العيد الذي لم يعد عيداً ..!
تاريخ النشر: 26th, March 2025 GMT
بقلم : فراس الغضبان الحمداني ..
ما قيمة الأحداث وتعاقب الأزمان ونحن نعيشها بألم وبذكريات تبعث فينا الحزن ولا تمنحنا فرصة الحياة السعيدة التي نتمناها ويتمناها كل أنسان يجد نفسه فجأة عضواً في هذه الدنيا الضاجة بالمعاناة والتحديات التي تستنزف أجسادنا ومشاعرنا وعقولنا وأحلامنا فلا نكاد نصل إلى غاية من الغايات حتى ندرك أننا لم نحقق شيئاً وأن المسافة ما تزال طويلة ، ثم نكتشف أننا على خط النهاية ولكن ليس كعدائين فائزين بل كجثث هامدة فقدت طاقة الحياة لنوارى في حفرة أو أن نكون طعاما للأسماك أو أن نحرق وفقا لتقاليد قديمة أو في أي مصيبة وداهية رهيبة .
نفقد الأحبة الذين يشاركوننا همومنا وأحلامنا ومشاكلنا والذين نكافح معهم سوية العذابات والحرائق المستمرة في دواخلنا ، وحين نفتقدهم نبكي دون جدوى فهم لن يعودوا ونحن لا نعرف متى سنلتحق بهم ، وقد تأخذنا المشاغل إلى مساحات نتيه فيها ولا نجد من يدلنا فالجميع يعيش ذات التيه والضياع ويبحث عن خلاصه بعد أن تذوق آلاف المرارات والأحزان والمعاناة ، فكيف بمن يتركه محبوه ليس للحزن والعذاب والذكريات الأليمة بل يورثونه مشاكل وتحديات وأبناء تائهين لا يجد طريقة لكي يقف معهم على طريق صحيح وكأنه وكأنهم في سجن واحد وضياع واحد وهموم مشتركة .
جاء العيد مثل العيد الذي سبق ومثل كل الأعياد التي سبقت مشحوناً بالحزن والعذاب والألم وكأن تلك العذابات ورث من أجداده ، فالعيد يلد عيداً ويكون له أحفاد من الأعياد يتوارثونه ويتشاركون في الأرث ويتناقلون صفاته وساعاته وأشكاله بينهم ، فالعالم يتحول إلى وحش يلتهم آماله وأحلامه وفرص الحياة فيه ويتركنا على قارعة الطريق تائهين متحيرين لا نجد الفرح ولا السعادة ، فمن هم إلى هم ومن حرب إلى حرب ومن حصار إلى آخر ومن إرهاب إلى إرهاب ، وناس تتحول إلى آلات لا تفقه سوى أن تتحرك بلا هوادة ولا هدف حتى إذا وصلت لهدف وظنت أنه قد تحقق تكتشف أنها لم تحقق شيئاً وأن الطريق ما زال شائكاً وطويلاً .
الناس من حولنا يكرهوننا يريدون أن يحصلوا على مطامحهم ولم يعد عندهم أن تكون الطريقة مشروعة أم لا ، فالغاية هي الكسب والكسب وحده وليس سواه لأن هناك هموماً وعذابات يتكفل بها القدر والجميع يخاف منها ويود الهرب منها بعيداً ولا يراها .
للأسف فنحن نعيش في زمن الغابة وزمن الحزن وزمن الموت المؤكد ، موت الأرواح رغم وجود حياة في أجسادنا ورغم ما نعتقده من حضور لنا ، أرواحنا التي كانت تمنحنا السعادة والطاقة ونتشارك فيها مع الآخرين الحب والسعادة والأمل ها هي تموت مسبقا وتذوي وتنتهي دون رجعة ودون أحساس بحاجتنا إليها .
كلما جاء العيد وكأنه نوع من البطالة المقنعة التي تجبرنا عليها الأحداث والأيام ، فليس له من أهمية فالحقيقة حتى أنني أشك في أنه عيد للكبار وأرى أنه مناسبة يحبها الأطفال وينتظرونها لأنها تثير حماسهم كونها عطلة وحصولهم على العيدية وإرتداء الأزياء الجديدة واللعب في مدينة الألعاب ، أما نحن الكبار فتثير حزننا وذكرياتنا الأليمة لأننا عاصرنا الحروب والحصار والفقر وحكم الدكتاتوريات والطغاة التي سلبت العباد ودمرت البلاد .
Fialhmdany19572021@gam
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات
إقرأ أيضاً:
ترانزيت الحياة
فايزة بنت سويلم الكلبانية
faizaalkalbani1@gmail.com
الحياة ليست سوى سلسلة من المحطات المتلاحقة، تشبه رحلات الطيران التي لا تنتهي؛ لكل منها إقلاعها وهبوطها، وكل وجهة تحمل في طياتها حكاية تختلف عن سابقتها. أمضي في رحلتي الخاصة حاملةً بين جنباتي شغفًا يلهب قلبي، وسفرًا يوسع آفاقي، وعلمًا يروي ظمأ روحي، وعملًا يضع على كتفي أعباءً تصقل شخصيتي.
كان الشغف المحطة الأولى في رحلتي، ذلك الشرر الذي أشعل في داخلي نار الفضول والاكتشاف، وجدت نفسي منجذبةً إلى عالم الكلمة المكتوبة، حيث تحولت الصحافة والكتابة إلى مرآة تعكس ذاتي، هذا الشغف جعلني أرى العالم بعينين لا تملان البحث، ولا تكلان من التطلع إلى ما هو أبعد، ومن بين ثمار هذا الشغف وُلد كتابي "ترانزيت" الذي يمزج بين حبي للكتابة وتجربتي في استكشاف عوالم الاقتصاد والحياة، ليس مجرد صفحات مطبوعة بل جسر بين الأرقام والقلوب، بين النظرية والتجربة الإنسانية، والذي تجدونه في أروقة معرض مسقط الدولي للكتاب بركن مُؤسسة الرؤيا للصحافة والنشر .
لم يكن السفر مجرد تنقل بين البلدان، بل كان رحلة إلى أعماق الذات، في كل مدينة زارها قلبي قبل أن تزرها قدمي، التقيت وجوهًا تحمل قصصًا مختلفة، كصفحات من كتاب الحياة المفتوح، بعضها يحمل ابتسامة صادقة تُشرق كالشمس، وبعضها يخفي خلفها تعبًا طويلًا أو حكاية مُؤلمة، في زحمة المطارات وضجيج الرحلات، كنت أجد لحظات صفاء أتأمل فيها تناقضات الحياة، وكأن الكون يهمس في أذني بأننا جميعًا مسافرون في رحلة واحدة وإن اختلفت وجهاتنا.
أما العلم فكان المحطة التي أعادت تشكيل وعيي وفتحت أمامي أبوابًا لم أكن أعرف وجودها. اليوم وأنا أخطو أولى خطواتي نحو درجة الدكتوراه في فلسفة الاتِّصال، أجد نفسي بين كتب تهمس بحكمة العصور، وأفكار تتحدى توقعاتي، العلم علمني أنَّ المعرفة ليست وسيلة للنجاح المادي فقط، بل طريق لفهم أعمق للإنسان والوجود.
ووسط هذه الرحلة، كان العمل هو الجسر الذي يربط بين المحطات جميعها. علمني أن الحياة لا تسير كما نخطط دائمًا، بل تأخذنا إلى حيث لا نتوقع. في كل تحد واجهته، اخترت المضي قدمًا لأني أؤمن بأنَّ وراء كل صعوبة وجهًا جديدًا للحياة يستحق الاكتشاف.
اليوم وأنا أقف عند محطة جديدة من محطات الترانزيت، أدركت أن الحياة لوحة مرسومة بألوان مُتغيرة، بين الشغف الذي يلهب القلب، والسفر الذي يُوسع الأفق، والعلم الذي يُنير العقل، والعمل الذي يبني الشخصية، تعلمت أنَّ الرحلة لا تنتهي إلا عندما نُقرر أن نتوقف عن السير.
فالحياة في النهاية محطات عابرة، لكن الأثر الذي نتركه في كل محطة هو ما يجعل رحلتنا تستحق أن تُحكى.
همسة لرفقاء الرحلة..
لكل من شاركني رحلة الشغف والسفر والعلم، أقول: لنكن كالنجوم التي تضيء لبعضها في ظلمة الطريق، نتبادل الحكمة والدفء، ونصنع من رحلتنا سيمفونية إنسانية تبقى بعد أن نُغادر المحطات؛ ففي النهاية، نحن مجرد مسافرين نتبادل الحكايات والأحلام، نترك وراءنا أثرًا جميلًا، ونحمل في قلوبنا ذكرى كل وجه التقيناه وكل فكرة شاركناها.
رابط مختصر