني عملة موحدة
من جهته، عبّر الرئيس البرازيلي، لولا دا سيلفا، عن تأييده لتبني عملة موحدة “لا تحل محل عملاتنا المحلية”.
وتابع دا سيلفا: “لكي ينمو الاستثمار، يجب علينا أن نضمن نمو الثقة والقدرة على التنبؤ والاستقرار القانوني والسياسي والاجتماعي للقطاع الخاص”.
وقال الرئيس البرازيلي، إن مجموعة “بريكس” تفوقت على مجموعة السبع اقتصاديا، مؤكدا أن وجود ثلاثة أعضاء من بريكس في مجموعة العشرين يعزز الدفاع عن مصالح دول الجنوب.
وقال دا سيلفا خلال الكلمة الافتتاحية لقمة “بريكس”: “مجموعة “بريكس” تخطت مجموعة السبع من حيث الإمكانات الاقتصادية”.
نمو سريع لـ “البريكس”
من جانبه، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أن التخلص من الدولار في التسويات بين دول “بريكس” عملية لا رجعة فيها، وأن تدفق الاستثمارات تضاعف ست مرات.
وأكد بوتين أن “بريكس” تعمل على تعزيز التعاون بين الدول الأعضاء لتسريع النمو الاقتصادي.
وأوضح أن هناك تحديات أمام مجموعة “بريكس” من تقلبات أسعار الطاقة والتصرفات غير المسؤولة من عدة دول.
وقال: “روسيا من جانبها، تعمل بنشاط على إعادة توجيه تدفقات النقل والخدمات اللوجستية، إلى شركاء أجانب موثوقين؛ بما في ذلك دول بريكس”.
ربع اقتصاد العالم
في السياق نفسه، قال رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا، إن دول مجموعة “بريكس” تشكل ربع حجم الاقتصاد العالمي حيث وصل حجم التجارة البينية للمجموعة 162 مليار دولار خلال العام الماضي.
وتابع رامافوزا خلال الكلمة الافتتاحية: “دول بريكس تشكل ربع حجم الاقتصاد العالمي وخمس التجارة العالمية”.
وأضاف المتحدث ذاته أن حجم التبادل التجاري بين دول “بريكس” وصل إلى 162 مليار دولار خلال العام الماضي.
وأشار رامافوزا إلى أن مجموعة “بريكس” تعمل على تقوية العلاقات الاقتصادية بين دولها، وأن النمو الاقتصادي يجب أن تسوده الشفافية والاندماج ضمن معايير منظمة التجارة العالمية.
قمر اصطناعي لـ “البريكس”
من جانبه، اقترح رئيس الوزراء الهندي، إنشاء اتحاد لأبحاث الفضاء لمجموعة “بريكس”.
وقال ناريندرا مودي، خلال قمة زعماء بريكس:”من أجل توسيع تعاوننا الوثيق بشكل أكبر، أود أن أقدم لكم عدة مقترحات، أولها التعاون في مجال الفضاء، إننا نعمل بالفعل على إنشاء كوكبة من الأقمار الصناعية لأبحاث الطقس ورصده، فيما يخدم مصلحة العالم أجمع”.
المصدر: اليوم 24
كلمات دلالية: الصين بريكس بوتين جنوب افريقيا روسيا
إقرأ أيضاً:
كوكب الرئيس ترمب
استبق دونالد ترمب ثاني تتويج له يوم الاثنين المقبل، بإطلاق بضع قنابل سياسية كان لضجيج الزوابع التي أثارت صدى عالمياً. معروف أن تصريحات السياسيين تثير ردود فعل متباينة، لكن تأثير معظمها يتوارى سريعاً خلف سحب التطورات المتوالية.
في المقابل، واضح أن تأثير أي تصريح يصدر عن ترمب يتجاوز في العادة حدود أميركا، والدول الحليفة لها في أوروبا، ليشمل القارات الخمس، ثم إن التفاعل مع آراء الرجل المثير للجدل، سلبياً أو إيجابياً، يستمر بضعة أسابيع، وربما لأشهر، أو أكثر. ضمن هذا الإطار، ربما يجوز إدراج قنابل ترمب التالية: التحكم في قناة بنما، وتغيير اسم «خليج المكسيك» إلى «خليج أميركا»، واحتمال ضم كندا، والسيطرة على غرينلاند التابعة للدنمارك.
في تحليلها لتصريحات ترمب، أجادت سارة سميث، محررة تلفزيون «بي بي سي» للشؤون الأميركية، بقولها إن الرئيس الأميركي يريد إعادة تشكيل العالم «RESHAPING THE WORLD» على نحو يتوافق مع مبدأ «أميركا أولاً».
إلى ذلك، لعل من الجائز القول إن عالم الرئيس ترمب سوف يتشكّل كأنه كوكب خاص به، ليس بصفته شخصاً، وإنما بوصفه سياسياً ولج عالم السياسة، آتياً إليه من عوالم المال، وأبراج «البيزنس»، ودهاليز إبرام عقود غامض الصفقات، فما الذي يحول، إذَنْ، بينه وبين وضع أسس جديدة لمبادئ علاقات أميركا مع العالم كما يراها هو، بمعنى أنها ستشكل مضمون «TRUMP’S DOCTRINE»، ومن ثم تركته السياسية التي تبقى لعقود طويلة مِن بعده؟
واقعياً، وكذلك موضوعياً، ليس ثمة ما يجب أن يحول دون ذلك. على أرض الواقع، يدرك كل متابع للعلاقات الدولية أن سيد البيت الأبيض، جمهورياً كان أو ديمقراطياً، يمتلك من إمكانات التحكم ما يتيح فرض الموقف الأميركي على معظم دول العالم. أما موضوعياً، فتبدو الفرص أفضل فيما يخص وضع الرئيس دونالد ترمب، لجهة إمكانية النجاح في إعادة تشكيل ملامح العالم، وفق أسس علاقات واشنطن الجديدة مع غيرها من العواصم. يكفي تدقيق النظر في إمكانات، إلى جانب مؤهلات، وأيضاً خِبرات ومواقف أشخاص الفريق الذي سيعمل ضمن إدارة ترمب، لاستخلاص احتمال أن العالم مقبل فعلاً على دخول حقبة تختلف تماماً عن سابقاتها من حِقب التعامل الأميركي على الصعيد الدولي.
بالطبع، هذا لا يعني بالضرورة أن الرئيس ترمب سوف يستخدم قوة أميركا العسكرية بشأن تغيير خرائط العالم. إنما يستطيع ترمب إملاء شروط اقتصادية على أطراف عدة ليس بوسعها أن ترفضها، وإذا رضخت لها فسوف يتحقّق له العالم الذي يتطلع إليه.
عَبّرَ عن هذا الواقع، بشكل دقيق، جاستن ترودو، رئيس وزراء كندا المستقيل، الأسبوع الماضي، حين قال إن «كلام ترمب عن ضم كندا يهدف إلى صرف الأنظار عن الرسوم الجمركية التي يخطط لفرضها»، وفق تقرير موسع لفريق التحرير في صحيفة «إيلاف» الإلكترونية نشرته يوم الجمعة الماضي.
على أي حال، ليس من المستغرب أن يتصوّر رجل يملك إمكانات ترمب، أن بوسعه امتلاك كوكب سياسي يديره هو، وأن يسعى لاستقطاب غيره للدوران في فلكه، إما أن ينجح وإما أن يفشل، فهذا أمر يبقى برسم المستقبل.
الشرق الأوسط