لجريدة عمان:
2025-03-25@20:57:38 GMT

نجم الغميصاء

تاريخ النشر: 25th, March 2025 GMT

نجم الغميصاء

لطالما كان للنجوم حضور قوي في الثقافة العربية، ولا تزال الكثير منها تحمل أسماء عربية حتى اليوم، وقد ورد ذكرها في القرآن الكريم، حيث قال الله تعالى في سورة الأنعام: "وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ۗ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ"، وارتبط العرب بالنجوم بشكل وثيق، فأطلقوا عليها أسماء ووصفوها بدقة، ولم يقتصر تأثيرها على علم الفلك وحسب، بل امتد أيضًا إلى الشعر والأدب، حيث تغنّى بها الشعراء وحيكت حولها الأساطير، مستخدمينها لرسم صور خيالية تربط بين النجوم وتوضح مواقعها في السماء ضمن حكايات وقصص مشوقة.

والنجم الذي نتحدث عنه هو نجم "الغميصاء" ويسميها العرب أيضا "الغميضاء"، هو أحد نجوم كوكبة الكلب الأصغر، وتعود شهرة هذا النجم الأبيض المائل إلى الصفرة كونه ثامن ألمع نجم في السماء، وعند العرب يعتبر هو أحد نجوم منزلة الهقعة، وهي إحدى منازل القمر في التقويم العربي القديم، ولو تتبعنا هذا النجم في المعاجم اللغوية العربية لوجدنا أن ابن منظور في معجمه الشهير لسان العرب قد فصل في سبب تسمية هذا النجم بهذا الاسم، بل وأورد الأسطورة العربية في ربط هذه النجم بغيره من النجوم التي نقلها بلسان الأديب العماني ابن دريد فهو يقول: " والشعرى الغموص والغميصاء ويقال الرميصاء: من منازل القمر، وهي في الذراع أحد الكوكبين، وأختها الشعرى العبور، وهي التي خلف الجوزاء، وإنما سميت الغميصاء بهذا الاسم لصغرها وقلة ضوئها من غمص العين، لأن العين إذا رمصت صغرت. قال ابن دريد: تزعم العرب في أخبارها أن الشعريين أختا سهيل وأنها كانت مجتمعة، فانحدر سهيل فصار يمانيا، وتبعته الشعرى اليمانية فعبرت البحر فسميت عبورا، وأقامت الغميصاء مكانها فبكت لفقدهما حتى غمصت عينها، وهي تصغير الغمصاء.

ويطلع نجم "الغميصاء" في الجزيرة العربية، قبيل الفجر في أوائل يناير، ثم يصبح ظاهرًا طوال الليل في الربيع، ويكون في أوج ارتفاعه في السماء في شهر فبراير، وهو أحد نجوم فصل الشتاء المميزة، ويغرب مع دخول الصيف، ويختفي في ضوء الشمس خلال الأشهر الحارة.

وظهور نجم "الغميصاء" في السماء قبل الفجر كان يُعد من علامات اشتداد البرد، خاصة في شهر يناير، حيث يدل على أن الشتاء دخل مرحلته الباردة، وكان الفلاحون يربطونه بموسم "الصفري"، وهو الوقت الذي تبدأ فيه الأشجار بإسقاط أوراقها وتستعد لمواسم النمو القادمة.

وإذا أتينا إلى ما ذكرته الدراسات الحديثة من معلومات فلكية عنه، فهذا النجم يبعد عنا تقريبا 162 سنة ضوئية، سطحه أكثر حرارة من الشمس، حيث تبلغ حرارته 11,772 كلفن مقارنة بـ5,778 كلفن للشمس، ومن حيث الحجم فقطره أكبر من الشمس بحوالي 2.1 مرة، أي أنه أكبر من الأرض بـ2.5 مليون مرة.

وقد ورد هذا النجم في أشعار العرب وأخبارهم، فنجد مثلا الشاعر الجاهلي الشنفرة ذكر هذا النجم في لاميته المشهرة حيث قال:

وَأَصبَحَ عَنِّي بِالْغُمَيْصاءِ جَالِساً

فَرِيقَانِ مَسؤُولٌ وَآخَرُ يَسأَلُ

فَقَالُوا لَقَدْ هَرَّتْ بِلَيْلٍ كِلَابُنَا

فَقُلْنَا أَذِئْبٌ عَسَّ أَمْ عَسَّ فُرْغُلُ

وهذا الشاعر العباسي رهين المحبسين أبو العلاء المعري يذكر هذا النجم في معرض ذكر فكرة العبور من النهر فقال:

عَبَرَ الناسُ فَوقَ جِسرٍ أَمامي

وَتَخَلَّفتُ لا أُريدُ عُبورا

أَشعَرَ اللَهُ خالِقُ الأُمَمِ الشِع

رى الغُمَيصاءَ ذِلَّةً وَالعَبورا

كما أن الشاعر العباسي أبا منصور الثعالب قد ذكر هذا النجم وأسماه الغيضاء بالضاد، فقال:

كأَنَّما الشمسُ سكرى فهي راجعةٌ

من قبلِ موعدِها تومي بأضواءِ

كأنَّما الأرضُ شحراء من الذهب آل

إبريز سامية نحو الغميضاءِ

ومن الشعراء الذين ذكروا هذا النجم الشاعر الأندلسي الشهير حازم القرطاجني الذي يقول:

كأنك إذا فُتَّ الثريَّا مكانةً

سطوتَ بكفَّيها خصيبٍ وجدباءِ

ورُعْتَ عَبورَ الشعْرَيَيْنِ فلم تغر

خفوقاً وبذا السعد نورَ الغميصاءِ

ونجد الشاعر العثماني ابن النقيب ذكر هذا النجم في أشعاره فقال:

أيا من له في كل مجد موثَّل

رواق على الشعْرى الغميْصاء حابسُ

إِليك بها من خدْر فكر مكفّل

بروض جياد القول وهي شوامس

كما أن للشعر الحديث نصيبا في ذكر هذا النجم، فهذا الشاعر العراقي حمزة قفطان يذكر "الغميصاء" ويقول إن هجر أختها لها لم يكن من باب الجور فقال:

فإن عبرت تلك العبور فادمعي

طفحن وما نهر المجرة جاري

وقد أبكت الأخرى الغميصاء زفرتي

وما هجرتها أختها بجوار

وأيضا نجد الشاعر البغدادي جميل صدقي الزهاوي يذكر هذا النجم فيقول:

هَل بعين الشعرى الغميضاء لَيلاً

أَخبروني قذى من الأقذاء

ما أَظن الميزان يوزن فيه

بعض ما في الحلوى من الأشياء

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی السماء نجم فی

إقرأ أيضاً:

غزه تضع العرب في الميزان الدولي

#غزه تضع #العرب في #الميزان_الدولي
#فايز_شبيكات_الدعجه
مضى من الوقت، ومن بشاعة الجرائم الصهيونيه في غزه ما يكفي للدلالة على ان دول العالم الفاعلة لا يعنيها كثيرا ما يحدث في غزه، بل أن ما يحدث في العالم العربي مهما بلغت خطورته لا محل له في جدول اهتماماتها .
دول منيعة ومستقره حددت سياستها الخارجيه وفق مصالحها، ولا تلتفت إلى ما تقوله الدبلوماسية العربية ولا تأخذه بعين الاعتبار ، وما تجريه من عمليات استقبال وتبادل زيارات والانصات لوزراء الخارجيه، ما هي إلا مجاملات سياسية تماشيا مع الأعراف والتقاليد التاريخية المتبعه، ولا إثر لها في تعديل أو زعزعة مواقفها الثابتة، وازاحتها لصالح قضية العرب مع إسرائيل.
لقد فشل الجهد السياسي العربي وذهب تعب الاتصالات الخارجيه سدى، ودول العالم الأول منشغله في توفير المزيد من الرفاه، وتتسابق في عالم الاختراع والاكتشاف، وغزو الفضاء، والبحث العلمي، لجعل الشعوب اكثر سعاده ودعة واستقرار.
الدول المستهدفة منها في الدبلوماسية العربية تنتج يوميا المزيد من التقدم وأسباب الطمأنينة والرخاء، والأمة العربية بالنسبة لها مزعجه، وموصومة بالإرهاب والانتشار الواسع للتطرف والعنف، والأمعان في التناحر الداخلي، الأمر الذي يضع اول اهتماماتنا في ذيل اهتماماتهم، ولا شأن لهم بنا لا من قريب ولا من بعيد، وليسوا على استعداد لاتخاذ مواقف متعبه خارج نطاق تقديم المساعدات الإنسانية. ويسود الاعتقاد انهم لا ينظرون للأمة العربية الممزقة نظرة احترام ، بل ويسخرون من الصراعات الداخلية الدائرة بيننا دون توقف أو انقطاع. ونحن والحالة هذه من وجة نظرهم صنف آخر أقل درجة، واحترامهم لنا بالنتيجة موقوف على وحدتنا وتماسكنا وقوتنا، ولعلهم يقولون باننا الأولى بمساعدة أنفسنا اولا. ومساعدة غزه والوقوف معها ضد العدوان بدل من استجداء مواقف الإسناد والدعم من الغير.
العالم اليوم ليس بحاجه لنظام عربي ممزق ومتناحر، واغلب الدول الكبرى مكتفيه ذاتيا. وللعلم فإن مساحة أمريكا وحدها تعادل أربعين ضعف مساحة بريطانيا، وتمتلك كافة الموارد الطبيعية، وأركان القوة ومقومات العيش الذاتية، ما يمكنها من الاستغناء عن العالم كله.وتقترب من هذا كل من الصين وروسيا ودول أوروبا.ولا مجال هنا لإجراء اية مقارنه أو مقاربات مع امم العالم الثالث التي تعاني من التشتت والجوع وعلى رأسها العرب، وبهذا الواقع لا تبدو اي قيمة عربية تذكر في الميزان العالمي، ومن السذاجة في السياق تصديق حكايه أن( المباحثات تناولت العلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين) . فهي مجرد ديكور دبلوماسي أو جمله سياسية متداوله لا تعني شيئا.

مقالات مشابهة

  • غزه تضع العرب في الميزان الدولي
  • أجمل ما قاله الشعراء عن عيد الفطر
  • فيديو | نبض الوطن سلطان.. أغنية مهداة إلى حاكم الشارقة
  • نبض الوطن سلطان.. أغنية مهداة إلى حاكم الشارقة
  • نجم الجبهة
  • شعراء وروائيون يحتفون بتجربة محمد أبوزيد في ديوان
  • الشاعر زين العابدين فؤاد: جماليات الكلمة وتنوع معانيها سبب تحولي من الفصحى للعامية في شعري
  • نجم البطين
  • د. نزار قبيلات: إجاعة اللفظ وإشباع المعنى