أزمة بين السودان وتشاد بعد تلويح مساعد قائد الجيش السوداني بضرب انجمينا
تاريخ النشر: 25th, March 2025 GMT
تطورت الأزمة بين السودان وتشاد، بشكل لافت منذ أمس، بعد تصريحات لمساعد القائد العام للقوات المسلحة السودانية الفريق أول ركن ياسر العطا، هدد فيها بضرب مطار العاصمة التشادية انجمينا.
وعلى مدى الأشهر الأخيرة، عرفت علاقات البلدين توترا بسبب اتهام الجيش السوداني للسلطات التشادية بدعم مليشيا الدعم السريع المتمردة، بما في ذلك نقل أسلحة وذخائر، فيما تنفي تشاد تلك الاتهامات، وتؤكد عدم تورطها في تأجيج الصراع السوداني.
لكن تصريحات مساعد القائد العام للقوات المسلحة السودانية الفريق أول ركن ياسر العطا، أمس أدخلت البلدين في أزمة يتوقع مراقبون أن تكون لها تداعيات على الإقليم خلال الفترة القادمة.
"أهداف مشروعة"
فقد قال ياسر العطا في تصريحات متلفزة إن السودان "سيقتص من الرئيس التشادي محمد إدريس ديبي" وحذّره من أن مطاري انجامينا وأم جرس هما "أهداف مشروعة للقوات المسلحة السودانية".
وشدد أن حديثه "ليس لجلب العواطف في لحظات عزاء شهداء القوات المسلحة، بل نعلم ما نقوله، وحديثنا ليس مزحة إطلاقًا ولا حديثًا يُطلق على الهواء".
وتابع: "سنلاحق كل من قاتل ضد أمتنا من غرب أفريقيا، ودولة جنوب السودان، وكذلك الداعم الرئيسي لهذه الحرب، وهي دولة الإمارات".
"إعلان حرب"
ولم يتأخر رد تشاد، على تصريحات المسؤول العسكري السوداني، حيث وصفت وزارة الخارجية التشادية، هذه التصريحات بأنها بمثابة إعلان حرب".
وقالت الخارجية التشادية في بيان إنها تدين التصريحات التي وصفتها بأنها "غير مسؤولة وتُعتبر بمثابة إعلان حرب إذا ما أعقبها أي تحرك عدائي".
وحذرت الوزارة من أن مثل هذه التصريحات قد تؤدي إلى تصعيد خطير في المنطقة، مؤكدة أنها تحتفظ بحقها المشروع في الدفاع عن سيادتها، وأنها سترد بحزم على أي محاولة اعتداء، وفقًا لمبادئ القانون الدولي".
وشددت الخارجية التشادية على "التزام تشاد بالحياد في النزاع الداخلي السوداني" معتبرة أنها "تسعى جاهدة، من خلال مبادراتها الدبلوماسية، للمساهمة في إنهاء الأزمة التي يعاني منها الشعب السوداني منذ ما يقرب من عامين" مؤكدة أن النزاع في السودان هو شأن داخلي يخص الأطراف المتحاربة وحدها، وأن تشاد ليست طرفًا فيه.
ولفتت تشاد إلى أنها "تواصل استقبال مئات الآلاف من اللاجئين السودانيين الفارين من النزاع، في موقف يعكس قيمها الراسخة في التضامن والضيافة".
ودعت الوزارة القادة السودانيين، وعلى رأسهم الجنرال العطا "إلى التوقف عن إطلاق التهديدات غير المسؤولة، والتركيز بدلًا من ذلك على إنهاء النزاع عبر الحوار والتفاوض، باعتبارهما السبيل الوحيد لإحلال سلام دائم".
وخلص البيان للقول: "إن تشاد تجدد بكل وضوح وحزم، استعدادها للتعاون مع كافة الأطراف الراغبة في تحقيق السلام في السودان، وتؤكد أن أي مسار آخر سيكون غير مقبول".
شكوى إلى لجنة أفريقية وتهم للإمارات
وكان السودان قد تقدّم مؤخرا بشكوى إلى اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان مدعومة بأدلة وثائقية ومقاطع مصورة، تتهم تشاد بدعم مليشيا الدعم السريع المتمردة، بما في ذلك نقل أسلحة وذخائر، فيما نفت تشاد تلك الاتهامات، مؤكدة عدم تورطها في تأجيج الصراع السوداني.
كما تقدم السودان بشكوى ضد دولة الإمارات العربية المتحدة أمام محكمة العدل الدولية على خلفية "التواطؤ في إبادة جماعية" بسبب دعمها المفترض لقوات الدعم السريع السودانية.
وقالت محكمة العدل الدولية في بيان إن الخرطوم تعتبر أن الإمارات العربية المتحدة "متواطئة في إبادة جماعية ضد المساليت (قبيلة في السودان) من خلال توجيهها وتوفير الدعم المالي والسياسي والعسكري المكثف لمليشيات الدعم السريع المتمردة".
وذكرت المحكمة في بيانها أن طلب السودان يتعلق "بأفعال ارتكبتها" قوات الدعم السريع والمليشيات المتحالفة معها، تشمل "على سبيل المثال لا الحصر، الإبادة الجماعية والقتل وسرقة الممتلكات والاغتصاب والتهجير القسري والتعدي على ممتلكات الغير وتخريب الممتلكات العامة وانتهاك حقوق الإنسان".
وقد نددت الإمارات بشكوى السودان أمام محكمة العدل الدولية، معتبرة أنها "حيلة دعائية خبيثة"، ومؤكدة أنها ستسعى إلى إبطالها.
وتتحدث تقارير إعلامية من حين لآخر أن طائرات الدعم السريع تُقلع من قواعد في دارفور وتشاد، حيث تُشغّلها الإمارات، التي يتهمها الجيش السوداني بأنها الراعي الأجنبي الرئيسي لقوات الدعم السريع.
علاقات معقدة
ترتبط السودان وتشاد بحدود تمتد لنحو 1403 كيلومترات، وهي الأطول بعد حدود السودان مع جنوب السودان، فيما يجمع البلدان تداخل اجتماعي معقّد يبرز في وجود 13 قبيلة مشتركة على جانبي الحدود.
وخلال السنوات الأخيرة ظلت العلاقة بين الخرطوم وانجمينا مثقلة بالخلافات الناتجة عن الأنظمة السياسية المتعاقبة، فمنذ اندلاع أزمة دارفور سنة 2003 طبع الاتهام المتبادل العلاقة بين الخرطوم وانجمينا.
ومرت علاقات البلدين بالعديد من المحطات البارزة، ففي العام 1987 اتهم الرئيس التشادي الأسبق حسين حبري الخرطوم بإيواء مسلحين معارضين لبلده، وفي العام 1989 لجأ الرئيس التشادي السابق إدريس ديبي إلى السودان بعد فشله في انقلاب عسكري ضد نظام انجمينا، قبل أن يتمكن من الإطاحة الرئيس حسين حبري وتولي السلطة في 1990.
وفي عام 2003 لجأ قرابة ربع مليون من سكان دارفور إلى تشاد، وفي 2004 اتهمت تشاد الجيش السوداني بالهجوم على بلدة تينه الحدودية، وفي 2007 دارت مواجهات بين جيشي البلدين داخل الحدود السودانية، وأكدت تشاد حينها أن جيشها كان يطارد متمردين تشاديين.
وفي 2008 وقع البلدان في دكار وبوساطة من السنغال، على اتفاق مصالحة ينص على ضبط حدود البلدين وعدم دعم حركات التمرد في كليهما.
وازدادت الأزمة بين البلدين تعقيدا منذ بدء المواجهة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، حيث أصبحت حدودهما مسرحا للتوترات الأمنية.
ويخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ نيسان/ أبريل 2023 حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 15 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية الأزمة السودان التشادية الدعم السريع السودان أزمة تشاد الدعم السريع المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الجیش السودانی الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
قوات الدعم السريع تقول إنها سيطرت على مخيم للنازحين في دارفور
الخرطوم - قالت قوات الدعم السريع الأحد 13 ابريل 2025، إنها سيطرت على مخيم للنازحين في إقليم دارفور في غرب السودان بعد يومين من قصف مدفعي عنيف وإطلاق نار، وفق ما أفاد مصدر داخل القوات وكالة فرانس برس.
وأوضح المصدر لوكالة فرانس برس شرط عدم ذكر هويته لأسباب أمنية "قواتنا بسطت سيطرتها على قاعدة زمزم وتم تأمين المنطقة". ويعد هذا المخيم الأكبر في دارفور وهو يقع قرب الفاشر عاصمة شمال دارفور التي تحاصرها قوات الدعم السريع منذ أيار/مايو الماضي.
وعانى مخيم زمزم الذي يؤوي أكثر من 500 ألف لاجئ بحسب الأمم المتحدة، إلى جانب مخيَمي أبو شوك والسلام القريبين، بشكل كبير خلال الحرب المستمرة منذ عامين بين الجيش وقوات الدعم السريع.
ومنذ الجمعة، شنّت قوات الدعم السريع هجمات برية وجوية على مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور المحاصرة ومخيمَي زمزم وأبو شوك.
والأحد، قالت "تنسيقية لجان المقاومة بالفاشر" في بيان إنه بعد سيطرة قوات الدعم السريع على مدينة أم كدادة "أقدمت على تصفية... 56 من سكان المدينة على أساس عرقي".
وأعلنت قوات الدعم السريع التي تقاتل الجيش، الخميس استعادة السيطرة على بلدة تقع على مسافة حوالى 180 كيلومترا جنوب غرب مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور في غرب السودان.
وقال حاكم دارفور وزعيم حركة تحرير السودان مني أركو مناوي الذي تقاتل قواته إلى جانب الجيش، الأحد إنه منذ الجمعة "قتل 450 شخصا في الفاشر والمناطق المحيطة بها" على يد قوات الدعم السريع.
ودعا البابا فرنسيس الأحد في ختام صلاة التبشير الملائكي في روما والتي بثها الفاتيكان، إلى إحلال السلام في العالم مشيرا خصوصا إلى السودان.
وقال إن "15 نيسان/أبريل يصادف الذكرى الثانية الحزينة لاندلاع الحرب في السودان والتي خلفت آلاف القتلى وأجبرت ملايين العائلات على الفرار من ديارها".
اندلعت الحرب في السودان في 15 نيسان/أبريل 2023 بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو الملقب "حميدتي".
ونشرت تنسيقية الفاشر الأحد قائمة بأسماء القتلى بينهم مدير مستشفى البلدة.
كذلك، اتهم الناشطون قوات الأمن بارتكاب "انتهاكات واسعة النطاق" و"تهجير قسري"، مشيرين إلى فقدان 14 شخصا.
وأضافوا أن كل شبكات الاتصالات أوقفت.
- معركة الفاشر -
وأدت الحرب في السودان إلى مقتل عشرات الآلاف ونزوح أكثر من 12 مليون شخص، وتسببت بأزمة إنسانية تعد من الأسوأ في التاريخ الحديث، بحسب الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي.
وصارت ثالث أكبر دولة في إفريقيا من حيث المساحة مقسّمة عمليا، إذ يسيطر الجيش على مساحات واسعة في شرق البلاد وشمالها بينما تسيطر قوات الدعم السريع على القسم الأكبر من دارفور غربا وأجزاء من جنوب السودان.
وبعد استعادة الجيش للعاصمة الخرطوم الشهر الماضي، كثفت قوات الدعم السريع من هجماتها باتجاه مدينة الفاشر التي تحاصرها منذ أيار/مايو 2024.
ولا تزال هذه المدينة التي تعد نحو مليوني نسمة تحت سيطرة الجيش.
السبت، أعربت الأمم المتحدة عن مخاوفها من مقتل أكثر من 100 شخص في السودان بعد هجمات شنتها الجمعة قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر ومخيمي زمزم وأبو شوك.
وأفادت التقارير الأولية الصادرة عن التنسيقية الجمعة بمقتل 25 شخصا في زمزم و32 في الفاشر، فيما أفاد الجيش بمقتل 74 و17 شخصا على التوالي.
وقال ناشطون الجمعة إنه من الصعب تقييم حجم الأضرار التي لحقت بزمزم بسبب صعوبات في الاتصالات والإنترنت.
وقال آدم رجال، المتحدث باسم تنسيقية النازحين واللاجئين في دارفور، لوكالة فرانس برس، "تعرضت مخيمات النازحين هذه (الأحد) لقصف وهجوم من قبل آليات قتالية تابعة لقوات الدعم السريع".
كذلك، أكد استئناف المعارك داخل مدينة الفاشر.
ويُتهم طرفا الحرب بارتكاب انتهاكات بحق المدنيين وفرضت الولايات المتحدة عقوبات على كلا الجانبين.
وفي كانون الثاني/يناير 2025، اتهمت واشنطن رسميا حكومة السودان بـ"ارتكاب إبادة جماعية" في إقليم دارفور، المنطقة الصحراوية الواقعة عند الحدود مع تشاد والتي توازي مساحة فرنسا.