شركات الذكاء الاصطناعي الصينية تغير نماذج أعمالها بعد نجاح DeepSeek
تاريخ النشر: 26th, March 2025 GMT
تشهد الصين تحولًا كبيرًا نحو الذكاء الاصطناعي مفتوح المصدر، وهو توجه يرى خبراء السوق أنه يعزز من تبني الذكاء الاصطناعي والابتكار في البلاد، فيما يصفه البعض بأنه يشبه "لحظة أندرويد" لهذا القطاع.
كسر هيمنة التكنولوجيا الأمريكيةتصدرت شركة الذكاء الاصطناعي الناشئة DeepSeek المشهد بإطلاقها نموذج R1 مطلع هذا العام، والذي لم يكتفِ بتقديم أداء مميز، بل طرح تساؤلات حول ضرورة الإنفاق الضخم على نماذج اللغة الكبيرة (LLMs) ومراكز البيانات، كما تفعل شركات التقنية الكبرى.
أوضح محللون أن التأثير الأهم لـ DeepSeek تمثل في تحفيز الاعتماد على النماذج مفتوحة المصدر، حيث قالت وي صن، المحللة الرئيسية في الذكاء الاصطناعي لدى Counterpoint Research"نجاح DeepSeek أثبت أن استراتيجيات المصدر المفتوح يمكن أن تقود الابتكار بشكل أسرع وتعزز من الانتشار الواسع".
ردًّا على هذا التحول، بدأت شركات كبرى مثل Baidu بتغيير استراتيجياتها. ففي 16 مارس، أعلنت عن إصدار أحدث نسخ نموذجها Ernie 4.5 ونموذج جديد للاستدلال يُدعى Ernie X1، وجعلتهما مجانًا للمستخدمين الأفراد، بل وتخطط لجعل سلسلة Ernie 4.5 مفتوحة المصدر بحلول نهاية يونيو.
ولم تكن Baidu الوحيدة، إذ أعلنت كل من Alibaba وTencent عن مبادرات مماثلة علي بابا، الذي فتحت مصادر نماذجها للذكاء الاصطناعي المخصصة لإنشاء الفيديو.
بالأضافة إلى مؤسة تينسنت، التي أطلقت خمسة نماذج جديدة مفتوحة المصدر لتحويل النصوص والصور إلى صور ثلاثية الأبعاد.
أما الشركات الناشئة، فقد انضمت إلى الركب، حيث أعلنت ManusAI عن نيتها فتح مصادر بعض نماذجها هذا العام، بينما صرّحت Zhipu AI بأن عام 2025 سيكون "عام المصدر المفتوح".
المقارنة مع النهج الأمريكي: مفتوح المصدر أم مغلق؟في المقابل، تواصل شركات أمريكية مثل OpenAI وAnthropic تبني نهج النماذج المغلقة (Closed Source)، حيث تحافظ على سرية بيانات التدريب والخوارزميات، وتجني الأرباح من خلال فرض رسوم على استخدام النماذج أو الوصول إلى واجهات البرمجة (APIs).
بالمقابل، تعتمد DeepSeek على ترخيص MIT، وهو من أكثر التراخيص انفتاحًا، حيث يسمح بالاستخدام المجاني للنموذج، وتعديله، وإعادة توزيعه حتى لأغراض تجارية.
ورغم أن النموذج نفسه مجاني، فإن الشركة تفرض رسومًا على استخدام واجهة برمجة التطبيقات (API)، وهي خدمة أرخص من عروض OpenAI وAnthropic.
لماذا يعتبر البعض هذا "لحظة أندرويد" للذكاء الاصطناعي؟يشير البعض إلى أن ما يحدث الآن يشبه إطلاق جوجل لنظام أندرويد، الذي أتاح لمطوري التطبيقات الحرية لبناء أنظمة بيئية قوية خارج نطاق تحكم آبل.
فيما قال تيم وانج، الشريك الإداري لصندوق التحوط التقني Monolith Management:"لقد اعتدنا الاعتقاد بأن الصين متأخرة عن الولايات المتحدة بفارق يتراوح بين 12 و24 شهرًا في مجال الذكاء الاصطناعي، أما الآن فنعتقد أن الفارق قد تقلص إلى ما بين ثلاثة وستة أشهر فقط."
هل يغير المصدر المفتوح موازين المنافسة؟على الرغم من الحديث عن سباق بين الصين والولايات المتحدة في الذكاء الاصطناعي، يؤكد خبراء أن هذه اللحظة تتعلق بقوة المصدر المفتوح أكثر من المنافسة الجيوسياسية.
يقول جو تساي، رئيس مجلس إدارة مجموعة علي بابا:"النماذج مفتوحة المصدر تمنح قوة الذكاء الاصطناعي للجميع ، من رواد الأعمال الصغار إلى الشركات الكبرى، ما يؤدي إلى المزيد من الابتكار وتنوع التطبيقات."
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الذكاء الاصطناعي المزيد الذکاء الاصطناعی مفتوحة المصدر
إقرأ أيضاً:
كيف أصبحت غزة ساحة لتطوير الاحتلال قدرات الذكاء الاصطناعي وتجريبه؟
كشف تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز"، عن مدى توغل التكنولوجيا المتقدمة، وخاصة الذكاء الاصطناعي، في العمليات العسكرية الإسرائيلية خلال حربها المستمرة على قطاع غزة.
وأوضح التقرير الذي ترجمته "عربي21"، أن الاحتلال الإسرائيلي اعتمد بشكل متزايد على أدوات وتقنيات الذكاء الاصطناعي لتحقيق تفوق نوعي في ميدان المعركة، وهو ما أدى في بعض الأحيان إلى نتائج قاتلة طالت المدنيين.
وأشار التقرير إلى أن أبرز مثال على هذا الاستخدام جاء في أواخر عام 2023، عندما حاولت القوات الإسرائيلية اغتيال إبراهيم البياري، أحد القادة البارزين في حركة حماس. ونظراً لصعوبة تحديد مكانه الفعلي، نظراً لاحتمال اختبائه في شبكة الأنفاق المنتشرة تحت غزة، لجأ جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى تقنية تحليل صوتي مدعومة بالذكاء الاصطناعي، كانت قد طُورت قبل نحو عقد من الزمن لكنها لم تُستخدم في ساحات القتال من قبل.
وبحسب مصادر أمريكية وإسرائيلية مطلعة تحدثت للصحيفة، فقد تولى مهندسون في الوحدة 8200، المكافئة الإسرائيلية لوكالة الأمن القومي الأمريكية، تطوير الأداة ودمجها بتقنيات ذكاء اصطناعي متقدمة.
وتم تحليل مكالمات البياري، واعتمادا على تلك البيانات الصوتية، قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي بشن غارة جوية في 31 تشرين الأول/أكتوبر 2023 استهدفت الموقع المشتبه به. غير أن الغارة، التي فشلت في قتل البياري، أسفرت عن استشهاد 125 مدنيا، بحسب منظمة "إيروورز" المعنية بتوثيق ضحايا الحروب.
ويمثل هذا الهجوم، وفق التقرير، نموذجاً مصغراً لطريقة استخدام إسرائيل لتقنيات الذكاء الاصطناعي في حربها ضد غزة، حيث دمجت هذه التقنيات بمجالات متعددة تشمل التعرف على الوجوه، وتحليل البيانات النصية، وتحديد الأهداف العسكرية المحتملة. وقد أشارت مصادر الصحيفة إلى أن عمليات تطوير هذه الأدوات جرت عبر تعاون وثيق بين ضباط الوحدة 8200 وعدد من جنود الاحتياط العاملين في شركات تكنولوجية كبرى مثل غوغل، مايكروسوفت، وميتا.
وتحدث التقرير عن إنشاء ما يعرف بـ"الاستوديو"، وهو مركز ابتكار تابع للوحدة 8200، يهدف إلى تسريع إنتاج وتطبيق أدوات الذكاء الاصطناعي في العمليات العسكرية. وبيّن أن نشر هذه الترسانة التكنولوجية أدى أحياناً إلى نتائج كارثية، منها أخطاء في تحديد الهوية، واعتقالات عشوائية، بل ووقوع ضحايا مدنيين، وهو ما أثار تساؤلات أخلاقية لدى مسؤولين عسكريين إسرائيليين وأمريكيين على حد سواء.
وفي هذا السياق، قالت هاداس لوربر، المديرة السابقة لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي ورئيسة معهد الأبحاث التطبيقية في الذكاء الاصطناعي، إن "وتيرة الابتكار تسارعت تحت وطأة الحاجة الملحة للرد على التهديدات"، مشيرة إلى أن هذه الابتكارات التقنية منحت الجيش الإسرائيلي "مزايا استراتيجية"، لكنها "أثارت أيضاً قضايا أخلاقية جوهرية تتطلب وجود ضوابط صارمة".
ورغم امتناع جيش الاحتلال الإسرائيلي عن التعليق المباشر على هذه التقنيات لأسباب تتعلق بالسرية، إلا أن مصادر التقرير كشفت أن الجيش أطلق تحقيقاً داخلياً في الغارة التي استهدفت البياري. أما شركات التكنولوجيا التي ذُكر أن موظفيها شاركوا في هذه الجهود ضمن صفوف جنود الاحتياط، فقد رفض معظمها التعليق، بينما قالت شركة غوغل إن مشاركة موظفيها "لا علاقة لها بمهامهم داخل الشركة".
ويذكر التقرير أن الاحتلال الإسرائيلي دأب على استغلال الحروب، خاصة في غزة ولبنان، كمنصات لاختبار وتطوير قدراتها التكنولوجية، مثل الطائرات بدون طيار، وأدوات اختراق الهواتف، ونظام الدفاع الصاروخي "القبة الحديدية".
ومنذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر، فتح الاحتلال المجال أمام استخدام واسع النطاق لتقنيات الذكاء الاصطناعي بالتعاون مع الوحدات العسكرية المختصة.
كما طوّر جيش الاحتلال الإسرائيلي نموذجاً لغوياً كبيراً باللغة العربية، أنشئ لتشغيل روبوت محادثة قادر على تحليل الرسائل النصية، ومنشورات وسائل التواصل الاجتماعي، وغير ذلك من البيانات. وتم تغذيته بكم هائل من البيانات التي جمعت خلال سنوات من المراقبة الإلكترونية، مما مكنه من تمييز اللهجات المختلفة وتحليل ردود الفعل العامة، كما حدث بعد اغتيال حسن نصر الله في أيلول/سبتمبر الماضي، وفق ما أفاد به ضباط إسرائيليون للصحيفة.
إلا أن النموذج لم يكن خالياً من العيوب، إذ فشل أحياناً في تفسير بعض المصطلحات العامية، أو أخطأ في فهم المحتوى البصري، ما تطلب تدخل ضباط مخضرمين لتصحيح هذه الأخطاء. وعلى الأرض، زودت إسرائيل نقاط التفتيش المؤقتة في غزة بكاميرات مدعومة بتقنيات التعرف على الوجه، لكنها أخفقت أحياناً في التعرف على الأشخاص بدقة، ما تسبب في اعتقال مدنيين عن طريق الخطأ.
ومن بين الأدوات التي أثارت جدلاً أيضاً، خوارزمية "لافندر"، وهي أداة تعلم آلي صممت لتحديد المقاتلين منخفضي الرتب في حماس، لكنها كانت غير دقيقة، ومع ذلك استخدمت لتحديد أهداف في بداية الحرب.
ويخلص التقرير إلى أن هذه التجارب التقنية، رغم ما توفره من قدرات عسكرية متقدمة، قد تؤدي إلى تسريع وتيرة العنف وسقوط ضحايا من المدنيين، في وقت لم تُحسم فيه بعد الأسئلة الأخلاقية الكبرى المرتبطة باستخدام الذكاء الاصطناعي في ميادين الحروب.