جريدة الرؤية العمانية:
2025-03-29@15:49:40 GMT

العودة لصناعة الأكاذيب الرخيصة (1- 2)

تاريخ النشر: 26th, March 2025 GMT

العودة لصناعة الأكاذيب الرخيصة (1- 2)

 

 

 

د. محمد بن عوض المشيخي **

 

القيادة العُمانية من النماذج النادرة في هذا العالم المترامي الأطراف التي نجحت في كسب ثقة العالم من الشرق إلى الغرب وقبل ذلك كله جيران الجنب في الإقليم؛ فهي تنطلق من مبادئ وقيم التَّسامح والسلام وحسن الجوار وإطفاء الحرائق ونبذ الحروب العبثية بين الدول، وقبل ذلك كله عدم التدخل في شؤون الغير، إلّا بالتي هي أحسن.

لا توجد أجندة سرية في السياسة العُمانية الخارجية منها والداخلية؛ فهي عبارة عن كتاب مفتوح للجميع، العدو قبل الصديق، وهذا عكس ما هو قائم في دهاليز عالم سياسة والقوة الغاشمة والاستحواذ على مقدرات الآخرين وحقوقهم، والتي جرت العادة أن تنطلق من البرجماتية المادية الميكافيلية بالدرجة الأولى التي تقوم على قاعدة الغاية تبرر الوسيلة، حسبما ورد في كتاب "الأمير"، بحيث تحركها المصالح والتحالفات الدولية التي تهدف إلى السيطرة على الغير، وذلك من خلال الأطماع والخلافات بين الشعوب. وهناك من يجتمع في الغرف المُغلقة لتنفيذ المؤامرات وتوزيع الأدوار الخاسرة لقلب أنظمة الحكم وتوسيع رقعة الحروب العبثية والعمل على الاقتتال بين أبناء المجتمع الواحد؛ وكذلك نشر الدعاية السوداء والفتن في كل زاوية من زوايا هذا الكون.

لكن العالم من أقصاه إلى أقصاه يدرك بالفعل أن هناك دولة واحدة اسمها "عُمان" في هذا الكوكب هي استثناء؛ لكونها تميَّزت عبر العقود بنهجها الرشيد وحكمتها المعهودة التي تنطلق من المبدأ المعروف "لا ضرر ولا ضرار". ومن هنا أصبحت مواقف السلطنة ومبادئها وقيمها الفريدة تُدرَّس في أعرق الجامعات وتحظى بالاحترام، ويتقلد سلاطينها أعلى جوائز السلام وأرفع الأوسمة في الساحة الدولية من المراكز المتخصصة بحفظ السلام العالمي، وكذلك من قادة العالم من امريكا غربًا إلى سنغافورة شرقًا؛ مرورًا بالقارة الأوروبية. والعُماني عند ما يطوف العالم يُشار له بالبنان وتنحني له الرؤوس تقديرًا واحترامًا لبلده العظيم واخلاقه التي أصبحت مدرسة يتعلم منها الآخرون حسن السلوك. وهذا ما نجده في حضورنا للمؤتمرات ومرورنا عبر مطارات العالم، وهذا بالطبع ليس بغريب على عُمان التي تشرَّفت بثناء الرسول الكريم صلى الله غليه وسلم على مكارم أخلاق شعبها منذ أكثر من 14 قرنًا من الزمن.

وعلى الرغم من هذا الإرث التاريخي العريق والحاضر المشرق، تظهر بين وقت وآخر بعض الأقلام المأجورة الرخيصة، وكذلك القليل من المطبوعات الصفراء التي تنشُر الدعاية والشائعات المدفوعة الثمن مُقدمًا على أنها أخبار صحيحة، مقابل من يدفع أكثر؛ حيث مع الأيام فقدت مصداقيتها لعدم التزامها بالمعايير الإعلامية المعروفة كالصدق والتوازن والموضوعية. وعدد هؤلاء النابحين على قارعة الطريق الذين يستهدفون هذه القلعة الشامخة والحصينة بأبنائها المخلصين ورجالها الاوفياء؛ لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة، وتأثيرهم لا يتخطى محيطهم المظلم بصناعة الكذب والافتراء. وتتلخص مضامين هذه الرسائل المسمومة والتي تصنف بأنها دعاية رمادية تخاطب العواطف والغرائز، وليس العقل والمنطق، بأن سلطنة عُمان تغض النظر عن تهريب السلاح الايراني إلى الأراضي العُمانية، خاصة من منفذ المزيونة الحدودي ثم إلى اليمن؛ حيث يزعم هؤلاء الذين ظهروا من جديد بالتزامن مع ولاية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الثانية التي اعلن فيها التهديد والوعيد للجميع؛ بهدف الابتزاز والحصول على صفقات مليارية لرفد الولايات المتحدة بمزيد من الأموال، بداية بجيران الولايات المتحدة مثل كندا والمكسيك وبنما، مرورًا بدول الإقليم مثل إيران واليمن، وصولًا إلى الصين وكوريا الشمالية. ومن المؤسف حقًا أن نجد من يكرر تلك المزاعم مرة ثانية على الرغم من البراهين والأدلة التي كشفنا عنها عام 2019 في مقال بعنوان "كيف تصنع الحروب الإلكترونية الكذب؟"؛ إذ إن جماعة "أنصار الله" لا يحتاجون في الأصل لتهريب الأسلحة عبر طرف ثالث، وذلك للأسباب الآتية:

1. معظم الأسلحة التي تستخدم حاليًا في قصف الكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة وكذلك استهداف السفن العابرة لباب المندب والمتجهة لإسرائيل؛ هي صناعة محلية في المصانع العسكرية بصنعاء وصعدة، والقليل منها تم استيراده من الجمهورية الإسلامية الايرانية.

2. اعترفت إيران بتقديم بعض الأسلحة المتطورة عبر السفن العابرة إلى الشواطئ اليمنية المفتوحة، ولا نجد أي صعوبة تُذكر من وصولها إلى جماعة أنصار الله لكونهم مسيطرين مع الاساطيل الايرانية على مناطق واسعة في بحر العرب وخليج عدن والبحر الأحمر، وبالتالي لا يحتاجون في الأصل للتهريب المزعوم.

3. أتذكر قبل عدة سنوات أنه انتشرت مزاعم وأكاذيب بأن منفذ صرفيت العُماني استُخدم لتهريب المدافع والصواريخ العابرة للقارات إلى اليمن، ولكن هذه المرة جاء نفي تلك المزاعم ودحضها من الحكومة اليمنية الشرعية من خلال محافظ المهرة القريبة من المنفذ العُماني في ذلك الوقت وهو راجح باكريت، مؤكدًا عبر تلفزيون أبوظبي الرسمي أن منفذ صرفيت لا يحتمل مرور الشاحنات الكبيرة في الاصل.

وفي الختام.. يجب أن يُدرك الجميع أن علاقة سلطنة عُمان بمختلف الكيانات السياسية في اليمن- بداية بالحكومة الشرعية التي تحظى بعلاقات طيبة مع الحكومة العُمانية، وصولًا الى جماعة أنصار الله الذين يعتبرون من المكونات السياسية الأساسية للشعب اليمني- تهدف بالدرجة الأولى إلى تحقيق السلام العادل في الجار الشقيق، الذي يُعد الحديقة الخلفية لأمن الخليج والجزيرة العربية، وقبل ذلك كله حقن دماء الشعب اليمني. وسنُوضِّح في المقال المقبل الهدف الاسمى من مد الجسور بين الاشقاء في اليمن وجيران الجنب في طهران.

** أكاديمي وباحث مختص في الرأي العام والاتصال الجماهيري

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

إعلان مهم من سفارة السودان فى ليبيا للسودانيين الراغبين فى العودة

أعلنت سفارة السودان في ليبيا أنها بصدد إعداد حصر أولي للمواطنين السودانيين الراغبين في العودة إلى بلادهم، وذلك في ضوء التطورات الميدانية الأخيرة في السودان، ودعت السفارة رعاياها إلى استيفاء استمارة مخصصة لهذا الغرض، تمهيدا لبدء برنامج العودة عندما تتوفر الظروف المناسبة.

وأعربت السفارة عن تفاؤلها بعودة الأمن والاستقرار إلى السودان بعد الانتصارات التي حققتها القوات المسلحة والقوات المساندة لها.

وفي وقت سابق، أفاد رئيس غرفة الطوارئ في مدينة الكفرة الليبية إسماعيل العيضة اليوم السبت بأن أعداد النازحين السودانيين في ليبيا تجاوزت الـ 500 ألف نازح خلال العام الماضي.

وأشار العيضة إلى تدهور الأوضاع الإنسانية في مدينة الكفرة بسبب الارتفاع المستمر في أعداد النازحين بشكل يومي.

وبدأ الصراع في العاصمة الخرطوم في 15 أبريل 2023 وسرعان ما تمدد إلى معظم أنحاء البلاد مما خلق أزمة واسعة النطاق جعلت 64% من السكان البالغ عددهم 47.5 مليون نسمة في حاجة لمساعدات غذائية.
اليوم السابع  

مقالات مشابهة

  • "صراع غير مبرر".. جنود إسرائيليون يرفضون العودة إلى غزة
  • «العُمانية للمسرح» تحتفل باليوم العالمي وتعلن عن مسابقة جديدة
  • مصر وتركيا تبحثان العودة إلى اتفاق غزة
  • إعلان مهم من سفارة السودان فى ليبيا للسودانيين الراغبين فى العودة
  • 4 خطوات للانتقال الآمن لتناول الأدوية بعد رمضان
  • «الشيخ خالد الجندي»: مصر البلد الوحيد في العالم التي سمعت كلام الله مباشرةً (فيديو)
  • الإحصاء: 0.59% ارتفاع في الرقم القياسي للصناعات التحويلية والاستخراجية خلال يناير 2025
  • مصر وقطر تبحثان جهود العودة لاتفاق وقف إطلاق النار
  • تعرف على قائمة المنتخبات التي ضمنت تأهلها مبكرا إلى كأس العالم 2026
  • العراق يوفر ملاذًا آمنًا للبنانيين الفارين من النزاع​