هل يطيح الحوار بين سوريا ولبنان بمعضلة التهريب عبر الحدود؟
تاريخ النشر: 26th, March 2025 GMT
بيروت – أدت تداعيات التطورات الأمنية التي شهدتها قرية "حوش السيد علي" يوم 16 مارس/آذار الجاري، قرب الحدود اللبنانية السورية شمال مدينة الهرمل البقاعية، إلى رفع مستوى التواصل بين لبنان وسوريا، من تعاون أمني ميداني محدود مرتبط بهذه العقدة الحدودية، إلى مستوى سياسي أمني رفيع.
ويُجري وزير الدفاع اللبناني ميشال منسى مع نظيره السوري مرهف أبو قصرة، في العاصمة السورية دمشق اليوم الأربعاء، محادثات رسمية تتعلق بضبط الحدود المشتركة، وإقفال المعابر غير النظامية، حسب ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر أمني لبناني، علما أن النقاط الحدودية الملتبسة بين البلدين كثيرة.
وبهذا الإطار، أمل المؤرخ وأستاذ مادة التاريخ بالجامعة اللبنانية عصام خليفة من المجتمعين بحث كل المشكلات في المعابر الحدودية بين البلدين، "وعددها 36 نقطة حدودية مثبتة بالخرائط والوثائق، بما فيها مشكلة مزارع شبعا، لأن العدو الإسرائيلي يريد لهذه الإشكالية أن تبقى عالقة".
"العدو الإسرائيلي"وقال خليفة للجزيرة نت "لبنان وسوريا توأمان سياميان لا يملكان سوى الحوار والتفاوض، فالحدود بين لبنان وسوريا حدود صداقة وتعاون وليست حدود عداء".
وبينما تمنَّى نجاح مهمة الوفد اللبناني، حذّر خليفة من "شهية العدو الإسرائيلي التوسعية في الجولان ودرعا والجنوب حتى الليطاني"، وقال "إنهم يريدون المياه، فلندافع عن أرضنا بكل ما نملك، بما في ذلك الحوار البناء مع سوريا".
إعلانوتبع انتشار الجيش اللبناني في قرية حوش السيد علي يوم 20 مارس/آذار الجاري، نشر وحدات مؤلَّلة وأخرى راجلة على طول الحدود من الجانب اللبناني، بدءا من دير العشائر، مرورا بمناطق عيتا والصويرة والمصنع، وصولا إلى الهرمل.
وضغط الجيش بقوة لإقفال معابر غير نظامية، وملاحقة مهربين على طول الحدود الممتدة من سفح جبل الشيخ حتى جرود الهرمل.
"نريد أن نعيش، نحن المهربين الصغار نسعى خلف قوتنا اليومي ليس أكثر"، يقول جهاد علي (اسم مستعار)، أحد العاملين على خط تهريب عبر ممر غير نظامي بمنطقة دير العشائر بقضاء راشيا، والمتداخل نطاقها الجغرافي مع الأراضي السورية.
ويضيف "على الدولة كتم أنفاس المهربين الكبار من تجار سلاح وممنوعات، ووضع حدٍ للذين يُوظِّفون التهريب في إثارة الفتن، خاصة بعد انتصار الثورة السورية".
وتابع علي للجزيرة نت "أنا وغيري من العاملين بهذه المهنة الخطرة، ندفع ضريبة ترسيم مُلغَّم للحدود، أراده الانتداب الفرنسي للبنان وسوريا عام 1920". ويواصل أن القدر شاء أن يولدوا بهذا الشريط الحدودي الممتد على مسافة 375 كيلومترا، وأنهم وجدوا أنفسهم "وسط مهنة اختارتنا بفعل الجغرافيا المعقدة، ولم نخترها بإرادتنا".
بعد الرصد والتتبع، إدارة أمن الحدود تصادر أكثر من شحنة أسلحة مجهزة للتهريب إلى لبنان عبر طرقات برية مخصصة للتهريب في منطقة تلكلخ.#الجمهورية_العربية_السورية #وزارة_الداخلية pic.twitter.com/QpDikKVPnP
— وزارة الداخلية السورية (@syrianmoi) February 2, 2025
بدوره، يقول مختار بلدة الصويرة هياف يوسف "بلدتنا مجاورة لمعبر المصنع الحدودي، وأراضينا ملاصقة للأراضي السورية من جهة جديدة يابوس"، حيث تكثر عندنا -ككل البلدات الحدودية- معابر غير نظامية، اليوم تغيَّرت المعادلة، إذ نجح الجيش في إقفال 90% من المعابر غير النظامية".
إعلانوأضاف يوسف للجزيرة نت أنهم يدعمون إجراءات الجيش بكل قوة، ويطالبون الدولة بإيجاد فرص عمل للشبان والشابات بالقرى الحدودية لتحفيزهم على ترك مهنة التهريب "التي لم تجلب للعاملين بها سوى المشاكل، ولم تنجب للدولة إلا أزمات أمنية واقتصادية متناسلة منذ عقود"، خاصة القرى المتنازع على ملكية نطاقها العقاري، كشبعا ودير العشاير والطفيل وغيرها من قرى في الهرمل وعكار.
ومن جهته، أكد الشرطي البلدي في الصويرة أحمد عامر نجاح الإجراءات الأمنية التي بدأها الجيش والقوى الأمنية الرسمية ببلدته، واعتبر أن ضبط الوضع بالبلدات الحدودية المجاورة لمعبر المصنع النظامي، ومنها الصويرة، "تطور بارز وهام، لمسه سكان القرى الحدودية البقاعية بعيد أزمة حوش السيد علي مباشرة".
وأمل عامر، في حديثه للجزيرة نت، في تفعيل إجراءات أمنية مماثلة من الجانب السوري "لأن التهريب مشترك"، خاصة بما يتعلق بتهريب الأشخاص عبر الجبال، أو أصناف من مواد غذائية. ولعل المُغري بالنسبة للمهربين بالأمس واليوم "هو تهريب مادة البنزين من لبنان إلى سوريا، طمعا بربحٍ يلامس 7 دولارات أميركية في الصفيحة الواحدة".
يربط لبنان بسوريا 6 معابر نظامية هي:
المصنع بين بيروت ودمشق جهة البقاع الشرقي. جوسية شمال البقاع بين بلدة القاع اللبنانية والقصير السورية. معبر مطربا شرق الهرمل. معبر الدبوسية شمال لبنان. معبر تلكلخ غرب حمص مقابل وادي خالد في عكار. معبر العريضة المودي إلى طرطوس.أما المعابر غير النظامية، فلا تحصى بسبب امتداد مساحة الحدود المشتركة.
وفي السياق، يرى أحد سكان القرى الحدودية مع سوريا، ويدعى زين يوسف، أن التهريب تاريخي بين لبنان وسوريا. ويقول للجزيرة نت "هذه مسألة تحكمها الجغرافيا، لا فكاك منها بشكل نهائي".
إعلانولأن الجغرافيا مبينة على علاقات اجتماعية بين شريحة واسعة من الشعبين، يضيف يوسف "أعتقد أن ضبط وإقفال المعابر غير النظامية مسألة نسبية"، و"نأمل بتعزيز قدرات الجيش اللبناني ومعه القوى النظامية اللبنانية، كي نحد من خطر هذه الآفة".
وتوقع أن تحمل الأيام الآتية "نتائج إيجابية" على مستوى إقفال المعابر غير النظامية، وحل "كل مسببات الإشكالات الأمنية الحدودية بأي مسمى كانت، فالحوار وحده يفضي لاستقرار الوضع الأمني، ويخلق فرص عمل بعيدا من سكة التهريب".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات رمضان الجیش اللبنانی لبنان وسوریا للجزیرة نت
إقرأ أيضاً:
نقل مفاجئ للّقاء اللبناني السوري إلى جدة اليوم
برز تطور لافت أمس في ملف تعامل لبنان مع المسائل الحدودية اللبنانية – السورية. فقد تأكد أن الاجتماع الذي كان مقرراً عقده أمس في دمشق بين وزير الدفاع اللبناني ونظيره السوري وأُعلن عن إرجائه بطلب سوري اتفق على نقل موعده إلى اليوم على أن يعقد في مدينة جدة بوساطة سعودية وليس في دمشق كما كان مقرراً. واتخذ هذا التطور دلالات مفاجئة وبارزة ولو أن عقد الاجتماع الأمني في جدة لم يقترن بايضاحات كافية عن الأسباب، وفق ما كتبت" النهار".
وافادت معلومات «اللواء» من مصادر رسمية ان الاجتماع تأجل الى اليوم على أن يعقد في مدينة جدة بوساطة سعودية وسيضم الى الوزير منسى المدير العامّ للأمن العامّ اللواء حسن شقير ومدير المخابرات العميد طوني قهوجي، وهو الذي كان سيرافق منسى الى دمشق لو حصلت الزيارة. وكان الوفد سيلتقي وزير الدفاع السوري في الحكومة الانتقالية مرهف أبو قصرة، ومدير المخابرات.
وفي حين لم تحدد المصادرالرسمية طبيعة المحادثات بالتحديد، افادت مصادر عديدة اخرى ان هدف الزيارة بحث الوضع الأمني، وكيفية الحفاظ على الاستقرار على الحدود، على أن ينتج عن الزيارة آلية تواصل وتنسيق لمعالجة ما قد يحدث خلال المرحلة المقبلة على الحدود، لا سيما بعد أحداث بلدة حوش السيد علي.
وجاء في " نداء الوطن":أوساط مراقبة قارنت بين تأجيل السلطات السورية زيارة الوفد اللبناني وبين رفض سلطات النظام السابق تحديد موعد لاستقبال الوفد الذي كان شكّله الرئيس السابق ميشال عون، من أجل الاتفاق على ترسيم الحدود البحرية. وتساءلت هذه الأوساط عن سبب الرفض بعد أيام من الكلام اللبناني الرسمي حول الموعد وتوقيت واسماء الوفد والذين سيستقبلونه في سوريا. وكان عون الأول حدد اسماء أعضاء الوفد ووقّت الزيارة بعد اتصاله بنظيره بشار الأسد، ولكن الأسد ألغى الموعد في 25 تشرين الأول 2022 قبل خمسة أيام من انتهاء ولاية ميشال عون. وبقيت الحدود البحرية من دون ترسيم. وعلى رغم التوضيح السوري بأن الغاء الزيارة كان بسبب التغيير الحكومي المنتظر خلال أيام في سوريا فإن نقل اللقاء إلى السعودية يكشف عن أسباب أخرى. ولكن المفيد في هذا الموضوع هو الدخول السعودي على خط الوساطة.
وفيما رأت مصادر مطلعة على الوضع الأمني أن الهدنة على الحدود اللبنانية – السورية هشّة، حذرت عبر «البناء» من تجدّد الاشتباكات بأي وقت لغياب التنسيق بين السلطات الأمنية بين الدولتين، وتعدّد الفصائل الموجودة على الجانب السوري، وارتباط هذه الفصائل بقوى خارجيّة لها مصلحة بإشعال الوضع على الحدود وجرّ حزب الله الى معركة عسكرية.
لكن أوساط سياسية تشير الى أن الاشتباكات على الحدود كانت مفتعلة بتوجيهات خارجية لإبعاد حزب الله عن الحدود مع سورية ونشر الجيش لضبط الحدود ومنع التهريب بين الحدود لا سيما المخدرات والسلاح والمهرّبين اللبنانيين والسوريين، ما ينسجم مع تطبيق القرار 1680. لكن مصادر في اليونيفل نفت أن تكون قيادة اليونيفل قد تلقت طلباً بتوسيع صلاحياتها وانتشارها على الحدود اللبنانية – السورية.
وكتبت" الديار":لم يعد خافيا على احد ان سورية، بقيادة الرئيس احمد الشرع، لم تعتمد مقاربة جديدة او مختلفة عن السلطات السابقة تجاه لبنان، بل بقي الشرع ضمن المقاربة التقليدية السورية. وخير دليل على ذلك، محاولة التنظيمات التابعة لهيئة تحرير الشام بالاستقواء على قرى لبنانية حدودية لجعلها تحت سيطرتها، ولتتمدد شيئا فشيئا في الداخل اللبناني بهدف بسط نفوذها. انما الجيش اللبناني البطل تصدى للمجموعات التخريبية التي استهدفت قرى لبنانية حدودية، فاتحا النار عليها وموجها إليها ضربة قاسية ومؤلمة لم تتوقعها هذه التنظيمات الاصولية برئاسة الشرع.
والحال ان لبنان اليوم برئاسة العماد جوزاف عون ورئيس الوزراء نواف سلام، اكدا مرارا قولا وفعلا ان الدولة لن تقبل اي عمل ينتقص من كرامة وسيادة لبنان وشعبه. وعليه، لقن الجيش اللبناني الجماعات الاصولية السورية درسا لن تنساه، فكان لها بالمرصاد محبطا مخططاتها العدائية تجاه وطننا.