نحو علم متحرر من التحيزات الغربية
تاريخ النشر: 26th, March 2025 GMT
ونحن نراجع كل شيء، منذ السابع من أكتوبر، ثمة مجال حصين أكثر من غيره تجاه المراجعة: العلم. وإن كان ثمة مجال نجى من وضعه تحت المجهر التحريري فهو العلوم الطبيعية بلا شك.
بينما نعتمد على المنصات المستقلة لاستقاء الأخبار. ونعود للأدبيات التي تطور خارج أوروبا وأمريكا، والتي تعتمد على أطر رافضة للمركزية الأوروبية، تفتقر العلوم الطبيعية لمثل هذا الجهد.
يتتبع فيلسوف العلم تريستون فيلهولت Torsten Wilholt في ورقته «التحيز و«تأثير» القيم في البحث العلمي» نماذج للقصور المعرفي الذي تتسبب به مصالح، تفضيلات، وتحيز الباحثين في تصميم التجارب، تفسير البيانات، نشر نتائج البحث. يُعتقَد على نطاق واسع اليوم أن الاعتقاد بإمكانية فصل الممارسة العلمية عن التأثيرات (المصالح، الاهتمامات، الأيدولوجيا، التحيزات) هو مجرد وهم. والانصياع لهذه التأثيرات يتم أحياناً بدرجة من الوعي والقصد، ولكنه في الغالب ضمني وصعب التحديد والاكتشاف ليس للجمهور فحسب بل للباحث بنفسه.
في الأكاديميات يظهر دور الممولين واضحاً في التأثير على البرامج ومواضيع البحث ونوع الأطروحات. بعد اعتقال (اختطاف في الحقيقة) محمود خليل (الطالب والناشط الفلسطيني) وتهديده بالترحيل، فُرض على الجامعة القبول بتغيير سياستها مقابل استعادة التمويل الفيدرالي الذي جمدته الإدارة الأمريكية، وذلك في تهديد صريح للاستقلالية الأكاديمية. شملت التغييرات بالإضافة لتضييقات تخص حرية التعبير والتظاهر وتفويض شرطة الحرم الجامعي بالاعتقالات - شمل فوق ذلك مراجعة لبرنامج دراسات الشرق الأوسط، والملتحقين به، وامتد ليشمل أقسام جنوب آسيا وأفريقيا ومركز دراسات فلسطين.
لعل التكنولوجيا تلقى نصيباً لا بأس به من النقد والتمحيص. يبرع مستخدمو الشبكات الاجتماعية في اكتشاف التحيزات الخوارزمية، والاعتراض على التطبيقات غير الأخلاقية للذكاء الاصطناعي.
رغم أن نتاجنا المعرفي شحيح، فما تزال العلوم في منطقتنا تتخذ مكاناً رفيعاً وحصيناً. ينظر إليها باعتبارها مفتاح التنمية، والسبيل الوحيد للرفاه. يتم تلقف التقنيات الجديدة دون كثير مساءلة، أو العكس تستبعد دون وجاهة خوفاً من تبعاتها الاجتماعية أو السياسية أو لدوافع الانتفاع والاحتكار ببساطة. لكنّا مقصرون كل التقصير في وضعها تحت الاختبار الأيديولوجي كمعرفة تحاول مقاربة الحقيقة.
نحتاج اليوم، أكثر من أي وقت مضى، لتناول المواد العلمية بذهنية ناقدة، والحقيقة، أنني لا أعرف عن أي مجلة أو منصة علمية في الشرق الأوسط، في أفريقيا، في آسيا، في أمريكا الجنوبية تكرس جهودها للعمل من منطلق تحرير العلم. آمل أن نضع جهدنا في تطوير أدوات تحليلية، ومنظورات عملية تساعد على القراءة الناقدة لكل لمنتجات العلم.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
السليمانية تمنع نشر الجرائم العائلية.. قرار للحد من العنف أم لإخفاء الحقيقة؟ - عاجل
بغداد اليوم - السليمانية
علق نقيب الصحفيين في السليمانية كاروان أنور، اليوم الخميس (27 اذار 2025)، على انعكاسات قرار الادعاء العام الجديد بمنع تغطية أحداث القتل والانتحار في المحافظة، مشيراً إلى أن ذلك يهدف إلى الحد من التأثيرات السلبية لهذه الأخبار على المجتمع.
وقال أنور في حديثه لـ "بغداد اليوم" إن "القرار جاء من خلال التشاور بين الادعاء العام ونقابة الصحفيين، وهناك اتفاق على عدم إبراز جرائم القتل العائلية، حتى لا تعطي دافعاً لمن يعانون من مشاكل نفسية لارتكاب الجرائم".
وأضاف أن "القرار لا تقف خلفه دوافع سياسية إطلاقاً، وهو ليس منعاً لنقل الأخبار وإنما تقليلاً لها وعدم إبرازها كي لا تؤثر في المجتمع"، مشدداً على أن "أغلب وسائل الإعلام مسجلة لدى نقابة الصحفيين، وبالتالي ستلتزم بالقرار كما وجهنا لتلك الوسائل بالتعاون".
من جانبه، أكد الباحث الاجتماعي هردي نور الدين أن الادعاء العام يرى بأن أخبار القتل والجرائم العائلية باتت تؤثر على صورة المجتمع في السليمانية
وأضاف خلال حديثه لـ "بغداد اليوم" أن "إبراز هذه الأخبار والحالات بقوة يؤثر على طبيعة المجتمع الكردي، وخاصة مجتمع السليمانية، الذي عُرف عنه الصورة النمطية بأنه مجتمع متمدن مسالم".
وأشار إلى أن "عدم نقل الأخبار ليس هو الحل، وإنما يجب إطلاق حملة واسعة للتوعية، ومحاربة المخدرات، والتعاون مع منظمات المجتمع المدني والمؤسسة الدينية، لغرض التوعية ضد هذه الجرائم".
ويوم امس الأربعاء (26 اذار 2025)،وجهت النيابة العامة في السليمانية كتاباً إلى كافة وسائل الإعلام (المرئية والمسموعة) بالامتناع عن تغطية أي أخبار ومعلومات تتعلق بحوادث القتل والجرائم، تحت طائلة اتخاذ الإجراءات القانونية ضدها.
ومن الانتقادات التي وجهها رئيس النيابة العامة بالسليمانية لوسائل الإعلام، هو إجراء مقابلات صحفية مع أقارب الضحية، وهو ما لا يعتبر جريمة فحسب، بل له تأثير سلبي مباشر على أفراد المجتمع.