يشهد قطاع النقل في سلطنة عُمان تحوّلاً نوعيًا في ظل التوسع في استخدام التطبيقات الذكية المرخصة، والتي أصبحت جزءًا مهمًا من البنية الحديثة لخدمات النقل الفردي، بما يتماشى مع التوجهات الوطنية نحو الرقمنة وتوظيف التكنولوجيا في القطاعات الحيوية. وفي هذا الإطار، تواصل وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات جهودها لتنظيم هذا القطاع وضمان استدامته، من خلال تبني أطر تنظيمية وتشريعية تسهم في رفع كفاءة الخدمة، وتحقيق التوازن بين مصلحة المستخدمين والسائقين ومشغلي التطبيقات، كما قامت الوزارة مؤخرا بفرض قرار الزام سائقي مركبات الأجرة بالتسجيل الالزامي في هذه التطبيقات مع بداية ابريل القادم.

ويأتي هذا التوجه في سياق أوسع يرتبط برؤية عُمان 2040، التي تؤكد على أهمية الاقتصاد الرقمي والخدمات الذكية كرافد أساسي لتعزيز جودة الحياة، ودعم القطاعات الحيوية ومنها قطاع النقل ، ومع أن التوجه نحو التكنولوجيا في هذا المجال يحمل فرصًا كبيرة لتطوير القطاع وتعزيز جاذبيته، إلا أن التحديات المرتبطة بمدى جاهزية السائقين، واحتياجاتهم للتدريب والدعم، تظل عناصر جوهرية ينبغي التعامل معها بمرونة وواقعية، لضمان نجاح الانتقال السلس نحو هذه النماذج التشغيلية الحديثة.

"عمان" استطلعت أثر تطبيق القرار مع المعنيين في وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات وعدد من السائقين العاملين في هذا المجال .

وقال المهندس هيثم بن أحمد الزدجالي، مدير دائرة النقل البري في وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات، أن قطاع النقل شهد في السنوات الأخيرة تحولًا ملحوظًا مع انتشار تطبيقات مركبات الأجرة الذكية، حيث أصبحت وسيلة رئيسية يعتمد عليها الكثيرون في تنقلاتهم اليومية ، وأوضح أن الوزارة لعبت دورًا رئيسيًا في هذا التطور من خلال وضع الأطر التنظيمية والسياسات الداعمة، التي تضمن تقديم خدمات ذات جودة عالية تتماشى مع احتياجات المستخدمين والسائقين على حد سواء، مما يسهم في تعزيز الثقة في هذه المنظومة الحديثة.

اشتراطات واضحة

وأكد الزدجالي أن الوزارة أولت اهتمامًا خاصًا بتنظيم تطبيقات مركبات الاجرة، حيث وضعت اشتراطات واضحة للحصول على التراخيص اللازمة، تشمل الفحص الأمني، والسجل التجاري، والعلامة التجارية، والتقييم الفني للتطبيقات، كما تهدف هذه الإجراءات إلى ضمان جودة الخدمات المقدمة وحماية حقوق المستخدمين وأصحاب التطبيقات على حد سواء، وذلك ضمن إطار تنظيمي يسهم في تعزيز بيئة تنافسية عادلة تدعم التطور المستدام لهذا القطاع، ورغم التقدم الكبير الذي شهده قطاع النقل الذكي، إلا أن هناك تحديات ما زالت تواجه الوزارة، أبرزها تخوف بعض أصحاب سيارات الأجرة من الانضمام إلى التطبيقات الذكية، نظرًا لقلقهم من فقدان العملاء أو تقلبات التسعيرة ، مشيرا بأن بعض السائقين يحتاجون إلى مزيد من التوعية حول الفوائد التي يمكن أن تحققها لهم هذه التطبيقات، سواء من حيث تحسين دخلهم أو من حيث زيادة فرص الحصول على رحلات أكثر انتظامًا ، وتسعى الوزارة إلى معالجة هذه التحديات من خلال حملات توعوية تهدف إلى تعريف السائقين والمستخدمين على حد سواء بمزايا هذه الخدمات، إضافة إلى خلق بيئة تنظيمية تضمن تحقيق الفائدة لجميع الأطراف المعنية.

تنظيم القطاع

وأضاف : أن الوزارة تعمل على استراتيجيات تهدف إلى توسيع نطاق خدمات تطبيقات مركبات الاجرة لتشمل جميع محافظات سلطنة عمان ، مع التركيز على المناطق النائية والريفية التي تعاني من ضعف خدمات النقل الذكي. كما تسعى الوزارة إلى دمج خدمات النقل العام مع تطبيقات الأجرة، مما يسهم في تعزيز تكامل وسائل النقل وتحسين كفاءتها، وتوفير حلول نقل متطورة تتناسب مع احتياجات المواطنين والمقيمين في مختلف أنحاء البلاد ، مشيرا إلى أن الدراسات التي أجرتها الوزارة أظهرت أن تنظيم قطاع الأجرة أسهم بشكل مباشر في تحسين دخل السائقين، من خلال توفير فرص عمل أكثر استقرارًا لهم، كما أسهم في تقديم خدمات نقل أكثر كفاءة وراحة للمستخدمين. وأصبح بإمكان الركاب الاستفادة من مزايا عديدة، مثل إمكانية تتبع الرحلة، ومعرفة التسعيرة مقدمًا، وسهولة الوصول إلى مركبات الأجرة في أي وقت ومكان، مما زاد من مستوى الأمان والشفافية في هذا القطاع الحيوي ،مؤكدا حرص الوزارة على ضمان التزام شركات التاكسي بالأسعار المحددة وجودة الخدمات المقدمة، حيث تمتلك أنظمة متكاملة تتيح لها متابعة بيانات التطبيقات بشكل دوري. كما تقوم بإجراء عمليات تفتيش دورية على المركبات لضمان الامتثال للمعايير المحددة، بما يحقق التوازن بين توفير خدمة ذات جودة عالية والحفاظ على حقوق السائقين والمشغلين.

تولي الوزارة أهمية كبيرة للاستجابة لشكاوى المستخدمين، حيث تعتمد على قنوات مختلفة لتلقي الملاحظات والاستفسارات، سواء عبر التواصل المباشر أو من خلال منصة "نقل" الإلكترونية. يتم تحليل هذه الشكاوى بصفة دورية، بهدف تطوير الخدمات وتحسين تجربة المستخدمين، مما يسهم في تعزيز الثقة في هذا القطاع وتحقيق أعلى مستويات الجودة في خدمات النقل الذكي.

في ختام حديثه، أكد المهندس هيثم الزدجالي أن قطاع تطبيقات التاكسي في سلطنة عمان يمثل نموذجًا للتطور الرقمي الذي تشهده البلاد في مختلف المجالات. وأوضح أن الجهود التنظيمية التي تبذلها الوزارة تهدف إلى تحقيق تجربة نقل آمنة ومريحة للجميع، مشيرًا إلى أن المستقبل يحمل المزيد من التحسينات والابتكارات التي ستجعل خدمات التاكسي أكثر كفاءة وشمولية، وأعرب عن ثقته في أن استمرار تطوير هذا القطاع سيعود بالفائدة على السائقين والمستخدمين على حد سواء، وسيسهم في دعم منظومة النقل في السلطنة بشكل عام.

سلاسة الإستخدام

وأشار جابر بن قاسم البلوشي، سائق سيارة مسجل في احد التطبيقات المرخصة إلى أهمية دعم السائقين خلال هذه المرحلة الانتقالية، مع إقراره بالدور الإيجابي الذي يمكن أن تلعبه هذه التطبيقات في تطوير القطاع قائلا: أرى أن الكثير من السائقين، خاصة الكبار في السن، قد يجدون صعوبة في التعامل مع التطبيقات الذكية، لذلك من الضروري أن تتوفر لنا دورات تدريبية تساعدنا على فهم كيفية استخدامها بشكل سلس، حتى لا نشعر بأننا مضطرون لمواكبة التكنولوجيا دون دعم أو توجيه. ليس كل السائقين لديهم خبرة في استخدام الهواتف الذكية أو التطبيقات، وبعضنا قد يواجه مشاكل في التفاعل مع الزبائن عبر التطبيق. إذا كانت هناك ورش عمل أو توجيهات واضحة حول كيفية التسجيل، قبول الرحلات، والتعامل مع أي مشاكل تقنية، فسيكون الأمر أسهل للجميع.

وبالرغم من إيمانه بالمساهمة الإيجابية لهذه التطبيقات في تنظيم القطاع وتوفير تجربة أفضل للركاب، إلا انه أشار بأن هناك تحديات يجب مراعاتها. على سبيل المثال، التطبيقات تفرض عمولات على كل رحلة، وهذا قد يؤثر على دخلنا اليومي، لذا أقترح أن تكون هناك حوافز تشجيعية، مثل تخفيض نسبة العمولة على السائقين النشطين أو تقديم مكافآت شهرية، حتى نشعر بأننا مستفيدون من هذه المنصات بدلاً من أن نتحمل أعباء إضافية ، فنحن نعمل لساعات طويلة ونعتمد على دخلنا اليومي، وإذا ارتفعت نسبة العمولة، فقد نجد أنفسنا نعمل أكثر مقابل دخل أقل، وهذا أمر غير منصف،و يجب أن يكون هناك توازن بين مصلحة التطبيق ومصلحة السائق.

"ومن المهم أيضًا أن يتم وضع سقف واضح لهذه العمولات حتى لا تزداد بمرور الوقت وتصبح عبئًا علينا ، مؤكدا في الوقت ذاته بأن القرار خطوة إيجابية نحو تحسين خدمات النقل، خاصة للسياح الذين يبحثون عن وسائل نقل آمنة وموثوقة. ولكن يجب أن يكون هناك نظام يحمي حقوق السائقين ويضمن لنا دخلاً عادلاً.

ويعتقد البلوشي أن نشر الوعي بين الركاب والسائقين حول فوائد هذه التطبيقات أمر ضروري، وبعض الزبائن ما زالوا غير مدركين لمزايا استخدام التطبيقات، مثل الشفافية في التسعيرة وتحسين جودة الخدمة، لذلك يجب أن تكون هناك حملات توعوية تشجع الجميع على الاستفادة من هذه الأنظمة الحديثة، مما يحقق الفائدة لنا كسائقين وللركاب، وخاصة السياح الذين يبحثون عن وسيلة نقل آمنة وسهلة الاستخدام، إضافة الى أن التطبيقات ستوفر تجربة مريحة وسهلة للسائح يساعد في تحسين صورة عمان كوجهة سياحية، وهذا يعود بالنفع علينا جميعا في النهاية، إذا تم تطبيق هذه الأنظمة بطريقة عادلة ومنظمة، فإنها ستكون خطوة ممتازة نحو تطوير قطاع النقل الداخلي بالنسبة للمواطنين وتعزيز السياحة بالنسبة للزوار القادمين من الخارج إلى سلطنة عمان.

ثقة السياح

ويرى محمد بن سعيد البحري، مهتم بالقطاع السياحي : أن التحول إلى استخدام التطبيقات المرخصة في قطاع سيارات الأجرة يمثل نقلة نوعية نحو تحسين تجربة السائح في سلطنة عُمان، وتعزيز سمعة السياحة العُمانية على المستوى العالمي ، حيث أن هذه التطبيقات تقدم نموذجًا أكثر أمانًا وموثوقية في النقل، وتوفر مزايا مثل تتبع الرحلة، الدفع الإلكتروني، وتقييم السائق، مما يمنح السائح شعورًا بالطمأنينة والثقة، ويقلل من فرص التعرض للاستغلال أو فرض أسعار غير عادلة.

مضيفا بأن السياح يواجهون تحديات عدة مع سيارات الأجرة التقليدية، كعدم وضوح الأسعار وصعوبة التواصل مع السائقين ونقص المعلومات حول الخدمة، لكن التطبيقات تعالج هذه المشكلات من خلال تسعيرة واضحة بإدخال الوجهة مباشرة في التطبيق، وإمكانية الاطلاع على تقييم السائقين مما يسهم في رفع ثقة السياح بالنقل المحلي، ويشجعهم على استكشاف مزيد من الوجهات داخل السلطنة، مما ينعكس إيجابًا على مدة الإقامة ومعدل العودة، فضلاً عن تحسين صورة السلطنة كوجهة عصرية وآمنة.

ويقترح البحري بإطلاق تطبيق وطني موحد لسيارات الأجرة يضمن أسعارًا شفافة وخدمة موثوقة، مع تقديم حوافز للسائقين وتشجيعهم على الانضمام للنظام الرقمي، إلى جانب دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي لتقديم تجربة تنقل متكاملة وآمنة،

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: هذه التطبیقات مرکبات الأجرة یسهم فی تعزیز النقل الذکی خدمات النقل على حد سواء مما یسهم فی قطاع النقل هذا القطاع من خلال فی هذا

إقرأ أيضاً:

"الأفريقي للتنمية" يقرض الكاميرون 330 مليون يورو لتطوير ممر استراتيجي في وسط أفريقيا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

وافقت مجموعة البنك الأفريقي للتنمية على قرض بقيمة 330.48 مليون يورو للكاميرون لإعادة تطوير وتوسيع جزء رئيسي من ممر دوالا-نجامينا الاقتصادي، وهو جزء حيوي من خطط تعزيز التكامل الإقليمي.

ومجموعة البنك الأفريقي للتنمية والكاميرون شريكان استراتيجيان، لا سيما في قطاع البنية التحتية، باستثمارات بلغت 1.88 مليار دولار في البنية التحتية للنقل.

وتأتي اتفاقية تمويل جزء يبلغ طوله 246 كيلومترا، من ممر دوالا-نجامينا الاقتصادي، أحد أكثر الممرات استراتيجية في وسط أفريقيا، في إطار المرحلة الرابعة من برنامج دعم قطاع النقل (PAST4).

وقع الاتفاقية سولومان كونيه القائم بأعمال المدير العام لوسط أفريقيا بمجموعة البنك الأفريقي للتنمية، وعلمان عثمان مي، وزير الاقتصاد والتخطيط والتنمية الإقليمية ومحافظ البنك في الكاميرون.

وقال عثمان مي "إن إعادة تطوير جزء طريق نغاونديري-غاروا أمرٌ بالغ الأهمية لتعزيز تنافسية اقتصادنا، بفضل تحسين الاتصال وتسهيل الحركة".

وأضاف "كما سيمكننا تطوير هذا الطريق من الاستفادة بشكل أفضل من الإمكانات الزراعية والرعوية والتجارية للمناطق التي يمر بها، بما يعود بالنفع الكبير على المجتمعات المحلية".

وقال كونيه "صُممت المرحلة الرابعة من برنامج دعم قطاع النقل، التي وافق عليها مجلس إدارة البنك الأفريقي للتنمية في 13 ديسمبر 2024، بهدف تعزيز أثر الإجراءات السابقة لمجموعة البنك ودعم قيادتها وتعاونها الفعال مع الكاميرون في قطاع النقل".

وستوفر مجموعة البنك 97% من التكلفة الإجمالية للمرحلة الرابعة من برنامج دعم قطاع النقل، التي تبلغ 340.7 مليون يورو، وستساهم حكومة الكاميرون بمبلغ 9.14 مليون.

ويهدف البرنامج إلى تحديث جزء استراتيجي من شبكة الطرق في الكاميرون، وهو أمر أساسي لنقل الأشخاص والبضائع بين شمال البلاد وجنوبها، ولتحسين انسيابية حركة المرور، من المقرر أيضًا إنشاء ثلاثة تقاطعات.

ويتضمن البرنامج تدابير لتحسين النقل ودعم السكان المحليين، لا سيما من خلال تشييد بنى تحتية اجتماعية واقتصادية كالأسواق والمدارس والمراكز الصحية، وسيكون لرفع مستوى هذا الجزء من الطريق إلى المعايير الدولية أثر إيجابي كبير على تنافسية الاقتصاد والتكامل في المنطقة الفرعية.

وتتوافق المرحلة الرابعة من برنامج دعم قطاع النقل مع الاستراتيجية الوطنية للتنمية في الكاميرون للفترة 2020-2030، وأولويات مجموعة البنك في الاستراتيجية القطرية للكاميرون للفترة 2023-2028، التي تتماشى مع هدف تنويع اقتصاد الكاميرون، لا سيما من خلال تسهيل وصول المنتجين الزراعيين والصناعيين في شمال البلاد إلى الأسواق.

ويتجلى التزام مجموعة البنك في استثمارات ضخمة في بناء وتطوير الطرق والجسور والممرات الاستراتيجية، مما يُسهّل حركة الأفراد ونقل البضائع على الصعيدين الوطني والإقليمي.

ومن خلال تبني نهج متكامل وشامل، يتماشى مع استراتيجيتها العشرية 2024-2033، تُحفّز مجموعة البنك التحول الهيكلي للاقتصاد والتكامل الإقليمي، بهدف تحقيق نمو مستدام وخلق فرص عمل لصالح السكان.

مقالات مشابهة

  • التضامن: الوزارة تستهدف تقديم خدمات مباشرة وغير مباشرة لكافة فئات المجتمع
  • الصحة الفلسطينية: النزوح القسري أدى لتراجع تقديم خدمات الرعاية الأولية
  • توزيع 150 ألف وجبة إفطار على السائقين
  • "الأفريقي للتنمية" يقرض الكاميرون 330 مليون يورو لتطوير ممر استراتيجي في وسط أفريقيا
  • ”تقارير دورية وخطة إلزامية“.. أبرز تحديثات دليل التيقظ الدوائي
  • وزارة الخارجية تُفعِّل خدمة استلام وتسليم التصديقات عبر مكاتب البريد
  • الهلال الأحمر: الاحتلال يواصل حصار أربع مركبات إسعاف في رفح منذ عدة ساعات
  • أكثر من قطاع النقل.. كيف تساهم تربية الماشية بتغير المناخ؟
  • الاحتلال يحاصر عددا من مركبات إسعاف الهلال الأحمر وفقدان الاتصال معهم برفح