هل يعزز مقتل بريغوجين مكانة بوتين أو يضعفها؟
تاريخ النشر: 24th, August 2023 GMT
بعدما قاد وحدات شبه عسكرية في إفريقيا وسوريا وأوكرانيا، شن قائد "فاغنر" تمرداً قصيراً ضد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في يونيو (حزيران) الماضي، قبل أن يقضي في تحطم طائرة خاصة الأربعاء.
تضررت صورة بوتين كثيراً بعد تمرد فاغنر
وتقول صحيفة "وول ستريت جورنال" إن سقوط حظوة بريغوجين كان سريعاً.
وبثت وسائل تواصل اجتماعي مقربة من فاغنر، أن الدفاعات الجوية الروسية أسقطت الطائرة، وهي من طراز إمبراير ليغاسي 600.
وترى الصحيفة إن موت بريغوجين يعزز موقع بوتين، الذي تضررت صورته إلى حد كبير، بالتمرد الذي قاده الرجل الذي رعاه في السابق، ضد القادة العسكريين. واستخدم بوتين التمرد لاحقاً كي يشن حملة تطهير ضد الضباط الذين يرى فيهم الكرملين احتمالاً لتنفيذ انقلاب من القصر.
ويتشارك بريغوجين في الخصائل مع العديد من الرجال الأقوياء في روسيا. ويملك تاريخاً في مدينة سان بطرسبرج -مسقط رأس بوتين- وأمضى وقتاً في السجن، ليعود ذلك عليه بالفائدة لاحقاً. ومن خلال عمله في شركات الطعام، جمع سريعاً ثروة في الوقت الذي شهد صعود القطاع الخاص في البلاد. وعمد إلى تجنيد الرجال لحماية وتعزيز مهنته واستغل علاقته ببوتين، من أجل فتح أبواب المستويات العليا في السلطة.
ومع ذلك، ذهب بريغوجين في المنافسة إلى درجة بعيدة جداً. وبعدما استدعي إلى الكرملين لإنقاذ الغزو المتعثر في أوكرانيا العام الماضي، أدت انتقاداته للقادة العسكريين المنافسين إلى تشقاقات في جهود الحرب الروسية.
ولد بريغوجين في يونيو (حزيران) 1961 لأم تعمل في مستشفى ولأبٍ توفي عندما كان ابنه لا يزال صغيراً. وعلى غرار بوتين، يتحدر بريغوجين من الأحياء القاسية لسان بطرسبرج، وعرف بحبه للرياضة في شبابه، وفتح مطاعم راقية في التسعينيات، وسكب النبيذ شخصياً للضيوف الكبار أمثال الرئيس الأمريكي سابقاً جورج دبيلو بوش عام 2006.
وسرعان ما انتقل بريغوجين من إعداد الطعام للحكومة والجيش الروسيين، إلى قيادة وحدات شبه عسكرية بنفسه. وعلى مدى سنوات، استخدم مجموعة فاغنر في عمليات عسكرية وهجمات قرصنة في الخارج، أتاحت للحكومة إنكار المسؤولية عنها بشكل معقول.
وفي 2014، إستولت روسيا على القرم ودعمت مقاتلين في شرق أوكرانيا، بمساعدة وحدات غير نظامية بما فيها تلك التي عرفت في ما بعد بمجموعة فاغنر، وفق جهاز الإستخبارات الأوكراني.
لكن في الوقت نفسه، كان يعرف عن بريغوجين أيضاً امتلاكه شركة للحملات الدعائية على الإنترنت، تعرف بوكالة الأبحاث عبر الإنترنت، والتي تدخلت في الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2016، وفق ما يقول مكتب التحقيقات الفيديرالي الأمريكي. وصدرت مذكرة اعتقال بحقه عام 2018.
وأيضاً في العام ذاته، قتل المئات من مقاتلي فاغنر أو تعرضوا لإصاباتي في ضربات جوية أمريكية بعدما تقدم المرتزقة إلى موقع سوري يقع ضمن منطقة العمليات الأمريكية، وفق ما أبلغ وزير الدفاع الأمريكي عامذاك جيم ماتيس إلى الكونغرس.
ويقول مسؤولون أمريكيون أن قوات فاغنر تورطت في عدد من الدول الإفريقية، حيث وفرت خدمات أمنية قاتلة وفاعلة في مقابل سبائك من الذهب والألماس ومواد طبيعية أخرى. وفي نهاية المطاف، مالت هذه الدول نحو نسج علاقات جيدة مع موسكو التي تزود فاغنر بالسلاح.
وعقب أيام من الغزو الشامل لأوكرانيا عام 2022، كان مقاتلو فاغنر الوحيدين الذين حققوا تقدماً على مدى عام ليسيطروا على مدينة باخموت. وحاز بريغوجين، الذي كان يقود المجموعة، على أتباع كثيرين بسبب خطابه المتشدد ضد النخبة الروسية. وبحسب اعترافاته، فقد خسرت المجموعة 20 ألف مقاتل في معركة باخموت، التي حولت المدينة إلى دمار.
Yevgeny Prigozhin’s death solidifies the standing of Vladimir Putin, whose image was badly dented by the mutiny of his longtime protégé against military commanders https://t.co/kRr2S6zGpx
— The Wall Street Journal (@WSJ) August 24, 2023
ومع نجاحاته، كان بريغوجين يخوض حرباً كلامية مع منافسيه في القوات المسلحة الروسية- وزير الدفاع سيرغي شويغو ورئيس هيئة الأركان فاليري غيراسيموف، اللذين اتهمهما بحرمان مقاتليه من الذخائر الحيوية. وفي 23 يونيو (حزيران)، إتهمهما بشن هجمات مدفعية على مجموعته من دون أن يثبت هذا الإتهام.
وأعلن بريغوجين أن قواته ستنطلق في "مسيرة من أجل العدالة" في روسيا. وفي 24 يونيو غادر شرق أوكرانيا ودخل مدينة روستوف الروسية، حيث قال إن المجندين الشبان هناك لم يبدوا أي مقاومة. وأصدرت السلطات الروسية مذكرة اعتقال بحق بريغوجين بتهمة التمرد.
ومنذ انتهاء التمرد في اليوم نفسه، بدا الظهور العلني لبريغوجين نادراً، بعدما التقطت له صور وهو ينسحب من روستوف بجنوب روسيا. وقسّم بريغوجين أوقاته بين روسيا وبيلاروسيا وإفريقيا مذذاك.
ومطلع يوليو (تموز)، قال الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو إن بريغوجين غادر الأراضي البيلاروسية وعاد إلى روسيا. وقال الكرملين بعد ذلك، إنه لا يتعقب تحركات بريغوجين وليست لديه "الإمكانية ولا الرغبة لفعل ذلك".
وبحسب تسجيلات منذ التمرد نشرت على تطبيق تلغرام ولم يتم التحقق منها، كان الإفتراض أن بريغوجين موجود في إفريقيا، حيث تنتشر قواته في مالي، وحيث أشاد بالإنقلاب الأخير في النيجر وعرض خدماته على المجلس العسكري في نيامي.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني يفغيني بريغوجين
إقرأ أيضاً:
عمق روسيا بمرمى الصواريخ الأميركية.. فهل يسبق رد بوتين النووي تنصيب ترامب؟
في تصعيد عسكري غير مسبوق في الحرب الأوكرانية، أعلنت أوكرانيا اليوم عن إطلاق صواريخ بعيدة المدى لاستهداف أهداف استراتيجية في العمق الروسي، بما في ذلك منشآت حيوية قد تؤثر بشكل كبير على الأمن الوطني الروسي.
برنامج على الخريطة على قناة سكاي نيوز عربية، قدم عرضًا مفصلاً حول هذا التصعيد العسكري وتداعياته على الأوضاع السياسية والعسكرية في المنطقة.
أوكرانيا تهدد العمق الروسي: صواريخ بعيدة المدى تلامس أهداف حيوية
أطلقت أوكرانيا اليوم صواريخ بعيدة المدى مثل أتاكمز الأميركية التي يبلغ مداها 300 كيلومتر، وصواريخ هيمارس التي يصل مداها إلى 150 كيلومترًا، مستهدفة بذلك عددًا من المنشآت العسكرية الروسية في مناطق مختلفة.
ويأتي هذا التصعيد في وقت حساس، حيث تسعى أوكرانيا لاستخدام هذه الأسلحة الدقيقة لتوجيه ضربات مباشرة على المنشآت الحيوية داخل روسيا، بما في ذلك القواعد الجوية والطاقة النووية، مثل محطة كورسك للطاقة النووية.
الضغوط الغربية وأدوات الصراع
في إطار التحليل السياسي، أكدت حلقة على الخريطة أن استخدام أوكرانيا لهذه الأسلحة الحديثة لم يكن ليحدث دون دعم مباشر من الدول الغربية، خصوصًا الولايات المتحدة وحلف الناتو.
وقالت إن الأسلحة التي تمتلكها أوكرانيا حاليًا، مثل صواريخ أتاكمز وهيمارس، تتطلب دعمًا استخباراتيًا من الأقمار الصناعية والمعلومات الحربية التي توفرها دول الناتو.
وأضافت أن هذا الدعم يزيد من تعقيد الصراع، حيث أن تورط الحلفاء الغربيين في النزاع قد يجعل من الصعب الوصول إلى حل سلمي في المستقبل القريب.
محطة كورسك النووية في مرمى الضربات
في سياق الحديث عن الأهداف الاستراتيجية في روسيا، تم تسليط الضوء على محطة كورسك للطاقة النووية، التي تقع على بعد 600 كيلومتر من الحدود الأوكرانية.
وأشارت الحلقة إلى أن هذه المحطة تعد واحدة من أكبر ثلاث محطات للطاقة النووية في روسيا، ويمثل تهديدها ضربة اقتصادية وعسكرية لروسيا في حال تعرضت للهجوم. و"إذا أصابت أوكرانيا هذه المنشأة، فإنها ستؤثر على استقرار الإمدادات الكهربائية في العديد من المدن الروسية الكبرى، ما يشكل تهديدًا كبيرًا للداخل الروسي".
هل تتحول هذه الضغوط إلى حل دبلوماسي؟
وعن إمكانية أن يسهم التصعيد العسكري الحالي في فتح الباب أمام الحلول الدبلوماسية فإن التصعيد الذي تشهده أوكرانيا قد يكون ورقة ضغط على روسيا في محادثات المستقبل، لكن من غير المرجح أن يقود إلى حل سريع، خصوصًا في ظل مواقف موسكو التي تؤكد أنها لن تتراجع عن أهدافها الاستراتيجية.
وأن أي مفاوضات قد تتطلب أن تكون الضغوط العسكرية جزءًا من استراتيجية التفاوض، وهو ما قد يزيد من تعقيد أي اتفاق.
هل سيؤدي التصعيد إلى حرب شاملة؟
في ختام الحلقة، تم تناول احتمالات التصعيد إلى حرب شاملة بين روسيا والناتو في حال استمرت أوكرانيا في استخدام الأسلحة الغربية الدقيقة في الهجمات.
وكذلك : "إذا استمر هذا النوع من التصعيد العسكري، فقد نكون أمام تطورات أكثر خطورة تتجاوز حدود أوكرانيا، خاصة إذا تدخلت قوات الناتو بشكل مباشر". وأضافت أن المواجهة المباشرة بين الناتو وروسيا قد تكون بداية لتغيرات جوهرية في النظام الأمني العالمي.
تصعيد مستمر في ظل غياب الحلول السياسية
إن الوضع العسكري في أوكرانيا يستمر في التصعيد، مع استمرار الضغوط الغربية على روسيا. وبينما يظل الأمل في الحلول السياسية قائماً، يبقى الوضع مفتوحًا على كافة الاحتمالات، مما يزيد من تعقيد الحرب وتأثيراتها على الأمن الإقليمي والدولي.