موقع 24:
2025-05-01@08:50:20 GMT

صناعة الفوضى

تاريخ النشر: 26th, March 2025 GMT

صناعة الفوضى

قرأت تصريحاً مستفزاً للغاية لمستشار اﻷمن القومي اﻷمريكي مايك والتز، قال فيه نصاً: "إن إدارة الرئيس دونالد ترامب ورثت حالة من الفوضى حول العالم، لا سيما في الشرق اﻷوسط من قبل سلفه جو بايدن"، ومبعث الاستفزاز والاستغراب معاً أن المسؤول الأمريكي رفيع المستوى تجنب اطلاعنا على المتسبب في هذه الفوضى العارمة والمأساوية التي يشتكي بمرارة من توابعها وأعراضها الجانبية المباشرة وغير المباشرة.

 

فهو سيحجم بلا شك عن الاعتراف بأن الولايات المتحدة كانت سبباً جوهرياً في استشراء الفوضى بعالمنا، وأن لها باعاً طويلاً في صناعتها، ولعل المثال اﻷبرز واﻷشهر كانت كوندوليزا رايس وزير الخارجية الأسبق، التي بشرتنا في تسعينيات القرن العشرين بما اسمته "الفوضى الخلاقة"، وهما أمران يصعب اجتماعهما معاً، ﻷنهما نقيضان، وجرى تطبيقها بفجاجة في منطقتنا بتدخلات وسياسات قادت لتقويض وتخريب أسس الدولة الوطنية بعدة دول، منها العراق وسوريا وأفغانستان، وأجهضت كثيراً من التجارب الديمقراطية الواعدة في أرجاء المعمورة، وضربت في مقتل الجيوش الوطنية التي سعت لتفكيكها واستبدالها ميليشيات مسلحة منفلتة، لا تعرف الضبط والربط ولا النظام وتحتكم لسلاحها في كل كبيرة وصغيرة وشاردة وواردة.

وإن وجهنا أنظارنا صوب الحاضر راجين منه الإجابة عن تساؤلي التالي: مَن الذي يمنح إسرائيل شيكاً على بياض لفعل ما بدا لها وبرعونة منقطعة النظير، دون أن تعبأ باحترام القوانين واﻷعراف الدولية المتعلقة بالمناطق المحتلة، وحقوق شعوبها المكفولة في الحصول على أدنى الخدمات التي تمكنهم من العيش في ظل حياة كريمة من كهرباء، ومياه نظيفة صالحة للشرب، ومستشفيات يتلقون فيها العلاج، وحرية الحركة والسفر، وعدم استخدام اﻷسلحة المحرمة دولياً، أو استباحة سيادة دول الجوار، واحتلال أجزاء منها بحجة حماية حدودها؟

وهل ما سلف ليس باعثاً على شيوع الفوضى، وإثارة اﻷحقاد والضغائن والرغبة في الثأر من دولة تعتبر نفسها فوق القانون والمحاسبة؟ ومَن الذي يتكفل عن طيب خاطر بتبرير أفعالها ويوفر لها مظلة حماية داخل المنظمات والهيئات الدولية ويؤمنها من المساءلة وفرض العقوبات مثلما تفعل مع اﻵخرين، وتنجو من العقاب على جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والاعتداء على دور العبادة والمقدسات الإسلامية بالقدس المحتلة وبقية الأراضي الفلسطينية المحتلة، بخلاف تنكر تل أبيب لحل الدولتين كركيزة لإنهاء الصراع المزمن في الشرق الأوسط، الذي يؤثر على الاستقرار والأمن الدوليين.

أيضاً مَن الذي أشعل فتيل حرب اقتصادية سوف تتسع رقعتها بزيادة التعريفات الجمركية اﻷمريكية على السلع والبضائع القادمة من دول الإقليم والقارة اﻷوروبية، ويدعو لضم كندا لتصبح ولاية أمريكية وشراء جزيرة "غرينلاند" ولتهجير الفلسطينيين من أرض آبائهم وأجدادهم، بذريعة إعادة بناء قطاع غزة وتحويلها إلى ريفييرا يقصدها اﻷثرياء والوجهاء في العالم، للاستمتاع بأجوائها الخلابة، وبالنسبة لسكانها الأصليين فليتم تهجيرهم بلا ضوضاء لإسعاد إسرائيل.

وليتحل المسؤول اﻷمريكي الكبير بقدر من الصبر والهدوء ليخبرنا عمَن يعطي ظهره للتحالف الممتد منذ عقود بين واشنطن والحلفاء اﻷوروبيين ويتصرف من قاعدة المن، وأن أوروبا لن تقدر على مواجهة التحديات اﻷمنية بدون أمريكا، وأن حلف شمال اﻷطلنطي "الناتو" لا يساوي أي شيء بدونها، وهو ما تسبب في فوضى سياسية عارمة بالعلاقات اﻷمريكية-اﻷوروبية ومرشحة لمزيد من التدهور في الفترة المقبلة، ما دام ترامب يواصل حملاته وتصريحاته غير الدبلوماسية مع حلفاء بلاده اﻷقربين بالقارة العجوز. 

تلك هي الحقائق الماثلة أمام أعين الجميع، وعوضاً أن يكون الصادر من واشنطن محفزاً وباعثاً على التخفيف من حالة الفوضى التي تحدث عنها مستشار الأمن القومي الأمريكي، فإن الحاصل على العكس تماماً، لأن الإدارة الأمريكية تتصرف بطريقة وأسلوب يشجع على دعم صناعة الفوضى، وفتح ثغرات وفجوات أكثر في النظام الدولي المهترئ وغير المنصف الذي يترك شعباً محتلاً يقتل هكذا بلا شفقة ولا رحمة، ولا يستطيع وقف إسرائيل وحكومتها اليمينية المتطرفة عند حدودها، بغية صون السلم والأمن العالميين.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: وقف الأب رمضان 2025 عام المجتمع اتفاق غزة إيران وإسرائيل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية غزة وإسرائيل

إقرأ أيضاً:

إسرائيل تحترق.. إخلاءات واسعة للسكان وتوقعات باشتداد سعير النيران خلال ساعات

تشهد منطقة جبال القدس المحتلة حرائق واسعة النطاق وصفت بأنها من بين الأسوأ في السنوات الأخيرة.

 وأعلنت السلطات الإسرائيلية حالة الطوارئ وبدء عمليات إخلاء جماعية للتجمعات السكانية المهددة بالنيران، وسط ظروف جوية بالغة القسوة تعيق جهود الإطفاء وتزيد من خطر اتساع رقعة الحريق.

وقالت قيادة الأمن القومي الإسرائيلية إنها تلقت حتى الآن تعهدات بوصول ثلاث طائرات إطفاء من طراز "قندهير" من إيطاليا وكرواتيا، فيما تجري محادثات مع دول أخرى بينها اليونان وقبرص، للمشاركة في عمليات الإطفاء الجوية. وتستعد فرق الطوارئ لتلقي هذه المساعدات في الساعات القادمة.

في سياق ميداني متصل، أعلنت الشرطة الإسرائيلية إغلاق الطريق السريع رقم 1، وهو أحد الشرايين المركزية في المنطقة، بعد أن وصلت ألسنة اللهب إليه. وأوضحت وزارة النقل وشركة "نتيفي يسرائيل" أن طواقم خاصة قامت بتفكيك السياج الفاصل على طول الطريق لتسهيل عبور مركبات الإنقاذ.

وتنتشر على الأرض وحدة المركبات الثقيلة التابعة للشرطة، في محاولة لتسهيل إجلاء السكان ومواجهة الحريق.

وتشير التقارير إلى أن الحرائق امتدت إلى مناطق واسعة تشمل نيفيه شالوم، بيت مئير، نحشون، ميفو حورون، مجمع اللطرون، وحديقة كندا، حيث تم إخلاء آلاف السكان، بينما أصدرت الشرطة تعليمات بالاستعداد لإخلاء مناطق إضافية إذا اقتضت الحاجة. وذكرت إدارة الإطفاء والإنقاذ أن 105 فرق إطفاء على الأرض و12 طائرة تعمل على احتواء النيران.

وأفادت الأرصاد الجوية بأن سرعة الرياح تتراوح بين 60 و70 كيلومترًا في الساعة، ما يجعل من مهمة السيطرة على الحرائق شديدة التعقيد. ومن المتوقع أن تتراجع سرعة الرياح مساء اليوم، مع احتمال اشتدادها مجددًا يوم غد، ما يعيد خطر انتشار الحرائق.

وفي مستشفى هداسا عين كارم، الواقع على مقربة من المناطق المتضررة، تم الطلب من الجمهور عدم الحضور إلا في الحالات الطارئة. وتم إجلاء المرضى غير الضروريين، كما جُهز الطاقم لاستقبال مصابين محتملين. في المقابل، أكدت مديرة مستشفى شامير وصول 8 مصابين.

وبحسب الشرطة، تم إلقاء القبض على رجل من سكان أم طوبا في الخمسينيات من عمره، أثناء محاولته إشعال النار عمدًا في حقل مفتوح جنوب القدس المحتلة. وتمت مصادرة أدوات اشتعال كانت بحوزته، وجرى فتح تحقيق معه.

وفي ظل هذه التطورات، تم تعليق عدد من فعاليات يوم الاستقلال في مدن عدة بينها عسقلان، بئر السبع، اللد، أريئيل، موديعين، معاليه أدوميم، وميفاسيريت تسيون، بناء على توصيات الأمن والطوارئ. كما أُلغيت مراسم إشعال الشعلة المقررة الليلة.

وأكدت وزارة الخارجية أن إسرائيل قدمت طلبات عاجلة للمساعدة الدولية من خمس دول على الأقل، فيما تستعد قيادة الجبهة الداخلية والجيش لدعم عمليات الإنقاذ والإطفاء، بالتعاون مع الشرطة وسلطات الطوارئ. وتشارك مروحيات في تمشيط المنطقة بحثًا عن محاصرين.

في هذا الإطار، وصف قائد قوات الإطفاء في منطقة القدس المحتلة الحريق بأنه "غير مسبوق في سلوكه واتساعه"، مشيرا إلى أن أي مستوطنة معرضة للخطر سيتم إخلاؤها فورا.

مقالات مشابهة

  • إسرائيل التي تحترف إشعال الحرائق عاجزة عن إطفاء حرائقها
  • إعلام العدو الصهيوني: الحرائق تنتشر في جبال القدس و”إسرائيل” تطلب المساعدة لاخمادها
  • إسرائيل تحترق.. إخلاءات واسعة للسكان وتوقعات باشتداد سعير النيران خلال ساعات
  • المجد للبندقية التي حرست المواطن ليعود الى بيته الذي كانت قحت تبرر للجنجويد احتلاله
  • المملكة: على إسرائيل احترام حقوق الإنسان الأساسية للشعب الفلسطيني
  • “حسام شبات” الذي اغتالته إسرائيل.. لكنه فضحهم إلى الأبد
  • الماضي الذي يأسرنا والبحار التي فرقتنا تجربة مُزنة المسافر السينمائية
  • الشاب الذي اغتالته إسرائيل.. لكنه فضحهم إلى الأبد
  • الأمم المتحدة: إسرائيل ملزمة بتأمين احتياجات الأراضي المحتلة
  • عاجل.. ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة: وجود إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة غير شرعي