من مُقتنيات وأعمال فنية وهندسة معمارية أيقونية، يأخذنا متحف اللوفر أبوظبي في رحلة فنية عبر العصور والمدارس المختلفة من خلال معارضه المؤقتة التي تُضفي حيوية على الإبداع العالمي مما يخلق تجربة ثرية يتمتع بها كل زائر.

 

 


"ملوك إفريقيا وملكاتها: أشكال الحكم ورموزه"
يعمل فريق عمل متحف اللوفر أبوظبي على تماشي ثيمات المعارض المؤقتة مع موضوعات صالات العرض الدائمة بما يُسهم في تحقيق السرد الأوسع وتعزيز مهمة المنطقة الثقافية في السعديات الرامية إلى تعزيز التنوع والمساواة الثقافية وإلهام الحوار والإبداع ودفع الابتكار في جميع أنحاء المنطقة وخارجها.


وآخر معارضه اليوم "ملوك إفريقيا وملكاتها: أشكال الحكم ورموزه" الذي يُتيح لزواره أثناء التجول في أرجائه فرصة التعرف على القصص التي تحكيها كل قطعة من الكنوز الفنية والمنحوتات والمجوهرات والأزياء الملكية، والتي لا تقل سحرًا عن مهارة التصميم الإبداعية التي تدعو إلى التأمل في كل تفاصيلها، فهي تُجسّد الصلة الوثيقة بين الفن والقوة والهوية في جميع أنحاء إفريقيا.
وليس ذلك فقط، بل إن معرض "ملوك إفريقيا وملكاتها" – بموقعه في صالة العرض المؤقتة المصممة لتنظيم المعارض المؤقتة ضمن أفضل المعايير الدولية – يُجسد أروع الأمثلة على التخطيط الدقيق، ووجود أمناء المتحف أصحاب الخبرة التنظيمية،والدقة المنطقية، التي تنطوي عليها كل المعارض التي تُقام في متحف اللوفر أبوظبي.
وبموجب هذه المسؤوليات فإن الدكتور غيليم أندريه القائم بأعمال مدير إدارة المقتنيات الفنية وأمناء المتحف والبحث العلمي، وعائشة الأحمدي، مساعد أمين متحف للفن الحديث المعاصر في اللوفر أبوظبي، يدركان جيدًا وعن كثب مدى ضخامة وأهمية هذا المعرض.
وفي هذا الإطار، تُوضح عائشة الأحمدي – الفنانة التي كانت مشاركة في برنامج المجمّع الثقافي للإقامة الفنية قبل الانضمام إلى فريق أمناء متحف اللوفر أبوظبي – أن "فكرة إقامة المعارض دائما ما تُطرح قبل عدة سنوات من وصول أي أعمال فنية إلى صالات العرض".. وقالت: "إن الأمر يبدأ بالفكرة التي يبتكرها منسقو المعرض، ثم نعمل مع المؤسسات الشريكة لوضع الملخص الشامل بشأن تنظيم المعرض، وبعد إعداد الملخص، يختار الفريق أعمالًا فنية ذات صلة من مجموعات دولية وإقليمية، غالبًا ما تتضمن أعمالًا من اللوفر أبوظبي والمتاحف الأخرى في المنطقة الثقافية في السعديات".

 

 

 

وأوضح غيليم أندريه، صاحب الخبرة الكبيرة في مجال أمناء المتاحف والحائز على جوائز، والذي يتمتع أيضا بخبرة تتجاوز عقدين من الزمان في العمل بمتاحف، اللوفر أبوظبي، ووكالة متاحف فرنسا، والمتحف الوطني للفنون الآسيوية – غيميه، باريس: " نحن نقوم بوضع تخطيط مسبق لإقامة معارضنا بفترة زمنية تتجاوز خمسة أعوام، والكلمة الرئيسية التي تتشارك فيها جميع هذه المعارض هي (التنوع)".. قائلا: "بالتعاون مع دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي وشركائنا، وبدعم من اتفاقية اللوفر أبوظبي الحكومية، نهدف إلى جمع أكبر عدد ممكن من المعروضات التي تربط بين الثقافات والتسلسلات الزمنية".
وأشار أندريه إلى أنه من هذا المنطلق، يتنوع كل معرض بين كونه أحادي الموضوع، يُمثل عمل فنان واحد، أو يتطرق إلى مواضيع وشعارات فنية، أو معرض جغرافي، كما هو الحال في معرض "ملوك إفريقيا وملكاتها".. قائلًا: "نحن دائما في صدارة الأحداث التي تتم في دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي، ولذا فإننا نسعى إلى ربط ما يحدث محليًا والمواضيع المتعلقة بالمنطقة بإطارنا السردي في متحف اللوفر أبوظبي".
وأكد أندريه أنّه بعد تأمين الأعمال الفنية، يُقوم فريق العمل بأخذ القياسات الخاصة بكل معرض، مُستعينًا بمصمم ديكور لتحديد أفضل طريقة لعرض كل قطعة مع ضمان سلاسة العرض.. موضحًا: "رغم امتلاكنا مساحة كبيرة تبلغ 1400 متر مربع، فهي ليست مناسبة دائمًا.. فعلى سبيل المثال، لم نتمكن قط من جمع ما يكفي من لوحات فان جوخ لملء المعرض، لذلك علينا التكيف بإبداع، بينما تتطلب المعارض ذات الطابع الموضوعي، مثل "ملوك إفريقيا وملكاتها" أو "التنين والعنقاء"، مساحة أكبر".

 

 


معرض "التنين والعنقاء - قرون من الإلهام بين الثقافتين الصينية والإسلامية"
وأشار أندريه إلى أن معرض "التنين والعنقاء - قرون من الإلهام بين الثقافتين الصينية والإسلامية"، والذي أُقيم في 2021-2022، سمح للفريق باستغلال الارتفاع الهائل للمعرض، مستخدمين "جدرانًا" قماشية لإضفاء لمسة درامية على المعروضات والتلميح إلى ما هو آتٍ - لا سيما تنين ورقي عملاق في المنتصف لتوحيد السرد. وفي الوقت نفسه، التقطت تقنية الواقع الافتراضي خطوات الزوار، وأظهرت العديد من الرسوم التوضيحية الجديدة على الأرض أثناء سيرهم.. متابعًا: "في الواقع، لاقت معارض اللوفر أبوظبي استحسانًا كبيرًا، لدرجة أن العديد منها سافر، أو سيسافر، إلى متاحف أخرى في الخارج، بما في ذلك "نجوم بوليوود" (2023) و"كارتييه.. الفن الإسلامي ومنابع الحداثة" (2023-2024)".

 

معرض "ما بعد الانطباعية"
وتعمل الفنانة عائشة الأحمدي حاليًا على معرض استعادي مثير لعام 2026، وسيتم من خلاله إبراز الأعمال الكاملة لفنان من المتوقع أن يجذب الآلاف من الزوار من مُحبي الفن المعاصر. وقد اختتمت مؤخرًا معرض "ما بعد الانطباعية: ما وراء المظاهر"، وهو معرض شخصي متميز، حيث تمكن من استقطاب أكبر عدد من الزوار على الإطلاق لمعرضٍ مؤقتٍ في المتحف.

أخبار ذات صلة الإبداع.. جسر إنساني يعيد تشكيل الجمال اختبار بنكهة كوميدية.. الذكاء الاصطناعي ينافس البشر في الحس الفكاهي

وتعليقاً على هذا الإنجاز، تقول الأحمدي: "أعتقد أن سر نجاح معرض "ما بعد الانطباعية" يكمن في استقطابنا لأعمال فنية لفنانين مرموقين مثل فان جوخ وسيزان وجوجان، وهي أعمال لم تُعرض من قبل في المنطقة". وتُضيف: "يُمثل استقطاب أعمال فنية من أماكن أخرى تحديًا كبيرًا، لكننا نسعى دائمًا إلى استقطاب مواضيع متنوعة وأسماء لامعة". ولتوضيح التأثير الثقافي الواسع لما بعد الانطباعية خارج أوروبا، ضمّ المعرض أيضًا أعمال الفنان المصري جورج حنا صباغ.
وأكد أندريه أن ما يتميز به متحف اللوفر أبوظبي عن غيره من المتاحف العالمية هو أن معارضه المؤقتة تُقام وتُنظم بطريقة فريدة من نوعها، حتى وإن طُرِحَ موضوعها في مكان آخر، ويقول أندريه: "نبحث دائمًا عن منظور جديد. هذا مهم للغاية، فهو وسيلة لترسيخ مكانة أبوظبي على الخريطة العالمية ورواية هذه القصص من منظور الإمارة، خاصةً عندما نتمكن من إشراك فنانين إماراتيين، كما فعلنا في معرض "حكايات الورق وأسراره" الذي أُقيم عام 2022".

وعلى الرغم من أن إقامة مساحات متناسقة وجمالية تُحسّن تجربة العرض، أحد السمات المميزة لمتحف اللوفر أبوظبي، إلا أن الزوار لا يدركون التحديات التي يواجهها الفريق.. فعلي سبيل المثال هم يبذلون قصارى جهدهم بداية من تسلم الأعمال الفنية في الثالثة فجرًا، والعمل على تجهيز المعرض طوال الليل، فالفريق دائمًا في سباق مع الزمن.. وفي هذا الإطار تقول الأحمدي وهي مُبتسمة: "لا أعتقد أننا فوّتنا افتتاح معرض من قبل، وسنبذل قصارى جهدنا دائمًا لإقامة معارضنا في الموعد المُعلن".

 

 


وبالنسبة للأحمدي، أيضًا فإن متعة عملها الحقيقية تكمن في ليلة الافتتاح، حيث تتجول في أرجاء المعرض دون الكشف عن هويتها، وتلمس ردود الفعل الإيجابية من قبل الزوار. وتقول وهي مُبتسمة: "عندما تنبض الأعمال بالحياة، تستمع إليها وتفكر: نعم، لقد كان كل هذا العمل الشاق يستحق كل هذا العناء".

فيما يشعر أندريه بأن أعظم مكافأة هي رؤية الوجوه المبتسمة للزائرين الصغار، الذين يُمنحون تنسيقًا مُيسرًا وسهلًا من خلال المعارض، من خلال توفير الملصقات الخاصة بهم والأجهزة التفاعلية التي تُساعدهم على فهم وإدراك ما يشاهدونه من أعمال لأشهر الفنانين العالميين.. ويقول أندريه: "عندما أرى الأطفال يبتسمون، فهذا يعني أننا حققنا الأهداف التعليمية والترفيهية التي وضعناها.. إنهم دائمًا جمهورنا الأهم، لأنهم مستقبلنا".
مادة إعلانية

 

 

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: المنطقة الثقافية متحف اللوفر أبوظبي الإبداع متحف اللوفر أبوظبی أعمال فنیة أعمال ا دائم ا التی ت

إقرأ أيضاً:

افتتاح معرض ثقافة المخطوطات من نَزْوَى إلى غوتا

نَزْوَى، "العُمانية": افتُتِح الأربعاء في جامعة نَزْوَى معرض “ثقافة المخطوطات من نَزْوَى إلى غوتا: مقاربات بين الماضي والحاضر”، الذي يُنظَّم بالتعاون مع مكتبة غوتا البحثية التابعة لجامعة إرفورت الألمانية، ويُعد الأول من نوعه في العالم العربي، تنظّمه المكتبة الألمانية خارج حدودها.رعى حفل الافتتاح معالي الدكتور محمد بن سعيد المعمري وزير الأوقاف والشؤون الدينية، بحضور سعادة السفير ديرك لولكه سفير جمهورية ألمانيا الاتحادية المعتمد لدى سلطنة عُمان، وعدد من الأكاديميين والمهتمين بالتراث الثقافي والمخطوطات. ويستمر المعرض خمسة أيام، ويضم بين أروقته مخطوطات نادرة يعود بعضها إلى أكثر من اثني عشر قرنًا، إلى جانب برنامج علمي يتضمن محاضرات وورشًا نقاشية تسلّط الضوء على أبرز الممارسات الحديثة في صيانة المخطوطات ورقمنتها، والتقنيات المستخدمة في حفظ هذا الإرث الإنساني. وأكد الدكتور سعود بن سعيد الحديدي رئيس قسم اللغة العربية بجامعة نَزْوَى أن تنظيم المعرض يُجسِّد البُعد الحضاري للمخطوطات العربية، ويعكس عمق الشراكة المعرفية بين المؤسسات الأكاديمية في الشرق والغرب، مشيرًا إلى أن الجامعة ماضية في دعم البحث العلمي وتعزيز الحوار الثقافي بما يواكب تطلعات رؤية عُمان 2040.من جهته، أشار الدكتور خير الدين محمد عبد الحميد، رئيس شعبة اللغة الألمانية بجامعة نَزْوَى والمشرف على تنظيم المعرض، إلى أن المعرض يُعد نافذةً مهمّة على التراث العربي والإسلامي المحفوظ في المكتبات الأوروبية، وقد رافقه برنامج علمي متكامل تناول قضايا متعددة ذات صلة بعالم المخطوطات.وتضمّن المعرض عروضًا علمية من مشاريع بحثية، منها مشروع “قلموص” ومشروع “بيبليوتيكا أرابيكا”، كما نُظِّمت ندوة بعنوان “المخطوطات في العصر الرقمي: من الرقمنة إلى الربط العالمي”، وسلسلة محاضرات حول نشأة مجموعة المخطوطات الشرقية في مكتبة غوتا. وأشادت الدكتورة هندريكه كاريوس، نائبة مديرة مكتبة غوتا البحثية، بأهمية المعرض ومكانته بوصفه أول معرض تنظمه المكتبة في المنطقة العربية، معبّرةً عن تقديرها للجهود التي بذلتها جامعة نَزْوَى لإنجاح هذا الحدث المعرفي.وقد اطّلع معالي الدكتور راعي الحفل والحضور على المعروضات العلمية التي توثق للقيمة التاريخية للمخطوطات العربية والعُمانية، وما تمثّله من إرث حضاري يُسهم في حفظ الهوية الثقافية وتعزيز التبادل العلمي.

مقالات مشابهة

  • محاربون وعلماء وسلاطين في معرض المماليك بمتحف اللوفر
  • تنظيم معرض خاص بالمنتجات الجزائرية بنواكشوط في موريتانيا
  • افتتاح معرض ثقافة المخطوطات من نَزْوَى إلى غوتا
  • اهتمام كبير بالطفل في معرض أبوظبي للكتاب والمدارس تنظم جولات تثقيفية لتلاميذها
  • وفد من شرطة أبوظبي يتجول في معرض أبوظبي الدولي للكتاب
  • تنظيم معرض ملابس لدعم 450 أسرة بـ5 قرى ببني سويف
  • جديد معرض أبوظبي الدولي للكتاب بالأرقام
  • تحت رعاية رئيس الدولة... عبدالله بن زايد يفتتح الدورة الـ34 من معرض أبوظبي الدولي للكتاب
  • «أبوظبي الدولي للكتاب» يحتضن ركن «ظلال الغاف»
  • أبوظبي للكتاب.. متحف زايد الوطني يحتفي بالإرث الغني للدولة