لم يدرك آلاف الأفراد الذين دفع بهم المجرم محمد حمدان دقلو إلى المحرقة بأن دماءهم وأرواحهم رخيصة عنده، فقد باعهم قائد المليشيا الأجير بثمن بخس، دفعته دولة الامارات. ولأن دقلو وأخيه، ظلا يمارسان تجارة البشر التي افترشوها كبضاعة على قارعة الطريق دون وازع أخلاقي أو ديني حتى، طالت النيران الأقربون بعد أن قضى على مرتزقة عرب الشتات الذين جاءت بهم الغنائم والسبي، فطالتهم آلة الجيش السوداني فحصدتهم، وصارت الخرطوم مقبرة ولاحقتهم دعوات الثكلى والأطفال ومن خرج منهم، خرج مقعد فاقد الأطراف والعقل ولا بواكي عليه، ولم يحسن دفن من هلك منهم.

كانت معركة تحرير القصر الجمهوري رمز السيادة السودانية أمس الأول بداية الإنهيار الكامل لمرتزقة آل دقلو. والأيام القادمة ستتكشف فيها بعض الحقائق التي ألبسها حميدتي ثوب القبيلة، وقضى على شبابها. انتهت معركة الخرطوم، وستعلن في الأيام القادمة خلوها من التمرد، وأوشكت الحرب على النهاية.

+ تغيير ميزان القوة وإنهزام المليشيا:

مستشار حملة سودان المستقبل عادل عبدالعاطي قال: تشكل استعادة وسيطرة الجيش على القصر الجمهوري ومناطق واسعة في منطقة شمال ووسط الخرطوم تغيرا كبيرا في ميزان القوة الإستراتيجية لما تشكله استعادة القصر الجمهوري والوزارات والمناطق السيادية من رمزية كبيرة للشعب السوداني وإنهزام مليشيا الدعم السريع. وأضاف عبدالعاطي في تصريح خص به (ألوان): أيضا تفتح هذه السيطرة الباب لإستعادة مناطق جنوب الخرطوم، وبذلك إكمال تحرير الولاية التي لم يتبق فيها إلا جيوب بسيطة للمليشيا، وكذلك يفتح الباب لتحرك واسع لإستعادة دارفور وما تبقى من ولايات كردفان، ونبه قائلا: لكن هذا التحرك يجب أن يشهد تحركا سياسيا ودبلوماسيا لكي تستفيد الحكومة السودانية والجيش من الزخم العسكري لإنهاء الحرب بأسرع وقت ممكن، لأنه ليس من المصلحة استمرار الحرب في السودان، ومن ثم النظر في إعادة بناء وإعمار السودان وإصلاح علاقاته الخارجية وكذلك إجراء الإصلاحات الداخلية التي تكفل التحول الديمقراطي في السودان.

+ ما حدث أدهش العالم:

ووصف د. فتح الرحمن الفضيل رئيس حزب بناة المستقبل تحرير القصر الجمهوري بالتحرير الثاني للخرطوم. وقال في حديثه لألوان: القصر هو اصطلاح سببه رمزية القصر، ولكنه في الحقيقة تحرير الخرطوم الثاني والذي يعني تحرير السودان من أكبر عملية إحتلال شهدها العصر الحديث. وأضاف: شاركت عشرات الدول في محاولة إحتلال السودان والغريب أن المحاولة استمرت أكثر من عامين ولم يوقفها المد الوطني الجارف إلا بعد أن تكسرت تحت أقدام شجعان القوات المسلحة وفرسان وفتيان السودان من كافة القطاعات. وذهب الفضيل في حديثه: إذا كان المخطط شاركت فيه عدد من الدول إلا أن التحرير بالمقابل إصطف فيه كل شباب السودان في ملحمة قل أن تتكرر في مكان آخر، وحق للسودانيين أن يحتفلوا ويفتخروا بهذا الإلتفاف الوطني العظيم. وقال د. فتح الرحمن إن ماتم سيدهش العالم وسيدرس في المعاهد العسكرية والسياسية كسابقه وطنية وملحمة تاريخية. وفي ختام حديثه قدم الفضيل التهاني للشعب السوداني والقوات المسلحة الباسلة. محييا شجعان السودان والخزي والعار للخونة والعملاء.

+ المليشيا تائهة ومفككة:

فيما قال الخبير العسكري العقيد (م) محمد فرح إن المعارك العسكرية واحدة من أعقد أوجه الحياة لأن الفشل في إدارتها تعني باختصار شديد دفع حياتك ثمنا، ولذلك لا تعتبر الجندية مهنة ولكنها عمل احترافي، فالضابط والجندي محترفي قتال. وأشار فرح في حديثه لألوان: أما في حالة الدعم السريع، فلم تكن له أهداف تخص المعركة التى دخلها بدوافع ليس من بينها الوطنية، بل كانت كل مرتكزاتهم قبلية مرتكزة على مصالح ذاتية، ولم تكن للدعم السريع قيادة ذات معرفة بفنون القتال والأسلحة الحديثة التي تلزم القيادة بتدريب الجندي على حماية نفسه من كل أنواع الأسلحة التي تشترك في المعركة مع استخدام تكتيكات ميدانية تواءم طبيعة المعركة أرضا وتسليحا ولياقة بدنية، خصوصا في حرب المدن كالتي دارت في وسط الخرطوم والتي إنهارت فيها قوات الدعم السريع إنهيارا تاما أمام ضربات القوات المسلحة الاحترافية وقدراتهم التدريبية مع لياقة بدنية عالية مكنتهم من القتال لزمن فاق الثمانية وأربعين ساعة، على عكس قوات الدعم السريع التي ظهرت تائهة مفككة تفتقد للقيادة والسيطرة والتحكم. وختم فرح حديثه: هذا ما جعل عساكرهم لقمة سائغة لقوات الشعب المسلحة الباسلة. وبمعركة الخرطوم التى تترنح فيها المليشيا وتلفظ أنفاسها الأخيرة، يكون الجيش والشعب السوداني والقوات النظامية المساندة استطاعوا نسف أكبر مشروع استثماري، قصد منه تدمير الدولة السودانية.

تقرير: مجدي العجب
الوان

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: القصر الجمهوری الدعم السریع

إقرأ أيضاً:

شاهد.. هكذا تبدو المناطق التي استعادها الجيش من الدعم السريع

الخرطوم- دمار كبير للبنية التحتية ونهب شبه كامل للممتلكات، هكذا بدت المناطق التي استطاع الجيش السوداني تحريرها من قبضة قوات الدعم السريع في العاصمة السودانية الخرطوم بعد قرابة عامين من سيطرة المليشيا على تلك المناطق.

وتعتبر منطقة وسط الخرطوم -التي تم تحريرها مؤخرا من سيطرة الدعم السريع- من أكثر من المناطق الحيوية في السودان، فهي تعج بالأسواق والمؤسسات الحكومية والقطاعات الخاصة من شركات ومنظمات، فضلا عن أنها تحتضن أكبر أسواق الخرطوم وفيها المستشفيات والجامعات والمدارس والبنوك والفنادق وأماكن الترفيه، لكن الحالة التي بدت عليها تلك المنطقة الآن بعيدة تماما عن ماضيها.

فبحسب شهادة تجار وموظفين كانوا يعملون في منطقة وسط الخرطوم، فإن قوات الدعم السريع نهبت وسرقت جميع المحلات التجارية في المنطقة، ولا سيما البنوك والأسواق، ومن بينها أسواق الذهب المعروفة في قلب السوق العربي، فضلا عن سرقة أكثر من 10 بنوك ومصارف وحرقها وتدميرها كليا.

المناطق المحررة في حالة يرثى لها (الجزيرة) تدمير الأبراج

طال التدمير عددا من الأبراج الشاهقة المملوكة للقطاع الحكومي والخاص كبرج النيل للبترول الذي دمر كليا ثم أُحرق، وتم تدمير فندق كورال وفندق برج الفاتح وفندق المريديان والفندق الكبير وفندق برج إيواء وأبراج بيلوس، وجميع هذه المباني كانت جزءا من ملامح العاصمة الخرطوم.

وبحسب مصدر قيادي في الجيش السوداني تحدث للجزيرة نت، فإن منطقة المقرن التي تضم عددا من الأبراج كانت تستخدمها قوات الدعم السريع مكانا للقنص وأدخلت فيها المدفعية الثقيلة لقصف سلاح المهندسين غرب المقرن ودفاع الجيش غرب جسر الإنقاذ، فضلا عن استخدام بعض الأبراج مثل برج يبلوس لقصف القيادة العامة للجيش.

ولم تسلم البنوك والمصارف في وسط الخرطوم من التخريب والسرقة، إذ وثقت الجزيرة نت حجم الدمار الذي طال كلا من بنك السودان المركزي وبنك الساحل والصحراء وبنك فيصل الإسلامي وبنك أم درمان الوطني وبنك الادخار وبنك النيل والبنك الزراعي.

التدمير طال عددا من الأبراج منها برج الفاتح بالخرطوم (الجزيرة) نهب البنوك

واتهم الجيش السوداني في بيان صحفي قوات الدعم السريع بنهب البنوك في وسط الخرطوم، خاصة بنك السودان المركزي الذي كان يحتوي على احتياطي من الذهب والنقد الأجنبي، وكان تحت سيطرة قوات الدعم السريع على مدى 20 شهرا، مشيرا إلى أن جميع المصارف في منطقة وسط الخرطوم تحولت إلى أكوام من الرماد بعد سرقتها وحرق محتوياتها وتحويلها لثكنات عسكرية.

إعلان

ولم تكن المستشفيات أفضل حالا من البنوك في وسط الخرطوم، ويقول مصدر حكومي -طلب حجب اسمه- إن بعض المستشفيات نقلت محتوياتها إلى إقليم دارفور غربي البلاد، ونهبت الأموال التي كانت في خزائنها، في حين حولت مستشفيات أخرى إلى مخازن للسلاح.

ويقول ضباط في قيادة الجيش السوداني للجزيرة نت إن مستشفيي الزيتونة وإمبريال غرب القيادة كانت تنطلق منهما مدفعية وصواريخ قناصة الدعم السريع، مما أدى إلى إصابة ومقتل عناصر الجيش في القيادة العامة.

نهب الأسواق وتدمير محتوياتها (الجزيرة) حرق الأسواق

وخلال 72 ساعة من بدء الحرب في أبريل/نيسان 2023 سُرقت كامل محتويات الأسواق في منطقة وسط الخرطوم من قبل قوات الدعم السريع، فتلك المنطقة لا تضم أحياء سكنية رغم اتساع مساحتها لكنها تضم أهم الأسواق في العاصمة.

وتوثق المشاهد حجم الدمار الهائل الذي تعرضت له المنطقة، فالأسواق باتت مهجورة وهي التي كانت تعج بالحياة، فالسوق العربي الذي كان أكثر الأسواق ازدحاما تنتشر المقذوفات المتفجرة والدبابات المحروقة والآليات الحربية المدمرة وبعض الجثث الملقاة على الأرض في محيطه.

والوضع في جزيرة توتي الواقعة في وسط ملتقى النيلين الأزرق والأبيض ليس أفضل حالا، فالجزيرة -التي تعد من أقدم المدن السودانية وتسكنها قبائل، معظمها من شمال السودان- كان لها نصيب من انتهاكات الدعم السريع، إذ تعرضت لأكبر حصار خلال الحرب.

ووثقت بيانات المنظمات المدنية والطوعية مقتل عشرات المواطنين من جزيرة توتي، فضلا عن إجبار جميع مواطني الجزيرة على إخلائها، ومع مرور الأيام تحولت إلى جزيرة تسكنها قوات الدعم السريع وتقصف منها أم درمان وتسند بها قواتها في بحري والخرطوم.

ومؤخرا تمكن الجيش من استعادتها ضمن حملته العسكرية في وسط الخرطوم، لكن الجزيرة الحيوية صارت مدينة صامتة لا تكاد تسمع فيها غير أصوات الطيور.

الدمار يخيم على مناطق وسط الخرطوم (الجزيرة)

وتفرق أهل جزيرة توتي في رحلة نزوح طويلة إلى مدن السودان المختلفة، كما أن الدمار بات أحد المشاهد الثابتة في كل المدن التي تتم استعادتها من قوات الدعم السريع، فالأسواق باتت منهوبة ولا توجد في الجزيرة حركة غير حركة النيل الشاهد الأبرز على تلك الانتهاكات.

وفي حي المقرن بوسط الخرطوم، يقول أحد سكان الحي للجزيرة نت إن الحي من أوائل المناطق التي تم طرد سكانها منها منذ بدء الحرب بين قوات الجيش والدعم السريع.

وأضاف أنه بعد سيطرة الدعم السريع على المقرن في شهور الحرب الأولى حضرت قوة منها إلى منازل المواطنين وأمرتهم بإخلاء منازلهم فورا "علمنا لاحقا أن الإخلاء والطرد كان سببهما تأمين زيارة عبد الرحيم دقلو نائب قائد قوات الدعم السريع الذي حضر فعليا إلى المقرن وخاطب جنوده.

إعلان

وبعد استعادة الجيش للمقرن صارت خالية من السكان، وباتت منازلها مهجورة لا يكاد يسكنها أحد وحطمت معظم أبواب المنازل، قبل أن تطالها يد السرقة المعهودة.

مقالات مشابهة

  • رئيس تحرير التيار السودانية: انهيار الدعم السريع كان متوقعا والجيش حسم المعركة
  • الجيش السوداني ينفذ ضربات جوية دقيقة لتجمعات الدعم السريع بشمال دارفور
  • زار القصر ودحض شائعة اغتياله.. العطا يتوعد الدعم السريع بالموت أين ما هرب
  • شاهد.. هكذا تبدو المناطق التي استعادها الجيش من الدعم السريع
  • تاريخ السودان في مهب الريح.. الدعم السريع تدمر متحف القصر الجمهوري
  • جبريل إبراهيم يكشف عن هروب جماعي لقوات الدعم السريع من الخرطوم ويحدد موعد تحرير العاصمة
  • حركة جيش تحرير السودان المجلس الانتقالي: ملحمة القصر الجمهوري هي بداية نهاية المليشيا
  • ما سر انتصارات الجيش السوداني الأخيرة على قوات الدعم السريع؟
  • مصر تدعم وحدة الدولة السودانية ومؤسساتها .. «الدعم السريع» يستولي على قاعدة «جبل عيسى» قرب الحدود الليبية