سودانايل:
2025-03-29@16:30:39 GMT

العقل الرعوي في الميزان (2/2)

تاريخ النشر: 26th, March 2025 GMT

الصبيان الذين تجاوزت أعمارهم العاشرة في البيئة الرعوية يعاملون كما الرجال، فتوكل إليهم مهام تنوء بحملها ظهور من هم في سنهم من أبناء الحضر، ومن المسؤوليات التي لا تخطر على بال الذين يجهلون تحديات البادية، أن من هو في العاشرة يستأمن على سلامة شقيقاته وخالاته وعماته الجائلات بين الفرقان، تجده يضرب بعصاه على الأرض ويمتشق سلاحه الأبيض ويتقدمهن في ثبات، إلى أن يوصلهن الوجهة المقصودة، ومن المصادر الغذائية الداعمة لنشاط الراعي التي يعتمد عليها اعتماداً أساسياً، اللحوم الطازجة والحليب الدافئ الدافق من ضرع الناقة والبقرة والماعزة، وبنشاطه المستمر وحركته الدؤوبة يتحول الى جسد لمدرب لكمال الأجسام، ومن مآسي دولة السادس والخمسين وظلمها للمجتمعات الرعوية، أن الماشية المصدرة عبر بوابة الخرطوم لمصر والبلدان العربية الأخرى، يسوقها رعاة مشاة من "أم دافوق" و"كبم"، من أقصى جنوب دارفور إلى "المويلح" شمال أم درمان، يسوقون الأبقار مسافة أكثر من ألف كيلو متر سيراً على الأقدام، إثراءً لعمالقة (الاقتصاد الوطني) بالثروة الحيوانية، هؤلاء العمالقة الذين لا يرون فرقاً بين الرعاة وأنعامهم، فيعاملونهم والأنعام على حد سواء، وذات المعاناة يكتوي بنارها رعاة الإبل وهم يكابدون مشاق رحلات قوافلهم المتجهة الى أسواق دولة ليبيا وسوق "أم بابة" بمصر، تصور أن السودان الذي يحظى بثروة جبّارة كهذه، يلازمه الفشل المقيم في أن يوفر والسائل الحديثة لنقل آلاف رؤوس الأبقار والإبل إلى موانئ التصدير، هذه الإبل والأبقار المدرة لتريليونات الدولارات للخزينة العامة، فقطاع الاقتصاد الحيواني يرعاه العقل الرعوي، الذي اصبح مصدراً للسخرية من صفوة المجتمع المتخمة بلحومه واجبانه والبانه.


البيئة الرعوية إنسانها مستقل وغير قابل للابتزاز، ويعتمد كلياً على ثرواته التي هي ملك خالص له لا يشاركه فيها أحد، ومما زاد استقلاليته انقطاع الخدمات الحكومية عنه، فأصبح لا يرى ما يدعو لأن يهاب السلطة أو يخضع لابتزازها، لأن حياته بالكامل لا دخل لمؤسسات الحكم بها، كما قال الناشط الرعوي إدريس محمد سعدان: لم ننتبه لدور الحكومة إلّا بعد هذه الحرب، لقد كنا سائرين في "المرحال" لا شأن لنا بمن أو كيف يحكم السودان، حتى اندلعت الحرب فعلمنا بأننا وأبنائنا وأحفادنا لم نكن أصلاً مدونين بالسجل المدني، ولا شيء يجمعنا بالجوازات إلّا حج البيت بعد أن نيمم وجوهنا شطر مكة المكرمة. إنّ ثورة المهمشين المندلعة في منتصف أبريل أدخلت شريحة سكانية عظيمة، كانت الأكثر تهميشاً من المهمشين أنفسهم إلى مسرح الفعل السياسي، فلك أن تسرح بخيالك لتجرد حساب هذه المجتمعات الواسعة الممتدة عبر حزامي السافانا والصحراء، لتحسب كم من السنين أضاعتها دون أن تحصل على حقوقها من الدولة، وهي الأكثر رفداً للاقتصاد بالثروات الرأسمالية العالمية المنافسة، وأن يكون حظها من الدولة السخرية والاستصغار والإساءة والاستحقار، وحينما أطل الفارس الرعوي على المشهد، كال النخبويون الصفويون الخرطوميون الأوصاف الحاطّة من قدره كإنسان، دون الارتكاز إلى مرجعية أخلاقية أو دينية، ناهيك عن الحملة الشعواء التي شنها منعّمو المركز بحق شرف نساء ورجال البادية.
انعكاسات مخرجات العقل الرعوي طغت على المشهدين السياسي والاقتصادي بشكل أكبر، فبعد دخلت منطقة الشرق الأوسط الحرب، اكتشف أهل البداوة في جزيرة العرب أن هنالك رهط لهم ذوو بأس شديد، انداح حمضهم النووي بين سكان القارة الأم مهد الإنسان الأول، فانتج مزيجا أتى بطفرة وراثية حيّرت علماء الجينيوم والأنثربولوجيا ، فاستنجدوا بهم حين حمي الوطيس ووجدوهم على قدر (الحزم) والعزم، فكانوا المعادل الوازن في الحرب المهددة لمركزية الأمة، لم يقف المردود الفاعل للقيمة البشرية لرعاة أفريقيا عند المدافعة عن المركزية، بل ذاع صيتهم في الأوساط الأوروبية فكانوا خير يد يعتمد عليها في وقف المد البشري المهاجر كأمواج البحر للقارة العجوز، إنّ ظاهرة طغيان أثر المكونات الرعوية ودورها المشهود على الساحتين العربية والأفريقية، يفرض على المهتمين ومراكز البحوث البت في وضع الدراسات الرافعة من شأن الوضعيتين الاقتصادية والسياسية، لهذه الكيانات السكانية ذات الإرث الواحد والمساهمة بنصيب الأسد، في اقتصاديات البلدان التي يغطيها الحزامان الصحراوي والمطري (السافانا). إنّ الولايات المتحدة الأمريكية أسسها رعاة البقر، والحضارات الإنسانية كصيرورة تاريخية دائماً يبنيها الرجال الأقوياء، القادرين على إحداث الاختراق التاريخي، فالتناول الناقد للعقل الرعوي من منظور الانحياز الديموغرافي يجافي الحق ويعادي الحقيقة.

إسماعيل عبد الله
ismeel1@hotmail.com

   

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

8 تمارين صباحية بسيطة تحسّن الذاكرة والتركيز

المناطق_متابعات

لا شك في أنه يمكن شحذ العقل وتنشيط الذهن بهدف تحسين الذاكرة والتركيز من خلال ممارسة بعض التمارين الصباحية البسيطة، وفق ما أكدت عدة دراسات علمية سابقا.

وهو ما كررته مجددا دراسة جديدة مقدمة جملة نصائح نافعة لتحسين الأداء الإدراكي بشكل عام، وفق ما نقل موقع Economic Times، من بينها

1. تمارين بدنية بلمسة معرفية

إذ يمكن الجمع بين تمارين خفيفة كاليوغا أو التمدد والأنشطة العقلية، كالعد التنازلي، خصوصا أنها تُحسّن الحركة الجسدية الدورة الدموية، بينما تُعزز التحديات المعرفية حدة الذهن وتنسيقه.

2. القراءة بصوت عالٍ

كما يمكن للقراءة بصوت عالٍ أن تؤثر على المسارات البصرية والسمعية، مما يُحسّن الفهم والمفردات وحفظ الذاكرة.

لاسيما أنها طريقة فعّالة لبدء اليوم بتركيز وتعليم وتنشيط الدماغ.

3. الحساب ذهنيًا

كذلك يمكن لتحدي العقل بحسابات ذهنية بسيطة، أن يُحفّز التفكير العددي ويُقوّي الذاكرة قصيرة المدى، مع تحسين التركيز وقدرات حل المشكلات في الحياة اليومية.

4. تدوين اليوميات

كذلك فإن تدوين اليوميات ينظّم الأفكار ويُعزّز التأمل الذاتي ويُحسّن الذاكرة. إن كتابة الخطط والمهام وقائمة الامتنان كل صباح تُحسّن التركيز وتُهيئ عقلية مُثمرة طوال اليوم.

5. التدرب على التصور

إلى ذلك، يمكن لممارسة طريقة إغماض العينين والتدرب ذهنيًا على المهام أو استرجاع تفاصيل مُحددة أن يُقوي التصور والذاكرة ويُعزز التركيز ويبني الثقة اللازمة لتحقيق الأهداف بوضوح وعزيمة.

6. تعلم مهارات جديدة

ومن الخطوات الجيدة أيضًا محاولة تخصيص بضع دقائق يوميًا لتعلم مهارة أو كلمة أو معلومة جديدة، إذ إنها تُقوي هذه الممارسة الروابط العصبية وتُنمّي الفضول الإيجابي وتُحسّن قدرة الدماغ على الاحتفاظ بالمعلومات مع مرور الوقت.

7. حل الألغاز

كذلك تُحفّز ممارسة سودوكو أو الكلمات المتقاطعة أو ألغاز الصور المقطوعة الدماغ وتُعزز التفكير المنطقي والذاكرة والانتباه.

ويدعم حل الألغاز بانتظام أيضا المهارات في حل المشكلات ويُحسّن خفة الحركة الذهنية.

8. التنفس الواعي أو التأمل

كما يمكن التركيز على ممارسة التنفس البطيء والعميق لمدة 5-10 دقائق. تساعد هذه الممارسة البسيطة على تقليل التوتر وتعزيز الوضوح وتشحذ التركيز من خلال تهدئة العقل وتحسين الأداء الإدراكي العام.

الجدير ذكره أن دراسات عديدة كانت تحدّثت عن أهمية الرياضة في حياة الأفراد وتأثيرها على صحة العقل والذهن والذاكرة.

مقالات مشابهة

  • فيديو.. مستوطنون يوسعون فلسطينيا وابنه ضربا في مسافر يطا
  • 8 تمارين صباحية بسيطة تحسّن الذاكرة والتركيز
  • القدس المنسية: المدينة التي تُسرق في ظل دخان الحرب الإسرائيلية على غزة والضفة
  • الرئيس اللبناني: لن نسمح بتكرار الحرب التي دمرت كل شيء في بلادنا
  • إصابة 5 مواطنين خلال اعتداء مستوطنين على رعاة الأغنام جنوب الخليل
  • الأوهام البصرية وخدع العقل هل يمكن تفاديها؟
  • برج الميزان| حظك اليوم الجمعة 28 مارس 2025.. خلافات مع شريكك
  • إنفوغراف.. أبرز قادة حماس الذين اغتالتهم إسرائيل بعد استئناف الحرب على غزة
  • شيخ العقل دعا المسؤولين لاعتماد مبدأ الكفاءة في التعيينات
  • توقعات الأبراج وحظك اليوم الأبراج الخميس 27 مارس 2025: برج الميزان.. خبر محزن يقلقك