لإحياء ذكرى الفلسطينيين الذين قضوا جراء الإبادة التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة، ابتكرت المعالجة الإيرلندية المتخصصة بطب العظام، ماري إيفرز، مشروعا لتطريز أسماء الشهداء وتوثيقها بالخيوط.

 

وتقوم فكرة المشروع على تطريز أسماء وأعمار القتلى على القماش بخيوط من ألوان العلم الفلسطيني، ليتذكر العالم أن لكل ضحية من هؤلاء حياةٌ لا تُختزل في رقم.

 

نشأت إيفرز في بيئة قريبة من الشرق الأوسط، إذ قضت طفولتها متنقلةً بين عدة دول في المنطقة مثل سوريا ولبنان ومصر، بسبب عمل والدها ضمن قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة.

 

عاصرت عائلتها أحداثًا مفصلية مثل مجزرة صبرا وشاتيلا في لبنان (عام 1982)، ما جعلها شاهدة على الدمار الذي تُخلّفه الحروب في هذه البقعة من العالم.

 

وتقيم إيفرز في لندن منذ عام 1980، حيث درست طب العظام وعملت في هذا المجال لأكثر من 33 عامًا، قبل أن تضطر إلى التوقف عن عملها بعد حادث دراجة.

 

كرست الطبيبة الإيرلندية نفسها لاحقًا للنشاطات الحقوقية، لا سيما تلك الداعمة للقضية الفلسطينية، التي طالما كانت حاضرة في وجدانها.

 

وعقب اندلاع حرب الإبادة في غزة المستمرة منذ 17 شهرا أطلقت إيفرز في العام 2024 مشروع "شهداء غزة"، الذي يهدف إلى تخليد ذكرى كل من قُتل في القطاع من خلال مشروع للتطريز اليدوي.

 

في هذا المشروع يجري تطريز اسم وعمر القتلى، وتحويل كل خيط إلى فعل مقاومة يأبى النسيان، وقد استطاعت بفضل هذا العمل الإنساني أن تحشد دعمًا واسعًا من مختلف دول العالم.

 

ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 ترتكب إسرائيل بدعم أمريكي مطلق إبادة جماعية بغزة خلّفت أكثر من 163 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.

 

** حين يتحوّل الرقم إلى اسم يتغيّر كل شيء

وفي حديثها إلى مراسل الأناضول من داخل ورشتها في لندن، أوضحت ماري إيفرز أن فكرة المشروع بدأت بعدما تأثّرت بأعمال فنية للرسامة البنغالية ياسمين جهان نوبور، التي استخدمت التطريز لتوثيق تاريخ الحقبة الاستعمارية، وهو ما ألهمها لتسخّر نفس الأداة في توثيق المأساة الفلسطينية.

 

وأضافت إيفرز أنها تأثرت بعمق بفن التطريز الفلسطيني الذي تقوم به النساء منذ عقود، وتطريز الأحداث التاريخية والحياة اليومية والمآسي على الأقمشة.

 

وقالت: "حين تمنح رقماً اسماً يتغيّر شعور الناس، ذلك يساعدهم على الاتصال العاطفي مع ما يحدث، فكل خيط يمثل حياة وكل غرزة تثبّت ذكرى الشهداء، هذه الذكرى التي تأبى النسيان".

 

وتستخدم إيفرز خيوطًا سوداء لتطريز أسماء الرجال، وخيوطًا حمراء للنساء، وخيوطًا خضراء للأطفال، في إشارة إلى ألوان العلم الفلسطيني، وتؤكد أن تطريز الاسم الواحد يستغرق نحو ساعة كاملة.

 

ورغم أنها بدأت المشروع بمفردها، إلا أنه تحوّل بمرور الوقت إلى حركة جماعية تشاركية، إذ يساهم فيه اليوم أكثر من 200 شخص من مختلف أنحاء العالم، بعضهم بالمشاركة في التطريز، وآخرون بدعم المشروع بطرق مختلفة.

 

وتابعت: "لم تكن لدي خطة لعرض هذا العمل في معرض، لكن ما حظي به من اهتمام واسع جعلني أفكر جديًا في تنظيم معرض خاص للمشروع".

 

** أكثر ما تأثّرت به التعاون بين الغزيين

وأضافت ماري إيفرز أن أكثر ما يؤلمها دائمًا هو الصورة المغلوطة التي تقدّمها وسائل الإعلام عن الشعب الفلسطيني.

 

وتابعت: "كل فلسطيني عرفته في حياتي كان شخصًا لطيفًا ومهذّبًا، ولا يؤمن بالعنف ولا يربّي أبناءه على الكراهية، بل العكس تمامًا".

 

وأردفت قائلة: "المجتمع الفلسطيني مجتمع متجذّر بالإيمان ويقوم على القيم، رغم كل الفظائع التي نشاهدها على الشاشات، فإن أكثر ما أثّر فيّ هو الطريقة التي يساعد بها الناس بعضهم البعض في غزة".

 

وزادت: "الناس كانوا يحفرون بين الأنقاض، ينتشلون الجثث، ويحملون المصابين إلى المستشفيات. كان هناك شعور قوي جدًا بالتعاون وروح المجتمع، وهذا أحد أهم الأسباب التي دفعتني للبدء بهذا المشروع. أردت أن أعكس هذا النوع من التضامن، لأننا فقدناه في مجتمعاتنا".

 

وأضافت أنها لطالما أُعجبت بقوة الوعي الجماعي لدى الشعب الفلسطيني، وأن مشاهدتها لكيفية تلاحم الناس في مواجهة الفقد والدمار منحها أملًا جديدًا في الإنسانية.

 

وعن رسالتها من المشروع، تقول إيفرز: "أعتقد أن الرسالة التي أريد أن أوصلها هي أن كل إنسان له قيمة، وهو جزء من هذا العالم وله روح فريدة وحياة وتأثير، لا أؤمن بالتمييز ولا أتقبّله ولا أفهمه أصلًا".

 

وتابعت: "ما أحاول أن أُبرزه من خلال هذا العمل هو قيمة الإنسان، وأن أوقظ حس التعاطف، لأننا على ما يبدو قد نسينا أن السبيل الوحيد للمضي قدمًا في هذا العالم هو أن نكون داعمين لبعضنا البعض، وأن نكون مجتمعًا واحدً".

 

وختمت إيفرز بالإشارة إلى أن أي شخص يرغب في الانضمام إلى المشروع كمتطوّع، يمكنه التواصل عبر حساب الإنستغرام (stitch.their.names.together) أو عبر البريد الإلكتروني ([email protected]).


المصدر: الموقع بوست

إقرأ أيضاً:

تعرف على قائمة المنتخبات التي ضمنت تأهلها مبكرا إلى كأس العالم 2026

اختتمت مباريات نافذة الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" لشهر آذار / مارس 2025، بتأهل منتخب الأرجنتين مباشرة إلى نهائيات بطولة كأس العالم 2026، بعد فوزه الساحق على نظيره البرازيلي  (4-1) أمس افجر الأربعاء.

وأصبح منتخب الأرجنتين حامل اللقب، رابع المتأهلين إلى مونديال 2026، عبر التصفيات المؤهلة للعرس الكروي العالمي.

وكان المنتخب الياباني أول المتأهلين إلى نهائيات بطولة كأس العالم لكرة القدم 2026، عبر التصفيات الآسيوية.

وبات منتخب نيوزيلندا ثاني منتخب يتأهل إلى مونديال 2026، عبر تصفيات قارة أوقيانوسيا مباشرة لأول مرة، وللمرة الثالثة في تاريخه.

ولحق المنتخب الإيراني باليابان كثاني منتخب آسيوي وثالث المتأهلين إلى نهائيات بطولة كاس العالم 2026 عبر التصفيات، إثر تعادله مع منتخب أوزبكستان بهدفين لمثلهما مساء أمس الثلاثاء.

وارتفع عدد الدول المتأهلة إلى مونديال 2026 إلى 7 منتخبات فقد انضمت اليابان ونيوزيلندا وإيران والأرجنتين إلى منتخبات الولايات المتحدة الأمريكية وكندا والمكسيك بصفتها الدول المستضيفة لنهائيات بطولة كاس العالم لكرة القدم 2026.

وتشهد بطولة كأس العالم 2026 مشاركة 48 منتخبا لأول مرة في تاريخ البطولة، بدلا من النظام السابق الذي كان يقتصر على 32 منتخبا، وذلك وفقا لقرار الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا".

وتستضيف الولايات المتحدة الأمريكية الحصة الأكبر من مباريات مونديال 2026، حيث ستقام المنافسات على 16 ملعبا، منها 11 ملعبا داخل الأراضي الأمريكية.

مقالات مشابهة

  • ارتفاع حصيلة ضحايا زلزال ميانمار إلى أكثر من ألف شخص
  • ارتفاع حصيلة ضحايا زلزال ميانمار العنيف إلى أكثر من ألف قتيل
  • ارتفاع عدد ضحايا زلزال ميانمار إلى أكثر من ألف قتيل وآلاف المصابين
  • ارتفاع عدد ضحايا زلزال ميانمار إلى أكثر من ألف قتيل
  • رابطةُ العالم الإسلامي تُعزّي تايلاند في ضحايا الزلزال
  • وسائل إعلام رسمية في ميانمار: ارتفاع عدد ضحايا زلزال الجمعة إلى أكثر من ألف قتيل و2376 مصابا
  • رابطةُ العالم الإسلامي تُعزّي مملكةَ تايلاند في ضحايا الزلزال
  • مسلمو العالم يشاركون في «يوم القدس».. مسيرات داعمة للشعب الفلسطيني
  • تعرف على قائمة المنتخبات التي ضمنت تأهلها مبكرا إلى كأس العالم 2026
  • ما هي المنتخبات التي تأهلت إلى «كأس العالم 2026»؟