لجريدة عمان:
2025-03-26@06:50:33 GMT

ملاحظات أساسية حول الحرب على غزة

تاريخ النشر: 25th, March 2025 GMT

أوضاع الحرب على غزة تثير لدى المرء أفكارًا عديدة متداخلة ومتضاربة قد تصيبه بحالة من التشويش العقلي، نظرًا لتداخل وتضارب أبعاد هذه الحرب وتأثيراتها على الأوضاع الإقليمية والعالمية أيضًا، سواء من النواحي السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية. فمن أين نبد؟ ما الزاوية التي يمكن أن ننظر من خلالها إلى هذه الحرب؟ الحقيقة أنني لا أود هنا الخوض في أي بعد من هذه الأبعاد على حدة، وإنما أريد أن أسوق بعض الملاحظات العامة على ماهية هذه الحرب وتداعياتها.

*لعل القارئ يلاحظ أولًا أنني لا استخدم هنا تعبير «حرب غزة»، وإنما أستخدم عن قصد تعبير «الحرب على غزة»: ذلك أن التعبير الأول -وهو التعبير الشائع والمتداول في وسائط الإعلام- هو تعبير قد يوحي بإقرار السردية القائمة بالفعل، وهي أن هناك حربًا دائرة بين غزة (والمقاومة الفلسطينية عمومًا) وبين إسرائيل منذ قرابة سنة ونصف، وأن هذه الحرب قد اندلعت بسبب هجوم حماس على مواقع إسرائيلية وأسر كثير من الإسرائيليين العسكريين والمدنيين.

وقد تبدو هذه السردية معقولة ومطابقة لواقع الحال وما جرى بالفعل؛ ولكنها مع ذلك ليست صادقة؛ لأنها لا تمثل السبب الحقيقي للحرب الذي يكمن على عمق أبعد من ذلك بكثير: ذلك أن هجوم حماس على غزة في السابع من أكتوبر سنة 2023، ما هو إلا مرحلة جديدة من المقاومة لاحتلال متواصل يشن حربًا لا تهدأ على شعب فلسطين منذ أكثر من سبعين سنة، ليس فقط من خلال اقتطاعه المتواصل لأراض فلسطينية، وإنما أيضًا من خلال تهجير سكانها وتجويعهم وتدمير مساكنهم، والقتل المتعمد للكثير منهم على مر الزمان. ومعنى هذا أن هناك حربًا متواصلة على غزة، وليست مجرد حرب دائرة في غزة في الوقت الراهن.

*لا بد من الإقرار بأن تاريخ 7 أكتوبر هو تاريخ فارق، لا بمعنى أنه مقطوع الصلة بما قبله، وإنما بمعنى أنه يشكل مرحلة جديدة في القضية الفلسطينية، وهذا أمر يمكن الكشف عنه من نواحٍ عديدة. فمن ناحية يمكن القول إن المقاومة على مدى عام ونصف -منذ ذلك التاريخ- قد أظهرت صمودًا قويًّا في مواجهة آلة عسكرية جبارة مدعومة بأحدث الأسلحة الأمريكية؛ وبذلك استطاعت تبديد الأكذوبة الرائجة في وصف الجيش الإسرائيلي بأنه «الجيش الذي لا يُقهَر». وهذا يكشف عن أمر آخر، وهو أن مسألة الانتصار والهزيمة في الحروب لا تحسمها القوة العسكرية وحدها: فمن المسلم به أن المقاومة الفلسطينية تمتلك أسلحة بالغة الضعف والضآلة بالقياس مع أسلحة الجيش الإسرائيلي، ولكن صمود المقاومة قد صنعته أشياء أخرى غير السلاح، وهو ذلك الصمود المدهش للشعب الفلسطيني نفسه وتمسكه بأرضه، رغم كل ما يواجه من موت ودمار وخراب.

*ومن الحقائق الواضحة التي نتجت عن هذه الحرب هي أنها جلبت القضية الفلسطينية إلى صدارة الاهتمام العالمي سواء على المستوى السياسي الرسمي أو الإعلامي أو الشعبي، بعد أن كانت القضية الفلسطينية مطمورة في اجتماعات الغرف السياسية أو في دهاليز المؤامرات الدولية. فلأول مرة نجد اهتمامًا شعبيًّا واسعًا عبر العالم بالقضية وبمناصرة حقوق الشعب الفلسطيني، بل نجد اهتمامًا بذلك أيضًا لدى أجيال الشباب والطلبة في العالم الغربي، خاصةً في الولايات المتحدة الأمريكية.

*وقد كشفت لنا هذه الحرب عن المواقف العنصرية في كثير من سياسات الدول الغربية بشأن القضية، وخاصة في سياسة الولايات المتحدة الداعمة بقوة لإسرائيل في نوع من الانحياز العلني الذي يتجاهل كل الحقائق التاريخية والوقائع التي تجري على الأرض.

وإذا تغاضينا عن الحقائق التاريخية، فكيف يمكن لموجود بشري حقيقي أن يتجاهل ما يجري على الأرض في هذه الأيام: هناك مشاهد مروِّعة لأم شهيدة يعلو صدرها جسد طفلتها الشهيدة، ومشاهد لأب يحمل طفله الرضيع في حالة احتضار، وقد بدا الرضيع رافعًا أصابع يديه إلى السماء، وكأنه يستنجد بالله. تلك مشاهد تفوق تصوير بيكاسو لقسوة الهجوم الوحشي على قرية مسالمة من قرى إسبانيا في لوحته الشهيرة «الجيرنيكا»، وتفوق تصوير حالات القسوة والكآبة والموت في لوحات جويا، بل تفوق حتى تصوير شوبنهاور في كتاباته لهول بؤس البشر وعذابهم. وعلى هذا، فإن من ينحازون ضد مثل هؤلاء البشر ليسوا متحيزين فحسب من الناحية السياسية، وإنما هم أيضًا متحيزون بطريقة لا أخلاقية، بل بطريقة لا إنسانية.

*ومن الحقائق التي نتجت عن هذه الحرب وباتت واضحة على الأرض أن مآلات الحرب قد تُفضي إلى مزيد من الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية والهيمنة بقوة السلاح، ولكن ذلك لن ينهي القضية الفلسطينية وروح المقاومة المتأصلة في طبيعة الشعب الفلسطيني؛ وربما يكون هذا في حد ذاته دافعًا قويًّا لرضوخ إسرائيل والقوى الداعمة لها إلى الأمر والواقع، ومن ثم إلى البحث عن مسار سياسي حقيقي لحل القضية أو حل الدولتين.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: القضیة الفلسطینیة هذه الحرب على غزة

إقرأ أيضاً:

إلى من لم يصنع النصر ..وإنما كُتب له

إلى من لم يصنع النصر ..وإنما كُتب له
إلى المجاهدين .. وهم طيفٌ عريض ( قوات مسلحة ، وجهاز مخابرات ، وشرطة ، ومستنفرين ) فقد قال العلامة بن باز رحمه الله ان الخروج دفاعاً عن الدين والنفس والأهل والمال والبلاد وأهلها، من الجهاد المشروع، ومن يقتل في ذلك وهو مسلم يعتبر شهيدًا .

ان هذا النصر الذي فرحت به الأمة ..من اهل السودان وسائر المسلمين هو نصرٌ من الله نزل برداً وسلاماً على أمة محمد ، حدثني أخ سوري ان دمشق وعديد مدن من سوريا كانت تحبس انفاسها يومين وهم يتابعون معركة القصر وحين اعلن تحريره سجد بعض الناس شكرا ً ووزع البعض الحلوى في الشوارع ، واراني بعض الفيديوهات .

كان الجميع يتابعكم في زمن الانكسارات هذا ، يتابع كيف هب شعب كامل ليدافع عن وطنه بالسلاح وبالمال وبالقلم وبالطعام وباللسان …

أيها المجاهدون في سبيل بلادكم وشرفكم وأهلكم ..يا من اختاركم الله بعد ان نظر في الناس سبعين مرة ثم اصطفى المجاهدين ثم نظر في المجاهدين سبعين مرة فاصطفى من بينهم الشهداء

يا من انتم احسن منا ومن كثيرين ، اعلموا ان هذه الانتصارات لم تحقق بفضل قوتكم ولا مهارتكم ولا بقوة سلاحكم ولا بعتادكم ..بل هو مكرمةٌ من الله ، فالنصر ليس بالعدة ولا العتاد ، ولو كان كذلك لكان حميدتي وحشده من (العربان والقرعان ) قد استلموا السودان في يوم 15 أبريل ، ألم يصرخ احدهم فرحاً حتى الهياج في ذلك اليوم (استلمناااا السودان )، ألم تسقط كل الخرطوم في يدهم عدا القيادة العامة وسلاح المدرعات والمهندسين !!
ألم يخلوا البيوت في الخرطوم من سكانها خلال خمسة اسابيع !!

ولكن الله أوقفهم بقلة صمدت ، الله … سخر تلك القلة وأعانها .. الله وليس غيره .
فلا تفرحوا بهذه الانتصارات زهواً بل بمزيدٍ من الإيمان بالله واليقين به و بطأطأه الرؤوس في هذه المواقف ، بمزيدٍ من الشكر لله الذي أراد لكم هذا النصر واعانكم عليه ..فما النصر إلا من عند الله
أعانكم الله ..وفقكم الله …نصركم الله ..حفظكم الله.

سناء حمد

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • قائد الثورة: المؤتمر الثالث لفلسطين يأتي في إطار الاهتمام والتوجه الصادق لنصرة القضية الفلسطينية
  • رئيس حزب الجيل لـ«الأسبوع»: مصر تواصل جهودها لدعم القضية الفلسطينية ورفض مخطط التهجير
  • حزب المصريين: مصر لن تسمح بتصفية القضية الفلسطينية مهما كانت الإغراءات
  • حاتم باشات: مصر تدافع عن القضية الفلسطينية وترفض أي مشاريع تهجير
  • الاحتلال يكثف تحركاته لتصفية القضية الفلسطينية
  • يوم القدس العالمي.. توحيد الأمة لمناصرة القضية الفلسطينية
  • كاتب صحفي: موقف مصر ثابت وراسخ تجاه دعم القضية الفلسطينية
  • كاتب صحفي: موقف مصر ثابت وراسخ تجاه دعم القضية الفلسطينية |فيديو
  • إلى من لم يصنع النصر ..وإنما كُتب له