يمر علينا اليوم الخميس الموافق ٢٤ شهر أغسطس ذكرى معركة مرج دابق، والتي قامت  في ٢٤ شهر أغسطس عام 1516 بين العثمانيين والمماليك قرب حلب في سوريا.

وبدأت في 8 أغسطس عام 1516 عندما قاد العثمانيين السلطان سليم الأول وقاد المماليك قانصوه الغوري، وتمزق جيش المماليك بسبب الخيانة وبسبب المدافع العثمانية التي لم يهتم المماليك بإدخالها في جيوشهم.

وبسبب الفارق العددي البشري بين الجيشين فساءت العلاقة بين العثمانيين والمماليك، وفشلت محاولات الغوري في عقد الصلح مع السلطان العثماني «سليم الأول» وإبرام المعاهدة للسلام، فاحتكما إلى السيف، والتقى الفريقان عند «مرج دابق» بالقرب من حلب في 25 رجب 922 هـجري الموافق 24شهر  أغسطس عام 1516).

قبل المعركة
كانت العلاقة بين الدولتين العثمانية والمملوكية في بداية الأمر علاقة مودة وتحالف ويظهر ذلك في اشتراك الأسطولين العثماني والمملوكي في حرب البرتغاليين، وبدأت الخلافات تطفو على السطح مع بدء المواجهة بين السلطان سليم والشاه إسماعيل الصفوي سلطان فارس، حيث سعى كل منهما للتحالف مع المماليك لمواجهة الطرف الآخر.

 وأرسل كل منهم السفارة تلو السفارة للسلطان قانصوه الغوري طالبين منه التحالف، فأما الشاه إسماعيل فقد حذر قانصوه من خطورة سليم الأول على ملكه وبين له أن عدم تحالفهم سيمكن السلطان سليم من الاستفراد بالواحد تلو الآخر والقضاء عليه خصوصاً مع توقيعه للهدنة مع الأوروبيين، 

بينما حث السلطان سليم السلطان قانصوه على التحالف ضد أعداء الدين من المرتدين الشيعة محذراً إياه من طموح الصفويين نحو حلب والشام، ولما لم يلق استجابة من قانصوه لجأ إلى تحذيره من مستقبل الصفويين كتهديد مبطن له. 

وعند مسيرة السلطان سليم نحو بلاد فارس راسل علاء الدولة أمير سلالة ذا القدر التركمانية طالباً منه مساعدته في حرب الصفويين فاعتذر منه علاء الدولة متعللاً بكبر سنه ووقوعه تحت حماية المماليك لكن بعد انصراف الجيش العثماني هاجمت قوات علاء الدولة مؤخرة الجيش العثماني (اختلف المؤرخون حول وقع ذلك بأمر من قانصوه أم لا) على أن قانصوه ارسل رسالة شكر لعلاء الدولة يطالبه فيها بالاستمرار في مناوشة السلطان سليم. 

رد السلطان سليم على ذلك بكتاب أرسله للسلطان قانصوه يعلمه فيها بفعلة علاء الدولة فرد عليه السلطان قانصوه بأن علاء الدولة عاص. 

من حينها تربص السلطان سليم بالسلطنة المملوكية وأيقن الناس أن كلاهما يضمر للآخر شراً. حاول قانصوه تهدئة الامر بينه وبين السلطان سليم بعد انتصاره الحاسم في معركة جالديران فعرض عليه التوسط في الصلح بينه وبين الشاه إسماعيل إلا أن السلطان سليم أغلظ معاملة الرسل ووبخهم.

وجمع السلطان سليم وزرائه وقادة جيشه وذكرهم بفعلة علاء الدولة الخاضع للمماليك ورفض المماليك التعاون معهم في حرب الصفويين لذلك استقر رأيه على إعلان الحرب على المماليك على أن يرسل رسالة إلى السلطان قانصوه يعرض عليه الدخول في طوع السلطان سليم، وكان الغرض من الرسالة جر قانصوه الغوري إلى الحرب.

ولكن ارتكب حينها السلطان قانصوه غلطة سياسية كبيرة بأن أغلظ معاملة الوفد وأهانهم انتقاماً منه لما حدث مع وفده سابقاً بدلاً من أن يحاول إصلاح العلاقة بينه وبين سليم. وخرج السلطان قانصوه بجيش كبير من مصر لتفقد قواته الموجودة في سوريا وليكون على استعداد لأي تحرك عثماني بينما خرج السلطان سليم على رأس جيشه من إسطنبول قاصداً بلاد الشام.

 بعد أن علم قانصوه بخروج سليم لملاقاته، أرسل رساله الي جان بردي الغزالي وإلى حمص ان يجمع قواته ومعه امراء الشوف ولبنان ويوافيه عند سهل مرج دابق فاستجاب له وتجمع بقواته هناك، كما تجمع لديه جيش من دمشق بقيادة سيباي. والي حلب خاير بك كان على اتصال بالعثمانيين واقنعوه بخيانة قنصوة على وعد بحكم مصر، وعلى الرغم من تلقى قنصوة التحذير مرتين من خيانة خاير بك، إلا أنه احتكاماً لرأي جان بردي الغزالي صديق خاير بك القديم قد رفض عقابه حتى لا يشتت قلوب الأمراء قبل المعركة.

القوى

خرج العثمانيون بجيش ضخم يضم 125 الف مقاتل على وجه التقريب ومعهم 300 مدفعاً وعدد كبير من حملة القربينات (بنادق بدائية) وترك سليم ابنَه سليمان نائباً عنه في إسطنبول.
•  وفيما كان  عدد قوات المماليك غير محددة وان كانت تقدر بخمسة آلاف مقاتل من مصر بالإضافة لجيوش إمارات الشام (من 10 إلى 20 الف على أقصى تقدير. وترك قنصوة ابن أخيه طومان باى نائبا له على مصر.

أحداث المعركة

اصطف الجيشان وبدأت المناوشات بينهما وما لبث أن قام فرسان المماليك بهجوم خاطف على الجنود العثمانيين فزلزلوهم واضطربت صفوفهم، حيث هاجم رماة السهام من فرسان المماليك حملة البيارق من العثمانيين ثم التفوا لمهاجمة حملة البنادق الموسكيت والقربينات، واستبسل الجنود المماليك واظهروا الشجاعة حتى فكر سليم الأول في تجديد الهدنة بعد الخسائر الفادحة التي نزلت بجيشه. إلا أن ضربات المدفعية القوية قد أذهبت هجمات المماليك أدراج الرياح. كان قنصوه الغوري يقود الجيش من على فرسه حينما انحاز فجأة خائر بك والي حلب وقائد الميسرة للعثمانيين، ولم يكتف بذلك بل ادعى أن السلطان قنصوة الغوري قد قُتل. فاهتز المماليك بعد انكشاف صفوفهم وقلة عددهم وانهيار معنوياتهم بعد إشاعة مقتل السلطان وانتهاء هجمات المماليك الجلبان إلى لا شيء.

 وكثف العثمانيون من قصفهم للمماليك بالمدافع التي لم يهتم المماليك بإدخالها في جيوشهم مثلما اهتم بذلك العثمانيون. فزادت الخسائر في صفوف المماليك وبدأ الجنود في التخاذل والهرب. فانفك الجيش وانتصر العثمانيون وقَتلوا أعداداً كبيرة من الجنود المماليك وقُتل قنصوه الغوري أثناء انسحابه، ولم يعثر للسلطان قنصوة على جثة وقيل أن أحد ضباطه قام بقطع رأسه ودفنها حتى لا يتعرف عليها العثمانيون فيتشفون فيها.

نتائج المعركة:
 

فتح الانتصار للعثمانيين في هذه المعركة الباب لدخول دمشق فدخلها سليم الأول بسهولة، وبدأ بالتجهيز لفتح مصر والقضاء على الدولة المملوكية بعد أن أحكم سيطرته على الشام. 

وفي مصر قام المماليك بتنصيب طومان باي سلطاناً وبدأوا في التجهيز لصد العثمانيي، إلّا أن تكاسلهم وتقاعسهم وخيانة بعضهم كان كفيلاً بسقوط الدولة وهزيمتهم في معركة الريدانية ومنثم استيلاء العثمانيين على مصر.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: السلطان العثماني المعاهدة السلطان سلیم علاء الدولة

إقرأ أيضاً:

«المؤتمر»: قرار الأمم المتحدة بإنهاء الاحتلال انتصار جديد للقضية الفلسطينية

ثمّن اللواء الدكتور رضا فرحات، نائب رئيس حزب المؤتمر، أستاذ العلوم السياسية اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة للقرار المتعلق بالرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية بشأن الآثار القانونية الناتجة عن الممارسات والسياسات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية.

وأشار إلى أن القرار خطوة تاريخية ومهمة نحو إنهاء الاحتلال الإسرائيلي الذي دام لعقود طويلة، ويعتبر انتصارا لإرادة الشعوب المؤمنة بالعدالة والحق، لافتا إلى أن تصويت 124 دولة لصالح هذا القرار يعكس بوضوح التأييد الدولي الواسع لوضع حد لهذا الاحتلال، وإقرار المجتمع الدولي بحقوق الشعب الفلسطيني العادلة والمشروعة.

حقوق الفلسطينيين

وأشار أستاذ العلوم السياسية إلى أن هذا القرار ليس فقط خطوة قانونية وسياسية مهمة، بل هو تأكيد دولي على ضرورة إنهاء الممارسات الإسرائيلية غير القانونية التي تنتهك حقوق الفلسطينيين، وتستهدف تغييب الهوية العربية والإسلامية للقدس الشرقية، مؤكدا أن المجتمع الدولي، بقبوله لهذا القرار، يعترف بوضوح بضرورة وضع حد للمظالم التاريخية التي تعرض لها الشعب الفلسطيني، ودعم حقه الأصيل في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة.

وأضاف نائب رئيس حزب المؤتمر أن مصر، بموقفها الثابت والتاريخي تجاه القضية الفلسطينية، تعتبر القرار انتصارا للدبلوماسية الدولية ولجهود القوى المحبة للسلام لطالما كانت مصر في طليعة الدول التي تدافع عن حقوق الشعب الفلسطيني في المحافل الدولية، وتسعى إلى تحقيق العدالة والإنصاف للشعب الفلسطيني، مؤكدًا ضرورة تضافر الجهود الدولية في هذا السياق.

وأوضح «فرحات» أن المطلوب الآن هو تفعيل هذا القرار على أرض الواقع، من خلال اتخاذ خطوات عملية تنهي الاحتلال الإسرائيلي في غضون الـ 12 شهرا القادمة، وفقا لما نص عليه القرار، كما دعا المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته الأخلاقية والقانونية لضمان تنفيذ بنود هذا القرار، والعمل على تفعيل حل الدولتين الذي يضمن إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 4 يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، كحل وحيد ودائم للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.

قضية الشعب الفلسطيني

وأكد أستاذ العلوم السياسية أن مصر ستظل داعمة لقضية الشعب الفلسطيني العادلة، وستساند كافة الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى تحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة، وإنهاء أشكال الاحتلال والقمع الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني منذ عقود داعيا المجتمع الدولي إلى اتخاذ مواقف حازمة تجاه السياسات الإسرائيلية التي تعرقل السلام وتزيد من معاناة الشعب الفلسطيني، مؤكدا أن الوقت قد حان لإنهاء هذا النزاع الممتد والعمل على تحقيق مستقبل أفضل للأجيال القادمة في المنطقة.

مقالات مشابهة

  • أستاذ إرشاد سياحي: مجموعة السلطان الغوري مصدر إلهام الكثير من الفنانين
  • جهاز لاسلكي مفخّخ تحت منزل النائب سليم عون
  • التلال يضيف لقب دوري عدن إلى خزائنه بعد انتصار صعب على الشعلة
  • د. سليم عبدالرحمن يكتب: بداية جديدة لبناء الإنسان
  • معركة الشاورما تندلع بين تركيا وألمانيا: الحسم لدى المفوضية الأوروبية
  • تأريخ الوقائع شعرا.. من سقوط العثمانيين لما قبل النكبة
  • وصل كام النهارده.. سعر الريال السعودي مقابل الجنيه المصري اليوم
  • «المؤتمر»: قرار الأمم المتحدة بإنهاء الاحتلال انتصار جديد للقضية الفلسطينية
  • "تشخيص سليم يساوي حياة".. شعار احتفالية الاعتماد والرقابة الصحية
  • طرق تربية طفلك بشكل سليم