لجريدة عمان:
2025-05-02@22:33:18 GMT

ليلة القدر.. فضلها وعلاماتها وأهمية إحيائها

تاريخ النشر: 25th, March 2025 GMT

خالد الهاشمي: لها مكانة خاصة في التاريخ الإسلامي وتُحيى بالقيام وقراءة القرآن

وقال الشيخ خالد بن عايش الهاشمي المشرف التعليمي بمركز الكامل والوافي القرآني: إن ليلة القدر تُعد من أعظم الليالي وأشرفها، لما لها من فضل كبير ومكانة رفيعة في الإسلام، فهي ليلة تتضاعف فيها الأجور وتتزاحم فيها الملائكة، هي ليلة نزلت فيها الأنوار القرآنية وقد خصّها الله تعالى بالأجر العظيم والمغفرة، مستشهدًا بقوله صلى الله عليه وسلم: "من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه".

وأوضح الهاشمي أن النبي صلى الله عليه وسلم أرشد المسلمين إلى تحرّي هذه الليلة في العشر الأواخر من رمضان، وتحديدًا في الليالي الوترية، أي ليلة 21 و23 و25 و27 و29، قائلًا: "والتمسوها في كل وتر"، مضيفًا أن بعض الأحاديث تشير إلى أن ليلة القدر قد تكون في ليلة السابع والعشرين من رمضان، إلا أن الحكمة من إخفائها هي دفع المسلمين للاجتهاد في العبادة طوال العشر الأواخر.

وعن علاماتها، ذكر الهاشمي أنها تتسم بالسكينة والطمأنينة، ويعم فيها السلام والأمان، كما ورد في القرآن الكريم: (سلام هي حتى مطلع الفجر)، كما أن النفوس فيها تكون صافية والأرواح خفيفة وتغمر المسلم والمسلمة طمأنينة ونقاء واشتياق للخير والثواب.

وأشار الهاشمي إلى أن الله تعالى عظّم هذه الليلة في القرآن الكريم، حيث أنزل سورة كاملة تُبيّن فضلها ومكانتها، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحرص على الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان طلبًا لهذه الليلة المباركة، كما كان يحييها بالصلاة والذكر وقراءة القرآن. وأضاف أن الصحابة والسلف الصالح كانوا يجتهدون في العبادة طوال الليل، وذلك لما لهذه الليلة من أهمية في ميزان الأعمال، فهي ليلة تُغفر فيها الذنوب، وتتنزل فيها الرحمات.

وأكد الشيخ الهاشمي أن لليلة القدر مكانة خاصة في التاريخ الإسلامي، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحثّ عليها ويبين فضلها، كما حرص الخلفاء والصحابة على إحيائها. وأضاف: "أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه جمع الناس لقيام رمضان ويطيلون فيه، ومنذ ذلك الحين، ظلت هذه السنة قائمة في بلاد المسلمين، حيث تُحيى الليلة بالقيام وقراءة القرآن، خاصة في الحرمين الشريفين والمسجد الأقصى المبارك، واعتنى بها الحكام والأمراء وصار المسلمون يختمون فيها القرآن الكريم تحريا لفضلها وبركتها".

وحول الأعمال الصالحة التي ينبغي القيام بها في ليلة القدر، أوضح الهاشمي أن المسلم يُستحب له الاجتهاد في الصلاة، وخاصة التراويح والتهجد، وكذلك الإكثار من تلاوة القرآن الكريم وحسن تلاوته، والصدقة، وصلة الأرحام، والاعتكاف في المساجد، والإلحاح في الدعاء، مستشهدًا بقول النبي صلى الله عليه وسلم عندما سألته السيدة عائشة رضي الله عنها ماذا تدعو في هذه الليلة، فقال لها: "قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعفُ عني".

وفيما يتعلق بالطقوس والعادات المرتبطة بهذه الليلة، ذكر الهاشمي أن المسلمين يجتمعون في المساجد لصلاة التراويح والتهجد وصلاة السحر قبل الفجر، وتكون المساجد والجوامع غاصة بالمعتكفين، حيث يقضون الليل في العبادة والدعاء إحياءً لهذه الشعيرة الربانية والسنة النبوية.

وأشار الهاشمي إلى أن غير المسلمين يمكنهم استشعار أهمية هذه الليلة من خلال مشاركتهم للمسلمين في بعض شعائرهم مثل حضور موائد الإفطار أو الاستماع إلى تلاوة القرآن الكريم والأصوات الحسنة وهي ترتل القرآن الكريم، فإن نفوسهم ترقّ وأرواحهم تقترب من الله ولعل الله يمن عليهم بالهداية، مشددًا على أن ديننا دين السماحة والتعايش والألفة والسكينة.

وأكد الهاشمي أن ليلة القدر تترك أثرًا عظيمًا في حياة المسلم، إذ تتنزل فيها البركات، وتوزع فيها الأقدار، وتبقى آثارها في النفوس طوال العام، بما تجلبه من طمأنينة وسكينة وقرب من الله.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: النبی صلى الله علیه وسلم القرآن الکریم هذه اللیلة لیلة القدر

إقرأ أيضاً:

إلى القرآن

ثمَّة مُسلَّمة تمهيديَّة يتعيَّن -اليوم- على كل مؤمن بالله ورسوله أن يتشرَّبها حتى تتغلغل في ثنايا نفسه، وتصير طبعا من طبيعته، وهي أننا نقطع آجالنا القصيرة طلبا لألوان المعارف، وتحصيلا لشتَّى الخبرات، وطيّا لأعمارنا بالسنوات؛ حتى تتهيأ نفوسنا بهذا كله في لحظة معينة، وتصلُح لتلقي القرآن كما تلقَّاهُ العربي الأول، أو على الأقل ببعض الاستعداد الفذ الذي تمتَّع به هذا العربي الحُجَّة. وكلَّما كان الجهد المبذول أكبر، وطالت في سبيل ذلك مرحلة التربية الأوليَّة؛ عجَّل المولى سبحانه ببدء صيرورة التلقي الفعَّال، وأصلح بحوله كل ما اعوجَّ خلالها.

وهذا لا يعني أننا نخرج صفر اليدين إذا حاولنا التنعُّم بالفيوضات الإلهيَّة في مراحل الحياة المبكرة، وقبل أن تصقلنا المعارف وتُهذِّبنا رياضة الأعوام وخبراتها، وإلا لانتفى التكليف لانتفاء المقدرة على تلقي أمر الله وحمله على مُراده عز وجل؛ بل يعني أنَّ ما نُحصِّلهُ -حينذاك- مع الجهد الجهيد -في البيئة الحديثة المفسِدة الصارِفة- لا يكاد يعدو فُتاتا مما تلقَّاه العربي الأول بفطرته وحدها، ودون جهد تقريبا؛ العربي الذي سلَّم الله فطرته وحفظ نفسه من غواشي الحضارات الوثنيَّة، لتُحسن تلقي الوحي وتمثُّله؛ حتى صار الوحي المنزَّل عليها غضّا طريّا كأنه حوارٌ ممتدٌّ مع هذه النفس المهيأة لتلقيه والحركة به، بل كأنه وقودٌ خارقٌ كانت تلك النفس الأبية في أشد التعطُّش إليه.

إعداد النفس لهذا التلقي ليس خطوة ثانويَّة، ولا هي نهائيَّة، ولا هو بالمرحلة التي سنتخطَّاها يوما؛ وإنما هي صيرورة أبديَّة تجبُ المواظبة عليها من المهد إلى اللحد، تخليصا للنفس مما يعلق بها في كل يوم، ومراجعة لها فيما تلقَّتهُ بهذه العوالق
وهذا يعني أننا نُنفق الأعمار في محاولة استنقاذ الفطرة وتخليصها من غواشي هذه الحضارة المهيمنة، ومما تغلغل في نفوسنا من سوآتها، وتنقيتها من مُعطياتها المفسِدَة وتصوراتها المشوِّهة، ثم حفظها وصقلها؛ لأن هذه الفطرة هي جهاز الاستقبال الرباني الذي يتنزَّل عليه كلام الله. وكلما انصلحت مرآتها؛ انضبط ميزانها بما تتلقاه من أمر ربها. وما المعارف والرياضة والخبرات -كلها- سوى حروف اللغة التي يستنطق بها القرآن -متى استقامت- جموع الأسرار والمعاني الإلهيَّة التي خُطَّت على لوح الفطرة الحافل ابتداء. أي أننا نُنفق الأعمار في غسل هذه الأدران حتى نسمو إلى مستوى تلقي ذلك العربي البدائي الموصوف بالجهالة والبربريَّة! نُجاهد حتى نتخلَّص من جاهليتنا الحديثة المركَّبة، ونبلُغ المستوى الرفيع لهذه الجاهليَّة البسيطة "النقيَّة"؛ التي لا يحول الله بها -في الغالب- بين المرء وقلبه، إلا أن يكون صاحب القلب عُتلّا زنيما لا يُرجى منه خير!

وإعداد النفس لهذا التلقي ليس خطوة ثانويَّة، ولا هي نهائيَّة، ولا هو بالمرحلة التي سنتخطَّاها يوما؛ وإنما هي صيرورة أبديَّة تجبُ المواظبة عليها من المهد إلى اللحد، تخليصا للنفس مما يعلق بها في كل يوم، ومراجعة لها فيما تلقَّتهُ بهذه العوالق، وكيف تلقَّته، وهل وقع منها موقع العبوديَّة المكلَّفة المأمورة أم أنها تلقَّته على غير الوجه الذي أراده له ربها؛ فضاق به الصدر الجهول، أو تأفَّفت منه عجلة النفس الأمّارة، أو تحرَّج بسببه القلب المهزوم أمام غواشي الوثنيَّة.

هذه الصيرورة الجهاديَّة الجوانيَّة، التي ناط الله بها حُسن تلقي أمره؛ هي في جوهرها تقويضٌ لتسلُّط الأهواء والشهوات، لئلا تتألَّه في النفس بانسياق الأخيرة وراءها لاهثة، سواء أهواء تلك النفس وشهواتها أو الأهواء التي يوحي لها بها شياطين الإنس والجن ليصرفوها عن الإنصات لربها، والإذعان لأمره؛ حتى يتمكَّنوا هُم من بث ما يريدون بين خواء جنبيها، تمهيدا لاستغلالها وتعبيدها لهم في آخر المطاف.

هذه "المكابدة الجوانيَّة" ضروريَّة كذلك لأن حُسن التلقي الذي ستثُمره -مُفرَّقا وعلى مُكث- هو أولى مراحل العمل الذي يقتضيه الإيمان. بل إن العمل دون انضباط آلة هذا التلقي يعني خروج أي عمل مشوها فاسدا مُفسدا -مهما حَسُنت النيَّة- أو يُفضي إلى القعود والنكول -وربما الانسلاخ من الحق والعياذ بالله- نأيا بالنفس عن الصراع المنهك في سبيل ضبط العمل المستحيل تحقيقه في ظل التلقي المشوَّش/ المشوَّه.

ابتغاء الأوجه الجماليَّة والبلاغيَّة والفنيَّة في القرآن، إنما هو عرضٌ جانبي ومحصِّلة ثانوية ينالها المؤمن الذي يتوجَّه إلى كتاب ربه -ابتداء- طلبا للهداية في أمره كله، وفي إصلاح شأنه كله؛ فإنما ينال هذه الأغراض كافَّة بالتبعيَّة، ومعها كل الفوائد الصحيَّة والتغذوية والوقائيَّة من السحر والمس والجن والمرض.. إلخ. لكنَّ هذه الأغراض والمطالب "الدنيويَّة" كلها لا ينبغي أبدا أن تكون أولويَّة المؤمن الناشر لكتاب ربه
وقد جُعِلَ العمل البراني والمكابدة الجوانيَّة صيرورة تبادُليَّة يعتمد كل طرف فيها على الآخر ويُنضجه، ويُكمله. فإن الأعمال ينعكس تحقُّقها على دخيلة النفس وتصوراتها، كما تُغذي المكابدة كل عمل يتشكَّل وتُعين وجهته. ومن يسقُط من القافلة بسبب أداءه اليوغا والانعكاسات الروحيَّة لذلك على سائر عمله، وجه آخر لمن ينتكس به المسير بسبب الاقتراض بالربا أو استعمال بطاقات الائتمان وأثر ذلك على نسيجه الروحي. وأكثر أهل زماننا تُجرَّف أرواحهم ابتداء بتوهُّم "العلم" بمعناه الإلهي في العلوم الطبيعيَّة/ الماديَّة، التي وضع الغرب بناءها ليصرف المؤمن بها عن ربه الحق، أو بانتكاس ولائهم الديني وانحصاره في حدود بلد حُصر فيه أهلهم منذ قرن أو بعض قرن. وإذا كان تدقيق المرء في اختيار خطواته في العمل البراني ضرورة تكوينيَّة لانعكاس آثار أي عمل على جوانيه، فإن المكابدة الجوانية ضرورة وجوديَّة لأنها هي التي تخلع باطل العمل وتجتث جذوره من النفس؛ فتجعلها فيه من الزاهدين. وهذا كله يؤثر فيما نتلقاه عن رب العزة جلَّ شأنه، ويرسم ملامحه وحدوده.

* * *

وقد كثرت في اﻵونة الأخيرة الأبحاث الغربيَّة، التي تصبُّ في أن تلاوة "نص مقدَّس" بجماع النفس لربع الساعة يوميّا يقي الإنسان من الزهايمر والخرف، وهو أمر مُتواتر عند الحفَّاظ وأهل العلم من شيوخنا منذ عقود، بل منذ قرون؛ بيد أنه ليس هو السبب الذي يدفع الإنسان المؤمن لتلاوة كلام ربه العلي. فإن المؤمن مُتعبَّد بالتلاوة غير مسؤول عن آثارها، ولا مُكلَّف بمعرفة هذه الآثار وتتبُّعها أو تحريها! وقد علَّمنا صاحب الظلال -قدس الله روحه الطاهرة- أن ابتغاء الأوجه الجماليَّة والبلاغيَّة والفنيَّة في القرآن، إنما هو عرضٌ جانبي ومحصِّلة ثانوية ينالها المؤمن الذي يتوجَّه إلى كتاب ربه -ابتداء- طلبا للهداية في أمره كله، وفي إصلاح شأنه كله؛ فإنما ينال هذه الأغراض كافَّة بالتبعيَّة، ومعها كل الفوائد الصحيَّة والتغذوية والوقائيَّة من السحر والمس والجن والمرض.. إلخ. لكنَّ هذه الأغراض والمطالب "الدنيويَّة" كلها لا ينبغي أبدا أن تكون أولويَّة المؤمن الناشر لكتاب ربه يتلوه آناء الليل وأطراف النهار، كما يُوهم بذلك بعض الدُّعاة السذَّج الذين يتشدَّقون بشتَّى صور الإعجاز القرآني؛ وإنما يتعيَّن على المؤمن أن يكون توجُّهه للكتاب الكريم مُلتزما بالغرض الأساس الذي أنزله الله له: هداية الإنس والجن وتذكيرهم بربهم الحق، وبيان أمره إليهم في كل شأن يعتري حياتهم. فإنما يتجلى هذا الإعجاز -بالتبعيَّة- تثبيتا من لدن ربنا العلي لعباده المؤمنين، وتوكيدا لهم أن صلاح أمرهم كله -حرفيّا- منوط بالاستجابة لأمره، والانسجام مع نواميسه، وأن هذه اﻵيات زيادة في إيمان الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون؛ "فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ" (التوبة: 124).

وكما تنزَّل القرآن الكريم على حضرة نبينا ليسعى في إبلاغه إلى أمته ثم إلى العالمين، فإننا نسعى إلى هذا الكتاب المعجز -حقيقة ومجازا، جوانيّا وبرانيّا- سعيا نرجو معه لا بلوغ نوع من المعرفة بحرفه المكرَّم فحسب، أو نيل قسط من العلم الإلهي بتأويله فحسب، وإنما نسعى به وله ومعه -أولا وآخرا وفي كل زمان ومكان- إلى الدخول في زُمرة المهتدين به -جملة ودون تمييز- المذعنين لمحكَمِهِ، الواقفين تأدُّبا عند متشابهه.

x.com/abouzekryEG
facebook.com/abouzekry

مقالات مشابهة

  • إلى القرآن
  • مدير جامعة القرآن الكريم والعلوم الإسلامية يتفقد سير الامتحانات بفرع بورتسودان
  • بدء التقييم السنوي لمسابقة القرآن الكريم بالظاهرة
  • «قبس» تكرّم 10 حافظين للقرآن الكريم في الأحساء
  • سنن ليلة الجمعة الثابتة .. 8 أمور أوصى بها النبي
  • هل يجب على المسلم حفظ القرآن الكريم كاملاً؟.. دار الإفتاء توضح
  • تكريم الفائزين في مسابقة حفظ القرآن الكريم بمدرسة جعلان الخاصة
  • بدء التقييم السنوي لمسابقة القرآن الكريم في الظاهرة
  • الفضالي يكرم الفائزين بمسابقة القرآن الكريم بجمعية الشبان العالمية بمطروح
  • انطلاق الامتحانات.. مدير جامعة القرآن الكريم والعلوم الإسلامية يلتقي وزير التعليم العالي