لجريدة عمان:
2025-05-03@06:15:21 GMT

دروس في التعليم

تاريخ النشر: 25th, March 2025 GMT

لستُ من الذين يصفقون لقرارات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بل كثيرًا ما أجد نفسي على الضفة الأخرى منها متوجسًا من رؤاه السياسية والاقتصادية التي تهز استقرار وهدوء العالم بأجمعه، لكنني هذه المرة وجدتُ نفسي مشتتا بعض الشيء إزاء القرار الذي اتخذه بإلغاء وزارة التعليم وإعادة سلطة تنظيم التعليم إلى الولايات، واصفا الوزارة الفـيدرالية بأنها كيان بيروقراطي متخشب، يعيق التقدم وملقيا عليها باللائمة فـي تأخر التعليم فـي الولايات المتحدة.

أقول بأنني وجدت نفسي فـي منطقة رمادية، مشدودًا بين رؤيتين متناقضتين، فمن جهة لم يسبق أن أقدم رئيس دولة على قرار بحل وزارة التعليم باعتبارها إحدى الركائز التي تستند إليها الدول فـي نهضتها واستقرارها وتطورها وازدهارها، إذ لا يمكن تصور تنمية حقيقية دون منظومة تعليمية متينة ترعاها الدولة وتوجهها نحو التطور المستدام لشعوبها. ومن جهة أخرى، لا يمكنني إنكار أن خطوة ترامب، رغم صدمتها، تحمل فـي طيّاتها بحثًا عن بديل أكثر كفاءة، خاصة عندما أشار إلى التجربة الفنلندية، تلك التي تصدرت قوائم التعليم العالمي لسنوات، متجاوزة دولًا ذات إمكانات اقتصادية وسكانية ضخمة.

توقعت أن تكون فنلندا بدون وزارة للتعليم، لكن عقب بحث بسيط تبين أن لديها وزارة للتعليم والثقافة، لكنها ليست بتلك الصورة النمطية للوزارات التي تُثقل كاهل التعليم بالبيروقراطية واللوائح الصارمة. فهي لا تتدخل فـي كل تفصيل العملية التعليمية، ولا تفرض مناهج موحدة على جميع المدارس، بل تضع الإطار العام، تاركةً مساحة واسعة من الحرية للإدارات المحلية والمعلمين ليبتكروا أساليبهم الخاصة بما يتناسب مع احتياجات طلابهم.

لو حاولنا تطبيق التجربة الفنلندية فـي التعليم فـي دولنا العربية، فهل سيكتب لنا النجاح وسنشهد تطورًا ملموسًا فـي بناء أجيال متعلمة تعليما غير تقليدي لا يعتمد على الكتاب والحفظ والاختبار، بل يركز على الابتكار والإبداع والخيال الخصب والتحصيل الدراسي المثمر؟ من الناحية النظرية، قد يبدو الأمر مغريًا، لكن الواقع مختلف، فلكل دولة تجربتها الخاصة، تنبع من سياقاتها التاريخية والثقافـية والإدارية ونظرتها لهُويتها الوطنية التي تترسخ من خلال التعليم، مما يجعل فكرة منح الجهات المحلية أو المناطق الإدارية صلاحيات مستقلة فـي رسم سياساتها التعليمية الخاصة أمرًا صعب التحقق وقد لا يكون فـي ذلك أي عيب أو خطأ، فلكل دولة سياستها التعليمية القائمة على مبادئها وأفكارها التي قد تختلف عن سياسات وأفكار دول أخرى، وفـي النموذج يقوم التعليم على تفكيك مركزية التعليم، بحيث تُمنح المدارس والمعلمون حرية واسعة فـي وضع المناهج واختيار أساليب التدريس بصور أسهل فـي التطبيق من دون الرجوع إلى نظام المركزية فـي الموافقة على إقرار نموذج تعليمي وتفضيله أكثر من غيره.

فـي سياقنا المحلي، وبالنظر إلى بعض التجارب العالمية الناجحة، يمكن اقتراح منح المحافظات والمكاتب التعليمية فـي الولايات مزيدًا من المرونة فـي العملية التعليمية، دون الحاجة للرجوع إلى مركزية الوزارة فـي اتخاذ العديد من القرارات. فتحديد بعض المواد الدراسية الحديثة التي تتماشى مع احتياجات كل محافظة وسوق العمل المحلي سيسهم فـي تطوير المناهج التعليمية بشكل أكثر تخصصًا ومرونة. هذا التوجه سوف يعزز من قدرة النظام التعليمي على التكيف مع الخصوصيات المحلية، ويشجع على الابتكار والإبداع فـي العملية التعليمية. وستظل الوزارة هي الجهة المشرفة والمنظمة لشؤون التربية والتعليم، مع ضمان وجود آلية واضحة للمراجعة والتقييم لضمان الجودة والاتساق فـي التعليم.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

التعليم في عدن تحجب نتائج الثانوية العامة لـ490 طالباً من أبناء "سامع" ومحافظ تعز يطالب بسرعة الإفراج عنها

يواجه أربعمائة وتسعون طالباً وطالبة من أبناء مديرية سامع محافظة تعز، هم خريجو الثانوية العامة للعام الدراسي 2023- 2024 مشكلة حجب نتائجهم وحرمانهم من استلام شهادة النجاح من وزارة التربية والتعليم في عدن، دون سبب واضح حتى الآن، وضمن ممارسات انتقائية حتى الآن ورغم المذكرة التي رفعها محافظ المحافظة نبيل شمسان للوزارة بهذا الخصوص.

 

وقالت مذكرة رسمية صادرة عن مكتب التربية في مديرية سامع أن عدد طلاب دفعة العام الدراسي من نفس المديرية للعام 2023- 2024 يبلغ تسعمائة وستة وتسعون طالبة وطالبة، مما يعني أن أكثر من نصف هذا العدد دون غيره يواجه مصيراً مجهولاً على الرغم من أن بعضهم حاز على درجات عالية،وفقاً لما أفصحت عنه رسالة محافظ تعز للوزارة، ويتطلعون للاستفادة من المنح الخارجية، ومعظمهم يريد استكمال دراسته الجامعية وسط تجاهل لا يمكن فهمه من جانب وزارة التربية والتعليم.

 

ويبدي عدد من الطلاب الذين تحجب وزارة التربية والتعليم شهاداتهم استياءهم من المستوى الذي تتعاطى معه الوزارة حيال قضيتهم وسط معلومات تؤكد أن موظفين في إدارة الاختبارات متورطون في شبهة التعامل مع جماعة الحوثي قد يكونوا وراء استهداف الطلاب الـ490، مما يستوجب التدقيق في هذه المعلومات وقبل لك التوجيه العاجل بإطلاق نتائج وشهادات الطلاب ليتمكنوا من مواصلة تحصيلهم العلمي الأكاديمي.

 

يذكر أن مديرية سامع تعيش وضعاً استثنائياً إذ يضطر طلابها إلى الخضوع لامتحان الثانوية العامة مرتين، مرة وفقاً تحت إشراف وتوقيت وزارة التربية والتعليم الشرعية، ومرة تحت إشراف وتوقيت وزارة التربية والتعليم الخاضعة لجماعة الحوثيين الانقلابيين بالنظر إلى وضع المديرية الذي أنتجته حالة من التوافق المجتمعية على تحييد المديرية في ظل الظروف الراهنة، وعلى ضوء مؤشرات وتقديرات واقعية ترجح عدم تحويلها إلى مسرح حرب دون وضوح بشأن النتائج التي ستفضي إليها هذه الحرب.

 


مقالات مشابهة

  • موقع أمريكي ..أمريكا لم تتعلم من دروس المواجهة مع اليمنيين
  • وزارة الخارجية: المملكة تدين بأشد العبارات الغارة الجوية الإسرائيلية التي استهدفت محيط القصر الرئاسي في دمشق
  • بالإنفوجراف.. نشرة الحصاد الأسبوعي لأنشطة وزارة التنمية المحلية
  • وزير العمل: نكثّف الجهود لتوفير فرص العمل وتدريب العمال بالتنسيق مع التعليم
  • التعليم في عدن تحجب نتائج الثانوية العامة لـ490 طالباً من أبناء "سامع" ومحافظ تعز يطالب بسرعة الإفراج عنها
  • "التعليم" تكشف عن معايير الترشيح للوظائف التعليمية الجديدة
  • التعليم: نحرص على اتخاذ كافة الإجراءات القانونية تجاه أي وقائع تضر طلابنا
  • التعليم تُقيل مديرة مدرسة الكرمة للغات بدمنهور بسبب قضية الطفل "ياسين"
  • استعرض الفرص التنموية التي تم إطلاقها.. نائب أمير الشرقية يستقبل مدير فرع وزارة الموارد البشرية بالمنطقة
  • الاستفادة من التربصات بالخارج لحاملي شهادة التكوين المتواصل..وزارة التعليم العالي توضح