دراسة: وهم بصري جديد يخدع العقل ويخفف الشعور بالألم
تاريخ النشر: 25th, March 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
كشفت دراسة جديدة أجراها فريق من الباحثون بجامعة روهر بألمانيا عن وهم غير مألوف لكنه فعال قد يكون له تطبيقات واعدة في مجال تخفيف الألم وفقا لما نشرتة مجلة “نيويورك بوست”.
ركز الباحثون على ظاهرة تعرف باسم "وهم اليد المطاطية" وهي خدعة غريبة، حيث يعتقد الناس أن يدا مزيفة جزء من أجسامهم.
وجد العلماء أنه عندما يضع المشارك يده خلفه (بحيث لا يراها) ثم توضع أمامه على الطاولة يد مطاطية تشبه يده تماما، ويبدأ شخص ما يمسح بفرشاة على اليد الحقيقة المخفية واليد المطاطية بنفس الوقت يبدأ المشارك في الشعور بأن اليد المطاطية هي يده الحقيقية وإذا حاول أحد لمسها أو ضربها سيشعر المشارك بالخوف أو الألم رغم أنها ليست يده.
وفي هذه الدراسة الجديدة استخدم فريق البحث الحرارة والضوء بدلا من اللمس وقام بتحديد عتبة الألم الحراري لكل من المشاركين الـ 34 الذين كانوا جميعا يستخدمون يدهم اليمنى وبعد ذلك وضع كل شخص يده اليسرى خلف شاشة بعيداً عن نظره حيث استندت على جهاز تسخين وبدلا من اليد المخفية تم وضع يد مطاطية نابضة بالحياة أمام المشاركين مضاءة بضوء أحمر من الأسفل.
وبينما تعرضت اليد المخفية لمستويات حرارة مضبوطة استخدم المشاركون اليد اليمنى لتحريك مؤشر لتقييم مستوى الألم الذي يشعرون به بشكل مستمر وسمح هذا الإعداد للباحثين باختبار ما إذا كان يمكن للوهم تقليل الإحساس بالألم دون أي تحفيز لمسي بل فقط من خلال الإشارات البصرية و الحرارية.
وفي المجموعة الضابطة وضعت اليد المطاطية مقلوبة رأسا على عقب.
وعندما كانت اليد المطاطية في وضعها الطبيعي (غير مقلوبة) أبلغ المشاركون عن انخفاض في الألم خلال 1.5 ثانية فقط من بدء التجربة واستمر هذا التأثير طوال مدة الوهم.
وقال مارتن ديرز أستاذ الطب النفسي الجسدي والعلاج النفسي في جامعة روهر بألمانيا: “أظهرنا أن شدة الألم المتصورة انخفضت في حالة وهم اليد المطاطية مقارنة بالمجموعة الضابطة كما تشير النتائج إلى أن إدراك اليد المطاطية كجزء من الجسم يقلل من الشعور بالألم”.
تكشف الدراسة عن رؤية مثيرة لكيفية توظيف دماغنا للمعلومات البصرية و الحسية لتخفيف الألم.
وأحد التفسيرات المحتملة هو تسكين الألم البصري وهي ظاهرة مدروسة تشير إلى أن مجرد النظر إلى جزء الجسم الذي يشعر بالألم قد يقلل من شدته.
ومع ذلك أشار ديرز إلى أن الأساس العصبي لهذه الظاهرة ما يزال غير مفهوم بالكامل ورغم ذلك قد تمهد هذه النتائج الطريق لبدائل غير دوائية لعلاج الألم المزمن وهو بحد ذاته خبر يبعث على الارتياح.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: دراسة
إقرأ أيضاً:
العقل الرعوي في الميزان (1-2)
الملاحظ أن الأنبياء والمرسلين منهم الرعاة، ومهنة الرعي تكسب الإنسان مهارات قلّما يجدها في المهن الأخرى، فهي مقترنة بالعنت والمشقة والحكمة والصبر والأناة، لذلك كانت الطريق الممهدة للنبوة وسياسة الناس وإدارة بني آدم، فالحيوان والإنسان صنوان، ويقال أن البياطرة هم الأعمق معرفة بمكنونات الأحياء، لأنهم يتعاملون مع أبكم، والوسيلة الوحيدة للتواصل بينهم وبين هذا الأبكم هي الجمل الحسّية والإشارات الشعورية، فيدركون ما يجيش بخاطر هذا الكائن غير الناطق، ومن ثم يكتمل التواصل، وفي حياة أهل البادية تجد الموروث الرعوي محفوظ منذ قرون، وفي استمرار واتصال بين الأجيال عبر هذه القرون، وهذا الموروث متمسك به إلى يومنا هذا رغم ما علق بالناس من غبار السنين، فالبداوة واحدة، من أمريكا الشمالية واللاتينية حتى غرب آسيا وشرقها وجنوبها، والطبيعة أساسها، والبدوي الرعوي أول ما يعي الدنيا يجد نفسه أمام تحدي مقاومة الطبيعة، فمأكله ومشربه ومسكنه تحدده مقدراته وتجاربه وخبراته في التعايش مع أشواك الغابة وزمهرير الصحراء، وما يصقل خبراته التراكمية احتكاكه الخشن مع (الحيوان غير الأليف)، الذي يهدد وجوده ووجود ممتلكاته التي من بينها (الحيوان الأليف)، وسمعنا عن أجدادنا الذين عاشوا هذه الحياة الرعوية القاسية، كيف خاطروا بحياتهم من اجل حماية القطيع "المراح"، ولكم سمعت جدتي عليها شآبيب الرحمة، وهي تروي مغامرات جدي اثناء "المسار"، وكيف اجتهد في تربية الخيول الأصيلة بإطعامها التمر وسقيها الحليب، واعتماده عليها وأبناءه في حماية "السعيّة"، هذا مع امتلاكه السلاح – "أبو خمسة".
مع بزوغ فجر ثورة الخامس عشر من أبريل سنة 2023 ميلادية، المسنودة بسواعد الرعاة، الذين استغلتهم الحكومات المركزية المتعاقبة في سلك الجندية ابشع استغلال، والذين هم أهل للفروسية وامتطاء صهوات الخيول وضرب "البندق"، بحكم البيئة المشجعة على شحذ الهمم وبث روح الشهامة والنخوة ونجدة الملهوف، لفتت قوة شكيمتهم انتباه علماء الاجتماع والسياسة والعلوم العسكرية، والتي ميّزتهم كجنود منحدرين من الحزامين الرعويين الصحراوي – رعاة الإبل، والسافانا – رعاة الأبقار، وأخذت النظرية الناقدة للعقل الرعوي مساراً مفاهيمياً غير مقنعاً لمن ألقوا السمع وهم شهود على الحاضر المشهود، وبحكم ارتباطنا الاجتماعي بهذه البيئة الرعوية، نعي محدداتها وخصائصها أكثر من الذين ترعرعوا في البيئات الحضرية، فنشأة طفل "الفريق" تختلف كلياً عن تطور حياة رصفاءه بالمدن والحواضر – نيالا وأم درمان وكوستي وسنار، فالبيئة الرعوية تضع الطفل ذا الخمس سنين على دروب الفروسية واستشعار دوره المنوط به كحامي للحمى، منذ هذه البضع سنوات من عمره، ومن حينها يطرق مسامعه همساً وجهراً الصوت القادم من الجدات والعمات وبنات الخؤولة والعمومة (صبيان البنات) – فرسان الحوبة، بعكس الذين في سنه من صبيان الحضر المتمرغين في أحضان الطفولتين الباكرة والمتأخرة إلى حين دخولهم العقد الثالث، الذي من بعده يشرع الواحد منهم في مواجهة الحياة بقسوتها المؤجلة، وقتها يكون الشاب الرعوي قد تزوج ورزق الذرية وقاد حياة مسؤولة وهو لم يتجاوز الخامسة والعشرين.
كثير من الرعاة تجدهم الأقرب لامتهان التجارة لتجوالهم بين البلدان والاقاليم، ولأنهم يرعون السلعة الرأسمالية التي لو قدر لهم ولها ان يكونوا في كنف دولة المؤسسات، لرفدوا الاقتصاد الوطني بمورد أفاد مؤشر الميزان التجاري ايجاباً. إنّ لدينا صلات أرحام (رعوية) لم تنل حظاً من التعليم النظامي، لكنها صارت ايقونات للتجارة العابرة للقارات – الصين وشرق آسيا، وقيادات عسكرية، وفي إطار الصراعات بين الرعاة والمزارعين الذين يمكن وصفهم بأنهم نصف حضريين، وصف المراقبون والمتخصصون في فض النزاعات هؤلاء الرعاة، بأنهم الأكثر تسامحاً في التعاطي مع الأطروحات وحلول المشكلات من رصفاءهم المزارعين، لأن الراعي تفرض عليه مصالحه الرعوية حتمية التعايش مع البيئات المتنوعة، والناس المختلفين، الذين يتعاطى معهم عبر رحلاته وتنقلاته الباحثة عن الكلأ والماء والنار، وحينما يصيب المخاض بقرته – ماعزته – ناقته، يرعاها ومولودها الحديث إلى أن يعود مساء "للدور" ويربطها على "الربق" أو يعقلها، هذا غير المسؤولية الأخلاقية الواقعة على عاتقه في الدفاع عن القطيع "المراح"، حينما يقع الهجوم من قطاع الطرق والمفترسات، فضلاً عن دوره النبيل وصبره الجميل مع المريضة المتوعكة، في منتصف ظهيرة الشمس الحارقة من أيام "السرحة" اثناء مشوار العودة للفريق، وبحكم عمل والدي في حقل الطب البيطري لمست الروح الإنسانية العالية التي يتسم بها كل من يتعامل مع الحيوان، وأن الارتباط الحميم بين الانسان والحيوان يفوق الرابطة الإنسانية.
إسماعيل عبد الله
ismeel1@hotmail.com