ملتقى ريميني ينتقل من ثقافة "العيش المشترك" لـ"مجتمع تعاوني" لمكافحة تحديات العصر
تاريخ النشر: 24th, August 2023 GMT
في رسالته العامة "جميعنا أخوة"، يتحدث البابا فرانسيس عن "الأخوة والصداقة الاجتماعية" لتحديد الهدف الذي يجب أن يدفع التزام كل إنسان لإيجاد طرق يمكن للناس من خلالها العيش والعمل معًا، وبهذه الطريقة فقط سيكون من الممكن الاستجابة بشكل "تعاوني" لتحديات مثل مكافحة تغير المناخ أو تحديد نماذج جديدة لعالم العمل، حسبما أفادت وكالة نوفا الإيطالية للأنباء.
هذا ما ظهر خلال جلسة "الأخوة كفئة سياسية.. نموذج جديد للتكوين"، ضمن فعاليات النسخة الـ44 لملتقى ريميني للصداقة بين الشعوب.
ومن هذا المنظور، تم إنشاء مجتمع الروابط للرد على دعوة البابا فرانسيس، حيث أشار فرانشيسكو أوكيتا، الأمين العام للمؤسسة البابوية "فراتيللي توتي" (جميعنا أخوة)، أحد مؤسسي مجتمع الروابط إلى أن هذا واقع "يقدم للشباب منذ عشر سنوات مكانًا للتنشئة يعمل على مواجهة تحديات المجتمع والسياسة، مع وضع الأخوة وكرامة الإنسان في بؤرة الاهتمام".
من جهته، تناول المحامي شيرو كافييرو، أحد المدافعين عن حقوق العمال، ما قاله أوكيتا ليخبرنا كيف "في مجتمع الروابط سألنا أنفسنا عما تعنيه الصداقة في عالم العمل، واكتشفنا أن هذا يعني الاقتراب من بعضنا البعض للتغلب على الصعوبات معًا".
وأخيراً، أليساندرا لونا نافارو، أستاذة تصميم وهندسة الواجهات بالجامعة التكنولوجية "دلفت" شدّدت على أنه "كما يقول البابا فرنسيس، "فقط المجتمع المتحد والسعيد هو الذي يحافظ على الرغبة في الإبداع؛ ولهذا السبب، يجب علينا دائمًا أن نجد طرقًا جديدة للعيش معًا".
قضية الساعة
تُعد حالة الطوارئ المناخية قضية الساعة بشكل خاص، الأمر الذي عبّرت عنه العديد من الأصوات، والتي غالبًا ما تتعارض مع بعضها البعض؛ ولهذا السبب، أصبح من الملح أكثر من أي وقت مضى إعادة ترتيب الأفكار وتحديد خط استراتيجي مشترك يمكن لكل جهة فاعلة من خلاله المساهمة في تنفيذ تحول بيئي حقيقي، وفقًا لوكالة نوفا.
ومن منطلق الحاجة إلى تحديد مسار موحد، عقدت النسخة الـ44 لملتقى ريميني للصداقة بين الشعوب جلسة خاصة بـ"حالات الطوارئ المناخية والتحول البيئي"، أدارها جورجيو فيتاديني، رئيس مؤسسة التبعية، وقدمها فابريزيو بيكارولو، مدير مؤسسة لومباردي للبيئة.
خلال الجلسة، أبرز جايل جيرو، الاقتصادي والأستاذ بجامعة جورج تاون في واشنطن، مدى الحاجة إلى "تغيير أنثروبولوجي ثوري، حيث قال "فقط إذا تعلمنا التعايش فيما بيننا، سنكون قادرين على التواصل مع الطبيعة أيضًا. علاقة شاملة تمهد الطريق للسعادة الحقيقية".
كما استكشفت كارلين بيتريني، عالمة الاجتماع والكاتبة والناشطة الإيطالية، ومؤسس جمعية Slow Food وTerra Madre، موضوع التحول البيئي، ملقية الضوء على أنه "يجب علينا أن نلتزم بإنشاء مجتمعات تستجيب لدعوة "كُن مسبَّحًا"، أي التحول البيئي الحقيقي المتكامل الذي يهم الإنسان برمته: من الضروري أن يصبح المجتمع المدني بدوره ذاتًا سياسية ويعمل كأداة حقيقية". بطل الرواية في هذا المقطع التاريخي".
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: مكافحة تغير المناخ حقوق العمال البابا فرانسيس
إقرأ أيضاً:
القابلية للارتزاق والابتزاز
القابلية للارتزاق والابتزاز
خالد فضل
يكثر إطلاق صفات التخوين والعمالة والارتزاق وسط السودانيين بصورة مَرَضِيّة، وبصورة كثيفة خلال هذه الحرب اللعينة، بما يجعل من الممكن وصف المجتمع السوداني في غالبيته مجتمع شبهات.
ولما كانت شؤون الحكم والإدارة العامة والسياسة والاقتصاد قد ظلت دولة بين بنادق العسكريين خلال 57 سنة من أصل 69 سنة على الاستقلال، يصبح من الضروري لأي نظر موضوعي لتلك الظاهرة أن يفترض وجود علاقة مباشرة بين المسار العسكري في التسلط والحكم وظاهرة نمو وتطور مجتمع الشبهات، وما إذا كان دوران هذه الصفات بكثافة ناجم عن حالة إسقاط، والإسقاط كما هو معلوم في علم النفس واحد من آليات الدفاع الذاتي التلقائية، ولا تعتبر تلك الآليات ظاهرة خلل نفسي إلا في حالة الإكثار منها واستخدامها المستمر كسمة ملازمة لسلوك الأفراد والمجتمعات.
المتابع في أثناء هذه الحرب المدمرة لكثير من الكتابات والحوارات والتعليقات التي ترد على أي مقال رأي أو خبر منشور على لسان أحد رموز القوى المدنية الديمقراطية تحديداً، عدم ورود أي تعليق أو نقد أو تصويب لمعلومة حول المنشور بل يتجه كثير من المعلقين مباشرة إلى إطلاق العبوات الناسفة المعبأة سلفاً، بصفات التخوين العمالة والارتزاق، حتى لو كان المنشور قصيدة مما تجود به أحياناً قريحة الأستاذ ياسر عرمان..
هل تاريخ حكم العسكرية السودانية تعتوره سلوكيات الخيانة، العمالة والارتزاق، هل هناك شواهد على فرضية كهذه؟ ولذلك تتم حالة الإسقاط كآلية دفاع ذاتي تلقائية وتحولها بالتالي إلى خلل نفسي بكثرة الاستخدام؟.
في الواقع هذا الأمر يحتاج إلى بحث علمي في مجال علم النفس السياسي والعسكري والاجتماعي، فليت بعض الباحثين الشباب من ذوي الدربة والتأهيل يفترعون دراسات موثوقة في هذا الحقل حتى تدخل ضمن خطوات إعادة تأسيس وطن جديد معافى.
في الأمثال الشعبية السائدة- على الأقل في وسط السودان- قول (الفيك بدربو وود الناس احقربو) يمكن ترجمته (بادر بطرح حالتك وإسقاطها على الآخر، ثمّ احتقره بها) ومنها القول (أب سنينة إضحك على أب سنينتين) وقديما قال شاعر عربي: لسانك لا تذكر به عورة امرئ.. فكلك عورات وللناس ألسن..
تطرأ على الخاطر بعض الوقائع التي حدثت في تاريخ الحكم العسكري في السودان، تحمل في تقديري شكوكاً معقولة حول مسألة القابلية للخيانة والعمالة والابتزاز.. منها على سبيل المثال وليس الحصر، إغراق منطقة النوبة التاريخية في وادي حلفا، ترحيل اليهود الإثيوبيين (الفلاشا) إلى إسرائيل، الرضوخ لاقتطاع أجزاء من أرض السودان، الرضوخ لابتزاز وكالة الاستخبارات الأمريكية وطرد وتسليم بعض قادة الحركات الجهادية الإسلامية الذين استجاروا بإخوتهم في التنظيم، العمل على فصل الجنوب، تكوين المليشيات والتخلي عن مسؤولية احتكار السلاح الرسمي، قتل المتظاهرين السلميين وفض اعتصامهم السلمي، إرسال بعض الوحدات العسكرية النظامية للعمل كمرتزقة في حرب خارجية. تجنيد بعض أفراد المليشيات السودانية المسلحة كمرتزقة في حروب إقليمية، تهريب بعض الموارد الثمينة والإتجار بها في أسواق بعض الدول التي يكثر الضجيج حول عمالة بعض السودانيين لها. إشاعة وابل من الإفادات المتناقضة حول طبيعة ومجريات الحرب الراهنة، القيام بالانقلابات العسكرية والإطاحة بالحكومات المدنية المنتخبة أو الانتقالية، إشعال الحرب الراهنة التي تنحصر مسؤوليتها في ثلاث مكونات عسكرية هي القوات المسلحة والدعم السريع وكتائب الحركة الإسلامية، فالمدنيون الديمقراطيون براء من اقتناء سلاح أو تكوين مليشيات مسلحة، اللهم إلا أنْ تكون البراءة من الجرم دليل إتهام كما في حالة الإسقاط، هذه بعض الوقائع تحتاج كما أسلفت إلى بحث وتقصٍّ علمي موثوق ليعلم السودانيون من الأجيال الحاضرة في أي واقع يعيشون وتتعلم الأجيال القادمة أي بلد يرومون.. وأي نمط في الحكم يستحقون والأهم من ذلك أي مجتمع إنساني ينشدون.. مجتمع الشبهات والخيانة والعمالة والارتزاق والدغمسة والغتغيت أم مجتمع الشفافية والمحاسبة والرقابة والتقدم صوب العيش في العصر الحديث.. عندها يصح إطلاق الصفات على الآخرين بسند قوي مشهود..
الوسومالابتزاز الارتزاق الاستقلال الحركة الإسلامية السودان العمالة المليشيات حكم العسكر خالد فضل